قال بعض الصالحين , ( يا ابن ادم انما انت ايام معدودة , فان ذهب يوم ذهب بعضك ويوشك اذا ذهب البعض ان يذهب الكل , وانت تعلم , فاعمل ) هذه موعظة تدعو الى محاسبة النفس , والنظر بعين الاهتمام الى مرور الايام , وفنائها , فان الايام قنطرة الى الشهور , والشهور قنطرة الى الاعوام , وباجتماع الاعوام ينتهي عمر الانسان . فيا عجبا لمن طال عمره وزاد ذنبه , وكلما ابيض شعره بمرور الايام اسود بألاثام قلبه ! ويا عجبا لمن يشاهد الايات والعبر كلما توالت عليه الاعوام والشهور , ويسمع الايات والسور ولا ينتفع بما سمع , ولا بما يرى من عظائم الامور , كيف يفرح بالدنيا , من يومه يهدم شهره , وشهره يهدم سنته , وسنته تهدم عمره ؟ كيف يفرح من يقوده عمره الى اجله , وحياته الى موته ؟ ما مضى من العمر وان طالت اوقاته , فقد ذهبت لذاته , وبقيت تبعاته , وكأنه لم يكن اذ جاء الموت ميقاته . من لم يكن الله عز وجل منه على بال , فانه يتخطى في كل ميدان , ويتكلم بكل لسان , ومن كان الله منه على بال اخرسه الا عن الصدق , والزمه الحياء منه , والاخلاص , والصادق المقرب في بحر تضطرب عليه امواج , يدعو ربه دعاء الغريق , يسأل ربه الخلاص والنجاة , هذه الامور توضح لنا حال المنافقين وحال الصادقين , ثم تبين لنا الطريق للوصول الى طاعة الله تعالى . ” من لم يكن الله منه على بال فانه يتخطى في كل ميدان ويتكلم بكل لسان ” هذا وصف المنافق , وسمة المداهن , وطريقة المرائي ,فهو على الدوام متذبذب , تارة يدعي الاخلاص , ويعمل اعمال النفاق , وتارة يدعي اليقين , وهو في شك عظيم , وتارة يدعي الحلم , والغيظ متمكن من سويداء قلبه , وتارة يدعي الصدق , والكذب يسيل من ثناياه , وتارة يدعي الخشوع , وهو اقرب الناس الى الغفلة , وتارة يدعي الشجاعة , وهو لا يعرف الا بالخنوع , وتارة يدعي العلم وهو بالجهل موسوم . اما من كان الله منه على بال اخرسه الا عن الصدق والزمه الحياء منه والاخلاص, لذا علينا ان نجاهد انفسنا في افعالنا , وكيف لا يلزم السالك الى طريق الله الصدق ؟! والصدق سبب الخير , ومفتاح البركة , ومجلب لمحبة الناس , ودائما ينجي من المهالك , ويرفع الى الدرجات العلا . وان نجاهد انفسنا في اعمالنا , يعني ان نحاسب انفسنا على افعالنا , صغيرها , وكبيرها , جليلها وحقيرها . اللهم اعنا على ان نحاسب انفسنا ونراجع سجلات عمرنا , اللهم اعنا على ان نسلك الصراط المستقيم لكي يكون منجاة يوم سلوكنا الصراط يوم الدين , اللهم نسالك غفرانا لذنوبنا وعفوك ان اخطأنا او سهونا ,