شركة (ميتا) تطلق مساعد الذكاء الاصطناعي المجاني عبر منصاتها للتواصل الاجتماعي    نشرة إنذارية: زخات مطرية قوية وهبات رياح قوية مرتقبة غدا السبت بعدد من مناطق المملكة    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    طغى عليه الغياب واستحواذ الأغلبية على مقاعد الأمناء والمحاسبين : انتخاب مكتب مجلس النواب    ردّا على المسرحية الإيرانية.. إسرائيل تطلق صواريخ بعيدة المدى على مدينة أصفهان    خريطة المغرب تدفع سلطات الجزائر لاحتجاز بعثة فريق نهضة بركان    مجلس النواب يعقد جلسة عمومية لاستكمال هياكله    طنجة.. توقيف ثلاثة أشخاص يشتبه ارتباطهم بشبكة إجرامية للاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية    نشرة إنذارية : زخات مطرية قوية وهبات رياح قوية مرتقبة غدا السبت بعدد من مناطق المملكة    طنجة .. توقيف ثلاثة أشخاص لإرتباطهم بشبكة إجرامية تنشط في المخدرات    ميراوي: أسبوع يفصل عن إعلان سنة بيضاء وبرلمانيون يناشدونه التراجع عن القرارات تأديب طلب الطب    في تقليد إعلامي جميل مدير «الثقافية» يوجه رسالة شكر وعرفان إلى العاملين في القناة    جمال الغيواني يهدي قطعة «إلى ضاق الحال» إلى الفنان عمر السيد    مكناس: تعبئة شاملة لاستقبال ضيوف المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب 2024    الطريق نحو المؤتمر ال18..الاستقلال يفتح باب الترشح لعضوية اللجنة التنفيذية    الهجمات على إيران "تشعل" أسعار النفط    فيتو أميركي يٌجهض قرار منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة    صورة تجمع بين "ديزي دروس" وطوطو"..هل هي بداية تعاون فني بينهما    منظمة الصحة تعتمد لقاحا فمويا جديدا ضد الكوليرا    العصبة الاحترافية تتجه لمعاقبة الوداد بسبب أحداث مباراة الجيش    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    مذكرة إخبارية للمندوبية السامية للتخطيط نتائج بحث الظرفية لدى الأسر الفصل الأول من سنة 2024    "لارام" وشركة "سافران" تعززان شراكتهما بمجال صيانة محركات الطائرات    "أحرضان" القنصل المغربي بهولندا يغادر إلى دار البقاء    باستثناء الزيادة.. نقابي يستبعد توصل رجال ونساء التعليم بمستحقاتهم نهاية أبريل    وزيرة : ليبيريا تتطلع إلى الاستفادة من التجربة المغربية في مجال التكوين المهني    الهجوم الإسرائيلي على إيران.. هل ينهي المواجهة المباشرة أم يشعل فتيلها؟    السودان..تسجيل 391 حالة وفاة بسبب الاصابة بمرضي الكوليرا وحمى الضنك    التراث المغربي بين النص القانوني والواقع    المدير العام لمنظمة "FAO" يشيد بتجربة المغرب في قطاعات الفلاحة والصيد البحري والغابات    أخْطر المُسَيَّرات من البشر !    "قتلوا النازحين وحاصروا المدارس" – شهود عيان يروون لبي بي سي ماذا حدث في بيت حانون قبل انسحاب الجيش الإسرائيلي    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    مهرجان خريبكة الدولي يسائل الجمالية في السينما الإفريقية    سوريا تؤكد تعرضها لهجوم إسرائيلي    لوسيور كريسطال تكشف عن هويتها البصرية الجديدة    الدكيك وأسود الفوتسال واجدين للمنتخب الليبي وعينهم فالرباح والفينال    هجرة .. المشاركون في الندوة الوزارية الإقليمية لشمال إفريقيا يشيدون بالالتزام القوي لجلالة الملك في تنفيذ الأجندة الإفريقية    جنايات الحسيمة تصدر حكمها على متهم بسرقة وكالة لصرف العملات    تفاصيل هروب ولية عهد هولندا إلى إسبانيا بعد تهديدات من أشهر بارون مخدرات مغربي    بعد نشر سائحة فيديو تتعرض فيه للابتزاز.. الأمن يعتقل مرشد سياحي مزور    مليلية تستعد لاستقبال 21 سفينة سياحية كبيرة    تقرير يُظهر: المغرب من بين الوجهات الرخيصة الأفضل للعائلات وهذه هي تكلفة الإقامة لأسبوع    واش اسرائيل ردات على ايران؟. مسؤولوها اكدو هاد الشي لصحف امريكية واعلام الملالي هدر على تصدي الهجوم ولكن لا تأكيد رسمي    المغاربة محيحين فأوروبا: حارث وأوناحي تأهلو لدومي فينال اليوروبا ليگ مع أمين عدلي وأكدو التألق المغربي لحكيمي ودياز ومزراوي فالشومبيونزليك    "الكاف" يحسم في موعد كأس إفريقيا 2025 بالمغرب    خطة مانشستر للتخلص من المغربي أمرابط    بيضا: أرشيف المغرب يتقدم ببطء شديد .. والتطوير يحتاج إرادة سياسية    نصف نهائي "الفوتسال" بشبابيك مغلقة    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يطالب بفرض عقوبات على الأندية الإسرائيلية    "قط مسعور" يثير الرعب بأحد أحياء أيت ملول (فيديو)    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    وزارة الصحة تخلد اليوم العالمي للهيموفيليا    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    الأمثال العامية بتطوان... (574)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سنة محمدية على نهج علوي - 3 -
نشر في هسبريس يوم 07 - 10 - 2009


وأما فيما يتعلق بذكر فضلهم في السنة: ""
فضلهم في السنة
لا عجب أن وصلتنا تلكم الأخبار عن فضائل أهل البيت(ع) رغم أجواء الحصار الشديد الذي فرض على رواة الأخبار، والرقابة التي ضربت دون الإخبار عن فضائلهم. كيف أمكننا الوقوف على تلك الآثار في مدوانات الحديث السنية رغم السياسة الظالمة لخصومهم. بل كيف يحتفظ التراث رغم القمع الممنهج بمثل هذه الفضائل في حق إمام سنّ بنو أمية بوقاحة لعنه من على المنابر قرابة قرن من الزمن. وهذا أمر يجب أن يقدر تقديرا بالغا. فلقد رأيت من أعلام السنة من واجهوا محنة التعريف بفضائل أهل البيت (ع). وتحملوا صنوف الأذى من أجل الاضطلاع بهذه المهمة الشرعية.
