الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية يؤكد على التحديات وجهود المملكة المغربية في مكافحة الجريمة المنظمة    خلاصة مجلس الحكومة اليوم الخميس        نقل مبابي إلى المستشفى بسبب وعكة صحية    اندلاع حريق بغابة عين لحصن بين طنجة وتطوان    بيت الشعر في المغرب يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر    الحكومة تصادق على إحداث المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي    نشرة إنذارية.. طقس حار وزخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح يومي الخميس والجمعة بعدد من مناطق المملكة    تفكيك شبكة مغربية-إسبانية لتهريب البشر والمخدرات تستعمل قوارب الفانتوم    هشام بلاوي: الجريمة المنظمة تهديد متصاعد يتطلب تعاونًا قضائيًا دوليًا فعالًا    بنيله شهادة البكالوريا من خلف أسوار السجن، نزيل يخطو أولى خطواته على سكة إعادة الاندماج (بورتريه)        نشرة إنذارية..طقس حار وزخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح بعدد من مناطق المملكة    معرض بكين للكتاب: اتفاقية لترجمة مؤلفات حول التراث المغربي اللامادي إلى اللغة الصينية    الدوزي يُطلق العدّ التنازلي ل"ديما لباس"    كتل هوائية صحراوية ترفع الحرارة إلى مستويات غير معتادة في المغرب    ميداليات تحفز "بارا ألعاب القوى"    الشعب المغربي يحتفل غدا الجمعة بالذكرى ال55 لميلاد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد    دلالات ‬تجديد ‬مجلس ‬حقوق ‬الإنسان ‬دعمه ‬لمغربية ‬الصحراء    الذهب يصعد وسط التوتر في الشرق الأوسط    التصعيد بين إسرائيل وإيران يعيد للواجهة مطالب إحياء مصفاة "سامير" لتعزيز الأمن الطاقي    مجموعة "فيسين" تطلق طرحا عاما أوليا في بورصة الدار البيضاء    طنجاوة يتظاهرون تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي على غزة وإيران    "مجزرة جديدة"… إسرائيل تقتل 40 فلسطينيا بينهم 16 من منتظري المساعدات    رائحة دخان تجبر طائرة على الهبوط في ميونخ    العيون ‬تحتضن ‬منتدى ‬إفريقيا ‬لبحث ‬الآفاق ‬الاقتصادية ‬والتجارية ‬بالقارة    جوفنتوس يكتسح العين الإماراتي بخماسية    إصابة حكم ومشجعين في فوضى بالدوري الليبي    فحص دم جديد يكشف السرطان قبل ظهور الأعراض بسنوات    بنك المغرب والمؤسسة المالية الدولية يوقعان شراكة لتعزيز الشمول المالي الفلاحي بالمغرب    فرحات مهني يكتب: الجزائر الإيرانية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    بنهاشم بعد مواجهة مانشستر سيتي: لعبنا بشجاعة وخرجنا بدروس ثمينة رغم الخسارة    لقجع: المغرب ملتزم بجعل كأس العالم 2030 نموذجا للاندماج والاستدامة البيئية    رحيمي وحركاس وبنعبيد ضمن قائمة أغلى اللاعبين العرب في مونديال الأندية    إيران تستهدف مستشفى بجنوب إسرائيل ونتانياهو يتوعدها بدفع "ثمن باهظ"    الصين تدفع نحو مزيد من الانفتاح السياحي على المغرب: سفارتها بالرباط تتحرك لتعزيز توافد السياح الصينيين    ندوة علمية تناقش موضوع النخبة المغربية في زمن التغيير    بيب غوارديولا في تصريح أعقب مواجهة الوداد الرياضي المغربي، إن "المباراة الأولى في دور المجموعات دائما ما تكون صعبة    برلمان أمريكا الوسطى يُجدد