نشرة إنذارية… زخات رعدية قوية مرتقبة اليوم السبت بعدد من مناطق المملكة    السنغال رسميا تعلق على وجود "حراݣة" عالقين بالصحراء المغربية    بعد شهر على الانتخابات.. أمير الكويت يحل مجلس الأمة ويعلق بعض مواد الدستور    هلال: المبادرة الأطلسية مقاربة متبصرة لتحقيق التنمية المشتركة    اضطرابات في حركة سير القطارات بين البيضاء والقنيطرة    تنظيم الدورة ال20 من تمرين "الأسد الإفريقي" ما بين 20 و31 ماي    المغرب يشيد باعتماد الأمم المتحدة قرار دعم طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين بالأمم المتحدة    حكيمي يقطع صمته بخصوص رحيل مبابي عن باريس    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    مكافحة الاتجار بالبشر.. الولايات المتحدة تمنح 2.5 مليون دولار للوكالات الأممية بالمغرب    بنعدي، بلحاج، العيادي، بنحمو وآخرون بالمجلس الوطني لحزب "البام"... هل يدخلون المكتب السياسي؟    المعرض الدولي للكتاب والنشر.. المجلس الأعلى للتربية والتكوين يناقش الرافعات الكبرى لحكامة المنظومة التربوية الوطنية    إطلاق أشغال إنجاز خط سككي بين الدار البيضاء وبني ملال قريبا    "أسبوع القفطان" يقدم عرض أزياء لدعم المواهب الشابة في مجال صناعة القفطان    أحكام قضائية.. تعزز مرامي مديرية الأمن في التخليق وربط المسؤولية بالمحاسبة    نشرة إنذارية .. زخات رعدية مرتقبة اليوم السبت بعدد من مناطق المملكة    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تبرز الأدوار التاريخية والرهانات المستقبلية لقنواتها الأمازيغية في المعرض الدولي للنشر والكتاب    كونفدرالية الصيادلة تشتكي "مستشفى الشيخ زايد" بالرباط وتطالب بفتح تحقيق في توزيعه الأدوية    إسرائيل: 300 ألف نازح من مدينة رفح    مظاهرات في 58 مدينة مغربية تضامنا مع غزة ورفضا لاجتياح رفح (فيديو وصور)    مباراة انتقامية بين حسنية أكادير والرجاء الرياضي وصدام متكافئ بين "الماص" والمغرب التطواني    مستشار بوتين السابق: الأمريكييون ينجذبون إلى جُحر الثعابين.. والحرب ستنتهي باستسلام الغرب في أوكرانيا    أمير الكويت يعلن حل مجلس الأمة وتعليق العمل ببعض مواد الدستور ويقول:"لن أسمح بأن تستغل الديمقراطية لتحطيم الدولة"    بنسعيد: المغرب منخرط في خلق صناعات ثقافية وإبداعية قوية وتنافسية    فرقة كانديلا ارت الفنيدق- تطوان تترافع عن التراث الوطني في المهرجان الوطني لهواة المسرح بمراكش    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    الفيضانات أفغانستان تودي بأكثر من 200 شخص    الخطايا العشر لحكومة أخنوش!    المغرب يُؤيد منح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة    سحب 317 "رخصة ثقة" من "سيارات الأجرة في مدينة واحدة بسبب ممارسات مخالفة للقوانين    طقس السبت.. أجواء حارة ونزول قطرات مطرية بهذه المناطق    أطروحة نورالدين أحميان تكشف كيف استخدم فرانكو رحلات الحج لاستقطاب سكان الريف    الصين: 39,2 مليار دولار فائض الحساب الجاري في الربع الأول    بأگادير : وبحضور الاستاذ عزيز الرباح انتخاب السيدة سميرة وكريم رئيسة فرع جهة سوس ماسة لجمعية المبادرة "الوطن أولا ودائما"    القطاع السياحي يسجل رقما قياسيا بالمغرب    هكذا ساهمت دبلوماسية روسيا والصين في مقاومة "طالبان" للضغوط الغربية    تصفيات كأس العالم لكرة القدم النسوية لأقل من 17 سنة .. المنتخب المغربي يفوز على نظيره الجزائري    "الطاس" ترفض الطلب الاستعجالي للاتحاد الجزائري لكرة