يعتبر قطاع الخدمات من المجالات المهمة في اقتصاديات البلدان إذ لوحظ منذ بداية القرن الحالي تركيز شديد على الإهتمام بالجودة خصوصا في ظل تنافسية عالمية شديدة و تركزها في معايير محددة كانت وليدة لمفاهيم القرن من ثورة تكنولوجيا و طفرة معلوماتية و صناعات تعتمد على النوع مقابل مفهوم الكم الذي سيطر لمدد طويلة على فلسفة الإنتاج العالمية ما جعل من عملية التسويق ركيزة لمفهوم الجودة إذ لا يتأتى تقييم جودة الخدمة دون مرورها عبر ألية التسويق بداية و من ثم فقد أضحت فكرة التسويق حقلا من حقول المعرفة بالعديد من الكليات و الجامعات و تنظم حولها دورات تدريبية مكثفة قصد تطوير مهاراتها و الإلمام ببعض من أدبياتها حتى يتسنى التوظيف الجيد لمفاهيمها في العجلة الاقتصادية و منها على الخصوص المجال السياحي الذي يعتبر من بين القطاعات الأشد إلتصاقا بمفهوم التسويق و أحد أهم المستفيدين من علومها لذلك وجب على المتدخلين في المجال السياحي بالريف إيلاء مزيد من الإهتمام بهذا الموضوع حتى يتسنى لنا تسويق المقومات الحقيقية للمنطقة في أفق تنظيم هذا القطاع حتى لا يظل قطاعا موسميا يتسم بالعشوائية و الفجائية في تدبيره على كل المستويات . التسويق السياحي : نحو تنويع المعروض السياحي بالريف. أدى ظهور أنواع عديدة من المنتوجات السياحية عبر العالم و عدم إنحصارها في " سياحة الشواطئ" الموسمية الى بروز أنواع مماثلة من التسويق تناسب كل نوع سياحي على حدة تحتاج الى توفير خدمات و تجهيزات و تسهيلات و عناصر جذب تختلف جذريا في خصائصها و صفاتها عما تحتاجه السياحة التقليدية التي تتشكل اليوم بمنطقة الريف و التي سترهن مستقبل المنطقة السياحي لعقود في إطار مقيد لن تسهم كثيرا في خلق دينامية إقتصادية حقيقية إذ ان المقومات الطبيعية بالمنطقة تدفعنا الى أن نطمع في توسيع القاعدة السياحية للريف حتى لا تظل حبيسة " موسم الإصطياف و " إستثمار الإمكانيات المتوفرة على كل الأصعدة من موارد بشرية مؤهلة و ذات بعد نظر و مستقطبين أكفاء ذو مهارات إقناعية كبيرة و متدخلين توجيهيين مبدعين و مهنيين مبرزين حتى تكتمل حلقات التخطيط السياحي الجيد و الإستقطاب الهادف و التنزيل السديد للرؤى و المنهج معا. أصدرت الأكاديمية الكندية بريجيت بواغييه سنة 2016 إثر زيارتها الى المغرب حيث جابت مجموعة من المناطق و إطلعت عل مقوماتها السياحية و منها منطقة الريف دراسة معمقة حول أوجه التنمية السياحية الممكنة بالمنطقة و كيفية إلاستغلال الأمثل لكل المقومات المتواجدة مع إستحضار الإكراهات المعرقلة ايضا و لكن للأسف لم تلق هذه الدراسة الوحيدة الجادة أي إلتفات حيث إضطرت في النهاية الى الإنتقال الى فرنسا و العمل مع الحكومة الفرنسية في مشروع مماثل لربط المقومات السياحية المشتركة للبلدان الواقعة بين فرنسا و سلوفينيا و هو ما أدى ثماره اليوم و أصبحت سلسلة البلدان الواقعة مهدا لما يسمى في الأدبيات السياحية " بمنطقة الجيو سياحة" و التي تعتبر من بين أهم المناطق السياحية الجديدة بالعالم.ان دمغ المنطقة بلون سياحي واحد سيجعل عملية التسويق السياحي للمنطقة نمطيا جدا و ضعيف من حيث الجاذبية السياحية بل سيؤدي الى تصنيف المنطقة كوجهة سياحية أحادية و معلوم في علوم السياحة ان الوجهات السياحية الأحادية قلما تنجح في مبادراتها السياحية و يصعب إبقاؤها في نفس مستواها السياحي من حيث الجذب و التسويق . سياحات لا سياحة واحدة : مع بروز أنواع جديدة من العرض السياحي " البيئي.الفلكلوري.سياحة المؤتمرات .السياحة الثقافية......" تزيد الحاجة الى تنويع العرض السياحي للريف حتى يمكنه المنافسة و خوض غمار الجذب السياحي بكل أنواعه و هذا ما يستلزم تأهيل البنية التحتية بشكل مستمر و تطوير الخدمات و تكوين الكادر البشري بشكل يتناغم مع مخططات الجذب السياحي المرسوم وفق قواعد محددة و معايير دقيقة . واقع السياحة اليوم : يعيش المجال السياحي بالريف على وقع فراغ تنظيمي و غياب رؤية واضحة إذ تعتبر الصدفة و " كل عام و رزقو" هو قانون الجذب السياحي للمنطقة اليوم اذ تغيب اي مبادرات منظمة لتأسيس وعي سياحي جديد و حقيقي غير مبادرات فردية لرساميل تستثمر في مجال الفنادق و المقاهي و المطاعم لأشخاص ذاتيين بشكل عشوائي لا تحتكم لأي منطق علمي في تدبير القطاع ما يجعل موسم الإصطياف هنا و الأن أشبه " بسوق ولاد بنعكيدة" منه بمدينة سياحية تتزين و تتهيأ لإستقبال موسم ذروتها وفق ضوابط و معايير دقيقة و مؤطرة . ان تنويع المعروض السياحي بالريف مدخل لتأسيس بنية سياحية حقيقية و مطلب مستعجل في أفق تحويل المنطقة الى نقطة جذب و مركز للتسويق السياحي الحقيقي حتى تسهم السياحة فعلا في تنمية المجال و الإنسان. جمال الدين أجليان