الحكومة تعزي في وفاة ضحايا آسفي    فاس تحتظن الدورة ال13 لأيام التواصل السينمائي    كأس العرب.. السكيتيوي يعلن عن التشكيلة الرسمية لمواجهة الإمارات    تمديد تعليق الدراسة بآسفي إلى الأربعاء    اجتماع استعجالي بآسفي لتقييم أضرار الفيضانات ودعم المتضررين بعد عشرات الوفيات    تراجع ب5,7% في نفقات المقاصة    فيضانات آسفي.. 61 حالة استقبلتها مستعجلات مستشفى محمد الخامس    انعقاد مجلس للحكومة الخميس المقبل    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"    البرلمانية الدمناتي تستفسر وزيرة المالية عن غياب الأثر الاقتصادي المباشر للدعم الحكومي على الفئات الفقيرة والهشة        كرة السلة المغربية تفتح صفحة جديدة    ميناء الناظور .. انخفاض الكميات المفرغة من منتجات الصيد البحري    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    جدل واسع عقب اختيار محمد رمضان لإحياء حفل افتتاح كأس إفريقيا 2025    القوات المغربية والموريتانية ترتقي بالشراكة في التكوينات والتداريب العسكرية    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم (المغرب 2025).. برنامج مباريات المجموعة الثانية    تقرير: ملايين المسلمين في بريطانيا عرضة لخطر سحب الجنسية    عشرات التوقيعات للمطالبة بالحرية ل"بوز فلو" ووقف متابعة الفنانين بسبب تعبيراتهم    حقوقيون يعددون مظاهر "التهميش" الذي تعاني منه مدينة ميدلت    أسعار صناعات التحويل تزيد بالمغرب    الدولار يستقر قرب أدنى مستوى له    كأس إفريقيا 2025: المغرب يرسخ معايير جديدة بتخصيص ملاعب تداريب حصرية لكل المنتخبات    الاتحاد العربي للصحافة الرياضية ينتخب مجلس إدارة جديد بقطر        "لارام" تُوسع شبكتها الجوية ب10 وجهات جديدة ابتداء من 2026    "البيجيدي" ينتقد توزيع الدعم على الفلاحين الصغار بمنطق الولاءات السياسية والانتماء الحزبي    "شبهة داعش" تحيط بهجوم أستراليا    ضبط مخربين في الرباط والدار البيضاء    التامني: آسفي طالها الإهمال والنسيان والفساد لا يسرق المليارات فقط بل أرواح المواطنين    فيدرالية اليسار الديمقراطي بآسفي تُطالب بفتح تحقيق بعد فاجعة الفيضانات    إعلام إسرائيل يكشف تفاصيل عن حاخام قتل في هجوم سيدني وعلاقته بحرب غزة    بروكسل توسع عقوبات السفن الروسية    هولندا تعتقل محتجين على منشد جيش إسرائيل    البابا يحذر أجهزة المخابرات من إساءة استخدام برامج التجسس وتأثيرها على الحريات والديمقراطية    ترامب يوقع أمراً تنفيذياً جديداً ينظم قواعد الذكاء الاصطناعي    سيول آسفي ترفع حصيلة الضحايا إلى 37 وفاة واستنفار متواصل للسلطات    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    رافينيا يحسم مستقبله مع برشلونة بقرار مثير: "لن أغادر الفريق قبل التتويج بدوري أبطال أوروبا"    عريضة توقيعات تطالب بالإفراج عن الرابور "PAUSE" وتدق ناقوس الخطر حول حرية الإبداع بالمغرب    بنسليمان تحتضن المعرض الجهوي للكتاب من 17 إلى 22 دجنبر احتفاءً بالقراءة في زمن التحول الرقمي    محطة القطار "الرباط الرياض" تفتتح تأهبا لاستقبال كان المغرب    طقس عاصف يوقف الدراسة بالمضيق-الفنيدق    من المعبد إلى المدرّج: كرة القدم بوصفها دينا ضمنيا    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    الرباط تحتضن مهرجان "ربادوك" للسينما الوثائقية    انتخاب محمد شويكة رئيسا للجمعية المغربية لنقاد السينما    أكادير تحتفي بعشرين سنة من تيميتار: دورة إفريقية بامتياز تسبق كأس أمم إفريقيا وتجمع الموسيقى الأمازيغية بالعالم    من شفشاون إلى الرباط: ميلاد مشروع حول الصناعة التاريخية    قتيلان و8 مصابين في إطلاق نار بجامعة براون الأمريكية    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف ساومت الجزائر فرنسا..؟
نشر في هسبريس يوم 17 - 02 - 2023

أعتبر أن النقاش الوطني الداخلي المجتمعي وبعده النقاش المؤسساتي الذي صاحب صدور قرار البرلماني الأوروبي، ضد وضعية حقوق الإنسان بالمغرب، يكتسب بالغ الأهمية، لا سيما أن المخاطب الرسمي من قبل البرلمان الأوروبي هو مؤسسة البرلمان المغربي والتي قامت باللازم من الإجراءات التواجهية لإثبات فعليه حقوق الإنسان بالمملكة، ولتؤكد على أن قطب الرحى في هذا القرار هو المس بسمعة المغرب دوليا ومن ثمة التركيز على هدم بنية المكتسبات التي حققها المغرب في قضيته الأولى الصحراء المغربية، وأظن أنه آن الأوان لتوجيه النقاش إلى مستويات أخرى، غير الاستمرار في إقناع المغاربة بما هم في الأصل مقتنعون به.
