اعمارة: أشكال جديدة للتشغيل غير مؤطرة قانونيا وتحرم فئات واسعة من العاملين من التغطية الصحية    محمد رمضان يعلن عن مستجدات بخصوص أزمة نجله علي    المغرب يتجه نحو إحداث "مديرية حكامة أمن نظم المعلومات" لتعزيز الأمن السيبراني بالمملكة    حان ‬الوقت ‬لسحب ‬ملف ‬الصحراء ‬المغربية ‬من ‬اللجنة ‬الدولية ‬الرابعة    احتجاجات مرتقبة أمام وزارة التعليم بسبب الإقصاء من الأثر الرجعي للترقية خارج السلم    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الانخفاض    المغرب ‬خامس ‬قوة ‬اقتصادية ‬في ‬إفريقيا: ‬مسار ‬تحول ‬ونموذج ‬إقليمي ‬صاعد    المغرب ‬يواصل ‬تموقعه ‬بقوة ‬على ‬الخريطة ‬العالمية ‬لصناعة ‬الطيران    سلطات حفتر تفرج عن جميع موقوفي "قافلة الصمود" والأخيرة تعود أدراجها في منتصف الطريق        الجيش الإسرائيلي يعلن بدء موجة هجمات جديدة في منطقة طهران    شكوك حول مشاركة مبابي في مباراة ريال مدريد الافتتاحية بكأس العالم للأندية    الصفقات الجديدة تدعم صفوف مانشستر سيتي قبل مواجهة الوداد في مونديال الأندية    كأس العالم للأندية... الوداد الرياضي يواجه مانشستر سيتي الإنجليزي وعينه على تحقيق نتيجة إيجابية    حجز 8 أطنان من المخدرات بشاطئ أكلو    مجازر الاحتلال تتواصل.. إسرائيل تقتل 32 فلسطينيا بغزة بينهم 11 من منتظري المساعدات    "أزطا أمازيغ" تنتقد سياسات الدولة وتدعو لاحترام التنوع والعدالة الثقافية    الرباط.. المحكمة الإدارية تنظر في طلب افتحاص صندوق تقاعد المحامين بمراكش    ارتفاع أسعار النفط في التعاملات الآسيوية    كأس العالم للأندية 2025.. تعادل فلومننزي البرازيلي وبوروسيا دورتموند الألماني دون أهداف    مسؤولو حسنية أكادير يفشلون في الحفاظ على الركائز بعد رحيل الشماخ    الشرعي يدرب "لويسترلو" البلجيكي    "واتساب" ينفي نقل بيانات مستخدمين إلى إسرائيل    توقعات أحوال الطقس ليوم الأربعاء    كيوسك الأربعاء | أزيد من 180 ألف عملية مراقبة لحماية القدرة الشرائية للمغاربة    المغرب يُسرع وتيرة المشاريع المائية… 16 سدا جديدا وخطط لتحلية مياه البحر لمواجهة الجفاف    إضراب مفتوح ووقفة احتجاجية لعمال النظافة بشركة أوزون بالفقيه بن صالح بسبب تأخر الأجور    العثور على شاب مشنوق داخل شقة بالحسيمة في ظروف غامضة    تحول "OpenAI" إلى الربحية يشعل الخلاف مع "مايكروسوفت"    من الحرير إلى الشراكة الذكية.. المغرب والصين ينسجان مستقبلًا بحكمة حضارتين    الخليج يحث على التهدئة بين إيران وإسرائيل ويؤكد دعم مساعي الاستقرار الإقليمي    فياريال الإسباني يتعاقد مع لاعب الوسط موليرو لخمس سنوات    التصعيد الاسرائيلي – الإيراني: تأكيد خليجي على ضرورة وقف إطلاق النار ودعم جهود السلام في المنطقة    مشروع سكني بالغرب يجلب انتقادات    كأس العالم للأندية .. قمة إنجليزية مغربية وصدام إسباني سعودي    المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران .. إشكالات وسياقات ومآلات    حجيرة: تعاونيات المغرب تلج التصدير    تأجيل محاكمة محمد بودريقة إلى الأسبوع المقبل بطلب نافيا "أكل الشيك"    عائلة بودراجة تتوعد بالمتابعة القضائية    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    فاطمة الحمامصي… مسار نسائي رائد يُكرَّم في طنجة    ورزازات تحدث تحولا نوعيا في التعامل مع الكلاب الضالة بمقاربة إنسانية رائدة    تداولات بورصة البيضاء تتشح بالأحمر    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    برنامج "مدارات" يسلط الضوء على مسيرة المؤرخ والأديب الراحل عبد الحق المريني    في المغرب .. الفاشلون يطاردون المتفوقين عبر ساحات التنمر الإلكتروني    الذهب يصعد وسط القتال بين إسرائيل وإيران ودعوة ترامب لإخلاء طهران    