دعمه الكامل للوحدة الترابية للمغرب ويرد على مناورات خصوم المملكة    برلمان أمريكا الوسطى يجدد دعمه للوحدة الترابية للمغرب ردا على المناورات    مجموعة العمل من أجل فلسطين تعقد ندوة صحفية تحضيرا لمسيرة وطنية الأحد بالرباط    مربو الدجاج يثمنون توجه الحكومة لإعفاء الفلاحين الصغار ويدعون لإدماجهم الفعلي في برامج الدعم    كارثة صامتة .. ملايين الهكتارات العربية على وشك الضياع    طنجة.. سيارة تدهس "مقدّم" بعدما دفعه متشرد نحو الطريق    إطلاق الهوية الجديدة ل "سهام بنك" خلفًا ل "الشركة العامة المغربية للأبناك"    خدش بسيط في المغرب ينهي حياة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب    انتخاب المغرب نائبا لرئيس المجلس العلمي لاتفاقية اليونيسكو حول حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    دورة تكوينية وورشات فنية لفائدة الأطفال والشباب بالمركز الثقافي لمدينة طانطان    فجيج بين ازيزا النادرة والتربية العزيزة.. حكاية واحة لا تموت    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    ورزازات تحدث تحولا نوعيا في التعامل مع الكلاب الضالة بمقاربة إنسانية رائدة    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    خبير يعرف بالتأثير الغذائي على الوضع النفسي    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كارثة عظمى : مستشفى بيوكرى.. مؤسسة تُعقّم فيها المُنظِّفَات لوازمَ الجراحة
نشر في اشتوكة بريس يوم 27 - 10 - 2014

"هل السيد وزير الصحة على عِلْم بالوضعية العامّة للمركز الصحي المختار السوسي بمدينة بيوكرى، والمشاكل الكثيرة التي يتخبّط فيها منذ سنوات دون أن تجدَ من يحلّها؟" بهذا السؤال ردّ أحدُ العاملين في المستشفى على سؤالنا حوْل أسباب الاحتجاجات الكثيرة التي شهدها المستشفى في الآونة الأخيرة، والتي انتهت قبل أزيد من سنتين بإعفاء مديره السابق، غير أنّ الاحتجاجات لم تهْدأ.
ويضيف المتحدّث قائلا "المركز الصحي لمدينة بيوكرى يتخبّط في مشاكلَ لا حَصْرَ لها، والخدماتُ الطبيّة المُقدّمة داخل أجنحته للمرضى "كارثية"، وتابع "نحن لا نقول هذا من باب المبالغة، بل من باب نقل الحقيقة كما هي، نحنُ نتمنّى فقط أن يكذّب مسؤولو المستشفى ما نزْعُم، لكنهم لا يستطيعون، وأمَلنا أن يأتي وزير الصحّة ليقف بنفسه على حقيقة الوضع داخل هذا المستشفى".
عامِلاتُ النظافة يُعقّمن أدواتِ الجراحة!
داخلَ أروقة وقاعات مستشفى المختار السوسي ببيوكرى يستطيع الزائر أن يلمسَ، من خلال جولة قصيرة، المشاكل التي يتخبّط فيها المستشفى، ويُعاني من ويلاتها المرضى. أمام باب قسم الجراحة العامّة والطبّ العامّ ثمّة مكتبٌ صغير، يُسلّم رجلان واقفان خلفه وُصولات المواعيد للمرضى؛ الرّجلان ليسا موظفيْ استقبال، بل عوْنا أمنٍ تابعَيْن لشركةٍ خاصّة تدبّرُ شؤون الحراسة!
قدْ لا يُصدّق المرْءُ ذلك، لكنَّ هسبريس وقفت على هذه الحقيقة يوم زارت المستشفى.. هُنا، وأمام قسم الجراحة العامّة والطبّ العامّ لا يكتفي أعوانُ شركة الأمن الخاصّ بتقديم وصولات المواعيد للمرضى، بل إنّهم مُكلّفون أيضا بتوجيه المرضى، وتقديم "معلومات" لهم حول المواعيد، رُغم أنّ مهمّتهم الأصلية هي حراسة المستشفى، وليس تدبير شؤونه الإدارية.
