"الأحرار" يكتسح انتخابات فاس الجزئية ويعزز فريقه البرلماني بمقعد جديد    نائبة المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة : المغرب رائد في مجال البحث الزراعي    شراكة مغربية أوروبية.. إعلان عن إطلاق طلب مشاريع لتشجيع الزراعات الإيكولوجية    وزير فلسطيني: المغرب الأكثر اهتماما وعناية بشؤون القدس        رحيمي يفرض نفسه ويطيح ببونو من دوري أبطال آسيا    لمواجهة تدني التعلمات.. إحداث 60 ألف "ركن للقراءة" بالمدارس الابتدائية بالمغرب    ميارة يستقبل فيرا كوفاروفا نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    الجيش الإسباني يدرب الحرس المدني على "الدرونات" قرب الناظور    بطولة العرب لكرة اليد.. الجزائر تنسحب أمام المغرب بسبب خريطة المملكة    الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    الأمثال العامية بتطوان... (580)    أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي يكثف هجماته في مختلف أنحاء القطاع    الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن "تمجيد الإرهاب" إثر بيان حول حماس    منتخب الهوند الجزائري ما جاش لدونور يلعب مع المغرب بسبب خريطة المملكة وخوفو من الكابرانات    الأديب عبد الرفيع جواهري ضيفا على برنامج "مدارات"    خريطة المغرب تزعج الجزائر بالبيضاء    آيت الطالب: الحوار الاجتماعي في القطاع الصحي حقق العديد من مطالب النقابات    بطولة إنجلترا لكرة القدم.. المدرب الإسباني أوناي إيمري يجدد عقده مع أستون فيلا حتى 2027    وزير الخارجية الإسباني يؤكد افتتاح الجمارك بباب سبتة    تفتيش شابة على متن حافلة ببني ملال يسفر عن مفاجأة    تداولات البورصة تغلق على "أداء سلبي"    وزير خارجية سيراليون : العلاقات مع المغرب بلغت "مستوى غير مسبوق"    عاجل. حكم قاصح بزاف. الاستيناف طلع العقوبة الحبسية للطاوجني ل4 سنين بسباب شكاية دارها بيه وزير العدل    وهبي لوزيرة العدل ديال الساو تومي فاجتماع دولي: تكلمي السيدة الوزيرة أنت كإمراة عندك الحق تتكلمي عشرين مرة    فرنسا معولة على مخابرات المغرب فتأمين أولمبياد باريس وها شنو گال جيرالد دارمانان    التعليم رجع كيغلي فوق صفيح ساخن. ملف الأساتذة الموقفين غادي بالقطاع لأزمة جديدة وسط رفض نقابي لتوقيع عقوبات ضدهم    وزارة إسبانية: "سيام" من أكثر المعارض الفلاحية الواعرة فشمال إفريقيا    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    آيت طالب: أمراض القلب والسكري والسرطان والجهاز التنفسي مزال كتشكل خطر فالمغرب..85 في المائة من الوفيات بسبابها    جائزتها 25 مليون.. "ديزي دروس" و"طوطو" يترأسان لجنة تحكيم مسابقة في فن "الراب"    ضمن جولة إقليمية.. حموشي يقود وفدا أمنيا مغربيا إلى الدوحة ويتباحث مع مدير "أمن الدولة"    الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية في مستشفيات غزة    مديرية الضرائب تعلن عن آخر أجل لإيداع الدخول المهنية    خارطة طريق فلاحية جديدة بين المغرب وفرنسا    الأقمصة الرياضية التي أرعبت السلطات الجزائرية!    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    وزير الزراعة والأمن الغذائي بنيجيريا: "نرغب في تعميق علاقات التعاون مع المغرب في المجال الفلاحي"    أمل تيزنيت يستنكر الأخطاء التحكيمية التي ارتكبت في مباراته أمام جمعية المنصورية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    حرائق الغابات تجتاح عددا من مقاطعات كندا    بكين تنفي "كل المزاعم بتجسس صيني"    أكادير.. الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ من 25 إلى 28 أبريل الجاري    الموت يفجع زوج دنيا بطمة السابق    الذهب ينخفض لأدنى مستوى في أكثر من أسبوعين مع انحسار مخاوف الشرق الأوسط    بنموسى: الأزمة التي عاشتها المنظومة التعليمية شكّلت لنا فرصة للإصلاح    بعد أزمة نهضة بركان.. الاتحاد الدولي للمصارعة يعتمد خريطة المملكة في أقمصة المنتخب    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و183 شهيدا منذ بدء الحرب    فرنسي يبصق على مؤثرة مغربية محجبة قرب برج إيفل (فيديو)    سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف        الأمثال العامية بتطوان... (579)    وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    السعودية تعلن شروط أداء مناسك الحج لهذا العام    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جماعة العدل والإحسان : هل الشيخ هو الجماعة ، والجماعة هي الشيخ ؟
نشر في السند يوم 30 - 08 - 2010


خلافة الشيخ ياسين قضية عقدية وليست تنظيمية .
