%76 من توصيات مؤسسة الوسيط غير منفذة.. حسن طارق: غياب التفاعل يعني عدم اكتراث الإدارات    قطاع السيارات يعزز صدارة صادرات المغرب للسنة الثانية على التوالي    قطاع السياحة في المغرب حقق إنجازات استثنائية    الرجاء يطلق حملة "الألف منخرط" لتوسيع المشاركة الجماهيرية في القرار        إقليم بولمان يخلد الذكرى 26 لعيد العرش ويحتفي بالتلاميذ المتفوقين دراسيًا    طنجة تحتفي بالثقافة الأمازيغية بافتتاح معرض الكتاب والمنتوجات التقليدية ضمن مهرجان ثويزا    سفارة الصين بالرباط تُخلد الذكرى 98 لتأسيس الجيش الشعبي الصيني بحضور رفيع المستوى    أخنوش يحث القطاعات الحكومية على الإسراع في تفعيل قانون العقوبات البديلة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    العثور على جثة رجل مسن داخل منزله بإمزورن    اجتماع مشترك للجان الدائمة بمجلس جماعة العرائش لدراسة التعديلات المقترحة لتهيئة الشرفة الأطلسية    اختفاء طائرة روسية تقل 49 راكبًا عن الرادار في أقصى الشرق    من الأمومة إلى الأضواء.. "غالي" يعيد ماريا نديم للواجهة    العيطة المرساوية تتواصل بمديونة                    انقطاع مياه السقي يُهدد زراعة الأرز ويُنذر بخسائر فادحة للفلاحين    أرباح "غوغل" في الربع الثاني تجاوزت التوقعات ببلوغها 28,2 مليار دولار    شي جين بينغ يستقبل قادة الاتحاد الأوروبي ويؤكد على أهمية تعزيز الشراكة الصينية الأوروبية في ظل تحولات عالمية متسارعة    تبون يرهن مستقبل الجزائر: ثروات تُهدر وكرامة تُباع لصالح جبهة البوليساريو    دمشق تستعد لاستقبال ناطحة سحاب جديدة في قلبها التجاري: "برج الجوهرة" يلامس السماء ب32 طابقًا        الصحراء المغربية: دعم حزب جاكوب زوما لمبادرة الحكم الذاتي المغربية يثير اهتمام الإعلام الإيطالي    ليفربول يتعاقد مع المهاجم الفرنسي إيكيتيكي قادما من أينتراخت فرانكفورت الألماني    السكتيوي يشدد على الانسجام والانضباط لتجاوز الغيابات وتحقيق اللقب القاري    الاتحاد الدولي لألعاب القوى يوقف مؤقتا العداء الكيني كيبكورير كونغا بسبب المنشطات    مهرجان إفران الدولي يفتتح نسخته السابعة بمزيج من الفن والتراث والرياضة وسط جمهور غفير    اتصالات المغرب.. أكثر من 80 مليون زبون وأرباح تتجاوز 4 مليارات درهم    بينهم 9 من منتظري المساعدات.. إسرائيل تقتل 23 فلسطينيا بغزة منذ فجر الخميس    دروس من صرخة المغربية رشيدة داتي في فرنسا    كيوسك الخميس | إطلاق مشروع كابل بحري جديد بين جنوب المغرب وجزر الكناري    بقيمة 157.6 مليار درهم.. قطاع السيارات أول المصدرين في المغرب قبل الفوسفاط والفلاحة    إصدار أكاديمي يُقارب رهانات الجهوية    جامعة الدراجات تنظم منافسات الكأس    أمين فرحان يعزز دفاع الفتح الرباطي    ذوو احتياجات خاصة يطالبون بإصلاح شامل لمنظومة الاستهداف الاجتماعي    زيان يصور الموسم الثاني من "أفاذار"    "سجلماسة" .. جدل يرافق إعادة تأهيل أحد أبرز المواقع التاريخية المغربية    التشكيلي عفيف بناني في ذمة الله    المجمع الزراعي بالخميسات ينال لقب "أفضل اكتشاف أثري" في إفريقيا    إسبانيا تكسر عقدة ألمانيا وتصعد لملاقاة إنجلترا في نهائي "يورو" السيدات    فرنسا تفرض حظر تجول ليليًا على القاصرين في مدن عدة بسبب تصاعد عنف المخدرات            الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    كلمة .. المغرب أولا أيها المشرعون    رقصة الافعى محور الندوة العلمية لمهرجان ايقاعات لوناسة بتارودانت    تسجيل أكثر من 100 ألف عضة و33 وفاة بالسعار في 2024 بالمغرب    المغرب يتجه نحو إصلاح جذري في السياسة الدوائية    دراسة: متلازمة القولون العصبي لا ترتبط بحساسية الغلوتين    اليوم العالمي للدماغ يسلط الضوء على تحديات الأمراض العصبية المتزايدة    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكفاءات العربية المهاجرة
نشر في السند يوم 03 - 01 - 2010

حري بنا في مستهل حديثنا ان نثمن عاليا وغاليا كل انجاز لعربي خارج إطار وطنه العربي . هذا الانجاز الذي يولد في كل مواطن عربي مشاعر الاعتزاز والفخار القومية، والتي انطلقت من حقيقة ان العقلية العربية ليست قاصرة ان تصل الى اعلى مراتب التطور العلمي والابداع في ما لو اتيحت لها الظروف المتاحة لغيرها.
