علمت هسبريس من مصادر جيدة الاطلاع بإخضاع عناصر من المفتشية العامة للمالية ملفات سندات طلب Bons de commande بقيمة فاقت 130 مليون درهم، أي 13 مليار سنتيم، للافتحاص، بعد توصلها بمعطيات عن شبهات تلاعب وتفضيل عروض شركات محددة رغم وجود منافسين بأثمان أقل، موضحة أن مؤسستين عموميتين لجأتا إلى تشطير نفقات مبرمجة خلال السنوات المالية الأربع الأخيرة من أجل تمرير صفقات تجاوزت السقف المحدد ب 500 ألف درهم (50 مليون سنتيم) المسموح به في إطار سندات الطلب، بهدف تفادي مسطرة طلبات العروض. وأفادت المصادر ذاتها بتركيز المفتشين على افتحاص وثائق ومستندات صفقات مشبوهة، قصد التحقق من مدى احترام الجهات أصحاب المشاريع مقتضيات مرسوم الصفقات العمومية، خاصة ما يتعلق بنشر إعلان الشراء بسند في البوابة الإلكترونية للصفقات العمومية، واستقبال عروض جميع المتنافسين ومنح السند لصاحب العرض الأقل ثمنا. وأكدت مصادر الجريدة اطلاع عناصر الرقابة المالية على تقارير افتحاص داخلية لمقاولة عمومية بشأن سندات طلب أبرمتها خلال السنتين الماضية والجارية، وذلك في سياق افتحاص وجرد شامل للمعاملات المالية المنجزة من قبلها ومقارنتها مع محاضر التأشير بالصرف الواردة عليها، مشددة على توجيه استفسارات لمصلحة المشتريات والصفقات بالوحدة موضوع التدقيق، من أجل تبرير أسباب إرساء "سندات" على مقاولات قدمت عروضا أثمان أعلى من منافساتها. وأرجع المجلس الأعلى للحسابات في مذكرة سابقة حول تنفيذ النفقات العمومية بواسطة "سندات الطلب" غياب المنافسة الحقيقية في هذا المجال إلى ضعف نظام المراقبة الداخلية المرتبط بهذه المسطرة، بعدما سجل لجوء عدد من الجهات إلى تجزئة النفقات لتفادي سلك المساطر القانونية المرتبطة بطلبات العروض، مستغلين الطبيعة التيسيرية للسندات، التي تُعد آلية استثنائية مخصصة في الأصل لتبسيط إبرام الصفقات العمومية، خصوصا لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة. وشدد المجلس في مذكرته على أن الممارسات المشار إليها أدت إلى تحايل على مبدأ التنافس، إذ تم الوقوف على حالات يتم فيها إسناد الطلبات إلى المقاول نفسه، رغم تقديم عروض صادرة، ظاهريا، عن متنافسين آخرين، تكون في الواقع عبارة عن بيانات أثمان صورية أو مجاملة. وكشفت مصادر هسبريس عن رصد مفتشي المالية إفراد مقاولات ومؤسسات عمومية في اللجوء إلى سندات الطلب من أجل تنفيذ أشغال والتزود بتجهيزات، وتورط مسؤولين وموظفين عموميين، وردت أسماؤهم في شكايات مرفوعة من قبل مقاولات متضررة ومقصية من صفقات عمومية، طالتهم شبهات استغلال الهامش القانوني المذكور لتفويت صفقات لشركات تربطهم بها علاقات مصالح ومنافع متبادلة. وامتدت مهام التفتيش الجارية، وفق مصادر الجريدة، لتشمل صفقات أخرى، حامت حولها شبهات تواطؤ وتمكين أطراف بعينها من الفوز بها خارج إطار المنافسة، بعدما أظهرت مؤشرات مالية ومحاسبية لمؤسسات ومقاولات عمومية تعرضها لأضرار وخسائر مالية بسبب هدر تمويلات عمومية في عروض أعلى سعرا وأقل جودة. يشار إلى أن مقتضيات المادة 88 من المرسوم رقم 2.12.349 الصادر في 20 مارس 2013، المتعلق بالصفقات العمومية، نصت بشكل واضح على وجوب خضوع الأعمال المنجزة بسندات الطلب لمنافسة مسبقة، مع تحديد مواصفات ومحتويات الأعمال المطلوب تنفيذها سلفا، علما أن الممارسة العملية أظهرت احتكار شركات معينة هذه السندات على مدى سنوات، وذلك عبر اعتماد منافسات صورية دون استشارات كتابية من قبل متنافسين، إضافة إلى تقديم بيانات أثمان غير مرقمة أو غير مؤرخة.