عجيب أمر هؤلاء المسئولين، فبالأمس القريب صموا أذاننا بالشعارات الرنانة والمنددة بظاهرة البناء العشوائي الذي ذهب ضحيته العديد من أبناء المنطقة، والذين ركبوا على موجة الاحتجاجات التي اندلعت بالجماعة فيما سمي ب "الأربعاء الأسود" نسبة إلى يوم الأربعاء 12 أكتوبر 2016 حين قرر مجموعة من ساكنة دوار درايد أو المحسوبين عليه حسب تعبير جهات مسئولة، التظاهر أمام مقر الجماعة والقيادة على خلفية عمليات الهدم التي طالت بعض المنازل والصناديق الإسمنتية بذات الدوار ، والتي أكدت السلطات المحلية في روايتها أنها بنيت إبان الانتخابات البرلمانية ل السابع من أكتوبر 2016. هذه المظاهرات التي خرجت للتنديد بعمليات الهدم والطريقة التي على أساسها تم انتقاء هذه المباني، حركتها أياد خفية، وآثمة، وحولتها إلى عمليات تخريب طالت مؤسسات عمومية وممتلكات خاصة، راح ضحيتها العشرات من الشباب الذين ضبطوا وهم بصدد تنفيذ عملياتهم التخريبية أو رصدتهم أعين أعوان السلطة أو عدسات الهواتف الذكية التي كانت تزفهم على الفيسبوك واليوتوب مباشرة. واليوم، وبعد كل هذا الحراك الشعبي، مازالت دار لقمان على حالها، ومازال البناء العشوائي الذي طالبوا بتوقيفه يسري بين أزقة دوار البرج حمدان بجماعة سيدي بيبي سريان الماء بين الأخاديد، وعلى مقربة من بيت عون السلطة المكلف بالدوار (الفقيه اللي نتسناو براكتو دخل الجامع ببلغتو). والسؤال هنا، من المستفيد من هذا المد العمراني العشوائي؟ الذي سيجر على منطقتنا قوافل الانحراف والانحلال الأخلاقي، وتفشي السرقة واعتراض السبيل، ناهيك عن المخدرات وما يصاحبها من عاهات مستديمة على شباب المنطقة. ألم يحن الوقت لمحاسبة كل من تبت تورطه في هذه الظاهرة التي ستدشن لنا عما قريب بؤرة من بؤر الإجرام. من جهة أخرى فهذا المد العمراني العشوائي سيجهض لا محالة كل المحاولات البناءة التي تتبناها المصالح المختصة بالعمالة والوكالة الحضرية ،من أجل تأطير الظاهرة والحد منها بإعادة تحيين تصاميم الهيكلة وتبسيط المساطر لأجل الحصول على رخص البناء. إذا فالواجب هنا هو تظافر الجهود بين المنتخبين والسلطة المحلية ومختلف المصالح الإدارية، من أجل تقنين الظاهرة،والرقي بالمنطقة إلى مصاف المناطق الحضرية ذات النسيج العمراني المتناسق، خصوصا وأنها تتوفر على مؤهلات سياحية وطبيعية قلما اجتمعت في منطقة واحدة.