تتداول وسائل الإعلام مسألة الخلافة داخل جماعة العدل والإحسان كما لو أنها قضية تنظيمية تحسمها موازين القوى لصالح هذا التيار الذي يصفه عدد من الباحثين بالمحافظ أو لذاك الذي يوصف بالمنفتح . وتأسيسا على هذا التمييز الذي يقيمه الباحثون إياهم ، تنسج وسائل الإعلام عددا من السيناريوهات التي ستشهدها الجماعة عند اختيار خليفة للشيخ ياسين إذا ما وافته المنية . وهذه السيناريوهات مقتبسة من تلك التي تعرفها الأحزاب السياسية ويتم سحبها على الجماعة رغم الفارق الجوهري بين الجماعة وباقي الهيئات السياسية أو المدنية حيث تنشط التيارات وتتنازع الإرادات وتتصارع الأهواء والتوجهات . فالجماعة خلو من هذه "الأمراض" التي تنخر الأحزاب والجمعيات .
وما يجعل الجماعة معافاة هو كونها تتأسس على روابط روحية ومبادئ عقدية أقوى من أن تضعف أو تنهار أمام هوى النفوس وإغراءات الكراسي والناصب . فالشيخ ياسين ليس مجرد قائدا للتنظيم وزعيمه تخضع علاقته مع أعضاء الجماعة للبنود التنظيمية أو النصوص القانونية . بل علاقته بأتباعه خلاف ذلك مما يجعلها أكثر متانة وصدقا .
ولمعرفة درجة تأثير الشيخ ياسين على مريديه وأتباعه أعضاء الجماعة ينبغي استحضار طبيعة العلاقة التي تربط الشيخ بهؤلاء الأتباع . إن جوهر هذه العلاقة هو التقديس والتبجيل اللذين يحظى بهما الشيخ من حيث كونه ، في المعتقد الصوفي ، وليا من أولياء الله الصالحين وقنطرة يمر عبرها أتباعه الطيعون إلى جنات النعيم . ذلك أن الشيخ ياسين خصص لعلاقته بالأتباع ومكانة كل شيخ "واصل" في نفوس مريديه ، خصص كتابا من جزأين تحت عنوان "الإحسان" .
وفيه يؤسس لما ينبغي أن تكون عليه علاقة المريدين بالشيخ الذي يقوم بدور المنقذ و"الماشطة" التي تُجمّل العروس ليلة عرسها ،فكذلك الشيخ يهيئ المريد للقاء الله . فالشيخ يحذر أتباعه أن من لا شيخ له فالشيطان شيخه . ومن ثم لا يجوز أبدا مخالفة الشيخ أو التشكيك فيه أو انتقاده . بل من شروط الصحبة التصديق التام بما يقوله الشيخ وإسلاس القياد له دون جدال أو تردد . من هنا فإن الشيخ ياسين بات عند أتباعه في مرتبة الأنبياء والرسل إن لم يكن أعلى وأفضل . فهم يتبركون بأثر نعله على التراب وبقايا طعامه والسجاد الذي يجلس عليه ويضفون عليه كرامات لم تكن للأنبياء عليهم الصلاة والسلام كأن يوجد في أماكن متعددة في وقت واحد ويجالس أتباعه في مجالس الذكر دون أن يروه ، ويخترق الجدران الإسمنتي دون أن تدركه أبصار الشرطة التي كانت تحاصره في بيته ، ويجالس الرسول محمد (ص) ويطوف رفقته الأكوان ، ويعلم ما في اللوح المحفوظ ، ويرى الأرواح في البرزخ وغيرها من الكرامات .