هنالك عدد من المقاربات السياسية لخلفيات قرار البرلمان الأوروبي، في مقدمتها الحاجة الماسة لعدد من الدول الأوروبية للغاز كمادة حيوية في الحياة اليومية للمواطن الأوروبي "تقوم دوله بكل ما يمكنها القيام به لتوفيره"، ولا سيما وأوروبا على أبواب الانتخابات المحلية، واعتبارا لذلك تكون السياقات السياسية الدولية قد وضعت الجزائر في موقع قوة ظرفي اتجاه عدد من الدول الأوروبية الراغبة في شراء ودها على الأقل إلى حدود نهاية شتاء هذه السنة وانجلاء تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، هكذا يرى عدد من الفاعلين والمحللين السياسيين الأوضاع الدولية بالمنطقة وتأثير ذلك على الوضع المغاربي، لتصبح الخلاصة أن قرار البرلمان الأوروبي هو ثمرة شراكة براغماتية وظرفية.
غير أن فهم قرار من هذا المستوى وخاصة حينما يدين البرلمان الأوروبي دولة يضعها في موقع الشريك المتقدم يحتاج من دون شك إلى البحث عن عدد من الإجابات الواضحة لعدد من الأسئلة الملحة والمشروعة.
فمن هو المستفيد أو المستفيدون من إدانة المملكة المغربية حقوقيا؟ ومن يقف وراء إصدار هذا القرار؟ وما هي تداعياته وارتداداته الجيوسياسية؟
نقطة الانطلاق في فهم خلفيات قرار البرلمان الأوروبي هو الفرنسي ستيفان سيجورني، البرلماني الأوروبي والمستشار السابق المقرب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ستيفان سيجورني الرجل الذي كلفه رئيس فرنسا بصياغة الرؤية السياسية لحزبه الجمهورية إلى الأمام ليتحول إلى حزب النهضة الذي يحكم من خلاله إيمانويل ماكرون فرنسا اليوم.
فكيف نصدق أن مقربا من الرئاسة الفرنسية الحالية، اتخذ قرارات انفرادية وأقنع عددا من البرلمانيين الأوروبيين الممثلين لفرنسا من تكتل (رينو) التجديد وهو (مجموع الأحزاب الليبرالية بالبرلمان الأوروبي)، بالتصويت لفائدة قرار يدين الشريك الاقتصادي الأول لبلاده بدون الحصول على التوجيهات اللازمة للقيام بفعل سيكون له تداعيات صعبة على جودة العلاقات بين فرنسا والمغرب.
ولا يمكن أن نفهم هذا القرار بدون تعميق النظر في السياق السياسي السابق لصدور، ولا سيما إعلان وزارة الدفاع الجزائرية إلغاء المناورات العسكرية الأخيرة "درع الصحراء" بين روسيا والجزائر، وما تلاه من تخفيض لميزانية التسليح لدى الجزائر من 23 مليار دولار إلى 17 مليار دولار، والتي كانت موجهة لشراء العتاد العسكري من روسيا، تلا ذلك مباشرة انطلاق شرارة الخلاف الجزائري الروسي إذ لأول مرة ينتقد الرئيس الجزائري علنيا تواجد قوات (فاغنر) الروسية بدولة مالي، لكن الملاحظ أن هذا الانتقاد الحاد لم يصدر بالجزائر بل داخل التراب الفرنسي ومن قبل جريدة "لوفيغارو" الفرنسية،
نعم، الجزائر تنتقد التواجد الروسي بمالي، والمؤكد مباشرة بعد ذلك أن العلاقات الفرنسية الجزائرية عرفت حركية هامة بعد برود دبلوماسي دام لعامين، والاستقبال الرئاسي الفرنسي الرسمي للسعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش، لتعزيز التعاون العسكري الثنائي خير دليل على ذلك.
