سطات: توقيف عنصر حامل للفكر المتشدد الذي يتبناه تنظيم داعش الارهابي    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية تشاد بمناسبة العيد الوطني لبلاده    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    الخطوط الملكية المغربية تعزز شبكة "رحلات بلا توقف" انطلاقا من مراكش نحو فرنسا وبلجيكا    النقابة الوطنية للصحافة تدين مقتل الصحفيين الشريف وقريقع    منصة التراسل الفوري 'واتساب' تختبر ميزة جديدة تتيح إرسال الصور المتحركة    وفاة أسطورة كرة القدم اليابانية كاماموتو عن 81 عاما    أشرف حكيمي يتمسك بطموح الفوز بالكرة الذهبية رغم انزعاج باريس سان جيرمان    كأس أمم افريقيا للمحليين (كينيا أوغندا تنزانيا 2024):        الحكومة الأسترالية: سنعترف بفلسطين    غزة.. قصف إسرائيلي يودي بحياة مراسل الجزيرة أنس الشريف وأربعة آخرين    معتقلو حراك الريف يضربون عن الطعام والماء تضامنا مع غزة والسودان    ترامب يدعو الصين إلى "شراء الصويا"    قطعة من أسطول البحرية الهندية تختتم مناورة مع "فرقاطة محمد السادس"    الجبالية الشحرية .. لغة نادرة في سلطنة عمان    الملك على دراجته المائية يتبادل التحية مع المصطافين على شاطئ كابونيكرو    فيتنام توسع قائمة الإعفاء من "الفيزا السياحية"    توقيف "شاب داعشي" بإقليم سطات    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    معتقلو حراك الريف يضربون عن الطعام والماء لمدة 48 ساعة تضامناً مع غزة والسودان    صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية: المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس نموذج إفريقي رائد في التنمية والابتكار    مقتل أربعة صحافيين من قناة الجزيرة بينهم أنس الشريف بقصف إسرائيلي قرب مستشفى الشفاء في غزة    الأرصاد تتوقع موجة حر شديدة في جنوب غرب فرنسا    حُقوقيو تيزنيت يدقّون ناقوس الخطر بشأن تعثر مشروع طريق حيويّة لسنوات بتافراوت    أشرف حكيمي: "إنه حلم أن ألعب مع المغرب خلال كأس إفريقيا للأمم"    كأس درع المجتمع: كريستال بالاس يحرز اللقب على حساب ليفربول        عامل الجديدة يترأس لقاء تواصليا بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للمهاجر    السفير المغربي بالصين: البعثات الطبية الصينية... رمز نصف قرن من الصداقة والتضامن بين المغرب والصين    من أجل استقبال أكثر من 25 مليون طن سنويًا.. توسعة جديدة لميناء الجرف الأصفر    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين        الإدارة الأمريكية "تحضر" لقمة ثلاثية بين ترامب وبوتين وزيلينسكي (نائب الرئيس الأمريكي)    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    "سان جيرمان" ينزعج من حكيمي    توقيف الناشطة لشكر بعد ارتدائها قميصاً مسيئاً للذات الإلهية    زلزال مدمر يضرب تركيا    بلال مرابط يكتب..فن التعليق على كل شيء: بين سقراط وجيل لا يهدأ        الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تطلق الدورة الرابعة من الأبواب المفتوحة لفائدة مغاربة العالم    رسمياً وابتداء من نونبر.. إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تعطي الضوء الأخضر لقطرة VIZZ لعلاج ضعف النظر    صرخة العرائش:قراءة في بلاغ الجسد المديني ومقاومة المعنى !    بعد مشاركتها في مهرجان المضيف .. دعاء يحياوي تحيي حفلها الأول بمهرجان صيف العرائش        يوليوز 2025 هو الأقل حرارة في 6 سنوات في المغرب.. لكنه "مخادع" مناخيا    مداخل المرجعية الأمازيغية لبناء مغرب جديد    بعد انهيار قاتل.. منجم نحاس في تشيلي يستأنف العمل    دراسة: الفستق مفيد لصحة الأمعاء ومستويات السكر في الدم    ارتفاع ودائع الجالية في البنوك المغربية إلى 213,2 مليار درهم    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    "رابأفريكا" ينطلق بحضور جماهيري لافت    وفاة محمد المنيع عمدة الفنانين الخليجيين    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوريا : النصيحة التركية وفن قراءة التظاهرات
نشر في السند يوم 30 - 03 - 2011


دلّت الأحداث الأخيرة في سوريا على أمرين متلازمين.