أكثرُ من ذلك، تمتدّ أيادي أعوانِ شركة الحراسة الخاصّة إلى القيام بمهمّات من المفروض أن يقوم بها موظفو الإدارة، فأذونات تزويد سيارة الإسعاف الوحيدة التي يتوفّر عليها المستشفى بالوقود، يتمّ تسليمها لسائق السيارة من طرف عون شركة الحراسة الخاصّة، وليس من طرف موظّف تابع للإدارة، ويعلّق أحد سائقي سيارة الإسعاف على ذلك قائلا "أنا والله ما بْقيت فاهْم وّالو".
الاستعانة بأعوانِ الشركة المُكلفة بتدبير شؤون الحراسة وكذا شركة المناولة المكلفة بالنظافة لا يقفُ عند هذا الحدّ، بلْ تمتدّ إلى القيام بأعمال أخرى تشكّل تهديدا حقيقا للسلامة الصحّية للمرضى، ومِنْ ذلك، مثلا، أنّ عمليّة تعقيم أدوات الجراحة داخل القاعة المُخصّصة لهذا الغرض -وفق ما أفاد به مصدر من داخل المستشفى- لا يقوم بها متخصّصون في هذا المجال، بل تقوم بها عاملات النظافة!
أمّا فيما يتعلّق بنظافة المستشفى، فيروي مُحدّثنا أنّ عمليّة التنظيف الموكولة إلى شركة مناولةٍ خاصّة، لا يُستعملُ فيها، في كثير من الأحيان، سوى الماء لوحده، دون أيّ موادَّ مُطهّرة أو موادّ تعقيم، رُغمَ أنّ صفقة النظافة والتنظيف التي فازت بها شركة المناولة بلغتْ 130 مليونَ سنتيم، ويتابع المتحدّث قائلا "من المؤكّد أنهم لا يصرفون على عملية التنظيف حتى أربعين أو خمسين مليون سنتيم، ما دام أنّ المستشفى لا يُنظف سوى بالماء".
خدماتُ شركاتِ المُناولة دفعتْ بالنقابات الممثّلة لشغّيلة المركز الصحّي إلى التنديد بما تَصفه ب"التلاعبات الخطيرة التي تعرفها الصفقات المتعلّقة بالخدمات المقدمة من طرف شركات المناولة"، ومنها صفقةُ التغذية الخاصة بموظفي المستشفى والمرضى، والتي تكلف 70 مليون سنتيم، جاء ذلك حينَ عثر موظفون أثناء تناول وجبة فطور أحد أيام رمضانَ السنة الماضية على ديدان حيّة داخل كظيمة حليب (الترموس)، وهو ما اعتبرتْه النقابات "استهتارا بحياة الموظفين".
سيّارةُالإسعاف.. "كارثة" تَسيرُ على أربع عجلات
على الرغم من أنّ المركز الصحّي المختار السوسي بمدينة بيوكرى، يَفِد عليه المرضى من إقليم اشتوكة آيت باها برُمّته، ورُغم أنّ مدينة بيوكرى التي تحتضن المستشفى، تحتضن، أيْضا، مقرّ عمالة اشتوكة آيت بها، إلا أنّ المركز الصحيّ لا يتوفّر سوى على سيّارة إسعاف واحدة، لا تستجيب لمعايير السلامة الصحية للمرضى الذين يُنقلون عبرها كل يوم، بل إنّها تشكّل خطرا على سلامتهم.
