في تطور مفاجئ يزيد من تعقيد المشهد السياسي الفرنسي، أعلن قصر الإليزيه، اليوم الاثنين، استقالة رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو بعد أقل من 24 ساعة على إعلان تشكيل حكومته الجديدة، التي كان يُعوّل عليها الرئيس إيمانويل ماكرون لانتشال البلاد من أزمتها السياسية المستمرة. وجاءت هذه الاستقالة الصاعقة بعد أن كشفت قناة BFM TV عن مصادر حكومية أكدت تقديم لوكورنو استقالته وقبولها من طرف الرئيس ماكرون، مما عمّق حالة الجمود التي تعيشها فرنسا منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة التي أفرزت برلماناً منقسماً بين ثلاث كتل متصارعة: اليسار، اليمين المتطرف، والموالين للرئيس. وكان ماكرون قد أعلن، مساء الأحد، عن تشكيلة حكومية جديدة برئاسة لوكورنو، سابع رئيس وزراء في عهده، في محاولة لإعادة الاستقرار السياسي. وضمت الحكومة شخصيات معروفة؛ إذ تولى برونو لو مير حقيبة الدفاع بعد أن شغل سابقاً منصب وزير الاقتصاد، بينما تم تعيين رولان ليسكيور وزيراً للاقتصاد، في مهمة معقدة تتعلق بإعداد ميزانية البلاد. كما احتفظ عدد من الوزراء بمناصبهم، من بينهم جان-نويل بارو في الخارجية، وبرونو ريتايو في الداخلية، وجيرالد دارمانان في العدل، إلى جانب رشيدة داتي التي احتفظت بحقيبة الثقافة رغم مواجهتها محاكمة بتهم فساد العام المقبل. لكن سرعان ما تحولت الآمال إلى خيبة، بعد أن أعلن الإليزيه صباح الاثنين استقالة الحكومة بأكملها قبل أن تكمل 25 ساعة في مهامها، ليجد ماكرون نفسه أمام ثلاثة خيارات صعبة: إما تقديم استقالته الشخصية، وهو خيار مستبعد حالياً، أو حلّ الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات مبكرة محفوفة بالمخاطر، أو تعيين شخصية جديدة لتشكيل حكومة جديدة، وهو حلّ لا يضمن تجاوز الأزمة في ظل معارضة قوية من اليسار واليمين المتطرف لأي حكومة لا تنفذ مطالبهم. ويأتي هذا المشهد وسط حالة من الشلل السياسي تعيشها فرنسا منذ الانتخابات المبكرة التي دعا إليها ماكرون منتصف العام الماضي، في محاولة لترسيخ سلطته، غير أن النتيجة جاءت عكسية، إذ أفرزت برلماناً منقسماً عمّق من حالة الاضطراب السياسي وجعل تشكيل أي حكومة توافقية مهمة شبه مستحيلة.