÷ الأول أن النظام السوري - وهو آخر الأنظمة تعرّضاً لموجة الانتفاضات الشعبية العاصفة بالمنطقة العربية - ليس يشكل استثناء عن سائر الأنظمة العربية المشمولة بتلك الموجة.
÷ وأما الثاني فهو أن دور سوريا الإقليمي
والدولي لا ولم يعوّض عن الحاجة الماسة إلى الإصلاح الشامل في نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
هنا أيضا لا يختلف النظام في دمشق عن سائر الأنظمة من حيث استحالة الركون بعد الآن الى «الشرعية الخارجية» تعويضاً عن الشرعية الداخلية. علماً ان سياسات «الممانعة» السورية متنوعة الاغراض والتكتيكات، وأكثر تعقيداً عما هو سائد في اقطار عربية اخرى. تشتمل تأكيداً على مقاومة الضغوط الاميركية والتعنّت الاسرائيلي، ودعم المقاومتين العربيتين في فلسطين ولبنان، والتمسك بالتحالف مع الجمهورية الاسلامية الايرانية. ولكنها تنطوي ايضاً على اللعب الأكثر تعقيداً على التوازنات، منها ارتباط دمشق بقوى الامر الواقع العربية في وجه الانتفاضات الشعبية من ليبيا الى السعودية والخليج، ونجاح الدبلوماسية السورية في ان تفرض نفسها طرفاً تعترف له القوى الاقليمية والدولية كافة، بالحاجة اليه بما هو الطرف المسؤول عن امن الجبهة الشمالية لإسرائيل.
دلّ سلوك دمشق تجاه احداث درعا الاخيرة ومضاعفاتها على ان ما من نظام عربي يتعلّم من اخطاء من سبقه. واقل ما يقال في ذلك السلوك هو التردد والضرب على الحافر والمسمار معاً. لديك النزق الامني في ردة فعل على حادثة بدأت بشعارات تلامذة على جدار مدرسة ينتهي بإيقاع ستين قتيلاً وإصابة مئات الجرحى وعشرات المعتقلين. «لا شيء فوق النقاش» تقول الوزيرة بثينة شعبان، فتكون لغة النقاش الرئيسية اطلاق الرصاص على مطالبين بالافراج عن معتقلين. تضيف بأن كل «المطالب محقة» فيما تتحدث الاجهزة الامنية ووسائل الاعلام الرسمية عن «مؤامرات» و«دسائس» ناهيك عن «الاصابع الاجنبية» نفسها، يبدو ان البعض منها الاصابع فلسطيني ولبناني. وإذ يجري التركيز على ان المؤامرة هي مؤامرة «الاخوان المسلمين» يعلن عن الافراج عن مئتين من اعضاء «الجماعة» من سجن صيدنايا فيما يجد معارضون «علمانيون» طريقهم الى الاعتقال بينهم محامون.
الى هذا، فالنظام السوري لا يختلف كثيرا عن سواه من الانظمة العربية من حيث انه تنطبق عليه الشعارات الثلاثة التي تنادي بها الجماهير العربية من المحيط الي الخليج: خبز، حرية، عمل. يتربع الرئيس بشار الاسد على رأس حكم حزب اوحد يهيمن على سوريا منذ العام 1963. لا يختلف كثيراً عن سواه من حيث كبت الحريات، ومصادرة الحياة السياسية. وقد أدى تنفيذه التدريجي للفروض النيوليبرالية الى تنامي البطالة (عشرات آلاف الشباب في سوق العمل سنوياً) وتزايد الفوارق الاجتماعية التي لم يعد يكفي معها التعليم المجاني والضمانات الصحية واجراءات دعم المواد الغذائية وسائر الخدمات الاجتماعية التي تقدّمها دولة البعث. اضف اليها كلها استشراء الفساد من قمة السلطة نزولاً.