واذا كانت هناك من شائبة ما اثارت الشجون والاشجان في النفوس،فهي بلا شك امنية كل عربي لو ان هذا الانجاز العلمي قد تحقق داخل الوطن العربي ونال التكريم العربي المفترض ان يستحقه.
والحديث لا يقف عند هذه الحدود من الشجون والأشجان.فالوطن العربي ما يزال يرزح تحت إفرازات الثقافة الإستهلاكية،ويشكل ما ينتجه نسبة متدنية للغاية إذا ما قيست بما تنتجه البلدان المتقدمة التي يفترض لو صدقت نوايا الأنظمة العربية أن تكون في مصاف هذه البلدان،لا أن تظل عالة على ما تنتجه من سلع أساسية وكمالية.
ان هذا الكم الهائل من المنتجات الإستهلاكية يشكل فيما يشكل غزوا اقتصاديا ، بإمكان الوطن العربي بما أفاض الله عليه من خيرات عميمة،وقدرات في إنسانه أن يستبدلها بأخرى من نتاج ابنائه دون ادنى شك.
وتأتي اولى الملاحظات وهي تخص التوجه الذي ابدته قبل سنوات جامعة الدول العربية بضرورة اقتحام ملف الكفاءات العربية المهاجرة للاستفادة منها في تطوير الوطن العربي وهو على اعتاب الألفية الثالث.وقد قدرت الجامعة هذه الكفاءات في آخر احصاء لها بمليون عالم عربي في شتى اصناف العلوم.
انه توجه،وان كان متأخرا،الا انه في اعتقادنا، واذا ما تم تفعيله في اطار استراتيجية مدروسة بعناية ومعدة ومبرمجة لاستدعاء هذه الكفاءات واستثمارها في بيئتها الاصلية التي يفترض ان تعيش في كنفها،فما من شك انها سوف تسهم في احداث تغيير نوعي في الوطن العربي.وفي حقيقة الأمر ان هذا التوجه لا ينبغي له ان يكون فقط هو الأساس الذي تعقد عليه الآمال وتشد اليه الرحال.
اذ لا يخفى على احد ان هناك صعوبات عديدة لاسترداد هذه الكفاءات سواء كان ذلك على صعيد عربي او على صعيد الاقطار المتواجدة فيها فعلا.ولعل اولاها عربيا على سبيل المثال لا الحصر ان هذا التوجه على ما يبدو كان لزوم الاحتفاء الارتجالي بالمناسبة،وانه لم يلق الصدى المرجو له،ومر على وسائل الاعلام العربي مرور الكرام،شأنه شأن كثير من الشؤون العربية.
وبالرغم من كل ذلك فثمة التزامات كثيرة يفترض ان تسبق مثل هذا التوجه الذي ابدته الجامعة العربية يتصدرها التزام تفعيل سياسة عربية تهدف الى الحد من استمرارية هجرة الكفاءات العربية الى الخارج.
وهذا الكم السنوي من الخريجين الذين يؤثرون البقاء بعيدا عن اوطانهم الأمر الذي كانت محصلته افراغ المنطقة العربية منهم وحرمان الجماهير العربية من جني ثمرات ابداعات ابنائها الذين انفقت عليها ما فوقها وما تحتها من مدخراتها،وكانت النتيجة هدرا اقتصاديا لمقدرات الوطن،وضخا مجانيا غير مبرر يصب في غير مكانه ليزيد الآخرين قوة وغنى ومناعة،واما الوطن فيظل على حاله متسربلا عباءة الجمود والتقوقع.
وغني عن القول ان الكفاءات العربية المهاجرة قد حققت على مدى عشرات السنين الماضية انجازات مدهشة لغير الامة العربية التي هي بحاجة الى كل واحدة منها ، في حين ان الأمة العربية ما زالت تعاني تخلفا علميا وتقنيا.
