كولومبيا قطعات علاقاتها الدبلوماسية بإسرائيل    الصين تعتزم إطلاق المسبار القمري "تشانغ آه-6" في 3 ماي    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    الصين: مصرع 36 شخصا اثر انهيار طريق سريع جنوب البلد    مليلية تودع "أحوري".. الصوت النضالي لحقوق الريفيين بالمدينة المحتلة    اتحاد جدة صيفطو كريم بنزيما لريال مدريد وها علاش    اختفاء رئيس جماعة ينتمي لحزب "الأحرار" بآسفي بعد وضع مذكرة بحث وطنية ضده بسبب "شيكات بدون رصيد"    بالفيديو.. تعطل فرامل جرافة يتسبب في اصطدام مروع بسيارة في إقليم الحسيمة    مصرع شخص بعد سقوطه من الطابق الرابع بطنجة    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    البيرو..إطلاق منصة لتعلم أي لغة إشارة في العالم باستخدام الذكاء الاصطناعي    الطبقة العاملة باقليم الحسيمة تخلد ذكرى فاتح ماي    الصحراء المغربية .. أكاديميون إسبان يؤكدون على أهمية مخطط الحكم الذاتي    العربية للطيران ترفع عدد رحلاتها بين مدينتي أكادير والرباط إلى سبع رحلات أسبوعيا    تخلف ورجعية. سلطات إيران استجوبت طاقم وممثلي فيلم "حبة الكرموس المقدس" اللي غادي يشارك ف مهرجان "كان"    حكيمي بعد خسارة PSG مع دورتموند: لالي كان صعيب وثايقين فريوسنا غانتأهلو للفينال فالروتور    دوري الأبطال.. دورتموند يهزم باريس سان جرمان ويقطع خطوة أولى نحو النهائي    دراسة تربط بين أدوية حرقة المعدة والإصابة بالصداع النصفي    رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتبر نتانياهو "مرتكب إبادة جماعية"    مدينة طنجة عاصمة عالمية لموسيقى الجاز    أمطار استثنائية تؤدي إلى إغلاق أنفاق وجسور وتعليق الدراسة بعدة مناطق في السعودية    أرباب المقاهي يهاجمون مجلس المنافسة    طنجة تتصدر مقاييس التساقطات المطرية.. وهذه توقعات الخميس    من طنجة.. نقابات تدعو لتحصين المكتسبات وتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين ظروف العمل    فيديو: عادل تاعرابت يسجل ثنائية ويقود النصر إلى نهائي كأس رئيس الإمارات    حموشي يستقبل سفير باكستان ويناقشان تطوير التعاون الأمني بين البلدين    أسعار الذهب تتراجع إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    "النقد الدولي": اقتصاد المغرب مستمر في إبداء مرونة في مواجهة الصدمات    طائرة مغربية بطنجة تتعرض لحادث تصادم مع سرب طيور    «باب الحكمة» بتطوان تصدر «حكاية مشاء» للكاتب محمد لغويبي    آثار جانبية مميتة للقاح "أسترازينيكا".. فما هي أعراض الإصابة؟    أشهر عازف كمان بالمغرب.. المايسترو أحمد هبيشة يغادر إلى دار البقاء    السفير محمد لخصاصي، القيادي الاتحادي وقيدوم المناضلين الاتحاديين .. أنوه بالمكتسبات ذات الطابع الاستراتيجي التي يسير حزبنا على هديها    لقجع "مطلوب" في مصر بسبب الشيبي    اختتام الوحدة الثالثة للدورة التكوينية للمدربين لنيل دبلوم "كاف برو"    ميارة يثني على مخرجات الاتفاق الاجتماعي ويرفض اتهام الحكومة ب"شراء النقابات "    إسطنبول.. وفد برلماني يؤكد موقف المغرب الراسخ من عدالة القضية الفلسطينية    الإعلامي حميد سعدني يحل ضيفا على كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك    توافد 3,3 مليون سائح برسم الفصل الأول من سنة 2024    ارتفاع الحصيلة في قطاع غزة إلى 34568 قتيلا منذ اندلاع الحرب    إدارة السجن المحلي بالناظور تنفي مزاعم تسبب التعنيف والإهمال في وفاة سجينين    فوزي الصقلي : المغرب بلد منفتح على العالمية    صفعة جديدة لتونس قيس سعيّد.. عقوبات ثقيلة من الوكالة العالمية للمنشطات على تونس    الحكومة تعلن عن مشروع لصناعة أول طائرة مغربية بالكامل        وفاة بول أوستر مؤلف "ثلاثية نيويورك" عن 77 عاما    النفط يتراجع ليوم ثالث بضغط من تزايد آمال التوصل لتهدئة في الشرق الأوسط    هل تستطيع فئران التجارب التلاعب بنتائج الاختبارات العلمية؟    جمعية طبية تنبه إلى التهاب قناة الأذن .. الأسباب والحلول    في مواجهة الحتمية الجيوسياسية.. الاتحاد الأوروبي يختار التوسع    المنتخب المغربي يتوج بلقب البطولة العربية لكرة اليد للشباب    الشرطة تعتقل عشرات المحتجين المؤيدين لفلسطين في مداهمة لجامعة كولومبيا بنيويورك    حارة نجيب محفوظ .. معرض أبوظبي للكتاب يحتفي ب"عميد الرواية العربية"    الأمثال العامية بتطوان... (586)    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يتفرج معي على فيلم جميل في سينما بوليو التي لم تعد موجودة! حنين إلى قاعات الدار البيضاء المغلقة في الأحياء الشعبية
نشر في كود يوم 29 - 05 - 2015


على بعد خطوتين من بيتنا كانت توجد سينما بوليو.