وكما يقول ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : وروى أبو الحسن علي بن محمد بن سيف المدائني في كتاب الاحداث قال : كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة : أن برئت الذمة ممن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته . فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون عليا ويبرؤون منه ، ويقعون فيه وفي أهل بيته ، وكان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة ، لكثرة من بها من شيعة علي ( ع ) ، فاستعمل عليهم زياد بن سمية ، وضم إليه البصرة ، فكان يتتبع الشيعة وهو بهم عارف ، وأخافهم ، وقطع الأيدي والأرجل ، وسمل العيون ، وصلبهم على جذوع النخل ، وطردهم عن العراق ، فلم يبق بها معروف منهم . وكتب معاوية إلى عماله في جميع الآفاق : أن لا يجيزوا لاحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة . وكتب إليهم : أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل ولايته ، والذين يروون فضائله ومناقبه ، فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم ، واكتبوا إلي بكل ما يروي كل رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته . ففعلوا ذلك حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه ، لما كان يبعثه إليهم معاوية من الصلات والكساء والحباء والقطائع ، ويفيضه في العرب منهم". ومع ذلك بقيت فضائلهم لا تعد ولا تحصى. ذكر البخاري في صحيحه في باب : مناقب علي بن أبي طالب : حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا غندر قال : حدثنا شعبة ، عن سعيد ، قال : سمعت إبراهيم بن سعد عن أبيه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ".
وفي صحيح مسلم من فضائل علي بن أبي طالب يروي:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ وَسُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ كُلُّهُمْ عَنْ يُوسُفَ بْنِ الْمَاجِشُونِ وَاللَّفْظُ لِابْنِ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا يُوسُفُ أَبُو سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي. قَالَ سَعِيدٌ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُشَافِهَ بِهَا سَعْدًا فَلَقِيتُ سَعْدًا فَحَدَّثْتُهُ بِمَا حَدَّثَنِي عَامِرٌ فَقَالَ أَنَا سَمِعْتُهُ فَقُلْتُ آنْتَ سَمِعْتَهُ فَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ فَقَالَ نَعَمْ وَإِلَّا فَاسْتَكَّتَا.و حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ ح و حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ : خَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخَلِّفُنِي فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فَقَالَ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي. حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ َدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ قَالَا حَدَّثَنَا حَاتِمٌ وَهُوَ ابْنُ إِسْمَعِيلَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مِسْمَارٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْدًا فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا التُّرَابِ فَقَالَ أَمَّا مَا ذَكَرْتُ ثَلَاثًا قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَنْ أَسُبَّهُ لَأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُ خَلَّفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ خَلَّفْتَنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نُبُوَّةَ بَعْدِي وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَالَ فَتَطَاوَلْنَا لَهَا فَقَالَ ادْعُوا لِي عَلِيًّا فَأُتِيَ بِهِ أَرْمَدَ فَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ { فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ }
وأورد الحاكم في مستدركه على الصحيحين:
حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي ، ببغداد ، ثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي ، ثنا يحيى بن حماد ، وحدثني أبو بكر محمد بن بالويه ، وأبو بكر أحمد بن جعفر البزار قالا : ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا يحيى بن حماد ، وثنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ، ببخارى ، ثنا صالح بن محمد الحافظ البغدادي ، ثنا خلف بن سالم المخرمي ، ثنا يحيى بن حماد ، ثنا أبو عوانة ، عن سليمان الأعمش قال : ثنا حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي الطفيل ، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقمن ، فقال : « كأني قد دعيت فأجبت ، إني قد تركت فيكم الثقلين : أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله تعالى ، وعترتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض » ثم قال : « إن الله عز وجل مولاي ، وأنا مولى كل مؤمن » ، ثم أخذ بيد علي رضي الله عنه ، فقال : « من كنت مولاه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » « وذكر الحديث بطوله . هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه بطوله ، شاهده حديث سلمة بن كهيل ، عن أبي الطفيل أيضا صحيح على شرطهما.
حدثناه أبو بكر بن إسحاق ، ودعلج بن أحمد السجزي ، قالا : أنبأ محمد بن أيوب ، ثنا الأزرق بن علي ، ثنا حسان بن إبراهيم الكرماني ، ثنا محمد بن سلمة بن كهيل ، عن أبيه ، عن أبي الطفيل ، عن ابن واثلة ، أنه سمع زيد بن أرقم رضي الله عنه يقول : نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة عند شجرات خمس دوحات عظام ، فكنس الناس ما تحت الشجرات ، ثم راح رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية فصلى ، ثم قام خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر ووعظ ، فقال : ما شاء الله أن يقول : ثم قال : « أيها الناس ، إني تارك فيكم أمرين لن تضلوا إن اتبعتموهما ، وهما : كتاب الله ، وأهل بيتي عترتي » ثم قال : « أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم » ثلاث مرات ، قالوا : نعم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من كنت مولاه فعلي مولاه » « وحديث بريدة الأسلمي صحيح على شرط الشيخين »
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ ، حدثني أبي ، ومحمد بن نعيم ، قالا : ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا جعفر بن سليمان الضبعي ، عن يزيد الرشك ، عن مطرف ، عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية ، واستعمل عليهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فمضى علي في السرية فأصاب جارية (2) ، فأنكروا ذلك عليه فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقينا النبي صلى الله عليه وسلم لأخبرناه بما صنع علي ، قال عمران : وكان المسلمون إذا قدموا من سفر بدءوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فنظروا إليه وسلموا عليه ، ثم انصرفوا إلى رحالهم (3) ، فلما قدمت السرية سلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام أحد الأربعة فقال : يا رسول الله ، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا ؟ فأعرض عنه ، ثم قام الثاني ، فقال مثل ذلك ، فأعرض عنه ، ثم قام الثالث ، فقال مثل ذلك ، فأعرض عنه ، ثم قام الرابع ، فقال : يا رسول الله ، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا ، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والغضب في وجهه ، فقال : « ما تريدون من علي ، إن عليا مني ، وأنا منه وولي كل مؤمن » « هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه »
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا الحسن بن علي بن عفان العمري ، وحدثنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ ، ثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي ، قالا : ثنا عبيد الله بن موسى ، ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن المنهال بن عمرو ، عن عباد بن عبد الله الأسدي ، عن علي رضي الله عنه قال : « إني عبد الله ، وأخو رسوله ، وأنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كاذب ، صليت قبل الناس بسبع سنين قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة ».