الصويرة ترحب بزوار مهرجان كناوة    طنجة الدولية.. اختبار فرضيتي التحول والتفاعل    خبير يعرف بالتأثير الغذائي على الوضع النفسي    موازين 2025… أزمة توزيع المنصات تثير استياء الجمهور    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    نصائح ذهبية لحماية المسنين من ارتفاع الحرارة    "أرواح غيوانية" يُكرّم رموز المجموعات الغيوانية ويُعيد أمجاد الأغنية الملتزمة    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد        فقدان حاسة السمع يرفع خطر الإصابة بالخرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد لمرابطي : مشروع متحف الريف بالحسيمة.. رؤية تاريخية وحقوقية

بتاريخ 06 يونيو 2024 أثار موقع جريدة دليل الريف الإلكترونية مشكورا، ضمن منشوراته خبرا من الأهمية بمكان، يتعلق الأمر بقصاصة إعلامية صدرت تحت عنوان أخيرا .. ميزانية مهمة لتهيئة متحف الريف بالحسيمة ، ومن أجل تسليط مزيد من الأضواء على الحدث، لا بد من وضع مشروع متحف الريف بالحسيمة، في إطاره التاريخي والحقوقي الملائم، كمحاولة شخصية مني في الموضوع، وهي على كل حال تنم ليس فقط عن مجرد الاهتمام، وإنما بالأساس عن الحيثيات والترابطات الموضوعية لملف من هذا القبيل، له حجمه الذي لا يستهان به؛ لذلك كان لابد ونحن نثير هذا الموضوع من جديد، أن نقاربه من زاويتين، ورؤيتين فارقتين، ومتقاطعتين في الآن ذاته .
المقاربة الأولى ترجع إلى 19 فبراير 2006 عندما نظمت مجلة نوافذ الثقافية بقاعة علال الفاسي بالرباط؛ أشغال ندوتها الوطنية تحت عنوان : العدالة الانتقالية في المغرب- قراءة في تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة ، والتي كان من بين فقراتها؛ مناقشة موقع الريف في التقرير النهائي لهيئة الإنصاف والمصالحة، خاصة على ضوء أحداث نهاية 1958 وبداية 1959 ، وللعلم فإن أشغال الندوة الحقوقية التي نشرت في عددها الخاص 32-33، قد تدخل فيها حقوقية وحقوقيون مغاربة؛ وكذلك أكاديميون من مختلف التخصصات، ونذكر من هؤلاء، على سبيل المثال لا الحصر: لطيفة الجبابدي، أحمد الحارثي، عبد الرحيم المعداني، محمد الصبار، عبد الحكيم بن شماش، عبد الحي المودن .. ونظرا لحدة النقاش وتعدد المقاربات الحقوقية على ضوء تقرير الهيأة، وهي تلكم المقاربات التي قررت عدم الخوض في السياقات التاريخية والسياسية للانتهاكات الجسيمة التي وقعت في هذه المنطقة، حجتها في ذلك ضعف أو غياب الأرشيف الرسمي بالأساس، وأحيانا تضارب الشهادات التي تم الإدلاء بها وضعفها، مما جعل الهيأة تقترح توصية تهم إحداث المعهد الوطني للتاريخ، يكون من بين أهدافه جعل هذه الحقبة من تاريخ الريف المغربي، ضمن أولوياته وانشغالاته الأساسية مستقبلا، وفي نفس الوقت الإجابة عن كل الأسئلة المؤرقة والحارقة التي تشمل العديد من نقط الظل، هروبا من طابوهات التاريخ على حد تعبير المؤرخ الفرنسي الراحل )مارك فيرو(، ومن متاهاته المعلنة وغير المعلنة .
وفي هذا الصدد يقول عبد الحي المودن أستاذ جامعي وعضو هيأة الإنصاف والمصالحة، الذي كان من بين المتدخلين في ندوة مجلة نوافذ الفصلية، يقول على سبيل المثال عن أحداث انتفاضة الريف ) 1958 /1959 ( : وبالتالي، فإننا لم نتهرب من السؤال أومن الجواب عنه، ولكن لا يمكن الجواب عن هذا السؤال إلا عن طريق البحث المحترف، الذي لا ينحصر فقط في المؤرخين، بل يشمل كل من في وسعه أن يقدم وثائق مضبوطة حول هذه العملية وهذه الأحداث ، ولكون الحقيقة التاريخية في اعتقادي أهم بكثير من الحقيقة السياسية، وأيضا من الحقيقتين الجنائية والقضائية، لكونها تعتبر المدخل الأنسب نحو المصالحة المأمولة، التي تؤدي إلى مداواة تداعيات جراح الانتهاكات، وتحقيق السلم والإخاء والعيش المشترك، في ظل التنمية والبناء الوطني المكتمل الأركان .
