دعت أحزاب سياسية مغربية إلى وقف التصعيد الخطير الذي يشهده قطاع غزة، بعد شن غارات إسرائيلية على القطاع منذ يوم أمس السبت؛ وذلك بعدما أطلقت حركة "حماس" الفلسطينية عملية "طوفان الأقصى" واستهدفت عددا من المناطق العسكرية للاحتلال الإسرائيلي. وحمّلت قيادات سياسة مغربية مسؤولية هذا التصعيد لحكومة الاحتلال، عبر إنكارها لحقوق الفلسطينيين وانسداد أفق التسوية السياسية وتوسيع الاستيطان، داعية في الآن نفسه إلى الالتفاف حول الموقف الرسمي المغربي الداعي إلى تجنب العنف. أحمد التويزي، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، المشارك في الحكومة، أكد أن هذا التصعيد كان منتظرا، مبرزا أنه "لا بد من مواجهة الاحتلال، ولا يمكن أن يكون هناك شعب محتل ويظل دون أن ينتفض"، مشددا على أن "إسرائيل ينبغي أن تعي بأن هذا وقت الجلوس إلى طاولة الحوار من أجل وضع حل نهائي لحروب تعصف بمدنيين أبرياء". وقال التويزي إن الملك محمدا السادس يدعو دائما إلى أن يكون هناك حوار مبني على قرارات الأممالمتحدة، مشددا على حل الدولتين، دولة فلسطينية عاصمتها القدس وإسرائيل كدولة معترف بها دوليا. وتابع في السياق ذاته: "المغرب يريد أن يلعب دورا لتيسير الحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين لتفادي المواجهات الخطيرة التي ستتكرر"، مؤكدا أن "القضية الفلسطينية في عروق المغاربة، ولا ينبغي استهداف المدنيين والمباني السكنية في هذه المواجهات". احتلال من جانبه، اعتبر إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن قتل المدنيين لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يكون وسيلة لحل أي نزاع ولا الدفاع عن أية قضية مهما كانت عادلة. وحمّل لشكر حكومة الاحتلال المتطرفة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع من تصعيد عسكري متواصل، مضيفا أن تنكر دولة الاحتلال لحقوق الفلسطينيين وانغلاق أفق التسوية السياسية ووأد آمال السلام وغطرسة قوات الاحتلال والمستوطنين بفرض الإجراءات أحادية الجانب وتمدد الاستيطان واستهداف المدن والمخيمات الفلسطينية بالاقتحامات اليومية والاغتيال والاعتقال والانتهاكات اليومية ضد المقدسات الدينية المسيحية والإسلامية وخاصة في القدس كلها عوامل قد وضعت المنطقة على فوهة بركان كان انفجاره حتميا. وناشد الكاتب الأول لحزب "الوردة" المنتظم الدولي، وخاصة القوى المحبة للسلام، من أجل تحمل مسؤولياتها درءا لأي تصعيد أو دخول في دوامة انتقامية ستودي بالمنطقة كلها إلى جحيم مؤكد. رد فعل من جهته، أعرب حزب التقدم والاشتراكية عن قلقه البالغ إزاء التطورات الخطيرة في الأراضي الفلسطينية بقطاع غزة، محملا الكيان الصهيوني المسؤولية الكاملة في المنحى العسكري والتصعيدي للأوضاع، بما ينطوي عليه ذلك من تهديداتٍ فعلية وحقيقية للسلم الإقليمي. واعتبر حزب "الكتاب" تحرك المقاومة الفلسطينية بمثابة دفاع عن النفس والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ورد فعل طبيعي على سياسة الإرهاب والتقتيل والاستيطان والعنصرية والإنكار التام لحقوق الشعب الفلسطيني، التي ينهجها الكيان الصهيوني المتغطرس بحكومته المتطرفة في ظل الصمت واللامبالاة دوليا. كما اعتبر الانفجار الحالي للأوضاع هو نتيجة لانسداد الآفاق أمام الشعب الفلسطيني دفاعا عن كينونته ووجوده وكرامته وحريته، وانسداد آفاق إقرار سلام عادل ودائم. ودعا حزب التقدم والاشتراكية إلى تحرك قوي وعادل للمجتمع الدولي، من أجل أن تتوقف فوراً كافة العمليات العسكرية، على أساس توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وبأفق إعادة إحياء المفاوضات السياسية بشكل جدي وعادل. وأكد الحزب أن تجاوز الوضع الدقيق الحالي وتفادي الوصول إلى وضعٍ أسوأ يظل رهينا بإقرار كافة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بناء على احترام قرارات الشرعية الدولية، مؤكدا دعمه للقضية الفلسطينية ومساندته المطلقة للشعب الفلسطيني حتى نيل كافة حقوقه المشروعة؛ وفي مقدمتها الحق في بناء دولته المستقلة والقابلة للحياة وعاصمتها القدس. تهديد أمني حزب الحركة الشعبية أعرب عن أسفه واستنكاره الشديد لوقوع ضحايا وجرحى مدنيين من كلا الطرفين، مبرزا أن عودة خيار العنف بشكل مباغت ما هو إلا برهان آخر على هشاشة "الهدنة" و"السلام المؤقت" في المنطقة، وينذر بكارثة حرب حقيقية تهدد الاستقرار، ليس في حدود هذه المنطقة فقط، بل يؤشر على إمكانية تطور الأحداث في اتجاه سيناريو أسود ستكون له عواقب وخيمة على السلم والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بأكمله وعبر العالم. واعتبر الحركة الشعبية أن "شعارات من قبيل السيوف الحديدية والطوفان شعارات صادمة تعود بالعالم المتحضر إلى القرون الوسطى وتضرب في العمق كل المبادئ السامية التي تعاقد حولها المنتظم الدولي والقيم الإنسانية المشتركة"، داعيا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى "العودة إلى مفاوضات السلام التي توقفت منذ ردح طويل من الزمن بغية الوصول إلى حل عادل مبني على التعايش في إطار دولتين مستقلتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام". وأكد المصدر ذاته أن التسويف والتماطل في بلوغ هذا الحل العادل يفقد السلطة الوطنية الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني قدرتها على التحكم في الأوضاع ويساهم في الزج بالمنطقة إلى عواقب وخيمة تحبك خيوطها قوى إقليمية لا يندرج السلام في أجندتها الخاصة. وسجلت الحركة الشعبية تفاعلها الإيجابي مع المواقف الرسمية للمملكة المغربية المعبر عنها في بلاغ وزارة الخارجية والشؤون الإفريقية والمغاربة المقيمين بالخارج، مثمنا دعوة الملك محمد السادس إلى عقد اجتماع للجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية من أجل البحث عن حلول سريعة لإيقاف النزيف واستعادة السلم والسلام في المنطقة. حل الدولتين ثمن حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الحكومة الحالية، موقف المملكة المغربية، كما تم التعبير عنه في البلاغ الصادر في هذا الصدد عن وزارة الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج. ودعا إلى تغليب الحكمة والتبصر والوقف الفوري لجميع أشكال العنف لضمان سلامة المدنيين، وتهيئة الظروف اللازمة لاستئناف الحوار والمفاوضات. ونوّه التجمع الوطني للأحرار بجهود المغرب، بقيادة الملك محمد السادس بصفته رئيسا للجنة القدس، لإيجاد حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية، على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبدأ حل الدولتين المتوافق عليه دوليا. ودعا الحزب إلى الالتفاف حول الموقف الرسمي للمملكة المغربية، الذي يدعو الطرفين إلى تجنب العنف الذي لن يكون له من نتائج سوى رفع التوتر وحصد أرواح مزيد من الضحايا.