كل هذه العقائد التي تشربها الأتباع وآمنوا بها جعلتهم يفكرون كما يفكر الشيخ ياسين ويرددون أقواله كما لو أنها وحي من السماء . أما من الناحية التنظيمية ، فالشيخ وحده من وضع البناء التنظيمي للجماعة وحدد هياكله بالأسماء والأدوار ، وما على الأتباع سوى ملء هذه الهياكل بما يرضي الشيخ . وفي حالة ما إذا تم انتخاب شخص ولو بالإجماع لتولي المسئولية التنظيمية ، سواء محليا أو إقليميا أو مركزيا ، ومن لم يرض عنه الشيخ ، يُزاح ويُنتخب غيره .
من هنا يمكن القول بأن الشيخ ياسين هو المصمم الوحيد لمواقف الجماعة وأسسها العقائدية والتنظيمية . فالشيخ هو الجماعة ، والجماعة هي الشيخ . وجميع الأعضاء يتماهون بشيخهم ويفكرون من داخل الأطر الفكرية والإيديولوجية والعقائدية والتربوية التي صاغها الشيخ . لهذا لا أحد يستطيع أن يتكهن بمن سيكون وارثا لسر الشيخ ياسين بعد وفاته.
فهذا الأمر يبقى من اختصاص الشيخ ياسين الذي لم يوص بعد ، أو على الأقل يعطي إشارات أو يحدد أمارات وارث سره . لكن الثابت أن خليفة الشيخ سيكون الشخص الأكثر وفاء لمنهج الشيخ ومحبة لديه . وما يعقد مهمة التعرف على الخليفة أن الشيخ ياسين ليس له ولد ذكر يلازمه الصحبة حتى يؤهله لتولى قيادة الجماعة . أما بنته ندية فلن تكون خليفة أبيها مادامت عقائد الجماعة تنفي الولاية عن المرأة ولا تجيزها . ولا شك أن للشيخ ياسين اعتبارات خاصة تمنعه من التلميح لمن سيكون خليفة له .
إذ كل تلميح إلى شخص بعينه سيضفي عليه من القداسة ما يجعله ندا للشيخ المؤسس وشريكا له في تملك قلوب الأتباع . وهذا لن يرضاه الشيخ ياسين الذي يتفرد بالهيمنة على عقول الأتباع وقلوبهم . وحادث انشقاق البشيري عن الشيخ ياسين بعد الخلاف بينهما ، أعطى درسا للشيخ ونبهه إلى خطورة استئثار شخص ثاني إلى جانب المرشد بسلطة التأثير على عقول الأتباع ومشاعرهم . لهذا فالخلافة داخل الجماعة مرهونة بانتقال السر الإلهي من الشيخ إلى الوارث . وهذه العملية لا تتدخل فيها القوانين الداخلية ولا إرادات الأعضاء ورغباتهم .
إذ بمقتضى العقائد الصوفية ، أن الله يضع سره في أضعف خلقه . وسبق للشيخ أن عالج إشكال الخلافة داخل الجماعة بتركيزه على الشروط الواجب توفرها في من يكون أهلا لها بقوله ( المشكل تربوي نوراني نوعي قلبي ..
المشكل أساسا هو كيف تجتمع في القيادة الربانيةُ والكفاءة الجهادية الحركية ) . لهذا فإن خليفة الشيخ لا ينبغي أن يكون مجرد شخص يخلف شيخه في إدارة شؤون الجماعة والحفاظ على تقاليدها ، وإنما السعي إلى تحقيق الأهداف التي تأسست من أجلها الجماعة وهي تغيير دولة السلطان وإقامة "دولة القرآن ودولة العدل والإحسان" . الأمر الذي يجعل المراهنة على تغيير القيادة لتغيير مواقف الجماعة مراهنة خاسرة .
أكيد أن عبد السلام ياسين أسس جماعة العدل والإحسان ووضع أهم أسسها التربوية والتنظيمية، ألا يمكن أن تؤثر "كاريزما" الشيخ على طبيعة اشتغال الجماعة ومواقف أعضائها، وإلى أي حد يمكن للجماعة السير على منهجه، خاصة بعد تدهور صحته؟
بالتأكيد أن مواقف الأعضاء هي ترجمة لمواقف الشيخ . فهم يجيزون لأنفسهم مخالفة الشيخ أو تجاوز مواقفه . إنهم مجرد صدى الشيخ الذي يتمثلون أفكاره وعقائده في سرهم وعلانيتهم . وبسبب هذا يظل الشيخ المُنظّر الوحيد للجماعة ، أما باقي الأعضاء فهم مجرد شراح لأقوال الشيخ .