إلقاء نظرة واحدة على المنظر الخارجيّ لسيارة الإسعاف كافٍ، دونما حاجة إلى أيّ تعليق، لمعرفة حالتها العامّة، سواء من ناحية وضعها الميكانيكي أو من حيثٌ التجهيزات. السيّارة التي قطعتْ لحدّ الآن 400 ألف كيلومتر، وباشرت العمل منذ سنة 2009، لم يتمّ تجديدها منذ ذلك الحين إلى اليوم، بل لا تحظى حتى بالصيانة اللازمة، لحدّ أنّ سائقها اضطر إلى استعمال شريط لاصق لتثبيت أحدِ أضوائها الخلفية.
إبراهيم إد الامام، أحد السائقين الأربعة الذين يتناوبون على قيادة سيارة إسعاف المركز الصحّي لبيوكرى ساخطٌ إلى أقصى حدّ على حالة السيارة، وسبق له أن قام بتحرير مذكّرات إخبارية بعث بها إلى مندوب وزارة الصحة بإقليم اشتوكة آيت بها، وإلى وزير الصحّة شخصيا، عدّد فيها الأعطاب التي تطال السيارة، والمخاطر التي تشكّلها على سلامة المرضى، "لكن لا حياة لمن تنادي"، يقول إبراهيم بمُنتهى الإحباط.
ويشتكي إبراهيم في رسالة تقطر ألماً إلى مندوب الصحة قائلا "يؤسفني سيدي المندوب أن أتقدم لأخبركم، وأحيطكم علما بالحالة الميكانيكية المزرية التي آلت إليها سيارة الإسعاف التابعة للمركز الاستشفائي الإقليمي لاشتوكة آيت بها، والتي أحاول باعتباري أحد سائقيها التأقلم معها منذ عدة سنوات في سبيل استمرارية خدمة نقل المرضى في غياب تامّ لأيّ تدخّل من المصالح المختصة لتغييرها أو على الأقلّ إصلاحها جذريا".
إبراهيم لا يتردّدُ في وصف سيارة الإسعاف التي يقودها ب"الكارثة"، ويروي حكايةَ سيّدة أجنبية نقلَ زوجَها المريض بالسكّر ذات يوم إلى المستشفى، قائلا "عندما فتحتُ الباب الخلفيّ للسيارة أصيبت السيّدة بالصدمة، وقالت لي: "هذه السيارة لا تشبه سيّارة إسعاف"، وأضافت السيّدة بنبرة ساخرة-وفق رواية إبراهيم- قائلة "أنا أيضا أستطيع أنْ أحوّل سيارتي إلى سيارة إسعاف، ما دام أنّ ذلك لا يتطلب تجهيزات".
وتكفي نظرة خاطفة على "تجهيزات" سيّارة إسعاف مستشفى بيوكرى ليتأكّد المرْء أنّ السيّدة الأجنبية لم تجانب الصواب، حينما قالت إنّ السيارة لا تشبه سيّارة إسعاف، بَلْ إنّها أقربُ ما تكون شبيهة بسيّارات النقل المزدوج المستعملة في القرى النائية لنقل المواطنين إلى الأسواق الأسبوعية. زجاج الواجهة الأمامية للسيارة يخترقه تشقّق من أعلى إلى أسفل، والأبواب لا توصد بشكل آمن، بل إنّ أحد الأبواب يستحيل فتحه من الخارج، بسبب انكسار مقبضه (Poigner).
من بين الأعطاب التي تعاني منها سيارة الإسعاف الوحيدة لمستشفى بيوكرى، والتي عدّدها إبراهيم إد الامام في رسالته إلى مندوب الصحة، ووقفت عليها هسبريس بالعيْن المجرّدة، انعدام القضيب الحديدي الخاصّ بجرّ حامل المرضى لإخراجه من الباب الخلفيّ لسيّارة الإسعاف، ولأنّ مسؤولي المستشفى لا يولون أيّة أهمّية لصيانة السيارة، رغم الرسالة الإخبارية التي بعث بها إبراهيم إلى المندوب، أصبحَ حاملُ المرضى يُجَرُّ بواسطة حبْل!