فرنسا تحاول اليوم كبح التواجد والامتداد الروسي بعدد من دول غرب إفريقيا، بما يحافظ لها على الحضور الاقتصادي الدائم بإفريقيا، والحفاظ على جذوة الخلاف الجزائري الروسي هو المدخل المركزي لذلك.
ما كان ينتظره ويتساءل عنه عدد من المتتبعين هو "المقابل" الذي ستربحه الجزائر من إمداد أوروبا غير المشروط بالغاز ومن رفع يدها عن دعم حليفها التقليدي روسيا داخل مواقع النفوذ بغرب إفريقيا هو تحقيق مكتسبات اقتصادية كبرى لتنمية الجزائر، لكن ما يتأكد من جديد أن الجار الجزائري لم يعد له من هم إلا الاستمرار في محاولات النيل من المغرب ولو على حساب الشعب الجزائري وعدد من الشعوب الإفريقية المقهورة.
هذا هو الجزء الظاهر من جبل الجليد العائم، فالحملة الكبرى والمنسقة التي شنتها عشر صحف من مختلف أنحاء العالم في الأسبوع نفسه، بعنوان عريض "المغرب يتجسس على الصحفيين، وعلى السياسيين، بل يتجسس على الرئيس الفرنسي نفسه" وبقيادة منظمة العفو الدولية، التي أصدرت تقريرا فارغا من كل حجة، مهد للحملة المستمرة على سمعة المغرب الدولية.
الحملة المسعورة شارفت على الانتهاء، وكما يقول العرب، حبل الكذب قصير، فدعونا ننظر إلى خلاصات التفاعل المؤسساتي دوليا مع هذه الحملة المنظمة.
البداية مع رئيس الوزراء الفرنسي السابق جون كاستس، الذي أكد من داخل الجمعية الوطنية (مجلس النواب بالبرلمان الفرنسي)، أن نتائج البحث الذي قامت به السلطات الفرنسية حول مزاعم تجسس المغرب على هاتف الرئيس الفرنسي لم تفض إلى الحصول على أي دليل جاد يؤكد ذلك، فهل تمت تبرئة المغرب دوليا؟ الجواب هو لا، وهل اعتذرت الرئاسة أو السلطات الفرنسية للمغرب على المس بمصداقيته أمام المنتظم الدولي؟ الجواب كذلك، هو لا، يكفي أن نقول إن المغرب التقط الرسالة وفهم الدلالة، وهو اليوم من دون شك يعيد ترتيب الحليف والصديق من العدو.
إغناسيو سمبريرو، الصحفي الإسباني الذي ادعى أن المغرب تجسس على هاتفه وقدم بمناسبة ذلك شكاية أمام النيابة العامة الإسبانية، تلقى الجواب الواضح من لدن قضاء بلاده المستقل، فقد خلصت النيابة العامة بعد البحث التقني الدقيق إلى حفظ الشكاية لعدم توفر أي دليل تقني يثبت المزاعم المقدمة.
منذ أزيد من 18 شهرا مازال المغرب ينتظر أن تقدم للقضاء 10 صحف على المستوى الدولي الدلائل المثبتة لصحة مزاعم قيام المغرب بالتجسس عن طريق برنامج "بيغاسوس"، ومازالت هذه الصحف غير قادرة إلى حدود اليوم على أن تجيب على المساطر القضائية التي باشرتها ضدها المملكة المغربية، لا دليل ولا وثيقة ولا شهادة ولا حجة، لقد وجدت هذه الصحف نفسها اليوم في حرج كبير أمام الرأي العام الدولي، والمناسبة شرط لنؤكد على ازدواجية المعايير في مقاربة هذا الملف من قبل هذه المؤسسات الصحفية، التي تشير عدد من التقارير الدولية إلى شراء بلدانها لبرنامج "بيغاسوس" للتجسس، وضمن هذه الدول دول كاملة العضوية بالاتحاد الأوروبي وبالبرلمان الأوروبي، في مقدمتها الدولة الراعية لهذه (البروباغاندا) والحرب الإعلامية ضد بلد يزعج انطلاق تحوله إلى قوة إقليمية فاعلة في مجالها الجغرافي.
هل نحتاج اليوم إلى دليل آخر ينضاف إلى سلسلة الأدلة الدامغة، التي تفيد بأن المغرب مستهدف في استقراره وأمنه؟ لا أظن ذلك، والحاجة اليوم إلى تمنيع الجبهة الداخلية وراء القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، لمواجهة الأطماع الخارجية ملزمة أكثر من أي وقت مضى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.