حظي فوز المغرب، الاثنين، بالمرتبة الأولى ضمن الأولمبياد الأفريقية للرياضيات بمدينة جوهانسبورغبجنوب أفريقيا بإشادةٍ واسعة من قبل عدد من الفعاليات التربوية والمهتمين بمواضيع الابتكار وتشجيع الناشئة والمواهب الصاعدة، إذ كان هناك إجماع على ضرورة الحفاظ على اسم المغرب في سبورة المتوجين بهكذا مسابقات خلال قادم السنوات. هذه الإشادة أتت بعد الانتقادات التي طالت كل من ساهم في عدم تمكن المنتخب الوطني للرياضيات من السفر إلى إنجلترا، في يوليوز الماضي، بغرض المشاركة في الأولمبياد العالمية للرياضيات لسنة 2024، وذلك بعد وجود تأخر في طلب تأشيرة السفر للمشاركين، وهو ما اعتُبر وقتها "خطيئة حرمت المملكة من إنجاز جديد لنوابغها". ولم يكن التفاعل مع الفوز المغربي بقلب جنوب أفريقيا عبارة عن إشادات فقط، بل تجاوزه إلى الإشارة إلى وجود نوابغ وطنية تحتاج الالتفاتة والدعم، خصوصا في الهوامش والمناطق المتواجدة خارج الحواضر، وذلك عبر مبادرات وخُطط لدعم الطاقات الشابة والمواهب لضمان حضور اسم المملكة ضمن "البوديوم" مستقبلا وتجهيز كفاءات الغد. كما جرى طرحُ أدوار مختلف المؤسسات العمومية والوزارات في دعم جهود التلاميذ في مجالات العلوم والتكنولوجيا والرياضيات واللغات كذلك، وما إن كان ذلك في مستوى يساعد في اكتشاف من يتوفرون على مواهب خاصة وأفكار مبتكرة وإبداعية وإعطائهم الفرصة للتباري داخل الوطن وخارجه، بعدما كانت هناك سوابق مغربية في هذا الصدد، لعل أبرزها النابغة ايدر مطيع الذي كان محط اهتمام جامعات بريطانية. إنجاز باسم المملكة متفاعلا مع الموضوع، قال أنس أبو الكلام، أستاذ جامعي، إن "تحقيق المغرب الرتبة الأولى بواقع 201 نقطة، رقمٌ قياسي لم يسبق لأي دولة أن حققته في تاريخ هذه الأولمبياد، وهو ما يعود فيه الفضل إلى التلاميذ وأولياء أمورهم وأساتذتهم وأطر جمعية Math&Maroc الذين يؤطرونهم ويكونونهم طوال السنة"، إذ إن هذا الفوز يحيل على "التفوق الأكاديمي للتلاميذ المغاربة وقدرتهم على المنافسة، وقوة النظام التعليمي، رغم كل النقائص، فضلا عن الدعم المستمر من المؤسسات والمجتمع والأسر لهؤلاء الموهوبين". أبو الكلام أوضح ضمن تصريح لهسبريس أن فوز المغرب المتكرر في الأولمبياد الإفريقية للرياضيات والأولمبياد العالمية للبرمجة، "ليس صدفة، بل هو نتيجة لدعم مستمر من الفاعلين والمؤسسات والمؤطرين والأساتذة والآباء والأمهات، بما يحيل على جهود واستراتيجيات مغربية لدعم العقول المبدعة والصغيرة في مجالات العلوم والرياضيات والتكنولوجيا". وقال: "هناك مبادرات وبرامج هادفة إلى تعزيز مهارات الطلاب في العلوم والتكنولوجيا والرياضيات، فضلا عن دور النخب المغربية التي درست ونجحت في دعم وتأطير وتكوين ومتابعة الطلاب وأعضاء الفريق الوطني؛ فهذه النخب تساهم بخبراتها ومعارفها في توجيه الطلاب وإعدادهم لمثل هذه التحديات الدولية، مما يعزز فرص المغرب في تشريف المملكة دوليا". كما تحدث عن الإقصائيات التي تُجرى في أكتوبر بخصوص الألعاب الأولمبية المغربية للبرمجة، التي تهم حوالي ألفيْ تلميذٍ من جميع أنحاء المغرب، مع مشاركة مهمة لأبناء المناطق النائية، وقال: "مكنتنا البرامج التدريبية التحضيرية التي نقوم بها في هذا الصدد من الحصول على ميداليتين برونزيتين عامي 2020 و2022 وشهادة مشرف جدا سنة 2023′′، موضحا أن "هذا المنجز يعود إلى دعمٍ من مؤسسات مغربية". الدعم يشجع النوابغ بحسب الأكاديمي ذاته، فإن "الجهود المشتركة في هذا الصدد مهمة من أجل ضمان استمرار تفوق المغرب في مثل هذه المنافسات القارية والعالمية، ذلك أن الاستثمار في الشباب وعقولهم وفي العلوم يعد مدخلا وفرصة عظيمة للمملكة للرقي تماشيا مع تأكيد الملك محمد السادس في خطاباته على أهمية الاستثمار في الرأسمال البشري والتعليم والشباب والتكنولوجيا". أبو الكلام قال كذلك إنه "من الممكن في الأساس أن يكون الدعم الذي نتلقاه أكبر مما نحصل عليه اليوم، وذلك سيساهم في زيادة كفاءتنا وأدائنا، وتوجد جهود في هذا الصدد، إذ نتلقى دعم الوزارة المكلفة بورش الرقمنة بالنسبة لأولمبياد البرمجة، غير أن وجود دعم من وزارة التربية الوطنية كذلك سيُمكننا من مرافقة أفضل للعقول المغربية المبدعة والمثابرة". وأورد المتحدث أنه "في جل الدول (الولاياتالمتحدة، المملكة العربية السعودية ...) هناك مسارات أكاديمية خاصة للتلاميذ المتفوقين، إذ يتم دعمهم بشكل كامل وبإمكانيات ضخمة، مما يسهل مشاركتهم المستهدفة في المسابقات الدولية. هذه الدول تستثمر بشكل كبير لضمان أن يكون تلاميذها المميزون مجهزين بأفضل السبل، ليس فقط من حيث التعليم، ولكن أيضاً من حيث التدريب والرعاية لضمان نجاحهم على المستوى العالمي". وختم أستاذ علوم البرمجة بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية في مراكش، التابعة لجامعة القاضي عياض، بالقول: "إذا حصلنا على دعم مشابه من حيث الموارد والتدريب والمتابعة، فسيكون بإمكاننا ليس فقط المشاركة بشكل أفضل في هذه المسابقات، ولكن أيضا تحسين أدائنا ومضاهاة أفضل الفرق على المستوى العالمي ورفع راية بلدنا عالياً وبشكل دائم في المحافل الدولية".