إنهم ارتضوا عن عقيدة أن يمارس الشيخ وصايته المطلقة على عقولهم ويفكر نيابة عنهم بعد أن عطّلوا ملكة التفكير وأعطوا لعقولهم عطلة طويلة الأمد . إن هذه الوضعية (= وضعية العطالة الفكرية ) وعلاقة التقديس التي تربط الأعضاء بالشيخ ، تجعل من المستحيل انفراط عقد الجماعة أو انشقاقها ، على المدى المتوسط ، بعد وفاة الشيخ ياسين . ذلك أن الخروج على منهج الشيخ هو ضلال وإتباع للشيطان .
ولا أحد من الجماعة يرضى لنفسه الهلاك . فالتقديس الذي يكنه الأتباع للشيخ ينتقل بالضرورة لمن سيرث "سر" الشيخ ويخلفه . ذلك أن خلافة الشيخ على قيادة الجماعة لا تنحصر في الجانب التنظيمي ،بل هي بالأساس خلافة عقائدية . فالأتباع لا يقدسون الشيخ لذاته الآدمية ، بل لجوهرها النوراني الذي هو ثمر السر الإلهي الذي وضعه الله في الشيخ ورفعه إلى مقام الإحسان . وحيثما انتقل السر الإلهي من الشيخ إلى الوارث وجب الخضوع والتقديس لحامل السر ووارثه .
بعد مرض الشيخ وكبر عمره طرح بإلحاح مشكل الخلافة، ما هي الوجوه التي تراها جديرة بملء موضع الأريكة الإحسانية والعدل السياسي؟
بالتأكيد لا أحد يستطيع أن يتكهن بمن سيكون وارثا لسر الشيخ ياسين . فهذا الأمر يبقى من اختصاص الشيخ ياسين الذي لم يوص بعد ، أو على الأقل يعطي إشارات أو يحدد أمارات وارث سره . لكن الثابت أن خليفة الشيخ سيكون الشخص الأكثر وفاء وإخلاصا لمنهج الشيخ . وما يعقد مهمة التعرف على الخليفة أن الشيخ ياسين ليس له ولد ذكر يلازمه في الصحبة حتى يؤهله لتولى قيادة الجماعة . أما بنته ندية فلن تكون خليفة أبيها مادامت عقائد الجماعة تنفي الولاية عن المرأة ولا تجيزها .
ولا شك أن للشيخ ياسين اعتبارات خاصة تمنعه من التلميح لمن سيكون خليفة له . إذ كل تلميح إلى شخص بعينه سيضفي عليه من القداسة ما يجعله ندا للشيخ المؤسس وشريكا له في تملك قلوب الأتباع . وهذا لن يرضاه الشيخ ياسين الذي يتفرد بالهيمنة على عقول الأتباع وقلوبهم . وحادث انشقاق البشيري عن الشيخ ياسين بعد الخلاف بينهما ، أعطى درسا للشيخ ونبهه إلى خطورة استئثار شخص ثاني إلى جانب المرشد بسلطة التأثير على عقول الأتباع ومشاعرهم .
ما الثابت والمتحول في مسار اشتغال جماعة العدل والإحسان بعد مرحلة عبد السلام ياسين ؟
سيظل فكر الشيخ ومواقفه من النظام والدولة الثوابت الرئيسية التي تحكم الجماعة وتوجه اختياراتها ، بعد رحيل المرشد ، على المدى القريب والمتوسط على الأقل . ذلك أن الجماعة ستظل تعادي النظام الملكي وتسعى لتغييره وإقامة نظام بديل تحت مسمى " الخلافة الثانية على منهاج النبوة" . أي أن الجماعة لن ترى في النظام الملكي غير نظام "العض والجبر" ، وتتطلع إلى النظام البديل . فالجماعة لا تعارض النظام لأسباب سياسية تتعلق بطريقة تدبيره لشؤون البلاد ، بل تعارضه لأسباب عقائدية .
لهذا ستظل الجماعة تقاطع الانتخابات ولن تشارك فيها ، على اعتبار أن المشاركة في الانتخابات هي تجميل للنظام وتزيين واجهته الخارجية . فالجماعة تصر على معاداة النظام وعدم مصالحته . وتعتبر أن مصالحة النظام هي ترميم لصدعه وتمديد في عمره . طبقا لهذا التصور ، لن تتقدم الجماعة بطلب الترخيص لتأسيس حزب سياسي ، كما لن تقبل بالاندماج في حزب قائم . فضلا عن هذا فالجماعة لن تقبل بالاندماج في المؤسسات الدستورية والمشاركة في تدبير الشأن العام .