القدم    منتخب "لبؤات الأطلس" يكتسح الجزائريات    اللعبي: القضية الفلسطينية وراء تشكل وعيي الإنساني.. ولم أكن يوما ضحية    لحجمري ينصب 3 أعضاء جدد في الأكاديمية    مزور تستقطب شركة عالمية رائدة للمغرب    المغرب يسجل 26 إصابة جديدة ب"كورونا"    مدرب الجيش مطلوب في جنوب إفريقيا    جديد موسم الحج.. تاكسيات طائرة لنقل الحجاج من المطارات إلى الفنادق    صدمة جمهور الرجاء قبل مواجهة حسنية أكادير    الشركات الفرنسية تضع يدها على كهرباء المغرب    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    شفشاون على موعد مع النسخة الثانية من المهرجان الدولي لفن الطبخ المتوسطي    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الجمعة على وقع الارتفاع    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    خبير في النظم الصحية يحسم الجدل حول لقاح أسترازينيكا    سابقة بالمغرب .. حكم قضائي يلزم الدولة بتعويض متضررة من لقاح كورونا    أصالة نصري تنفي الشائعات    سبع دول من ضمنها المغرب تنخرط في مبادرة "طريق مكة" خدمة لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور المثقفين في الحراك الاجتماعي بالريف

من الأمور التي قد يلاحظها المرء وهو يتابع توالي الأحداث الاجتماعية والسياسية في بلادنا، هو الغياب الشبه الكامل للمثقفين عن مسرح هذه الأحداث. فإذا كان المثقف غير مطالب بالمشاركة الفعلية/المباشرة في الأحداث بقدر ما هو مطالب أكثر بتحليل تلك الأحداث ومحاولة توجيهها في الاتجاه الايجابي حسب الدكتور محمد سبيلا ( انظر كتاب هذا الأخير " في تحولات المجتمع المغربي" ). وإذا كان دور المثقف أيضا هو قول الحقيقية؛ أي سرد الوقائع الخافية، وشرح الدوافع المبطنة للمواقف والإجراءات، وبالتالي على المثقف أن يقوم بإظهار الأمور على غير ما تبدو عليه للعامة حسب رأي الكاتب السوري بو علي ياسين ( انظر " على دروب الثقافة الديمقراطية" ص 192-193 ) فإن المثقف المغربي عموما، والمثقف الأمازيغي/ الريفي على وجه الخصوص، غائب عن مسرح الأحداث التي يشهدها الوطن عموما والريف خصوصا، فإذا استثنينا قلة قليلة جدا من الكتاب الذين لا يتجاوزون عدد أصابيع اليد ممن تناولوا أحداث وقضايا الحراك الاجتماعي بالريف، قد لا نجد لهم ( = المثقفين الريفيين) أثارا تذكر فيما يقع من الأحداث بالريف عموما، وفي آيث بوعياش تحديدا. والمثقف هنا هو ذلك الإنسان الواعي والمدرك لما يجري حوله من الأحداث، ولا يهادن على حساب الحق، كما أنه لا يرضخ لسلطة ما.
وتأسيسا على هذه النظرة، فإننا لا نجانب الصواب إذا قلنا إن غياب المثقفين عن مسرح الأحداث الاجتماعية بالمغرب عموما، والريف خصوصا، يعتبر، في تقديرنا، من أبرز الأسباب التي ساهمت إلى جانب مجموعة من العوامل والأسباب الموضوعية في تراجع الفعل الاحتجاجي لحركة عشرين فبراير إن لم نقل توقفها الغير المعلن. حينما نقول هذا الكلام فإننا ندرك جيدا أهمية دور المثقفين في إنجاح الحركات الشعبية السلمية، حيث لم تقم أي ثورة رئيسية في التاريخ الحديث بدون المثقفين، وفي المقابل لم تقم أي حركة مضادة للثورة بدون المثقفين. فالمثقفون هم آباء الحركات وأمهاتها يقول ادوارد سعيد في كتابه " صور المثقف" (ص 27). ولكون أنه قد سبق لي أن تطرقت إلى هذا الموضوع في احد مقالاتي السابقة*، فأنني سأتطرق في هذه المقالة المتواضعة إلى دور المثقفين الحقوقيين (= الفاعلين الحقوقيين) أن جاز التعبير في الحراك الاجتماعي الذي يشهده الريف خلال الآونة الأخيرة .