شعيب بن صفوان ، عن الأجلح ، عن سلمة بن كهيل ، عن حبة بن جوين ، عن علي رضي الله عنه قال : « عبدت الله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع سنين قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة »
حدثناه أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا العباس بن محمد الدوري ، ثنا مالك بن إسماعيل ، ثنا أسباط بن نصر الهمداني ، عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي ، عن صبيح ، مولى أم سلمة ، عن زيد بن أرقم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين : « أنا حرب لمن حاربتم ، وسلم لمن سالمتم.
حدثنا مكرم بن أحمد القاضي ، ثنا أحمد بن علي الأبار ، ثنا إسحاق بن سعيد بن أركون الدمشقي ، ثنا خليد بن دعلج أبو عمرو السدوسي ، أظنه عن قتادة ، عن عطاء ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق ، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف ، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس » « هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه.
أخبرني أحمد بن جعفر بن حمدان الزاهد ، ببغداد ، ثنا العباس بن إبراهيم القراطيسي ، ثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي ، ثنا مفضل بن صالح ، عن أبي إسحاق ، عن حنش الكناني قال : سمعت أبا ذر رضي الله عنه يقول : وهو آخذ بباب الكعبة من عرفني فأنا من عرفني ، ومن أنكرني فأنا أبو ذر سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من قومه ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق ".
قال يوسف بن عبد البر في الاستيعاب : وروي عنه صلى الله عليه وآله : " أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأته من بابه ". انتهى . قال في جامع الأصول : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : " أنا مدينة العلم وعلي بابها " وفي مسند أحمد بن حنبل وصحيح البيهقي : "من أراد أن ينظر إلى نوح في عزمه ، وإلى آدم في علمه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى موسى في فطنته ، وإلى عيسى في زهده فلينظر إلى علي بن أبي طالب " .
ويذكر ابن عبد البر في الاستيعاب كلاما في علي بن أبي طالب(ع) يرفعه إلى مقام الأفضلية، إذ يقول:
وروى عن سلمان وأبي ذر والمقداد وخباب وجابر وأبي سعيد الخدري وزيد بن الأرقم أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أول من أسلم وفضله هؤلاء على غيره.
وقال ابن إسحاق: أول من آمن بالله وبرسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم من الرجال علي بن أبي طالب وهو قول ابن شهاب إلا أنه قال: من الرجال بعد خديجة وهو قول الجميع في خديجة.
حدثنا أحمد بن محمد قال: حدثنا أحمد بن الفضل قال: حدثنا محمد بن جرير قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الدقاق قال حدثنا مفضل بن صالح عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال: لعلي أربع خصال ليست لأحدٍ غيره: هو أول عربي وعجمي صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي كان لواؤه معه في كل زحف، وهو الذي صبر معه يوم فر عنه غيره، وهو الذي غسله وأدخله قبره.
وقد مضى في باب أبي بكر الصديق رضي الله عنه ذكر من قال: إن أبا بكر أول من أسلم.
وروي عن سلمان الفارسي أنه قال: أول هذه الأمة وروداً على نبيها عليه الصلاة والسلام الحوض أولها إسلاماً: علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وقد روى هذا الحديث مرفوعاً عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أول هذه الأمة وروداً على الحوض أولها إسلاماً: علي بن أبي طالبٍ " . ورفعه أولى لأن مثله لا يدرك بالرأي.
حدثنا أحمد بن قاسم حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا الحارث بن أبي أسامة حدثنا يحيى بن هشام حدثنا سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن أبي صادق عن حنش بن المعتمر عن عليم الكندي عن سلمان الفارسي، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أولكم وروداً على الحوض أولكم إسلاماً: علي بن أبي طالب رضي الله عنه " .
وروى أبو داود الطيالسي قال أخبرنا أبو عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون. عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب: " أنت ولي كل مؤمنٍ بعدي " .
وبه عن ابن عباس قال: أول من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد خديجة علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.
حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا أحمد بن زهير بن حرب قال: حدثنا الحسن بن حماد حدثنا أبو عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس قال: كان علي بن أبي طالب أول من آمن من الناس بعد خديجة رضي الله عنهما.
قال أبو عمر رحمه الله: هذا إسناد لا مطعن فيه لأحدٍ لصحته وثقة نقلته وهو يعارض ما ذكرناه عن ابن عباس في باب أبي بكر رضي الله عنه.
والصحيح في أمر أبي بكر أنه أول من أظهر إسلامه كذلك قال مجاهد وغيره قالوا: ومنعه قومه. وقال ابن شهاب وعبد الله بن محمد بن عقيل وقتادة وأبو إسحاق أول من اسلم من الرجال علي. واتفقوا على أن خديجة أول من آمن بالله ورسوله وصدقه فيما جاء به ثم علي بعدها.
وروي في ذلك عن أبي رافع مثل ذلك حدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير قال: حدثنا عبد السلام بن صالح قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال حدثنا عمرو مولى عفرة قال: سئل محمد بن كعب القرظي عن أول من أسلم: أعلي أو أبو بكر رضي الله عنهما قال: سبحان الله علي أولهما إسلاماً وإنما شبه على الناس لأن علياً أخفى إسلامه من أبي طالب وأسلم أبو بكر فأظهر إسلامه ولا شك أن علياً عندنا أولهما إسلاماً.
