تواجه الشركات الإيطالية المزودة لخدمات النقل العمومي، على غرار شركة "ستارت رومانيا" التي تدير أسطول النقل في مقاطعات "رافينا" و"فورلي-تشيزينا" و"ريميني"، نقصًا حادًا في السائقين، الأمر الذي دفعها إلى إعلان التعاون مع وكالة توظيف في المغرب لاستقطاب سائقين لسد هذا النقص وضمان استمرار الخدمات النقلية. وأورد أندريا كورسيني، رئيس الشركة سالفة الذكر، في تصريحات إعلامية: "مشكل النقص في السائقين الذي نعاني منه يؤثر على جودة الخدمة التي يمكننا تقديمها، وبالتالي على القدرة التنافسية للشركة. فحين يكون العدد قليلًا تكفي بعض الغيابات لإجبارنا على إلغاء الرحلات، ما يؤدي إلى تراجع عدد التذاكر وزيادة استياء الركاب". وشرح المتحدث ذاته أن دينامية التوظيف في هذا القطاع تغيرت، إذ "لم يعد الأمر مرتبطًا فقط بالراتب، الذي هو بالمناسبة أعلى من راتب موظف بلدي، بل لأن العمل كسائق حافلة أصبح أقل جاذبية، خصوصًا في صفوف الشباب، لأنه يشمل العمل مساءً وفي العطل الرسمية، وأحيانًا يتطلب التعامل مع حوادث صغيرة من الجرائم". وتوقع كورسيني انضمام عشرة سائقين جدد إلى الشركة بحلول يناير المقبل رغم عدم كفاية هذا الرقم، مبرزا أن "إستراتيجيات الشركة تتضمن برامج تدريب تشمل الحصول على رخصة القيادة على نفقة الشركة، بقيمة 2-3 آلاف يورو، يقوم العامل بسدادها في شكل أقساط"، وزاد مستدركا: "لكن هذا أيضًا لا يكفي بسبب ضعف الإقبال، ولذلك نبحث عن سائقين في الخارج، وقد بدأنا التواصل مع وكالة توظيف لإجراء اختبارات في المغرب بين من لديهم رخصة قيادة مسبقة، ستحتاج لاحقًا إلى تحويلها لرخصة أوروبية". وأكد المسؤول نفسه أن "الشركة تدرس أيضًا تقديم حوافز خاصة للعمال، على غرار تقديم مساهمات للإيجارات، أو برنامج 'أحضر صديقًا'"، مردفا: "نفكر في تقديم حوافز للموظفين الذين يجلبون معارف مهتمين بالعمل"، وأضاف: "بينما تُجرى عملية البحث عن السائقين نستثمر أيضًا في وسائل النقل نفسها، بحيث لدينا خطة بقيمة 120 مليون يورو لاقتناء 340 وسيلة نقل جديدة بحلول 2028". ويُعد نقص السائقين مشكلة عامة في كل أنحاء إيطاليا، إذ تقدر جمعية النقل (Asstra)، التي تضم شركات النقل العمومي في البلاد، الحاجة الحالية ب800 ألف سائق على المستوى الوطني. في هذا الصدد قال رشيد فايق، سائق مهني مغربي في إيطاليا، إن "هذا البلد الأوروبي يعاني بالفعل من خصاص مهول في عدد السائقين المهنيين، سواء سائقي الشاحنات أو الحافلات"، متابعا: "الشركات في حاجة إلى اليد العاملة التي لا يستطيع سوق الشغل المحلي توفيرها، ولذلك تلجأ إلى استقطاب السائقين من الدول الأجنبية، ومنها المغرب". وأوضح فايق، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الندرة الملحوظة في السائقين المهنيين في إيطاليا تفتح آفاقًا واعدة أمام الباحثين عن فرص عمل في هذا المجال، فيما تعتبر هذه الحاجة المتزايدة للسائقين فرصة تنافسية، إذ تمنح المترشحين إمكانية التفاوض على شروط عمل أفضل، بما يشمل الرواتب والحوافز"، مضيفًا: "مثلًا إذا غادر سائق مهني عمله في شركة، إما لأنه لم يعجبه أو لسبب ما، فمن السهل عليه جدًا الحصول على عمل آخر وفي وقت وجيز". وواصل المتحدث ذاته بأن "دخول اتفاقية الاعتراف المتبادل برخص السياقة التي وقعتها إيطاليا مع المغرب حيز التنفيذ يسهل اندماج السائقين المغاربة في سوق العمل الإيطالي، رغم وجود بعض الصعوبات في ما يخص البطاقة المهنية"، مشددًا على أن "الشركات باتت تفضل السائقين المغاربة بسبب مهنيتهم وقلة الحوادث التي يتسببون فيها وتجربتهم أيضًا في هذا المجال".