كما أنها لن تقبل بممارسة المعارضة من داخل مؤسسات الدولة . لذا ستظل ثوابت الجماعة تحت قيادة الشيخ ياسين هي نفسها الثوابت بعد موته ، على الأقل في المدى المتوسط . أما ما قد يندرج ضمن المتحول في مسار الجماعة ، فهو كل ما يثبت الجماعة على موقف معارضة النظام الملكي ومناهضته . وفي هذا الإطار تدخل طبيعة التحالفات الممكنة بين الجماعة وغيرها من القوى السياسية التي تتقاطع مع الجماعة في أهداف مرحلية ، ومنها ممارسة مزيد من الضغط على النظام لإقرار إصلاحات سياسية ودستورية يمكن للجماعة استغلالها في تقوية موقفها وتوسيع قاعدتها . إذن فالأمر يتعلق بتكتيكات الجماعة التي ستنهجها تبعا لما تمليه إكراهات كل مرحلة وإشراطاتها .
تذهب بعض التحليلات السياسية إلى إمكانية حدوث انشقاقات داخل الجماعة نتيجة التباين بين رؤىجيل الشباب وجيل الشيوخ أو تدخل جهات أجنبية داخلية وخارجية، ألا تتخوفون من هذا الأمر؟
إن البناء العقائدي والتنظيمي لا يسمح ببروز التقاطبات داخل الجماعة . فجميع الأعضاء على عقيدة واحدة وهدف مركزي واحد ، ألا وهو إقامة "الخلافة الثانية على منهاج النبوة" بعد إسقاط نظام العض والجبر ودك أركان دولة السلطان لبناء دولة القرآن . مع احترامي لكل القراءات ، فإن التعامل مع الجماعة من منظور حزبي يحجب حقائق جوهرية وينتهي إلى سحب تجارب سابقة ، مع وجود الفارق ، على الجماعة . إن تربية الأتباع على معاداة النظام الملكي عقائديا ستعقد مهمة التدخل في الجماعة وتحكم على أي محاولة بالفشل الذريع .
خلال خلافة الشيخ ياسين تميزت علاقة الدولة والجماعة بالتشنج والتوتر، ألا يؤثر غياب المرشد في تغيير اتجاه البوصلة لموقف أكثر مرونة يتناسب مع تحولات المغرب؟
في الواقع لم تعرف علاقة الدولة بالجماعة توترا حادا ، بل ظلت العلاقة قائمة تمتيع الجماعة بقدر من الحرية في الحركة والاستقطاب والنشر والتوسع التنظيمي ما لم تتمتع به أي هيئة أخرى . وسبق لأحد قيادي الجماعة أن أقر بأن الجماعة لم تعرف سنوات الجمر والرصاص التي عانت منها الأحزاب اليسارية . لقد ساهمت الدولة ، بشكل أو بآخر ، بتوفير أسباب الدعاية والإشعاع لفائدة الجماعة . إذ كانت للدولة حساباتها لخلق توازنات أثبت الواقع فشلها . فحبل التواصل لم ينقطع بين الجماعة والدولة .
باستثناء عناصر الجماعة المتورطين في قتل الطلبة ، لم تصدر أحكام مشددة ضد أعضاء الجماعة ، مما يعني أن الدولة تحافظ على حبل التواصل وشعرة معاوية مع الجماعة . بل إن القضاء حكم بالبراءة لصالح أعضاء الجماعة في كثير من الملفات . وكان من المفروض في الدولة ، إن هي فعلا تريد التشديد على الجماعة أو اجتثاثها ، أن تحاكم قيادة الجماعة بتهم شتى تمس الثوابت والمقدسات . فالشيخ ياسين يكفر الملك صراحة ويرفض الإقرار بإمارة المؤمنين .
