سيتابع الكثيرون مباراة إنجلتراوإيران منتظرين إظهار الإنجليز لقدرتهم على الفوز بكأس العالم؛ لكن الأحداث السياسية الحالية تلقي بظلالها على اللقاء، لتكسبه أبعادا مختلفة تماما عن الكرة واللعب. فقبل شهر تقريبا، تم إخلاء مسرح أبولو في لندن أثناء حفل للمغني الإيراني داريوش إقبالي، بعد ورود بلاغ من مجهول بوجود قنبلة؛ ما تسبب في إجلاء ثلاثة آلاف شخص إلى الشارع. وبدا أن الأمر عبارة عن محاولة لتجنب حدوث تظاهرة داخل المكان؛ وهو ما أثار حنق الإيرانيين. وعلى مدار ثلاث ساعات، انتقد الجمهور الإيراني شبكة "بي.بي.سي" البريطانية بسبب صمتها وكذلك الحكومة البريطانية، وأيضا النظام الإيراني بسبب مقتل مهسا أميني الشابة ابنة ال22 ربيعا التي لقت مصرعها في شتنبر الماضي بعد اعتقالها على خلفية عدم ارتدائها الحجاب بشكل صحيح. وانفجر الإيرانيون جراء مقتل الشابة والعنف الذي تعرضت له قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة والأكاذيب التي روجت لها الحكومة الإيرانية؛ ما فتح الباب أمام مناقشة الانتهاكات التي تتعرض لها النساء في إيران. وصلت هذه الثورة إلى فريق كرة القدم، أيضا، أفضل منصة يعبر بواسطتها الشعب الإيراني عن ضجره من النظام العالق في الماضي. وحمل سردار آزمون، مهاجم باير ليفركوزن وأفضل لاعب في المنتخب الإيراني، مسؤولية توصيل الرسالة على الرغم من ضغوط بلاده عليه كي يتوقف عن إعلان تأييده للاحتجاجات؛ إلا أنه استمر في فعل ذلك، إلى درجة أنه كان على وشك الاستبعاد من قائمة كارلوس كيروش. لم تكن إيران تريد معارضين ضمن المنتخب، إلا أن كيروش تحلى بقدر كاف من الصلابة. وأعلن آزمون: "سوف يستبعدونني من المنتخب على أسوأ التقديرات؛ لكنني لا أكترث البتة. سأضحي بذلك من أجل شعرة واحدة لامرأة إيرانية"، قبل أن ينضم في نهاية المطاف إلى قائمة إيران، حيث سيلعب إلى جوار مهدي طارمي لاعب بورتو وعلي رضا جهانبخش لاعب فينوورد. ومن المرجح أن تستمر التظاهرات أثناء المونديال، وقد أقر كيروش ذاته بذلك حين قال: "لديهم مطلق الحرية". لكن على المستوى الكروي، تكمل إيران عقد المجموعة الأقوى وفقا لتصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) مع أربعة منتخبات ضمن ال20 الأفضل عالميا. وحل الفريق الإيراني ثالثا في مجموعته خلال مونديال 2018 بفارق نقطة وحيدة عن البرتغال وإسبانيا، ويتطلع المنتخب الفارسي إلى تحقيق نتائج أفضل على الرغم من أن الفريق الإنجليزي على الورق يبدو أقرب إلى الفوز. ويخوض جاريث ساوثجيت هذا المونديال مراهنا على جودة هاري كين وجود بيلينجهام وفيل فودين وديكلان رايس وميسون ماونت. ويأمل المدرب الإنجليزي في أن تغطي قوة وسط الملعب الهجومي على الهشاشة الدفاعية النسبية والتي دفعته إلى اللجوء إلى اللعب بخمسة مدافعين وأسماء مثل إريك داير وهاري ماجواير. ومنذ وصوله إلى مقعد المدير الفني، تطور أداء (الأسود الثلاثة) بشدة وبصورة مطردة، ونجح الإنجليز في بلوغ نصف نهائي مونديال روسيا ونهائي كأس أمم أوروبا. ولم يعد متبقيا، بالتالي، سوى التتويج باللقب وتكرار إنجاز 1966. في المقابل، لا يملك "أسود فارس" الكثير من العتاد لتحقيق مفاجآت كبرى؛ لكن كيروش ورجاله لا يرنون فقط نحو المجد الرياضي، بل أن يكونوا صوت المقموعين في بلادهم.