وذكر الحسن بن علي الحلواني في كتاب المعرفة له قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثنا الليث بن سعد عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن أنه بلغه أن علي بن أبي طالب والزبير رضي الله عنهما أسلما وهما ابنا ثماني سنين. هكذا يقول أبو الأسود يتيم عروة. وذكره أيضاً ابن أبي خيثمة عن قتيبة بن سعيد عن الليث بن سعد عن أبي الأسود وذكره عمر بن شبة عن الخزاعي عن ابن وهب عن الليث. عن أبي الأسود قال الليث: وهاجرا وهما ابنا ثمان عشرة سنة ولا أعلم أحداً قال بقول أبي الأسود هذا.
قال الحسن الحلواني: وحدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن قتادة عن الحسن قال: أسلم علي رضي الله عنه وهو ابن خمس عشرة سنة.
وقال ابن إسحاق: أول ذكر آمن بالله ورسوله علي بن أبي طالب وهو يومئذ ابن عشر سنين.
قال أبو عمر: قيل: أسلم علي وهو ابن ثلاث عشرة سنة وقيل: ابن اثنتي عشرة سنة وقيل: ابن خمس عشرة. وقيل: ابن ست عشرة وقيل ابن عشر. وقيل ابن ثمان.
ذكر عمر بن شبة عن المدايني عن ابن جعدبة عن نافع عن ابن عمر قال: أسلم علي وهو ابن ثلاث عشرة سنة.
وحدثنا معمر عن عثمان الخوزي عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أول من أسلم علي رضي الله عنه.
وذكر أبو زيد عمر بن شبة قال: حدثنا سريج بن النعمان قال: حدثنا الفرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: أسلم علي بن أبي طالب وهو ابن ثلاث عشرة سنة وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة.
قال أبو عمر رحمه الله: هذا أصح ما قيل في ذلك.
وقد روي عن ابن عمر من وجهين جيدين. وروي عن ابن فضيل عن الأجلح عن سلمة بن كهيل عن حبة بن الجوين العرني قال: سمعت علياً رضي الله عنه يقول: لقد عبدت الله قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة خمس سنين.
وروى شعبة عن سلمة بن كهيل عن حبة العرني قال: سمعت علياً يقول أنا أول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال سالم بن أبي الجعد: قلت لابن الحنفية: أبو بكر كان أولهم إسلاماً؟ قال: لا.
وروى مسلم الملائي، عن أنس بن مالك قال: استنبىء النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأثنين وصلى على يوم الثلاثاء.
وقال زيد بن أرقم: أول من آمن بالله بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب. وروى حديث زيد بن أرقم من وجوه ذكرها النسائي وأسد بن موسى وغيرهما منها ما حدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير حدثنا علي بن الجعد حدثنا شعبة قال: أخبرني عمرو بن مرة قال: سمعت أبا حمزة الأنصاري قال: سمعت زيد بن أرقم يقول: أول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وحدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير بن حرب حدثنا أبي، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثنا يحيى بن الأشعث عن إسماعيل بن إياس عن عفيف الكندي عن أبيه عن جده قال لي: كنت أمرأ تاجراً فقدمت الحج فأتيت العباس بن عبد المطلب لأبتاع منه بعض التجارة وكان امرءاً تاجراً فوالله إني لعنده بمنى إذ خرج رجل من خبء قريب منه فنظر إلى الشمس فلما رآها قد مالت قام يصلي. قال: ثم خرجت امرأة من ذلك الخبء الذي خرج منه ذلك الرجل فقامت خلفه تصلي ثم خرج غلام قد راهق الحلم من ذلك الخبء فقام معهما يصلي فقلت للعباس: من هذا يا عباس؟ قال: هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي. قلت: من هذه المرأة؟ قال: هذه امرأته خديجة بنت خويلد. قلت: من هذا الفتى؟ قال: علي بن أبي طالب ابن عمه. قلت ما هذا الذي يصنع؟ قال: يصلي وهو يزعم أنه نبي ولم يتبعه فيما ادعى إلا امرأته وابن عمه هذا الغلام، وهو يزعم أنه سيفتح عليه كنوز كسرى وقيصر. وكان عفيف يقول: إنه قد أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه لو كان الله رزقني الإسلام يومئذ فأكون ثانياً مع علي. وقد ذكرنا هذا الحديث من طرق في باب عفيف الكندي من هذا الكتاب والحمد لله.
وقال علي رضي الله عنه: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا لا يصلي معه غيري إلا خديجة واجمعوا على أنه صلى القبلتين وهاجر وشهد بدراً والحديبية وسائر المشاهد وأنه أبلى ببدر وبأحد وبالخندق وبخيبر بلاءً عظيماً وأنه أغنى في تلك المشاهد وقام فيها المقام الكريم. وكان لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده في مواطن كثيرة وكان يوم بدر بيده على اختلاف في ذلك ولما قتل مصعب بن عمير يوم أحد وكان اللواء بيده دفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي رضي الله عنه.
وروى ابن الحجاج بن أرطاة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال: دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية يوم بدرٍ إلى علي وهو ابن عشرين سنة ذكره السراج في تاريخه. ولم يتخلف عن مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم مذ قدم المدينة إلا تبوك فإنه خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة وعلى عياله بعده في غزوة تبوك وقال له: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي " . وروى قوله صلى الله عليه وسلم: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " جماعة من الصحابة وهو من أثبت الآثار وأصحها رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص. وطرق حديث سعد فيه كثيرة جداً قد ذكرها ابن أبي خيثمة وغيره ورواه ابن عباس وأبو سعيد الخدري وأم سلمة وأسماء بنت عميس وجابر بن عبد الله وجماعة يطول ذكرهم.
حدثنا خلف بن قاسم حدثنا ابن المفسر حدثنا أحمد بن علي حدثنا يحيى بن معين حدثنا عثمان بن معاوية الفزاري عن موسى الجهني عن فاطمة بنت علي قالت: سمعت أسماء بنت عميس تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي " .
حدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم قال: حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا أبي، قال حدثنا نمير عن حجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: " أنت أخي وصاحبي " .