فضلا عن المجاهرة بالتحريض ضد الملكية . فالدولة تبدي ما أمكن من المرونة تجاه الجماعة وتتحاشى الدخول معها في مواجهة مباشرة . وما يحدث ، بين الحين والآخر ، من احتكاك بين الطرفين يكون ناتجا عما تتعمده الجماعة من استفزاز ضد الدولة . بالتأكيد متى تغير الجماعة من أسلوب الاستفزاز أو تجنح إلى المعارضة الديمقراطية ، فإن أسباب التوتر ستزول بالضرورة . لكن عقائد الجماعة لا تسمح باختيار هذا النهج الديمقراطي . لهذا لا أتوقع أن تختار الجماعة ، بعد رحيل الشيخ ياسين ، مواقف مرنة تجاه الدولة والنظام .
اشتهر سعيد لكحل بمهاجمته لجماعة العدل والإحسان، هل الدافع اديولوجي أو سياسي أم أنه لابد من النقد من أجل البناء؟
لا أعتقد أن كتاباتي عن الجماعة هي من صنف المهاجمة ، بقدر ما هي نقد وتحليل وتفكيك لخطاب الجماعة ومشروعها السياسي . وهذا حق لجميع المواطنين . فالجماعة تحمل مشروعا وتسعى لتطبيقه على كل المغاربة . الأمر الذي يفرض علي كمواطن أن أناقش أصحاب المشروع وانتقدهم وأبين سلبياته ومخاطره على المجتمع والدولة والحريات . وهذا ما أقوم به منذ 1995 ، وخاصة مع صدور كتاب للشيخ تحت عنوان "حوار مع الفضلاء الديمقراطيين" .
واعتبرت هذا الكتاب دعوة مباشرة للانخراط في الحوار ، فاستجبت للدعوة . طبعا من يطلب الحوار عليه أن يقبل بالنقد والاختلاف .
ألا تلاحظ، أستاذ سعيد أن انتقاداتك الحادة ربما لها علاقة بجهل اشتغال الجماعة كمكون ديني صوفي يفرض تلق المريدين بالشيخ؟
من يرجع إلى كتبي ومقالاتي عن الشيخ ياسين سيجد تركيزي على الأسس الفكرية والعقدية التي أسس عليها الشيخ ياسين جماعته . إن طبيعة العلاقة التي تربط الشيخ بأعضاء جماعته والقداسة التي يضفونها عليه تجعلهم يرفضون كل تعامل مع الشيخ لا يبجله أو يقدسه . من هنا لا يمكن الفصل أو التمييز بين الجماعة وبين المرشد ،فالشيخ هو الجماعة ولا وجود للجماعة خارج الشيخ . وهذه العلاقة التقديسية تجعل أعضاء الجماعة يقرؤون كتابات الشيخ بقلوبهم وليس بعقولهم ، أي يقرؤونها كما لو أنها وحيا موحى به من الله تعالى إلى الشيخ ياسين ، لا يقبل الأخذ والرد .
فالشيخ أسس الجماعة على عقائد التصوف وعقائد التشيع معا ، مما يضفي عليه قداسة أعظم ويمكّنه من تجسيد شخصية المهدي المنتظر الذي سيقيم دولة القرآن أو مملكة الله على الأرض . ومهدوية الشيخ واضحة في كتبه ، وقد سبق له أن صرح بها في كتاب "العدل" حيث أعلن أنه مبعوث من الله لإقامة دولة الخلافة ، وأن الله وعده بالنصر .
فهل ينكر أتباعه أنه يجالس الرسول (ص) وأنه يعلم ما في اللوح المحفوظ ، ويرى الأرواح في البرزخ ، وأنه مأمور بتوحيد الأمة في دولة الخلافة ؟ لا يجرؤ أحد من أتباعه على النكران. بل الأحلام والرؤى التي يرويها أتبعه تحت مسمى "المبشرات" تكرس كاريزمية الشيخ وقدسيته وأنه الإنسان "الكامل" .
يتهمك بعض المتعاطفين من الجماعة بأن معلوماتك غير صحيحة بخصوص الجماعة بل تستقى من جهات أمنية أو غير ذلك، كيف تردون على هذا القول؟
كان على من يتهمني أن يخوض معي جولات من الحوار حول ما يكتبه الشيخ وما يزعمه ، لا يلقوا بالتهم جزافا . كل معلوماتي هي مدونة في كتب الشيخ بخط يده . إن مصدري الوحيد هو كتابات الشيخ نفسه . شخصيا لا أستقي معلوماتي من خارج المصادر الرسمية للجماعة .