إذن، على أساس هذه الخلفية/ القناعة التي تشكل، وتحدد، نظرتنا لموضوع هذه الورقة، سنحاول في السطور الآتية، كما قلنا أعلاه، تسليط الضوء على دور المثقفين الريفيين في الحراك الاجتماعي الذي يعرفه الريف خلال الآونة الأخيرة، خاصة بعد بروز حركة عشرين فبراير. لكن نظرا لعدم قدرتنا على الإحاطة بكل جوانب الموضوع من خلال هذه المقالة، حيث أن الموضوع يحتاج إلى بحث ودراسة شاملة ومعمقة، دراسة اكبر وأوسع بكثير من حدود وإمكانية هذه المقالة، ونظرا كذلك لأهمية دور النخبة الحقوقية في إبراز الوجه الآخر للأحداث، خاصة في علاقتها بالجانب القانوني، وفي علاقتها كذلك مع السلطة/ المخزن ، أو بصيغة أدق كيف يتعامل معها المخزن؟ .
لهذه الاعتبارات بالذات سنركز في مقالتنا هذه على دور المثقفين الحقوقيين أكثر مما سنركز على دور المثقف بشكل عام ، الذي يمتد إلى مجالات متعددة. فالمثقف هنا هو ذلك المثقف الذي يمتلك الوعي الحقوقي، والمقصود هنا بالوعي الحقوقي هو ذلك الإنسان/ المثقف الواعي والمدرك لأهمية حقوق الإنسان في حياة الفرد والمجتمع. وهو الإنسان الواعي / المثقف الذي يكرس حياته من أجل الدفاع عن الإنسان، سواء كان هذا الإنسان الذي يدافع عنه مجرد إنسان عادي أو إنسان اجتماعي مرموق ومعروف داخل المجتمع، بعيدا عن أية حسابات سياسية أو دينية أو عرقية أو جنسية. فالإنسان الحقوقي مثله مثل الطبيب الذي يستقبل مرضاه للعلاج دون أن يراعي انتماءه الديني والعرقي والجنسي والسياسي والجغرافي، فالطبيب لا يمكن أن يرفض معالجة المريض على أساس انه يميني أو يساري أو مسلم أو مسيحي أو شيء من هذا القبيل، فالمريض يعالج على أساس أنه إنسان مريض يستحق العلاج وكفى . فهكذا الأمر كذلك عند المثقف الحقوقي – الناشط الحقوقي - النزيه والموضوعي حيث ينظر هو أيضا إلى الإنسان المعتقل والمنتهكة حرمته وحقوقه بوصفه إنسان انتهكت حقوقه ولا تهمه الأمور الأخرى.

قلنا، سنركز على دور المثقفين الحقوقيين أو النخبة الحقوقية بالريف، وذلك لما لهذه الفئة/ النخبة من الأهمية في النضال المدني السلمي، خاصة في الجانب المتعلق بالدفاع عن المعتقلين السياسيين القابعين الآن في سجون ما يمسى ب " العهد الجديد" . لكن ليس فقط من أجل توضيح بعض الأمور والقضايا التي تبدو لعدد هائل من المتتبعين والمهتمين بملف الاعتقال السياسي بالريف ( = ملف معتقلين آيث بوعياش) غير سليمة وصحيحة. وذلك لكونها لا ترتقي إلى مستوى الموقف الحقوقي الموضوعي، وإنما لكي نوجه نداءنا الصادق والحار أيضا إلى جميع المثقفين الحقوقيين بالريف والشتات من أجل توحيد نضالهم الحقوقي في أفق رفع كل أشكال الحصار والتضييق على ساكنة آيث بوعياش ونشطائها الاجتماعيين والإعلاميين( حركة عشرين فبراير والمعطلين والمنابر الإعلامية الكترونية..)، ومن أجل كذلك فضح جميع الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها المخزن في حق ساكنة آيث بوعياش ونواحيها على اثر انتفاضة 8 مارس 2012 وما تلاها من التداعيات الخطيرة، وعلى رأسها فضح المحاكمات الصورية الانتقامية التي أجراها النظام لرموز وقادة الحركة الاحتجاجية بآيث بوعياش.