كم كان الحاكم التركي واعياً عندما توقع رئيس الحكومة اردوغان ان تصل ترددات الانتفاضات الشعبية العربية الى سوريا فنصح الرئيس الاسد بأن لا يركن الى وهم الاستثناء ويستعجل الاصلاحات الديموقراطية.
ومن يرد ان يعرف ما هي الاصلاحات الديموقراطية الضرورية في سوريا فلن يحار جواباً: هي معلنة جهاراً نهاراً ومكررة منذ سنوات حتى لا نتحدث عن عقود. تتلخص في حدها الادنى بما يلي:
إلغاء حالة الطوارئ، واطلاق سراح معتقلي الرأي والسياسة،
إنهاء وحدانية حكم حزب البعث (مادة في الدستور) واطلاق حرية تشكيل الاحزاب،
سن قانون جديد للإعلام ووسائل الاتصال الجمعية (لا يقتصر على ما هو موعود من تقييد شروط اعتقال الصحافيين) قانون يشمل حرية تأسيس الصحف ووسائل الاعلام ويرفع القيود والرقابة على حرية الرأي والنشر،
دمج أجهزة الامن والاستخبارات في جهاز واحد وتحديد دوره في حدود الدفاع الوطني،
اعتماد قانون انتخابات يلغي الكوتا المعتمدة حالياً مستقلون/عمال وفلاحون وقد عفا عنها الزمن وتجاوزها التطبيق ذاته،
أخيراً وليس آخراً، منح مجلس الشعب صلاحيات تشكيل الوزارة ومحاسبتها ونزع الثقة عنها بالتوازن مع صلاحيات رئيس الجمهورية.
ما معنى هذا البرنامج قياساً الى تظاهرات يوم امس الثلاثاء التي عمّت دمشق وعدداً من المدن السورية تحت شعار «الوفاء للوطن» وتأييداً للرئيس بشار الاسد؟ يمكن إجمال تفسيرها بالقول: «تعدّدت الاسبابُ والخوف واحد». هو الخوف من المجهول والخشية المشروعة على الوحدة الوطنية من خطر النزاعات الاهلية واتخاذها المنحى العنيف الدموي. يكفي المواطن السوري ان يتلفت شرقاً الى العراق وغرباً الى لبنان لاستشعار ذلك الخوف قبل ان تأتيه احداث اللاذقية بما يوقظه.
ولعل اول مفارقة في تظاهرات يوم امس ان السلطة لبّت للمتظاهرين ما لم يطالبوا به. تقدّمت الحكومة باستقالتها في وقت كان مئات الالوف من المواطنين في المدن السورية يعلنون افتداء رئيسهم وحكومته بالروح وبالدم. مهما يكن من امر، تتبادر الى الذهن جملة من الاسئلة عند المقارنة بين الكثرة التي غطت شوارع المدن السورية وساحاتها امس وبين ما سبقها من التظاهرات الاكثر تواضعاً للمعارضين. هل متظاهرو امس الثلاثاء اعلنوا تأييدهم لاستمرار حالة الطوارئ مثلاً؟ هل هم مطمئنون الى ان رفع الاجور والرواتب وتوزيع بعض الاموال على الفقراء يكفيان لرسم سياسة اجتماعية جادة؟ وباختصار: مَن مِن بين متظاهري يوم امس الثلاثاء سوف يعارض الرئيس الاسد لو طبّق البرنامج الاصلاحي الذي ينادي به مواطنوهم من المعارضة؟
السؤال واجب لأنه يمسّ الكيفية التي سوف «يقرأ» بها الرئيس الاسد احداث الامس في خطابه اليوم امام مجلس الشعب. إما ان يقرأ في تظاهرات الثلاثاء استفتاء شعبياً يستقوي به على معارضي اي اصلاح داخل النظام والمؤسسات والأجهزة ومحفزاً له على الحسم في الاستجابة لحاجات سوريا وتطلعات شعبها. وإما ان يقرأ في التأييد الشعبي الواسع له على انه دعوة الى ابقاء الامور على حالها وعلاتها. التردد في الخيار دونه الأهوال.
هي مجرد نقاط استدلال لقراءة خطاب رئيس عربي في زمن الزلازل.
fawwaz.traboulsi_(at)_gmail.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.