وروى بريدة وأبو هريرة وجابر والبراء بن عازب وزيد بن أرقم كل واحد منهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم غدير خم: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه " . وبعضهم لا يزيد على " من كنت مولاه فعلي مولاه " .
وروى سعد بن أبي وقاص وسهل بن سعد وأبو هريرة وبريدة الأسلمي وأبو سعيد الخدري وعبد الله بن عمر وعمران بن الحصين وسلمة ابن الأكوع كلهم بمعنى واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم خيبر: " لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، ليس بفرار، يفتح الله على يديه " . ثم دعا بعلي وهو أرمد فتفل في عينيه وأعطاه الراية ففتح الله عليه وهذه كلها آثار ثابتة. وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وهو شاب ليقضي بينهم، فقال: يا رسول الله، إني لا أدري ما القضاء. فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده صدره، وقال: " اللهم اهد قلبه، وسدد لسانه " . قال علي رضي الله عنه: فوالله ما شككت بعدها في قضاء بين اثنين.
ولما نزلت: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً " الأحزاب 33. دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة وعلياً وحسناً وحسيناً رضي الله عنهم في بيت أم سلمة وقال: " اللهم إن هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً " .
وروى طائفة من الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه: " لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق " .
وكان علي رضي الله عنه يقول: " والله إنه لعهد النبي الأمي إلي أنه لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق " .
وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا علي ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن غفر الله لك، مع أنك مغفور لك " ؟ قال: قلت: بلى. قال: " لا إله إلا الله الحليم العليم، لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم " . وقال صلى الله عليه وسلم: " يهلك فيك رجلان: محب مفرط، وكذاب مفترٍ " . وقال له: " تفترق فيك أمتي كما افترقت بنو إسرائيل في عيسى " .
وقال صلى الله عليه وسلم: " من أحب علياً فقد أحبني، ومن أبغض علياً فقد أبغضني، ومن آذى علياً فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله " .
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه ".
وقال صلى الله عليه وسلم في أصحابه: " أقضاهم علي بن أبي طالبٍ " .
وقال عمر بن الخطاب: علي أقضانا، وأبي أقرؤنا، وإنا لنترك أشياء من قراءة أبي.
حدثنا عبد الوارث بن سفيان حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا أبو بكر أحمد ابن زهير قال: حدثنا أبو خيثمة حدثنا أبو سلمة التبوذكي حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا أبو فروة قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال عمر رضي الله عنه: علي أقضانا.
وقال أحمد بن زهير حدثنا أبي قال: حدثنا ابن عيينة عن ابن جريح عن ابن أبي ملكية عن ابن عباس قال قال عمر: علي أقضانا قال أحمد بن زهير: حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا مؤمل بن إسماعيل حدثنا سفيان الثوري عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن. وقال في المجنونة التي أمر برجمها وفي التي وضعت لستة أشهر، فأراد عمر رجمها فقال له علي: إن الله تعالى يقول: " وحمله وفصاله ثلاثون شهراً. " الأحقاف 15. الحديث. وقال له: إن الله رفع القلم عن المجنون. الحديث، فكان عمر يقول: لولا علي لهلك عمر.
وقد روي مثل هذه القصة لعثمان مع ابن عباس وعن علي أخذها ابن عباس والله أعلم.
وروى عبد الرحمن بن أذنية الغنوي عن أبيه أذينة بن مسلمة قال: أتيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسألته: من أين أعتمر؟ فقال: إيت علياً فسله، فذكر الحديث. وفيه قال عمر: ما أجد لك إلا ما قال علي.
وسأل شريح بن هانىء عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن المسح على الخفين فقالت: إيت علياً فسله.
وحدثنا عبد الوارث قال: حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير حدثنا مسلم بن إبراهيم. حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن علقمة عن عبد الله قال: كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب.
قال أحمد بن زهير: وأخبرنا إبراهيم بن بشار قال: حدثنا سفيان بن عيينة حدثنا يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: ما كان أحد من الناس يقول: سلوني غير علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه.
قال: وأخبرنا يحيى بن معين قال: حدثنا عبدة بن سليمان عن عبد الملك ابن أبي سليمان قال قلت لعطاء: أكان في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحد أعلم من علي، قال: لا والله ما أعلمه.
قال: وحدثنا فضيل عن عبد الوهاب قال: حدثنا شريك عن ميسرة عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قال: كنا إذا أتانا الثبت عن علي لم نعدل به.
حدثنا خلف بن قاسم حدثنا عبد الله بن عمر الجوهري، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج قال: حدثنا محمد بن السري إملاءً بمصر سنة أربع وعشرين ومائتين قال: حدثنا عمرو بن هاشم الجنبي قال: حدثنا جويبر عن الضحاك بن مزاحم عن عبد الله بن عباس قال: والله لقد أعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم وأيم الله لقد شارككم في العشر العاشر.
وقال الحسن الحلواني: حدثنا وهب بن جرير عن شعبة عن حبيب بن الشهيد عن بن أبي مليكة عن ابن عباس عن عمر أنه قال: أقضانا علي، وأقرؤنا أبي. وحدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن أبي زائدة عن أبيه عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة قال: قال ابن مسعود: إن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب.
قال: وحدثنا يحيى بن آدم وأبو زبيد عن مطرف عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب قال: قال عبد الله: أعلم أهل المدينة بالفرائض علي بن أبي طالب.
انتهى كلام ابن عبد البر.
وهذا قد أثبته أيضا النسائي في الخصائص وابن الجوزي في تذكرة الخواص وابن حجر في الصواعق وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة وكثيرون أثبتوا ذلك.
* * *
ولو شئنا التذكير بفضائل فاطمة وهي أم الأئمة(ع)، لتدرك أن الله قدر لهذا البيت أن يكون الأب خير الرجال والأم أفضل النساء والجد أحمد(ص).
روى الحاكم والإمام أحمد قول رسول الله(ص): (فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها، ويسطني ما ببسطها، وإن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي).