فالإنسان الحقوقي لا يجب أن يتعامل مع القضايا الإنسانية برمتها، و قضايا الرأي وحرية التعبير تحديدا، من المنطلق السياسي أو العقائدي كما يحدث الآن ، ومن هنا فإن المنطلق الذي كان يجب أن يسود في تعامل النخبة الحقوقية بالريف مع أحداث آيث بوعياش هو المنطلق الإنساني أولا وأخيرا، وليس المنطلق السياسي الضيق كما هو عليه الآمر الآن. بحيث أنه من خلال تتبعنا لمواقف بعض الهيئات الحقوقية بالريف عموما، وفي الريف الأوسط تحديدا. وكذلك مواقف الحركة الأمازيغية بالريف( هذا أذا كانت هناك بالفعل حركة أمازيغية بالحسيمة ونواحيها!!) التي يمكن إدراجها أيضا ضمن الهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان، نلاحظ سيادة الموقف السياسي أكثر من الموقف الحقوقي. فالوضع برمته الآن لم يعد يستحمل فتح نقاشات جانبية حول من أخطا ومن أصاب، وبالتالي من له الحق ومن ليس له الحق، الوضع الآن يتطلب منا إبداء موقف واضح وحاسم تجاه ما يحدث في الريف ككل، وفي ايث بوعياش تحديدا، فلا يعقل على سبيل المثال أن تشهد مختلف المدن المغربية والأوربية مظاهرات/ وقفات تضامنية قوية مع آيث بوعياش ولن تشهده مدينة الحسيمة نهائيا ما عدا بعض البيانات والندوات، فالأمر ليس عاديا بل ليس بريئا؟.
وعندما نقول هذا الكلام فإننا ندرك وجود مواقف يحكمها المنطق القائل: هل أنت معي أو ضدي!!؟. كما ندرك أيضا أن المخزن يسعى من خلال طريقة تعامله من أحداث آيث بوعياش عموما، والمحاكمات الصورية التي يجريها لخيرت شباب المنطقة خصوصا، إلى الإجهاز على ما تبقى من الأصوات الحرة بالريف، وبالتالي الإجهاز على الفكر الديمقراطي الممانع بالمنطقة. ففي الوقت الذي كان من المنتظر، والمفروض، على النخبة الريفية بمختلف مشاربها ومواقعها، وخاصة تلك التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، أن تقف إلى جانب الأصوات الحرة والممانعة بالريف عموما، وفي آيث بوعياش خصوصا، نظرا لحجم وطبيعة الحملة القمعية التي شنها، وما يزال، المخزن على البلدة ومناضليها الديمقراطيين، دون أية خلفية إيديولوجية أو حسابات سياسية ضيقة ما عدا الخلفية الحقوقية والحسابات الحقوقية أيضا، ليس فقط لكون أن المنطق الحقوقي يفرض هذا ، وإنما أيضا لحجم الانتهاكات والجرائم التي مارسها النظام في حق ساكنة آيث بوعياش ليلة 8 مارس السوداء ( اعتقالات ومحاكمات صورية..) التي تطالب بحقوقها المشروعة والديمقراطية، فمهما حاولت بعض القراءات المغرضة التقليل من أهمية المطالب السياسية والاجتماعية لساكنة ايث بوعياش أو تلك القراءات التي تحاول إلقاء اللوم على حركة الاحتجاج في آيث بوعياش عبر اتهامها " بالفوضى" وعدم " المسؤولية" ، فإن الأمر كله لا يستدعى التعامل معها ؛ أي مع احتجاجات آيث بوعباش، بالشكل الذي كان عليه. كان من المفترض أن يكون تعامل النخبة الحقوقية بالريف مع أحداث آيث بوعياش دون خلفيات إيديولوجية وحسابات سياسية، لكن مع الأسف الشديد الأمر كان على عكس ذلك تماما، حيث يتضح من خلال متابعتنا للموضوع تخاذل النخبة الريفية تجاه ما حدث ويحدث في آيث بوعياش الصامدة، سواء عبر صمتها الغير المبرر بالمرة ( الصمت نوع من التآمر)، أو عبر اتخاذها (= النخبة الريفية) لمواقف خجولة ومتباينة للغاية. ومن أجل إبراز وتوضيح ما نود قوله هنا ، نشير على سبيل المثال، وبعجالة، إلى موقف فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالحسيمة، حيث كان منطق تعامل هذه الهيئة مع أحداث آيث بوعياش بشكل عام، ومع المعتقلين السياسيين بشكل خاص، منطقا سياسيا بالدرجة الأولى أكثر منه منطقا حقوقيا، وبالتالي فهو منطق انتهازي أكثر منه أن يكون موقفا مبدئيا، وهذا المنطق هو المنطق الذي اشرنا إليه سابقا (= أنت معي أو ضدي) ، وهو المنطق الذي لا يترك المجال للحياد المفترض في العمل الحقوقي، فالموقف الغير المحايد في المجال الحقوقي لا يمكن أبدا أن يكون موقفا حقوقيا.
