يستمر النظام الجزائري في رهن علاقات ومستقبل بلاده بالعداء للمملكة المغربية الذي كرسته الجزائر في عديد المناسبات؛ لتعيد تكريسه من جديد من خلال مقاطعتها للدورة السادسة لمنتدى التعاون العربي الروسي الذي يعقد في مراكش بحضور سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، لا لشيء إنما لاحتضانه على الأراضي المغربية. وقد سبق للدولة الواقعة في شمال إفريقيا أن قاطعت مجموعة من الملتقيات والتظاهرات السياسية والاقتصادية بل وحتى الرياضية التي ينظمها أو يحضرها المغرب، على غرار مقاطعة اتحادها الكروي لحفل جوائز "الكاف" بداية الشهر الجاري وغيرها من الأحداث؛ لتشكل بذلك الجزائر "حالة شاذة" في المنظومة العربية والإفريقية، وهو ما اعتبره متتبعون ضربا لمصداقية هذه الدولة وغياب رؤية واضحة في تدبير علاقاتها وتحالفاتها الدولية. حسن سعود، باحث في المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، قال إن "حضور الجزائر من عدمه لا ينقص شيئا من أهمية هذا المنتدى، باعتباره منصة للتعاون بين الدول العربية وموسكو وفرصة لتنسيق المواقف في شأن القضايا الإقليمية والدولية الراهنة"، لافتا إلى أن "هذا الغياب يكرس عزلة الجزائر في محيطيها العربي والإفريقي، ويُفقد فيها ثقة الطرف الروسي". وأضاف سعود، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الفهم الجزائري الضيق لطبيعة المتغيرات الدولية وارتهان الدبلوماسية الجزائرية لخيارات غير استراتيجية يعمق من عزلة هذه الدولة ويضرب في مصداقيتها وعلاقاتها حتى مع أقرب شركائها على غرار الروس، وتتجه معها الدولة الجزائرية إلى أن تصبح دولة منعزلة ومنبوذة من لدن المنتظم الدولي". ولفت الباحث في المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية إلى أن "النظام الجزائري، بسياسته الخارجية الحالية المتسمة بالارتجالية والعشوائية في اتخاذ القرارات ذات الطابع الاستراتيجي على غرار الحضور في هذه المنتدى، يضيع على هذه دولته فرصا كبيرة. كما ضيع ويضيع فرص إقامة تكتل مغاربي حقيقي، بسبب احتضانه لمنظمة انفصالية لا مستقبل لها في هذه المنطقة". وخلص المتحدث ذاته إلى أن "صناع القرار الجزائريين لا يرجى منهم خيرا بسبب قصور العقل السياسي الجزائري في الخروج بقرارات واختيارات تخدم المصالح القومية للدولة الجزائرية؛ في حين استطاعت الرباط، بدبلوماسيتها المتوازنة وسمعتها الدولية، نسج شبكة من العلاقات ذات الطابع الاستراتيجي مع مختلف القوى الدولية، على غرار روسيا والصين والولايات المتحدة". من جهته، أوضح شوقي بن زهرة، ناشط سياسي جزائري معارض، أن "مقاطعة الجزائر لمنتدى التعاون العربي الروسي المقام في المغرب ينضاف إلى جملة الحماقات الدبلوماسية التي ارتكبها النظام في تدبيره لعلاقاته الدبلوماسية والخارجية في السنوات الأخيرة"، مسجلا أن "رهن الجزائر لحضور القمم والمنتديات الدولية بوجود البوليساريو أو بعلاقاتها مع الرباط وهوسها بالعداء لها إنما يضرب في صورة الجزائر ومصداقيتها أمام المنتظم الدولي". وأضاف بن زهرة، في حديثة مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن "قرار تنظيم هذا المنتدى في المملكة المغربية اتخذ في سنة 2019؛ وبالتالي فإن مقاطعة الجزائر لهذا الحدث، الذي يضم روسيا التي يسميها تبون بالدولة الشقيقة، واستمرار انتهاج النظام لاستراتيجية مقاطعة القمم لأسباب سياسية إنما يعكس افتقاد هذا النظام لرؤية استراتيجية واضحة المعالم وارتهانه لحسابات ضيقة وهوسه المستمر بالعداء للمغرب". واعتبر الناشط الجزائري المعارض أن "عدم حضور الجزائر لهذا الحدث، الذي يروم تعزيز العلاقات العربية مع روسيا وتعزيز مكانة الدول العربية في المنظومة الاقتصادية والسياسية الدولة، دليل على أن النظام يغرد خارج السرب العربي ودليل أيضا على زيف الشعارات التي يتبناها بضرورة لمّ الشمل العربي وتقوية صفه". وخلص المتحدث ذاته إلى أن "الدول المؤثرة تسعى إلى الحضور في مثل هذه الملتقيات؛ في حين ينزوي النظام الجزائري على نفسه"، معتبرا في الوقت ذاته أن "الجزائر، وبهذه الممارسات الصبيانية، تؤكد كلام لافروف، الذي أشار إلى اختيار الدول للانضمام إلى منظمة البريكس كان بناء على معايير وزن الدولة ومواقفها السياسية؛ وهو ما تفتقد إليه الجزائر في الوقت الحالي".