كما أني لا أركز على الجوانب التنظيمية للجماعة إلا بما له ارتباط بالجوانب العقدية . فكل ما كتبته عن الجماعة يثبه الواقع ، مما يدل على أن قراءتي للجماعة ليست مجانبة للصواب ولا تطغى عليها الذاتية . فهل يمكن للجماعة أن تعلن مبايعتها للملك أو قبولها بإمارة المؤمنين أو انخراطها في العملية السياسية عبر البوابة الدستورية أو موافقتها المشاركة في الحكومة أو الدخول إلى البرلمان أو ممارسة المعارضة الديمقراطية ؟؟ أجزم بأنها لن تفعل . فالجماعة تريد من يمدحها لا من ينتقدها .
هاجمتم الجماعة بعد رؤيا 2006، رغم نفي كثير من قياديي الجماعة لوجودها، كيف تقرأون الأفق السياسي والتربوي للجماعة بعد عدم تحقق الريا؟
أولا رؤيا 2006 ذكرها قياديون وبشروا بها وزكاها الشيخ ياسين نفه في لقاء له مع أتباعه ، وقد كتبت عن هذا وأوردت كلمات الشيخ حرفيا . إذن لا مجال لإنكار الرؤيا . أما ما يتعلق بتأثير عدم تحقق الرؤيا على الجماعة فهو جد محدود إن لم يكن منعدما . والسبب يرجع إلى يقين الأعضاء المطلق في المرشد وطاعتهم العمياء له . لكن الدرس الذي من المفروض أن تكون قد استخلصته الجماعة من عدم تحقق رؤيا 2006 هو تجنب التبشير برؤى جديدة حتى لا تصدم أتباعها بسلسلة الخيبات .
قدم عبد السلام ياسين مجموعة من المؤشرات تدل على عمله السلمي في التغيير لماذا الخوف من ياسين من لدن اليسار وبعض المقربين من صناعة القرار بالمغرب؟
قد يبدو أن عمل الجماعة سلمي ولا يروم اللجوء إلى العنف . لكن من يستحضر الهدف الرئيسي للجماعة والأساليب الموضوعة لتحقيقه سيدرك أن الجماعة حركة انقلابية تسير على نفس الخطى التي اتبعها الخميني حتى الانقلاب على الشاه في إيران . فالشيخ ياسين حدد لجماعته هدفها المركزي وهو إسقاط النظام الملكي وإقامة نظام بديل . لهذا السبب يرفض مصالحة النظام أو مبايعة الملك ، كما يرفض المشاركة في تدبير الشأن العام . فالشيخ يقبل بالانتخابات إذا وجد دستور يضمن له حق تغيير النظام وإسقاط الملكية .
أما ماعدا هذا فلا مجال للمشاركة . وتبقى أمام الجماعة وسيلتان للانقلاب على العرش : إما ثورة شعبية على الشكل الذي نهجه الخميني ، وإما ثورة مسلحة عبر حمل السلاح . وهذان الخياران تتمسك بهما الجماعة . إذن فالعنف لدى الجماعة عقيدة من عقائدها التي تأسست عليها . فقد مارست الجماعة القتل في حق الطلبة اليساريين ، كما مارست العنف في الجامعات ولا زالت تمارسه .
وأخطر ما يُعده الشيخ لليساريين أنه سيطردهم من الوظائف العمومية كخطوة أولى عند قيام دولته ، ثم تقطيع أيديهم وأرجلهم وسمل عيونهم وتعطيشهم حتى الوفاة عندما تثبت أركان دولته . وهذا معلن في كتاب الشيخ "العدل" . بل إن الشيخ يقرر مسبقا أنه لن يقبل توبة اليساريين ولا العفو عنهم . أليس هذا مدعاة إلى الخوف مما يقوله الشيخ ياسين ويُعدّه لخصومه انتقاما منهم وعقابا لهم ؟ أليس النظام الملكي أرحم من نظام ياسين ؟
سؤال أخير وطريف، إن أريد منكم تقديم وصفة لاشتغال جماعة العدل والإحسان فما هي معالم هذه الفتوى السياسية؟
إن المجال الأسلم والأنسب للجماعة الاشتغال فيه هو النضال السياسي والديمقراطي .وهذا لن يتم إلا عبر تأسيس حزب أو الاندماج في حزب قائم . عدا هذا فإن الجماعة ستظل تعطل طاقات أعضائها وتعدهم بقرب موعد الزحف على السلطة في ظروف انعدمت فيها أسباب الثورة . لهذا على الجماعة أن تقبل بالمنافسة السياسية وبالنضال الديمقراطي كخيار إستراتيجي يحافظ على وحدة الشعب واستقرار الوطن . لكن هذا لن تقبل به الجماعة طالما ظلت على نهجها الانقلابي .