المقاربة الثانية من هذا الطرح، يتم التوقف فيها مليا وبشكل مركز، عند موضوع أهمية الكشف عن الحقيقة؛ في علاقتها الجدلية بحفظ الذاكرة الوطنية وعدم تكرار مآسي الماضي، والتربية على حقوق الانسان، التي كانت من بين توصيات المناظرة الوطنية المنعقدة بالرباط سنة 2001 بمبادرة من المنظمة المغربية لحقوق الانسان والجمعية المغربية لحقوق الانسان والمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتاريخ القريب والمعاصر، الذي يتخوف المثقفون والمؤرخون من دخول غماره لارتباطه بحرية التعبير والرأي، كما أن تاريخ الزمن الراهن لم يكسب بعد شرعيته الأكاديمية، إضافة الى الصعوبات التي يجدها في الجامعة المغربية، لذلك جاءت توصيات هيأة الإنصاف في هذا الإطار، التي تمثلت في إحداث ماستر تاريخ الزمن الراهن منذ سنة 2010 ، وبموازاة ذلك تأسيس مركز تاريخ الزمن الراهن بالرباط سنة 2013 .
في ذات السياق، وضمن هذه المستجدات والوقائع الحقوقية، فقد انعقدت بمدينة الحسيمة خلال شهر يوليوز 2011 ندوة دولية من تنظيم المجلس الوطني لحقوق الانسان، حول التراث الثقافي في الريف، أية تحافة ؟ ، تدخل فيها أزيد من أربعين مشاركة ومشاركا من داخل المغرب وخارجه، وكان عاهل البلاد الملك محمد السادس، قد وجه رسالة إلى المشاركين، عبرت عن تطلعها في أن يكون هذا المتحف في مستوى العطاء التاريخي لنساء ورجال الريف الأباة وأن يشكل هذا المتحف فضاء يساهم من خلال برامجه وأنشطته في تجميع المعطيات العلمية، المتعلقة بالتراث المادي وغير المادي لمنطقة الريف، وتحسيس مختلف الفاعلين المعنيين بأهمية الموارد الثقافية المحلية، ودورها في النهوض بالتنمية .
ومباشرة، بعد هذا الحدث الحقوقي البارز والرسالة الملكية في الموضوع، فقد تم التوقيع على اتفاقية إحداث المتحف في يوليوز 2011 ، بين كل من المجلس الوطني لحقوق الانسان باعتباره صاحب المشروع وحاملا له، وبين مجلس الجالية المغربية بالخارج، والمجلس المنتخب للحسيمة، وجهة تازة الحسيمة تاونات، ولاحقا وزارة الثقافة والتواصل والشباب .. ولكن مشروع إحداث متحف الريف بالحسيمة، ظل يراوح مكانه حتى حدود اليوم، رغم وجود عدة إمكانيات ومؤهلات تساعد على الانطلاق، وإنجاز هذا المشروع الوطني والحقوقي الواعد في أقرب الآجال، وللأسف كان أيضا فرصة لدى البعض، من أجل المزايدات، وحتى التشكيك، وتوجيه الاتهامات بدون وجه حق .
الآن، وقد لاحت في الأفق هذه المبادرة الجديدة التي يقودها قطاع حكومي مهم، يتمثل في وزارة التجهيز والماء، وقد رصد غلافا ماليا محترما لإتمام الأشطر الرئيسية المتبقية من مشروع المتحف، وبناء على قاعدة المسطرة القانونية الجاري العمل بها في هذا الصدد، ولنا كبير الأمل في أن تتم الأشغال بطريقة أكثر وضوحا وشفافية، وهي الرؤية التي يتقاسمها معي العديد من الفاعلين المدنيين والباحثين الأكاديميين من أبناء المنطقة الذين لهم غيرة حقيقية وصادقة، وبعيدا عن كل الحسابات الضيقة كيفما كانت دوافعها ومنطلقاتها، ذلك أن القرارات الحقوقية الكبرى التي عرفتها بلادنا مؤخرا، لم تكن بقرار أحادي من الدولة، بل إنها جاءت نتيجة دينامية مجتمعية فاعلة ومتعددة، توافقت مع إرادة عليا للإصلاح والتحديث والبناء، وخاصة منذ 1999 .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.