أن نرى جيلا من الشباب في مسيرات و مظاهرات سلمية للمطالبة بإصلاحات سياسية و اقتصادية، رافعا شعار " الشعب يريد إسقاط الفساد " شئ وجب الوقوف عنده و الإشادة به لما يحمل في ثناياه قضية مهمة متمثلة في مناهضة الفساد بجميع أشكاله و أنواعه الأمر الذي يدعوا إليه كل مغربي غيور على وطنه، لكن ان تتحول هذه المسيرات إلى أعمال شغب و سيل جارف يدمر كل ما يصادف في طريقه من ممتلكات عمومية و خاصة و تسقط فيه أنفس بريئة فهذا شئ مرفوض شكلا و مضمونا . كلامي هذا على خلفية الأحداث التي صاحبت مظاهرات 20 فبراير التي خرجت في مدينة الحسيمة ،والتي أسالت كثيرا من الحبر وخلفت ردود فعل مابين مدافع ومهاجم وما بين مبرئ ومتهم، إن أول ما خرجت به ردود الأفعال هذه تمثل في شكل بيانات استنكارية اتهمت مباشرة مجموعة من الشباب القادم من المدن و القرى المجاورة لمدينة الحسيمة بتخريب الممتلكات العمومية والخاصة و ادرام النار و التكسير و النهب، في اتهام صارخ لأبناء هذه المناطق بإلقاء كامل المسؤولية على عاتقهم ،إن هذا الأسلوب التي تتعامل به هذه الفئات من شأنه ان يثير النعرات القبلية و يخلق صراعات ثانوية نحن في غنى عنها في ضل هذه الظرفية التي تعيشها منطقة الريف من تحولات جذرية بفضل التوجه الملكي السديد،و تتوالى الاتهامات لتطال جهاز الأمن بالتخاذل عن التدخل لمحاربة المخربين وحماية الممتلكات وساكنة المدينة، لكن عندما بدأت التعزيزات العسكرية تتولى على المدينة بدأنا نسمع عن عسكرة المدينة وبدأ البعض يعزف على أحداث 58 و 84 . إن الحماسة وحسن النية وحدهما لا يكفيان لتنظيم مسيرات في ضل وجود جموع من الانتهازيين المتربصين والفوضويين ،إن التنظيم الممنهج و التأطير المدروس كان أول الغائبين عن مظاهرات 20 فبراير لأن معظم "قيادات" هذه التظاهرة لم يألفوا إلا الوقفات الاحتجاجية التي لم تكن تتجاوز بضع عشرات من المحتجين . إن الخطأ الفادح الذي وقعت فيه " قيادات " 20 فبراير بالإضافة إلى عدم التنظيم هو انسحابها المبكر من التظاهرات مع علمها بالتحاق أفواج المحتجين من المناطق المجاورة، وهذا ما جعل الفرصة سانحة أمام فئة من المخربين ليعيثوا في الأرض فسادا. " تجري الرياح بما لا تشتهي السفن "، ربما هذا أول درس خرجت به "قيادات" 20 فبراير ، لكن في المقابل يجب على كل المسؤولين الغييورين على هذا الوطن التعامل مع التغيير الذي يطالب به الشباب بشكل جدي، لسد الطريق على كل متربص وحاقد على هذا الوطن الحبيب.