إن القرار الملكي بإقرار يوم 31 أكتوبر من كل سنة عيداً وطنياً، يعد قراراً تاريخياً بامتياز. أصبحنا اليوم نتحدث عن عيد الوحدة، عيد ترسيخ السيادة المغربية على الصحراء، عيد المجد والنصر والشموخ. فبقراءة بلاغ الديوان الملكي نجد أنه استند إلى القرار الأممي الأخير الصادر عن مجلس الأمن تحت رقم 2797/2025، وهذا الأخير جاء تتويجاً لعمل الدبلوماسية الملكية الناعمة، التي أتت أُكُلها وثمارها طيلة ربع قرن من الزمن. إن عيد الوحدة يجسد تاريخ انتصار الدبلوماسية المغربية على خصوم الوحدة الترابية، ويؤكد مرة أخرى أننا أصبحنا في مرحلة ما بعد النزاع المفتعل. فلم يعد لمصطلحات "تقرير المصير" أو "الاستفتاء" أي وجود، وأصبحنا اليوم نتحدث عن مبادرة الحكم الذاتي. هذه المبادرة الملكية السامية، التي تقدم بها المغرب سنة 2007، لم تعد مجرد مبادرة مغربية بل أصبحت إطاراً أممياً، تبناه مجلس الأمن الدولي، وأصبحت الإطار المرجعي الوحيد والأبدي. إن بلاغ الديوان الملكي جاء بلغة أكثر دقة ووضوحاً، بحيث سيظل الاحتفال بذكرى المسيرة الخضراء المظفرة دون توجيه خطاب ملكي سامٍ، مما يعني أننا انتقلنا من مرحلة توجيه خطاب يقدم فيه جلالة الملك -أسماه الله وأعز أمره- آخر المستجدات في ملف الصحراء المغربية، إلى مرحلة إنهاء النزاع، إلى مرحلة الطي النهائي للملف. احتفظ جلالة الملك -حفظه الله ورعاه- بحق توجيه الخطاب الملكي السامي تماشياً مع الفصل 52 من الدستور فقط في مناسبتين: الأولى عيد العرش المجيد، وهي مناسبة مهمة يتم فيها تجديد العقد الاجتماعي بين الدولة والمجتمع، ويتم تحيين الأجندات الملكية وعرض مشاريع وبرامج جديدة، ورسم تصورات وسياسات عامة وتوجيه السياسات العمومية والقطاعية. ثم الثانية بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان تماشياً مع الفصل 65 من الدستور، لما له من دور كبير في توجيه العمل البرلماني، على اعتبار أن البرلمان يلعب دوراً هاماً في الحياة العامة، نظراً للاختصاصات الدستورية المنوطة به من تشريع ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية، تماشياً مع الفصل 70 من الدستور. وبالتالي فإن جلالة الملك -نصره الله وأيده- يسهر على تجويد العمل البرلماني خدمة للمصالح العليا للوطن. والملاحظ أيضاً أن بلاغ الديوان الملكي ترك السلطة التقديرية لجلالة الملك -حفظه الله ورعاه- في توجيه الخطاب السامي في أي وقت، على اعتبار أن جلالته هو أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين ورئيس الدولة، بموجب الفصلين 41 و42 من الدستور. وجدير بالذكر أن بلاغ الديوان الملكي أكد بأنه في هذه المناسبة الوطنية المهمة سيقوم جلالة الملك -أسماه الله وأعز أمره- بإصدار عفوه السامي بموجب الفصل 58 من الدستور، وهي إشارة قوية إلى قيم التسامح والإنسانية التي يتمتع بها الملوك العلويون الكرام. انتقلنا يوم 31 أكتوبر 2025 من المسيرة الخضراء، المسيرة التي استرجعنا فيها الأقاليم الجنوبية الغالية، إلى مسيرة الوحدة والتنمية في ظل القيادة الرشيدة والمتبصرة لجلالة الملك محمد السادس -نصره الله وأيده-، ونحن اليوم أمام تنزيل مبادرة الحكم الذاتي، هذه المبادرة التي حظيت بالدعم الدولي وتصويت بالأغلبية الساحقة، إذ تم إقبار الأطروحات الانفصالية التي كان يروج لها أعداء الوحدة الترابية.