داخل السيارة يوجد حامل إسعاف مغطّى بغطاء يبْدو من حالته أنّه لم يُجدّد منذ مدّة طويلة، وإلى جانب الحامل يوجد كرسيّ مستطيل، تمّ تركيبه من طرف حدّاد! أمّا أضواء الإشارة الخلفية، المتعلقة بالفرامل، فأحدها لا يشتعل نهائيا، حسب إبراهيم، والثاني تمّ تثبيته بشريط لاصق، وطال العطب أيضا ضوء الإشارة العلوي، الخاصّ بسيارات الإساف. وضْعُ السيارة كاريكاتوري، وإبراهيم لا يجد من تعليق سوى "أخجل من نفسي عندما أفتح الباب الخلفي للسيارة أمام المرضى".
داخل هذه السيارة المهترئة، التي تؤمّن ما بين 7 إلى 10 رحلات يوميا، من مستشفى بيوكرى إلى المستشفى الجهوي بأكادير، وتقطع أكثر من 600 كيلومتر يوميا، يُعاني المرضى الويلات كلّ يوم، ففضلا عن انعدام التجهيزات الطبيّة اللازمة، يجدُ المرضى أنفسهم مكتظّين داخل السيارة، التي يصل عدد المرضى الذين تنقلهم في بعض الأحيان، في رحلة واحدة، إلى أربعة أو خمسة مرضى، وقد يجمع جوف السيارة سيّدة حاملا إلى جانب جرحى ومعطوبين.
عندما تصل الأعطاب بسيارة إسعاف المركز الصحي الإقليمي لاشتوكة آيت بها إلى حدّ يجعل إصلاحها أمرا لا محيدَ عنه، يتمّ توجيهها إلى كراجات غير معتمدة، لتخضع لإصلاحات ترقيعية فقط، حسب رسالة وجهها سائق السيارة إبراهيم إد الإمام إلى كل من عامل اشتوكة آيت بها، ووزير الصحة، والمندوب الجهوي للصحة بسوس ماسة درعة.
ويروي إبراهيم إد الإمام، الذي سبق أن تعرّض للتوقيف بسبب شكاياته المتكرّرة المرفوعة إلى المسؤولين أنّ إصلاح سيارة الإسعاف يكلّف أحيانا مبالغَ مالية طائلة، دون جدوى، كما وقع عندما انكسر الجزء السفلي من واجهتها الأمامية "البارشوك"، وتم "إصلاحه" بعشرة آلاف درهم، رغم أنّ "الإصلاح" لم يتعدّ سوى طليِ الواجهة بالبلاستيك المُقوّى وإعادة صباغتها، ليتبخّر مليون سنتيم من ميزانية المستشفى دونما نتيجة.
أيْنَ المدير؟
المُثير في موضوع وضْعية المركز الصحي الإقليمي لاشتوكة آيت بها، هو أنّه ظلّ منذ أكثر من سنتين بلا مُدير، ويُسيّره مندوب الصحة بإقليم اشتوكة آيت بها، الذي صارَ يتولّى القيام بمهمّته الأصلية، إضافة إلى مهمّة إدارة المستشفى.
حملْنا كل الأسئلة التي جمعناها من خلال زيارتنا إلى المستشفى، والاستماع إلى العاملين به والمواطنين إلى مكتب المندوب (المدير) داخل الإدارة، غيْر أنّه لم يكنْ وقتها قد التحق بعد بعمله، رغم أنّ الساعة كانت تقترب من العاشرة والنصف صباحا، وحاولنا الاتصال به هاتفيا، وتركنا له رسالة هاتفية قصيرة، ولم يردّ.
وفي ظلّ غياب رأي المسؤول الأوّل عن المستشفى، تكفي جولة قصيرة داخلَ أروقته للتأكّد من صحّة ما يقوله العاملون داخل المستشفى؛ هنا، مثلا، لا توجدُ قاعة خاصّة للترويض الطبّي، وكُلّ ما استطاع مسؤولو المستشفى فعله هو اقتطاع مساحة عبارة عن "كولوار" ووضعوا فيه أجهزة الترويض.