يذكر المناوي في إتحاف السائل: الباب الرابع في خصائصها ومزاياها على غيرها رضي الله عنها، يقول: خصائصها ومزاياها على غيرها وهي كثيرة: الأولى - أنها أفضل هذه الأمة: روى أحمد والحاكم والطبراني عن أبي سعيد الخدري - بإسناد صحيح مرفوعا - (فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم). وفي رواية صحيحة: (إلا ما كان من مريم بنت عمران) فعلم أنها أفضل من أمها خديجة، وما وقع في الأخبار مما يوهم أفضليتها؛ فإنما هو من حيث الأمومة فقط.
وعن عائشة - على الصحيح - بل الصواب. قال السبكي: الذي نختاره وندين الله به: أن فاطمة أفضل! ثم خديجة! ثم عائشة! قال: ولم يخف عنا الخلاف في ذلك، ولكن إذا جاء نهر الله بطل نهر العقل! قال الشيخ شهاب الدين بن حجر الهيتمي: ولوضوح ما قاله السبكي تبعه عليه المحققون.. وممن تبعه عليه: الحافظ أبو الفضل بن حجر؛ فقال في موضع: هي مقدمة على غيرها من نساء عصرها، ومن بعد هن مطلقا.
مناقشة قول ابن القيم: وأما قول ابن القيم: إن أريد بالتفضيل كثرة الثواب عند الله فذاك أمر لا يطلع عليه؛ فإن عمل القلوب أفضل من عمل الجوارح. وإن أريد كثرة العلم فعائشة. وإن أريد شرف الأصل ففاطمة لا محالة، وهي فضيلة لا يشاركها فيها غير أخواتها. وإن أريد شرف السيادة فقد ثبت النص لفاطمة وحدها. وما امتازت به عائشة من فضل العلم لخديجة ما يقابله وأعظم! وهي أنها أول من أجاب إلى الإسلام ودعى إليه، وأعان على إبلاغ الرسالة بالنفس والمال والتوجه؛ فلها مثل أجر من جاء بعدها إلى يوم القيامة. قال: وقيل انعقد الإجماع على أفضلية فاطمة فأين ما عدا مريم؟
مريم أفضل منها إن قلنا بما عليه القرطبي في طائفة من أنها (نبية)، وكذا على قول تقدم نبوتها بقوة الخلاف، وبقصده استثناءها. أعنى مريم في عدة أحاديث من بعضها. بل روى ابن عبد البر عن ابن عباس مرفوعا: (سيدة نساء العالمين مريم، ثم فاطمة، ثم خديجة ثم آسية).
قال القرطبي: وهذا حديث حسن يرفع الإشكال من أصله.
قول الحافظ بن حجر: وقول الحافظ بن حجر: (إنه غير ثابت). إن أراد به نفي الصحة الاصطلاحية فمسلم؛ فإنه حسن لا صحيح. ونص على ذلك الحافظ الجبل ولفظه عن ابن عباس مرفوعا (سيدات نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران فاطمة وخديجة، ثم آسية بنت مزاحم امرأة فرعون) رواه الطبراني في الأوسط وكذا الكبير بنحوه. قال الحافظ الهيثمي: ورجال الكبير رجال الصحيح.
لكن قال بعضهم: لا أعدل ببضعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا وممن صار إلى ذلك: المقريزى والسيوطى. أفضليتها على نساء هذه الأمة: أما نساء هذه الأمة فلا ريب في تفضيلها عليهن مطلقا بل صرح غير واحد أنها وأخوها إبراهيم أفضل من جميع الصحابة حتى الخلفاء الأربعة.
وإن الحديث عن البضعة الطاهرة مما لا حدّ له، وفضائلها مما لا يحصى.
أقول : لا يمكن تحميل ما ورد في السنة في رسالة مختصرة. لكن السنة فاضت بما لا يحصى من تلك الفضائل في شأنية أهل البيت بالجملة أو في فضل أسماء منهم معينين. في طليعة تلك الفضائل حديث الدار وحديث الغدير وحديث المنزلة وأخبار فاضت وتواترت وفضائل صالت وجالت. أدلك على مظانها احترازا من الإطالة وعجزا عن استقصائها واحتياطا عن التصرف فيها والميز بينها. أرشدك إلى فضائل أهل البيت عند المقريزي وفضائل الخمسة في كتب الستة للفيروز آبادي وخصائص الأئمة لسبط بن الجوزي وخصائص الامام علي للامام النسائي و الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي والاستيعاب لابن عبد البر المالكي والفصول المهمة لابن لابن الصباغ المالكي ونور الأبصار للشبلنجي ومسند أهل البيت لأحمد بن حنبل وسائر الصحاح وكتب الفضائل. إنها تكفي لبيان مهزلة من يسعى لحجبها عن الأنظار وتكريس تقية القدامى في عدم تناول فضائلهم كما لو كان معاوية ويزيد وغيرهما من خصومهم لا زالوا بين ظهرانينا.
فهذا أيضا قليل مما انتقينا من فضلهم في السنة مما اشتهر ومما لا يرد ولا يهون. وهو لم يستقص في مظان أهل السنة فكيف يستقصى في محمول الشيعة ومظانها . فانظر تجد أنك في تسويتهم في الفضل والعلم بغيرهم كنت قد خالفت القرآن والسنة معا. فأنت تساوي بينهم وبين من اعترفوا لهم بالفضل والشأنية على أنفسهم من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ومن تبعهم إلاّ من شذّ وشط، وهو شذوذ يؤكد السنة ولا يلتفت إليه. فدعنا نرى هل هم كذلك في شهادة أهل التراجم.
