تحولت لحظات الصيف الهادئة على شاطئ "سوتيو" بمنطقة "كاستيي دي فيرو" التابعة لمحافظة غرناطة الإسبانية، إلى مشهد مثير للجدل الوطني، بعدما أقدم عدد من المصطافين على توقيف تسعة شبان مغاربيين فور وصولهم إلى الشاطئ عبر قارب سريع يُشتبه في أنه استُخدم في عمليات تهريب. الواقعة، التي وثقتها هواتف المصطافين وانتشرت على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، أظهرت عددا من رواد الشاطئ وهم يطاردون المهاجرين ويقومون بتوقيفهم جسديًا دون أي صفة قانونية، في انتظار وصول قوات الحرس المدني الإسباني. وبينما اعتبر البعض هذا السلوك شكلًا من أشكال "المساعدة المدنية"، رأت جهات عديدة في الحادثة مؤشرا خطيرا على تصاعد النزعات المعادية للأجانب، معتبرين أن ما حدث يمثل تعديًا واضحًا على الحقوق الأساسية لهؤلاء المهاجرين الذين كانوا في حالة إنهاك جسدي ونفسي بعد عبورهم المحفوف بالمخاطر للبحر الأبيض المتوسط. النقاش المحتدم لم يقتصر على الجانب القانوني لما يسمى ب"الاعتقال المدني"، الذي يظل مشروطًا بظروف دقيقة وفق القانون الإسباني، بل تعداه إلى أبعاد رمزية وإنسانية أعمق. فهؤلاء الشبان، الذين قد يكونون فارين من الفقر أو الحروب أو الاضطهاد، وُوجهوا بالقوة والنبذ بدلًا من الماء والملاذ الآمن. الانتقادات على المنصات الرقمية كانت شديدة، حيث وصف عدد من النشطاء ما حدث بأنه "عرض استعراضي على حساب كرامة المهاجرين"، محذرين من أن مثل هذه السلوكات تُعزز خطاب الكراهية وتُشرعن ممارسات قد تصل إلى حدود الاحتجاز غير القانوني والعنف. ويثير هذا الحادث تساؤلات جدية حول حدود "المواطنة الفاعلة" ودور المجتمع المدني في قضايا الهجرة، خصوصًا في سياق أوروبي باتت فيه سياسات الهجرة محط تجاذب بين الأمن والكرامة الإنسانية. فهل بات الخوف والتسييس يطغيان على قيم التضامن والرحمة؟ ما حدث في "كاستيي دي فيرو" يتجاوز كونه حادثًا معزولًا، ليكشف عن شرخ أخلاقي متزايد في التعاطي مع قضايا الهجرة. ويبقى السؤال مطروحًا: هل الشواطئ الأوروبية لا تزال أماكن للعبور والنجاة، أم تحولت إلى مسارح للمحاسبة والنبذ؟ دليل الريف