وكنت أدخل إلى بوليو كل يوم.
أدخل إليها ما بعد الظهيرة، وأدخل في المساء، وأدخل بعد أن أؤدي ثمن التذكرة، وأدخل متسللا من باب خلفي، وأدخل تحت جلباب شخص يكبرني.
وفي فترة ما تمكنا من صناعة تذاكر مزورة ودخلنا بها، ثم قلدنا توقيع الحاج مالك سينما بوليو، ودخلنا، قبل أن يفتضح أمرنا، ويقبض على واحد منا، ليتلقى علقة ساخنة من نفس الحاج ومساعديه.
وكان هناك رجل طويل القامة يضربنا دائما ونحن ندخل، ويصفعنا في وجوهنا ونحن في صف أمام الباب، وكنا دائما نؤدي هذه الضريبة فرحين غير هيابين، من أجل تلك المتعة التي تمنحها لنا الأفلام.
فيلمان في الحصة الواحدة، ويالها من فرجة. ينتهي الكاراتي، ويبدأ الأمريكي، وأحيانا الهندي، أو المصري.
كنت صغيرا، وأكثر ما كان يعجبني هو ترينيتا البدين وترينيتا الصغير، وما لا أنساه هو فيلم الويسترن سباغيتي كيوما، والذي ما زلت لحد هذه اللحظة أتذكره، وأتذكر تلك الصرخة كيوما كيوما كيوما، حين كانت تدمع عيني من شده التأثر.
وكي لا أكذب، فقد كنت مدمنا على أفلام ممثل إيطالي أحول، لا أتذكر اسمه، وكان يقدم دائما أشرطة كوميدية إيروتيكية من الدرجة الثالثة، مع بنات جميلات، يضربهن على مؤخراتهن، ويتلصص عليهن من ثقب الباب، فنرى نهدا ونرى عريا، وننتشي، ومنا من كان يفتح سحاب سرواله ويفعل فعلته في الظلام.
في الليل كنت أدخل إلى سينما بوليو، وكانت هي بيتي الثاني، ولأني كنت طفلا، فقد نمت مرات كثيرة في البالكون، وكان أبناء حي المارشي لخضر الكبار يحملونني وأنا نائم إلى أمي.
ومن المتع التي كنا نحرص عليها، هي أن تجلس عصابة الأولاد في الصفوف الخلفية، وفي واقت واحد، نفتح سراويلنا ونتبول ونشرشر، ونسمع خريرا وماء ينزل إلى تحت، حيث يجلس الكبار، ولا تزعجنا رائحة ولا بلل في أقدامنا.
كانت قاعة سينما بوليو من أجمل القاعات التي شاهدتها، وكان لها باب في السقف، مفتوح على السماء، ويغلق مع بداية العرض.
في غالب الأحيان، وبعد مشاهدتنا لفيلم كاراتي، كنا نخرج من سينما بوليو، ونحاول تقليد الحركات التي يقوم بها بروسلي أو غيره، ودائما كنت أعود بكدمات، بعد أن يجرب في أقراني مهاراتهم القتالية، لأني كنت الأهزل بينهم، ويستعملونني مثل كيس رمل يتدربون فيه ويلكمونه.
ولم نكن نشعر بالملل ونحن أطفال في عين السبع، وإذا لم نكن في السينما نتفرج، فإننا نستغل وقتنا لنصطاد الثعابين والعقارب والفئران والزرموميات ورضاعة البقر، أو نرتمي في حاوية الأزبال الكبيرة التي كانت تتوفر على مالذ وطاب ولا تشبه حاويات الأزبال المنتشرة هذه الأيام.
ولم نكن نقنع أبدا بسينما بوليا الموجودة في حينا، وبين الفينة والأخرى، كنا نخونها ونكتشف قاعات بعيدة، فنتفق ونتهيأ ونستعد، ونغامر بأرواحنا، ونذهب مشيا على الأقدام إلى الحي المحمدي صوب سينما السعادة أو شريف، كما كنا نقطع نفس المسافة تقريبا، في الاتجاه المعاكس، نحو حي البرنوصي لنكتشف سينما السلام.
لكن لا سينما كانت مثل سينما بوليا.
حتى عندنا أخذني شقيقي معه إلى سينما لارك، وأكلت النقانق، فقد ظلت بوليو بالنسبة لي هي السينما، أنام فيها وأتفرج وأتبول، وأدخل إليها بالمجان من الباب الخلفي، الذي لا يعرفه إلا أنا وعدد قليل من المقربين.
الآن، صارت بوليو خرابة.
ولم تعد هناك سينما السلام
ولا سعادة
ولا لارك.
في معظم أحياء الدار البيضاء كانت هناك قاعة سينما
وكان جيلي يخرج من البيت، ويجد السينما تقترح عليه أن يدخل.
في الأحياء الشعبية
وفي مركز المدينة
كانت السينما ضرورية، مثل البقال، ومثل المسجد، ولم تكن تضطر إلى أن تسافر كي تجد قاعة.
ولمن أراد أن يفهم لماذا يطالب عدد من المغاربة بإعدام نبيل عيوش
ولماذا يلتحق المغاربة بداعش
ولماذا يمنع مصطفى الخلفي فيلما ويعتبر ما اقترفه قرارا سياديا
ولماذا صار المغاربة متجهمين
وعدوانيين
فلينظر إلى كل هذه القاعات السينمائية المغلقة
وليقدر حجم الحرمان
الذي تعاني منه هذه الأجيال الجديدة
التي ولدت
بلا أحلام ولا متع ولا خيال
ولم تجد سينما بوليو
على بعد خطوتين منها
بل أطلال فقط
تذكر الناس بأن المغرب كان جميلا في الماضي
وأفضل بكثير من حاضره
ومن المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.