فضلهم وشأنيتهم في التراجم والسير
لم يقتصر الأمر على وجود أخبار في مجاميع المسلمين تذكر بما في ذمة المسلم من تكليف تجاه أهل البيت (ع)، تكليف يبدأ بتفضيلهم على سواهم وينتهى إلى ولايتهم. لقد انبرى أعلام من داخل أهل السنة والجماعة من الحفاظ والمحدثين ومنهم أصحاب مجاميع روائية ، فخصصوا كتبا في فضل أهل البيت لما رأوا أن هناك من يعمل بالليل والنهار للإساءة إليهم وتشويه مدرستهم وما أكثر ما حمل أهل الشيعة على الشيعة كما قال طه حسين ذات مرة. هكذا اتهم هؤلاء الأعلام أنفسهم بالتشيع لما انتصروا لأهل البيت ونشروا فضائلهم نزولا عند التكليف الشرعي. فكتب المحدث النسائي كتاب خصائص أمير المؤمنين كما فعل ابن حجر الهيثمي وهو خصم لذوذ للشيعة في صواعقه لذكر فضائل أهل البيت من الإمام الأول حتى الحجة المنتظر(عج). وله كتاب خاص عن الإمام المهدي أيضا. كما أفرد المقريزي في فضل أهل البيت(ع) كتابا. كما أفرد الحافظ سبط بن الجوزي وهو من تلاميذ ابن تيمية كتاب : تذكرة الخواص من الأمة بذكر خصائص الأئمة . وثمة آخرون. وقد نال بعضهم ضربا مبرحا لهذه المبادرة بل التكليف الشرعي لتذكير الأمة بذلك. وأحسب أن هؤلاء نهضوا بهذه المهمة لشدة ما رأوا من إساءة في حق أهل البيت(ع) شجع عليها الجهل والتجاهل وإرادة القضاء على ذكرهم. وحسب المرء لو اطلع على هذه الأخبار ، أن يجد اتفاقا وتفاهما بين الشيعة والسنة. وأعتقد أن تشيع الانسان سيتحقق لمجرد أن يطلع على ما جادت به هذه الكتب. وهو ما أسميه التشيع الثاوي في ثنايا التسنن. إنّ الكثير من الأعلام السنة لمّا وجدوا الأمة باتت تجهل فضائل أهل البيت ، سرعان ما سلكوا مسلك الشيعة أنفسهم بالتعريف بهم. وبعضهم أراد أن يحارب الشيعة ولمّا أراد أن ينافسهم في ذكر ما أخرجه السنة عن أهل البيت لم يفعل أكثر من أن يعزز موقف الشيعة في ذلك ، من أمثال ابن حجر في صواعقه. وعجبي حينما يروون ما يثبتون به أفضلية الخمسة عن سائر الخلق ثم يعودون فيطلبون من الشيعة أن لا يرتّبوا أثرا على تلك الحقائق ، بل أرادوا منهم أن يتجاوزوها ولا يأخذوها مأخذ الجدّ.
ولسنا في حاجة للاستدلال على فضل علي والحسنين في ما جاء في التراجم وشهادات من عاصرهم فهو مما لا ينكره إلا مسرف ظالم لنفسه. ويكفينا مثال فقط على ذلك ما جاء في الاستيعاب ، حيث ذكر ابن عبد البر حينما يروي عن سلمان وأبي ذر والمقداد وخباب وجابر وأبي سعيد الخدري وزيد بن الأرقم أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أول من أسلم وفضله هؤلاء على غيره. وفي الاستيعاب أيضا : روي عن سلمان الفارسي أنه قال: أول هذه الأمة وروداً على نبيها عليه الصلاة والسلام الحوض أولها إسلاماً: علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وقد روى هذا الحديث مرفوعاً عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أول هذه الأمة وروداً على الحوض أولها إسلاماً: علي بن أبي طالبٍ " . ورفعه أولى لأن مثله لا يدرك بالرأي.
وفيه أيضا يذكر ابن عبد البر: حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا أحمد بن زهير بن حرب قال: حدثنا الحسن بن حماد حدثنا أبو عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس قال: كان علي بن أبي طالب أول من آمن من الناس بعد خديجة رضي الله عنهما. قال أبو عمر رحمه الله: هذا إسناد لا مطعن فيه لأحدٍ لصحته وثقة نقلته وهو يعارض ما ذكرناه عن ابن عباس في باب أبي بكر رضي الله عنه. يقول ابن الجوزي حول فضائل علي ابن ابي طالب في تذكرته: فضائله أشهر من الشمس والقمر وأكثر من الحصى والمدر وقد اخترت منها ما ثبت واشتهر وهي قسمان: قسم مستنبط من الكتاب والثاني من السنة الظاهرة". فهذا سبط ابن الجوزي عالم محدث حافظ حنبلي ظاهري يرى أن فضائل علي بن أبي طالب ثابتة ظاهرة . وهذا يعني أنها ليست من وحي الغلو ولا هي باطنية. ولك أن تسمع ابن عباس يقول في ما يرويه ابن الجوزي :" لو أن الشجر أقلام والبحور مداد والانس والجن كتاب وحساب ما أحصوا فضائل أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه" . ويكفي أن من شهد بفضلهم من كان عاصر علي بن أبي طالب من الصحابة وما قاله التابعون وتابعيهم فيمن عاصرهم من الأئمة من ولده. لا يحتاج الحديث عن علي والحسنين إلى أدلة إضافية لبيان فضلهم الذي لا يضاهيه فضل ، حيث طلب الناس الفضل والتميز والعلم باتباعهم والتقرب منهم وحبهم وموالاتهم. ففضلا عمن خصص لهم كتبا من أعلام السنة نجد في بطن الصحاح السنية ما يؤكد على فضلهم ، إذ ليس المشكل في وجود هذه الأخبار الصحيحة عند السنة بل المشكل بين السنة والشيعة بهذا الخصوص هو مشكل يتعلّق بمستوى الجدّية المطلوبة إزاء هذه التعاليم التي لا تحتمل التأويل. يكفي أن خصص الفيروزأبادي كتابا قيما جمع فيها ما ورد عن فضائلهم من كتب السنة الصحيحة سماه: "فضائل الخمسة في الصحاح الستة". إذن فلنأت بعجالة على ما قيل في حق التسعة من ولد الحسين وهم الأئمة المعنيين هنا بالأفضلية والعلمية والتميز ، من أولئك الذين يكتمل بهم نصاب الإثني عشر إماما تعتقد الشيعة بولايتهم:
الإمام زين العابدين( الإمام الرابع)
مما أورده المزي في فضله من تهذيب الكمال عن محمد بن سعد أنه فى الطبقة الثانية من تابعى أهل المدينة : قال : و كان على بن الحسين ثقة ، مأمونا ، كثير الحديث عاليا ، رفيعا ، ورعا . و قال سفيان بن عيينة عن الزهرى : ما رأيت قرشيا أفضل من على بن حسين . قال مالك : و إن على بن الحسين كان من أهل الفضل و كان يأتيه فيجلس إليه فيطول عبيد الله فى صلاته و لا يلتفت إليه ، فقال له على بن الحسين و هو ممن هو منه ! فقال : لا بد لمن طلب هذا الأمر أن يعنى به . و قال سفيان بن عيينة ، عن الزهرى : ما كان أكثر مجالستى مع على بن الحسين ، و ما رأيت أحدا كان أفقه منه. و قال شعيب بن أبى حمزة ، عن الزهرى : كان على بن الحسين من أفضل أهل بيته ، و أحسنهم طاعة ، و أحبهم إلى مروان بن الحكم و عبد الملك بن مروان . و قال معمر ، عن الزهرى : لم أدرك من أهل البيت أفضل من على بن الحسين . و قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه : ما رأيت فيهم مثل على بن الحسين قط . و قال عبد العزيز بن أبى حازم ، عن أبيه : ما رأيت هاشميا أفضل من على بن الحسين . و قال ابن وهب ، عن مالك : لم يكن فى أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل على بن الحسين ، و هو ابن أمة . و قال أبو بكر بن البرقى : كان أفضل أهل زمانه . و أما الزهرى فحكى عنه أنه قال : ما رأيت هاشميا أفضل منه . و يقال : إن قريشا رغبت فى أمهات الأولاد و اتخاذهن بعد زهادة فيهن حين ولد على بن الحسين ، و قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ : سمعت أبا بكر بن أبى دارم الحافظ بالكوفة يحكى عن بعض شيوخه عن أبى بكر بن أبى شيبة ، قال : أصح الأسانيد كلها : الزهرى عن على بن الحسين ، عن أبيه ، عن على .
