من المحكيات التي يزداد رنينها كلما اشتد وطيس حروب الخبز، تظهر إلى السطح هرطقات ماري أنطوانيت، ملكة فرنسا إبان الثورة الفرنسية، حين وصل الشعب الجائع إلى شرفة قصرها صارخا : "نريد خبزا"، فما كان منها إلا أن أجابت بكل وثوقية و بلادة : " فلتأكلوا الكعكة إذا لم تجدوا خبزا ". و نحن نعيش أزمة الخبز في بلادنا، حَيَّنَ أحد أبواق المخزن هذه المقولة و عربد بأن الخبز مضر بصحة المغاربة، لتخفيف الأزمة الخانقة، و ليبيع الوهم المعتاد لملايين المغاربة، محاكاة بئيسة من حُكْمٍ بائس. إن الخبز يشكل أكثر من نصف الكمية المستهلكة في موائد المغاربة، و لنتذكر أن ثُنائية BM (البيض و مطيشة) التي أبدعها المغاربة سخرية من الواقع المرير، المعيش و الذي فرضه المخزن على قوت المغاربة، ثنائية لا تستقيم إلا بدوائر الخبز التي تغطي عوز المائدة. دائما في طاحونة اليومي لأغلب الأسر الفقيرة : حين يتأخر الأب أو الابن في الدخول إلى البيت، تَهُمُّ الأم إلى المقولة الشهيرة : "عْشَاكْ فَالبَرّادْ"، بمعنى أدق : كسرة خبز متكئة على إبريق الشاي، و هو كان عشاء السابقين. ألا يعرف عرابو ماري أنطوانيت الجدد أن أكثر من نصف كمية اللحم السنوية التي يستهلكها المغاربة تتركز إبان عيد الأضحى، و بقية السنة خبز في خبز. مادمنا نستحضر الذاكرة، و حتى لا ننسى، فإن من أشرس الانتفاضات التي خرج فيها المغاربة للشارع بكل عنفوانهم، كانت إثر الأزمة المفتعلة مخزنيا بالزيادة في ثمن الخبز في 20 يونيو 1981، و التي واجه فيها الشعب المغربي بصدره العاري الرصاص الحي و استبداد ورثة الكلاوي و افقير. ما أشبه الليلة بالبارحة، مع بعض الروتوشات البسيطة، كلما اشتدت الأزمة الاقتصادية لجأوا إلى جيوب الكادحين، و استهدفوا كسرة خبزه، أيضنون أن السكوت أبدي، إن معركة الخبز أكبر من مسرحية بين المخابز الحديثة و الأفران الشعبية و بينهما ورثة ماري أونطوانيت، إن السؤال الحقيقي : من يسيطر على السنبلة ؟؟.