ما أبشع أن يتحوّل المرء من سجين سابق في قضايا الإرهاب إلى بوق تحريضي يطالب علناً إسبانيا بتزويد الانفصاليين بالسلاح والذخيرة لمهاجمة المغرب! هذا ما فعله علي أعراس، الذي لا يملّ من محاولاته الفاشلة لتلميع صورته عبر أقنعة زائفة: تارة عبر جلباب "الاعتقال السياسي"، وتارة باسم "المظلومية". غير أن حقيقته واضحة كالشمس: رجل ارتبط اسمه بالإرهاب والسلاح، ولم يعرف يوماً معنى النضال المدني أو الالتزام الوطني. أعراس لا يكتفي بتشويه نفسه، بل يحاول أن يجرّ معه مجموعات بئيسة من الانفصاليين وأتباع البوليساريو وبعض الأصوات الجزائرية، ليصنع من نفسه "زعيماً" لمعركة لا وجود لها إلا في مخيلته. لكن أي "مغربي" هذا الذي يستجدي الأجنبي كي يمدّه بالرصاص والمتفجرات ليستهدف بلده؟ وأي "مناضل" هذا الذي يرى في الدماء المغربية وقوداً لأوهامه؟ إن من يفعل ذلك لا يمكن أن يكون إلا خائناً بكل المقاييس: خان وطنه، وخان أهله، وخان حتى القيم التي يدّعي الدفاع عنها. خطاب أعراس الأخير يكشف إفلاسه السياسي والفكري معاً. فحين تنعدم الحجّة، لا يبقى سوى التهديد والوعيد، معتقداً أن دعواته ستمنحه شرعية مفقودة. لكنه يجهل أن المغرب أقوى من أن تهزه دعوات المرتزقة، وأن وحدته الوطنية أصلب من أن تنال منها صرخات مأجورة. والأدهى أن أعراس يحاول تغليف تحريضه على القتل بعبارات "حقوقية ونضالية". عن أي حقوق يتحدث من يطلب علناً إدخال السلاح إلى المغرب؟ وعن أي عدالة يتحدث من يضع نفسه في صفّ الانفصال ويستقوي بالأجنبي على بلده؟ الحقيقة أن علي أعراس لم يكن يوماً مناضلاً، بل كان، ولا يزال، أداة في أيدي خصوم المغرب، يستهلكونه لإذكاء العداء، ثم يرمونه عندما تنتهي صلاحيته. إن خطورة مثل هذه الأصوات أنها تسعى لتطبيع العنف وتحويله إلى خطاب سياسي مشروع. وهنا يكمن التحدي: مواجهة هذه الأكاذيب والفضح المستمر لحقيقتها. فالمغاربة يعرفون جيداً أن أمثال أعراس لا يملكون مشروعاً ولا رؤية، سوى إثارة الفوضى وإعادة إنتاج الأوهام. ومن يراهن على الانفصال أو على الرصاص فلن يحصد إلا الخيبة. علي أعراس ومن يسير في ركبه أسماء عابرة في سجل الخيانة. يظنون أن بإمكانهم أن يكتبوا مجداً زائفاً من وراء الحدود، لكن الأمجاد تُكتب على أرض الواقع: في المصانع والجامعات والحقول والحدود، لا في خيالات مأزومة ولا في مؤتمرات هامشية. المغرب يبني ويتقدّم، وهم يراوحون مكانهم في مستنقع الوهم.