------------------------------------------------------------------
التعاليق
1 - الكاتب : (زائر) || إستعراض الموضوع
--------------------------------------------------------------------------------
إن ااصفة ااتي وضعت فيه ااشيخ ياسين وااتقديس اادي أعطيته لشخصه فأنت لاتعرفه وهو تلميد ااحاج ااعباس اادي آغترف على يديه ااعلوم ااباطنة لان علوم ااشرع كان ملما بها وكان أستاده ااعباس مؤهلا للتلقين
وخدم اازاوية وشيخهاومريديها وآشتغل بلالاه إلا الله حسا ومعنى وآنتقل شيخه إلى دار اابقاء
وللتاريخ إن عبد ااسلام هو من ااممضين على ااوصية اامصادق عليها في جماعة ااسعيدية ااشئ اادي تنفيه اازاوية خوفا من اامخزن وعاهد ااشيخ ااحالي وكان له سند ونعم ااتلميد وهو اادي أعطى سيارته ااتي كان يملكها للشيخ فياط 131 سوداء اللون
وعندما درس أفقير وهو وزير ااداخلية أن أعضاء هاته اازاوية بدأت شوكتهم تغلض وتتقوى إيمانيا بدأ هو وخلفه اابصري إدخال بعض الاشخاص ليلعبو دورا في إخراج اازاوية عن مسارها ااجاد ودخل أصحاب اامال ليغدقوا عليها اامال هناك شعر عبد ااسلام أن اافرق شاسع بين شيخ الامس وشيخ ااحاضر فحاول ااتنبيه لكن دون أي يحيد ااطرف الآخر عن تغيير اامسار
وضن ااشيخ ااحالي أنه سيب منه اابساط وعندما رأى أن الامور خرجت من ااصلاح وأن ااطابور ااخامس للدولة له يد كانت ردته في ااتمرد على ااسلطان إنتقاما ممن خربوا أمله في أن تكون هاته اازاوية مدرسة لاصلاح الامة مع الاجماع وصدق ااطلب
وخرج بكتابه ااشهير ااطوفان وما زال الاشخاص اللدين كانو وراء إنسحابه من اامسؤولين ااكبار وصلوا لمبتغاهم وهم معروفن عند ااعام وااخاص وكان على اادولة عدم ااتدخل في سيروة اازاوية لانها كانت تعلم أنه لاخوف لدار اامخزن من اازاوية ومسارها وتتحمل اامسؤولية في ماوقع
2 - الكاتب : الكاتب
هذه المقولة تنطبق على كل كل الجماعات الدينية الاثنية وعبد السلام ياسين واحد منهم بما انه كثيرا ما تغنى بامازيغيته المقيته . الزاوية البودشيشية اصبحت للهرطقة ولنفود المال والواسطة دولة في دولة اما طموح ياسين فكان ابعد من الصحبة والتربية والصوفية خاصة وانه رضع من البان حسن البنا وكشف عن هذه الهوية عندما اقترح على الشيخ العباس رحمه الله ان تخرج الزاوية للناس في الشارح لنشر العدوة بدأ من المقاهي لأخذ الناس باللين ومن استعصى امره يضرب على ظهره بجريد النخل كما فعل حسن البنا لكن الشيخ العباس رفض ذلك لأنها كانت ستكون الفتنة الذي سعى ياسشين لأيقاضها وهو القائل الاسلام أو الطوفان أي نحن أو الفوضى والفتنة.
طبعا الجماعة سوف لن يبق لها ذلك الزخم وذلك التبجيل الذي غرسه ياسين في عقول اتباعه الذين غادر الكثير منهم الجمعاعة بعد خسارة رؤيا 2006 . لكن اصحاب المصالح سيظلون يهيمنون عليها بعد ياسين واليقين أن ابنته واولاده لن يظلوا في الريادة نظرا لتغير الظروف والسياسات
والله يقينا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن آمين يا رب العالمين
أما المغفلون هم وحدهم من سيبقى على عهدهم بشيخهم على ألقل في الدوام على زيارة قبره .
3 - الكاتب : --------------------------------------------
ارجوكم اريد مواقف حلم واحسان الرسول الكريم (ص )


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.