ذلك لأن مناهجها وبرامجها واساليبها التعليمية على كل المستويات لم تستطع ان تحدث الثورة العلمية والانطلاقة المرجوة التي داعبت وما زالت مخيلات الكتاب والمفكرين والمثقفين القوميين المتعاطفين مع قضايا وطنهم وامتهم التي ما زالت غارقة في لجج ثقافات الاستهلاك والتلقي من الآخرين واعتماد عندياتهم مرجعية اولى واخيرة،وكونها ما زالت اسيرة عقدة الاجنبي في كثير من شؤونها الحياتية والفكرية والثقافية والابداعية.
وهنا لا بد لنا ان نشير ايضا الى فشل التعليم في الوطن العربي في احداث التغييرات المفترض ان يحدثها في السلوكات والنفسيات،فظلت الثقة بالذات عرضة للاهتزاز والتزعزع وفي احيان كان ينظر اليها نظرة دونية وفي احيان اخرى كانت مفقودة.
ونحن هنا نود ان نشير الى ملاحظات قد تسهم في ما لو ان حلولا اوجدت لها - في تغيير الواقع العلمي والتعليمي التعلمي برمته،وتتصدرها حقيقة ان التعليم في غالبية اقطار الوطن العربي ما زال محكوما لمناهج واساليب تقليدية تعتمد التلقين وحشو المعلومات من ناحية ، وتغليب الكم على النوع من ناحية اخرى.
وهذا ينطبق على المؤسسات التعليمية بدءا بالمراحل الاساسية وانتهاء بالمراحل التعليمية العليا.وفي هذا الصدد نشير الى ان سياسة الكم هذه لم تستطع حتى ان تحدث تغييرا ملموسا في عدد المتعلمين،وظلت الأمية احدى اخطر المشكلات وبخاصة في قطاع الأناث.
وثمة عوامل أخرى على جانب كبير من الأهمية تتعلق بما تخصصه الأنظمة العربية من ميزانيات للبحث العلمي وتطويره ، أسوة بالبلدان المتقدمة.ان هذه الميزانيات متدنية الى درجة مذهلة،في حين ان ما يصرف على المكياج والتدخين والعطور ومستهلكات اخرى يفوق حد الخيال.
وثمة ملاحظة اخرى الى جانب ما يصرف على البحث العلمي في الوطن العربي الأمر الذي ظل معه شبه مشلول في هذا الصدد ومعتمدا على غيره،وهذا بالتالي يعود الى انعدام سياسة خاصة في البحث العلمي لها كوادرها ومؤسساتها وميزانياتها وآليات تفريغ ووسائل تكريم حقيقي للباحثين والمبدع،وبالتالي قلة المؤسسات التي يمكن ان تتبنى هذه الابداعات بهدف تطبيقها والاستفادة منها.
وثمة ملاحظة قد تكون هنا الأخيرة لكنها لن تكون آخر الملاحظات لضيق المجال وهي تخص مباشرة الكفاءات العربية التي لا تلقى في اوطانها ما تلقاه لدى الآخرين من وسائل حياتية مرفهة وحوافز وتكريم واهتمام واحلال في المكان المناسب الأمر الذي يجعلها تفكر على الدوام في الهجرة، والألم يعتصر مشاعرها واحاسيسها، وترك اوطانها للعمل في بيئات تلبي متطلبات قدراتها وطموحاتها واستعداداتها،او انها لا تفكر في العودة عند استكمال الدراسة.
انه لا يعقل ان يكون لدى الأمة العربية هذا الرصيد الهائل من الكفاءات والخبرات العلمية المتطورة وهي ترزح تحت نير التخلف العلمي والتقني في كثير من قطاعات حياتها وتعيش عالة على الآخرين الذين تشكل انجازات الكفاءات العربية المهاجرة مساحة مرموقة من حضارتهم الزاهرة.
والسؤال الذي يطرح نفسه:لو ان هذه الانجازات تحققت تحت ظلال الوطن العربي ولصالح المواطن العربي،فماذا يمكن ان تكون النتائج سوى رسم صورة اخرى مشرقة للوطن يزهو من خلالها بسيادته واستقلاله وتحرره ورفعة شأنه.
واما المواطن فليس ما يمكن ان يجنيه اقل من قفزة نوعية تترجم الى تجسيد ما يصبو اليه من حريات عامة وديمقراطية وتكريس لمنظومة حقوقه الانسانية،وقبل كل هذا وذاك الى مستوى لائق من الحياة الكريمة والرفاه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.