ففي الوقت الذي كان من المفروض والواجب على الهيئات الحقوقية بالحسيمة أن توحد عملها في سبيل الدفاع المشترك على المعتقلين السياسيين القابعين في سجون النظام القمعي حيث أن الغاية هي انقاد ما يمكن أنقاده وليس شيء آخر ، دون يافطات الانتماء ومنطق الزعامة والقيادة، وذلك نظرا لما لهذا النوع من العمل؛ إي العمل المشترك، من نتائج وفعالية أكثر من العمل الفردي والانعزالي، كان منطلقها في التعامل مع الأحداث عكس ذلك تماما. وهو الأمر الذي كانت له دون شك سلبيات خطيرة على سير المحاكمات الصورية الانتقامية التي يجريها المخزن للمعتقلين على اثر الاحتجاجات التي عرفتها آيث بوعياش ونواحيها. وهذا الموقف يسري كذلك على معظم مواقف الجمعيات المدنية بالحسيمة ونواحيها، وخاصة المعطلين والجمعيات الأمازيغية التي اكتفت هي أيضا بإصدار بيانات الاستنكار والتنديد كالعادة. فعلى سبيل المثال اكتفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالحسيمة بإصدار بيانات الاستنكار والتنديد فقط ولم تشارك (قبل اعتقال الرفيق البقالي) في أية وقفة احتجاجية ضد المحاكمات الصورية التي تعرض لها المعتقلون على خلفية الأحداث التي عرفتها بلدة ايث بوعباش ولم تقم بزيارة المعتقلين إلا بعد اعتقال الرفيق البقالي عبد الحليم ، كما انها لم تقم بتأسيس لجنة الدفاع عن المعتقلين إلا بعد اعتقال الرفيق البقالي عبد الحليم أولا، وبعد تأسيس اللجة الدولية للدفاع عن المعتقلين السياسيين بالريف من طرف منتدى شمال المغرب لحقوق الإنسان ثانيا. والأسئلة المطروحة على كل من يهم الأمر هي: لماذا لم تقم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ( فرع الحسيمة) بزيارة المعتقلين قبل اعتقال الرفيق البقالي عبد الحليم؟ ولماذا لم تأسس " لجنة الدفاع عن المعتقلين " قبل أن يؤسس منتدى شمال المغرب لحقوق الإنسان اللجنة الدولية لدفاع عن المعتقلين السياسيين بالريف؟. هل الجمعية تدافع عن جميع المعتقلين أم انها تدافع فقط عن أعضائها( هذا إذا ما افترضنا أن الرفيق البقالي عضو في الجمعية) ؟، ولماذا قام رئيس الجمعية بزيارة الرفيق البقالي ولم يقم بزيارة الآخرين باعتبارهم معتقلين في نفس القضية؟ وما هي المقاييس المعتمدة من طرف الجمعية لزيارة البقالي دون الآخرين؟.
ونشير هنا في نهاية هذه المقالة إلى أن الفعاليات الأمازيغية بالحسيمة قطعت مئات الكيلومترات للمشاركة في مسيرة " تودا أمازيعن " بالدار البيضاء ولم تفكر في تنظيم ولو وقفة احتجاجية رمزية واحدة من أجل آيث بوعياش، وهل ساكنة آيث بوعياش ليسوا أمازيغ أم ماذا ؟.
* انظر مقالنا " مستقبل الريف بعد انتفاضة آيث بوعياش... أفكار من أجل النقاش"
محمود بلحاج/ فاعل مدني حقوقي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.