و قال الهيثم بن عدى ، عن صالح بن حسان : قال رجل لسعيد بن المسيب : ما رأيت
أحدا أورع من فلان . قال : هل رأيت على بن الحسين ؟ قال : لا ، قال : ما رأيت أورع منه . و قال سعيد بن عامر ، عن جويرية بن أسماء : ما أكل على بن الحسين بقرابته من
رسول الله صلى الله عليه وسلم درهما قط . و قال إبراهيم بن محمد الشافعى ، عن سفيان بن عيينة : حج على بن الحسين ، فلما أحرم و استوت به راحلته اصفر لونه و انتفض و وقع عليه الرعدة ، و لم يستطع أن يلبى ، فقيل له : ما لك لا تلبى ؟ فقال : أخشى أن أقول لبيك ، فيقول لى : لا لبيك . فقيل له : لا بد من هذا ، فلما لبى غشى عليه ، و سقط من راحلته ، فلم يزل يعتريه ذلك حتى قضى حجه . و قال مصعب بن عبد الله الزبيرى ، عن مالك : و لقد أحرم على بن الحسين ، فلما أراد أن يقول لبيك ، قالها فأغمى عليه حتى سقط من ناقته ، فهشم . و لقد بلغنى أن كان يصلى فى كل يوم و ليلة ألف ركعة إلى أن مات ، و كان يسمى بالمدينة زين العابدين لعبادته . و قال عمر بن شبة ، عن ابن عائشة : سمعت أبى يقول : قال طاووس : رأيت على بن الحسين ساجدا فى الحجر ، فقلت : رجل صالح من أهل بيت طيب لأسمعن ما يقول . فأصغيت إليه ، فسمعته يقول : عبيدك بفنائك ، مسكينك بفنائك ، سائلك بفنائك ، فقيرك بفنائك . قال : فوالله ما دعوت بها فى كرب قط إلا كشف عنى . و قال حسين بن زيد ، عن عمر بن على بن الحسين : سمعت على بن الحسين يقول : لم أر للعبد مثل التقدم فى الدعاء ، فإنه ليس كل ما نزلت بلية يستجاب له عندها . قال : و كان على بن الحسين إذا خاف شيئا اجتهد فى الدعاء . و قال جرير أيضا ، عن شيبة بن نعامة : كان على بن حسين يبخل ، فلما مات وجدوه يعول مئة أهل بيت بالمدينة . و قال محمد بن زكريا الغلابى ، عن ابن عائشة ، عن أبيه ، عن عمه : قال أهل المدينة : ما فقدنا صدقة السر حتى مات على بن الحسين . و قال على بن موسى الرضى : حدثنى أبى ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال على بن الحسين : إنى لأستحيى من الله أن أرى الأخ من إخوانى ، فسأل الله له الجنة و أبخل عليه بالدنيا ، فإذا كان يوم القيامة قيل لى : لو كانت الجنة بيدك لكنت بها أبخل و أبخل و أبخل . و قال محمد بن زكريا الغلابى : حدثنا عبيد الله بن محمد بن عائشة ، قال : حدثنى أبى و غيره أن هشام بن عبد الملك حج فى خلافة عبد الملك أو الوليد ، فطاف بالبيت و أراد أن يستلم الحجر ، فلم يقدر عليه من الزحام ، فنصب له منبر ، فجلس عليه و أطاف به أهل الشام ، فبينا هو كذلك إذ أقبل على بن الحسين عليه إزار و رداء أحسن الناس وجها و أطيبهم رائحة ، بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز ، فجعل يطوف بالبيت فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحى له الناس عنه حتى يستلمه هيبة له و إجلالا ، فغاظ ذلك هشاما ، فقال رجل من أهل الشام لهشام : من هذا الذى قد هابه الناس هذه الهيبة فأفرجوا له عن الحجر ؟ فقال هشام : لا أعرفه . لئلا يرغب فيه أهل الشام ; فقال الفرزدق و كان حاضرا : لكنى أعرفه ، فقال الشامى : من هو يا أبا فراس ؟ فقال الفرزدق :
هذا الذى تعرف البطحاء وطأته و البيت يعرفه و الحل و الحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقى النقى الطاهر العلم
إذا رأته قريش قال قائلها إلى مكارم هذا ينتهى الكرم
ينمى إلى ذروة العز التى قصرت عن نيلها عرب الأقوام و العجم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.