غير بعيد، توجدُ آلة مخصّصة للمشي بالنسبة للمرضى المستفيدين من الترويض الطبّي، غيْر أنّ مسؤولي المستشفى لم يجدُوا لها مكانا داخل المكان المخصص للترويض، ووضعوها في أحد الممرّات، دون استعمالها.
إلى جانب الآلة "المُهملة"، والتي يبْدو أنّ إدارة المستشفى اقتنتها حديثا، يوجد باب جُزءٌ من زجاجه مكسور ومنزوع من مكانه، دون استبداله، أمّا حيطان عدد من الممرّات فقد تطايرتْ صباغة مساحات منها و "تشوّه" منظرها.
داخل المستشفى سبّورات معلّقة على الحائط تعجّ ببيانات النقابات الممثّلة لشغّيلة المستشفى، آخرها صدرَ خلال شهر شتنبر الماضي، عن النقابة الوطنية للصحة العمومية، يتضمّن جرْدا بأهمّ المشاكل التي يتخبّط فيها المستشفى.
يقول البيان المُحَرَّرِ بمداد مأخوذ من محبرة الغضب إنّ "الممارسات غير المسؤولة فاقمت الوضع الصحي المتردّي بالمستشفى الإقليمي لاشتوكة آيت بها، وزادت من معاناة المواطنين والعاملين بالقطاع على حدّ سواء".
ومن جُملة المطالب التي حملها البيان، المطالبة بتعيين مدير جديد للمستشفى يتّسم بالكفاءة والمهنية، ومطالبة المندوب الإقليمي بتحمّل مسؤوليته في متابعة مدى التزام شركات المناولة باحترام مقتضيات دفاتر التحملات.
الفراغ الذي يعاني منه منصب مدير المستشفى كان من توابعه، أيضا، نشوب صراعات بين النقابات الممثلة للشغيلة والطبيبة الرئيسية لمصلحة التجهيزات والأعمال التنقلية الإقليمية بإقليم اشتوكة آيت بها.
هذه الصراعات، جعلت النقابات الثلاث الممثّلة للشغيلة تُعلن، في بيان صادر خلال شهر شتنبر الماضي، عن مقاطعة جميع التكوينات المنظمة من طرف المندوبية الإقليمية والمديرية الجهوية؛ تزامنَ ذلك مع إعلان وزير الصحّة عن تدابير لمنع دخول وباء "الإيبولا" إلى المغرب، ومنها تكوين العاملين في القطاع الصحّي.
ومثلما يفتقر المركز الصحّي الإقليمي باشتوكة آيت بها إلى مرافق قادرة على استيعاب المرضى، توجدُ به مصالح أخرى غيرُ مُستغلّة. المستشفى يتوفّر على مستودع الأموات، لكنّه غيرُ مُشغّل.
ويتوفّر أيضا على مصلحة خاصّة للأطفال، لكنّ أسرّتها، كما عاينّا خلال زيارتنا لها، فارغة. المصلحة، وفق ما أفاد به مصدر من داخل المستشفى يتناوب عليها ممرضون، ولا تتوفّر على طبيب، "لذلك تظلّ فارغة"، يقول المتحدّث.
المندوب يعترف
ما يعيشه المركز الصحي الإقليمي لاشتوكة آيت بها ليس سوى قطرة صغيرة من "بحْر" المشاكل التي يتخبّط فيها القطاع الصحّي في باقي قرى ودواوير الإقليم، الذي يضمّ 35 مؤسسة صحيّة، غيْر أنّ خدماتها "كارثية"، وفق تعبير مصدرٍ طبّي خبيرٍ بوضع القطاع الصحّي العام بالإقليم.
