بعد تأكيداتِ مصادر مطلعة لجريدة هسبريس الإلكترونية أن وزارة الداخلية قررت إعفاء فريد شوراق من مهامه كوالٍ على جهة مراكشآسفي وعامل لعمالة مراكش، مع استدعائه إلى مصالحها المركزية بالرباط؛ بالموازاة مع تعيين رشيد بنشيخي، عامل إقليمالحوز، والياً بالنيابة على الجهة، في انتظار تعيين وال جديد على الجهة من طرف الملك محمد السادس، شكّل القرار "مفاجأة" للبعض، فيما لم يستغربه البعض الآخر من متتبّعي الشأن العام بالمملكة؛ بيد أن كثيرين ربطوا الإعفاء بواقعةِ ظهور الوالي المعفى في شريط انتشر على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي خلال عيد الأضحى المبارك؛ وهو بصدد نحر أضحية العيد، مصرحا أمام الحاضرين بأنها نيابة عن ساكنة الجهة، في تصرف من مسؤول ترابي جهوي أثار جدلا واسعاً مازال مستمرا واستفهامات حول دلالاته وأبعاده بين النشطاء والمتابعين. وتضمنت تفاعلات وتعليقات أساتذة باحثين في القانون العام والشؤون الإدارية – ممّن تحدثت إليهم هسبريس- ربطاً لدلالات وتداعيات هذه الخطوة مع حرص وزارة الداخلية على "تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وضمان الالتزام الصارم بالضوابط الأخلاقية والقانونية المنظمة لعمل رجال السلطة" بالمملكة، باعتبارهم ممثلين للسلطة التنفيذية في مجالات ترابية معينة. "رسالة واضحة" يرى رضوان اعميمي، أستاذ القانون الإداري بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن الأمر "يندرج في سياق طبيعي دأبت عليه المصالح المركزية لوزارة الداخلية من خلال إقرار المسؤولية الشخصية أو الإدارية لهيئة رجال ونساء السلطة"، بوصفه "مسارا عادة ما ينبني على وجود شبهة اختلالات في عمل هذه الهيئة التي تعتبر ركيزة أساسية لتمثيل الدولة على الصعيد الترابي، وفاعلا أساسياً ضمن العمل الترابي المركزي، خاصة بعد سنة 2018 وما منحه ميثاق اللامركزية الإداري من اختصاصات لهذه الفئة؛ خاصة الولاة". وتابع اعميمي، ضمن حديثه مصرحاً لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن "هذا الإجراء الاستباقي هو رسالة واضحة بشأن عدم استثناء أيّ مسؤول من المساءلة القانونية التي تعتبر مبدأ دستوريا راسخاً". لابد من الإشارة أيضاً، يضيف أستاذ القانون الإداري، إلى أن "الدينامية التي عرفتها مجموعة من المؤسسات الدستورية (وسيط المملكة، الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، رئاسة النيابة العامة...) مؤشر على تشبّث الدولة بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وإعطائه نفَساً جديدا". وقال المتحدث مستدلا على فكرته إن "المغرب أصبح محط الأنظار وفي قلب الدينامية الدولية على مجموعة من المستويات؛ إذ تتوجه قضية الصحراء المغربية نحو الحسم، مع توالي الاعتراف بمغربية الصحراء وبجدية مقترح الحكم الذاتي، ما يتطلب تعزيز منظومة اللّامركزية الترابية ببلادنا لاستيعاب هذه الدينامية، خاصة على مستوى تجويد أدائها وحكامتها التي تتطلب يقظة كبيرة على مجموعة من المستويات، وخاصة مستوى ربط المسؤولية بالمحاسبة". ومن جهة أخرى يؤكد المصرح للجريدة معطى "إقبال المغرب على مجموعة من الأحداث الدولية الكبرى، ما يجعله في حاجة أكبر إلى إعمال وإنفاذ آليات التدبير العمومي الحديثة، التي ستضمن الوفاء بالالتزامات الدولية بمختلف أبعادها، إذ يشكل فيها كذلك نظام المساءلة إحدى الركائز الأساسية"، بتعبيره. الدور الرقابي لم يذهب بعيدًا عن مسار القراءة السابقة لحدث "إعفاء شوراق" العباس الوردي، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، مؤكدا أنها "مسطرة ذات صلة وثيقة بالدور الرقابي لوزارة الداخلية على ممثلي السلطة التنفيذية في الولايات والعمالات". وفي تصريحه لهسبريس قال الوردي إن "هناك إجراءات توقيف ومساءلة للقائمين على تدبير الشأن العام، تتضمن تقديم دلائل والاستماع إليهم كإجراء أولي"، مستحضرا دلالات ورمزية قوية لمنصبي الوالي والعامل، "اللذين يمثلان السلطة التنفيذية ويجب أن يكونا قدوة للساكنة، كما أنهما يتمتعان بصفتهما كضابطين للشرطة الإدارية". وأضاف محلل الشؤون القانونية مستدعيا خلفيات الإعفاء في ظل أنه "كانت هناك إهابة ملكية لعدم ذبح أضحية العيد لهذه السنة بسبب الظروف الراهنة للقطيع الوطني وتراجعه لعوامل موضوعية"، متوقعا أن "تصدر وزارة الداخلية بياناً يوضح الخروقات إن وجدت". ولفت الوردي إلى أن "المحاسبة والمساءلة تعتبران جزءاً من التغيير الذي تشهده البنية التدبيرية في المغرب « ما بعد دستور 2011 »"، مؤكدا أن "تطبيق القانون وإنفاذه سيكون الفيصل في تأكيد أو نفي الأخبار المتداولة عن ذبح الأضحية". ولم يفت المصرح للجريدة أن يدعو إلى "عدم التسرع في إصدار الأحكام (هل فعلاً يتعلق الأمر بإعفاء أم مجرد توقيف عن المهام....)، مع وجوب انتظار ما قد سيؤول إليه مسار استفسار الوالي المعني"، مفيدا بأن "الولايات في الجهات مؤسسات للدولة تعتبر قدوة موجِّهة للبنية المواطناتية ويتعين عليها التقيّد بذلك". جدير بالتذكير أن مصدراً مطلعا أكد للجريدة أن استدعاء الوالي شوراق إلى المصالح المركزية يعد "إجراء إداريا أوليا غالبا ما يسبق فتح تحقيق معمق في ملابسات الواقعة، وتحديد ما إذا كان التصرف المعني يشكل تجاوزا لصلاحيات رجل السلطة".