المندوب الإقليمي للصحّة باشتوكة آيت بها لا يُنكرُ أنّ وضعية القطاع الصحّي بالإقليم ليس على ما يُرام، ويعترف، في اجتماع للجنة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بعمالة اشتوكة آيت بها أنّ هناك نقصا كبيرا في الموارد البشرية، إذ لا تتوفّر تسعة مراكز صحّية بالإقليم على أطباء.
واعترف المندوب خلال الاجتماع الذي انعقد يوم 12 ماي الماضي، بمقّر عمالة الإقليم، والذي تتوفّر هسبريس على تقرير بشأنه، (اعترف) أنّ الطاقة الاستيعابية للمستشفى الإقليمي ببيوكرى لا تتعدّى سوى 46 سريرا، تعتبر ضئيلة ولا تُلبّي حاجيات ساكنة الإقليم.
المندوب اعترف، أيضا، خلال الاجتماع -وفق ما ورد في التقرير- أنّ العديد من دُور الولادة بالإقليم لا تلجُها النساء الحوامل، وتُسجَّلُ فيها صفرُ ولادة، ما عدا دار الولادة ب"تنالتْ" التي سُجّلت بها ثلاث ولادات.
مصدر طبي تحدّثت إلى هسبريس أفاد أنّ الحوامل يتّجهن إلى مركز آيت بها من أجل الولادة، والحالات المستعصية تُحال على المركز الصحيّ الإقليمي ببيوكرى، ومنه إلى مستشفى الحسن الثاني بأكادير.
هذا الوضع جعل أعضاء لجنة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بعمالة اشتوكة آيت يواجهون المندوب الإقليمي للصحة باستفسار حول سبب تسجيل "صفر ولادة" بدور الولادة التابعة للإقليم.
طرحوا السؤال لكوْن العدد الكبير من الولادات بالمستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير يعود للنساء الحوامل من إقليم اشتوكة آيت بها، ويعْزون ذلك إلى وجود مشكل على مستوى مصلحة الولادة.
أعضاء اللجنة قدّموا خلال الاجتماع أرقاما تفيد أنّ 1439 ولادة سُجّلت بالإقليم لا توجد من بينها ولادة قيصرية واحدة، متسائلين عن السبب وراء ذلك، علما أنّ جناح الولادة بالمركز الصحي لاشتوكة آيت بها يتوفّر على طبيبة مولّدة، "لكنّها لا تحضر لعملها إلا مرّة واحدة في الأسبوع"، حسب المعطيات الواردة في التقرير.
المشاكل التي يعاني منها المركز الصحي الإقليمي باشتوكة آيت بها "لا تُعدّ ولا تُحصى"، ويروي مصدر من داخل المستشفى أنّ المولّد الكهربائي الذي يُستعان به في حال انقطاع التيار الكهربائي مُعطّل منذ مدّة، دون أن يتمّ إصلاحه، وعندما ينقطع التيار الكهربائي عن المدينة يغرق المستشفى في الظلام، إلّا من بصيص نورٍ ينبعث من المصابيح الاحتياطية.
وفي انتظار أن تتحرّك وزارة الصحّة لإعادة قطار الصحّة بإقليم اشتوكة آيت بها إلى سِكّته، كما يتمنّى العاملون في القطاع قبْل المرضى، تنْحو المعلومات التي استقتْها هسبريس من مصادر من داخل المركز الصحي المختار السوسي ببيوكرى، أحيانا، نحو لوحات كاريكاتورية مُضحكة.
ويحكي مصدر من داخل المستشفى أنّ العاملين داخله يلجؤون أحيانا إلى وسائل بدائية لإصلاح الأعطاب التي تلحق بعض الآليات، كما حدث حين تعرّض مصباح يُستعمل في العمليات الطبّية لكسرٍ، فاضطرّ أحدهم للجوء إلى الأسلاك التي تُستعمل في "الضّالة" من أجل إعادة تثبيت المصباح الطبّي!
محمد الراجي -هسبريس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.