أفادت مصادر عليمة هسبريس بأن لجان تفتيش مركزية تابعة للمجلس الأعلى للحسابات رفعت وتيرة عمليات تدقيق مستمرة في ملفات قضائية برفوف مصالح الشؤون القانونية والإدارية والمنازعات داخل مؤسسات ومقاولات عمومية ومرافق للدولة مسيرة بصورة مستقلة، موضحة أن هذا التحرك يأتي في إطار افتحاص نوعي لفواتير وتكاليف التقاضي، ورصد اختلالات في تدبير دعاوى معروضة أمام المحاكم. وأكدت المصادر ذاتها توصل قضاة الحسابات بمؤشرات خطيرة حول تورط موظفين ومسؤولين عموميين في تحميل إداراتهم ورهن مستقبلها المالي في تعويضات مالية ضخمة مستحقة بذمتهم، بسبب الامتناع عن تنفيذ أحكام قضائية والتقاعس عن تتبع الملفات، مشددة على تضمين المفتشين تقاريرهم ملاحظات أولية بخصوص ضعف توفير الوثائق اللازمة بمؤسسات عمومية وسوء التنسيق مع الوكيل القضائي للمملكة، فيما اطلعوا على مضامين شكايات وتظلمات خصوم، أكدوا فيها لجوءهم إلى القضاء بعد رفض عدد من الإدارات المعنية تسوية نزاعات بسيطة بوسائل ودية. وكشفت المصادر نفسها رصد عمليات التدقيق الجارية اختلالات في سلوك المساطر الإدارية قبل الانتقال إلى مراحل التقاضي أمام المحاكم الإدارية والتجارية، خصوصا في حالات فصل وإنهاء مهام موظفين عموميين، مؤكدة توقف قضاة الحسابات خلال افتحاص ملفات دعاوى قضائية رائجة، وأخرى بلغت مراحل التنفيذ النهائي بعد استنفاد جميع درجات التقاضي، عند تقاعس مسؤولين بمصالح الشؤون القانونية والإدارية عن تتبع ملفات والتفاعل مع إجراءات قانونية، من خلال توفير محاضر ووثائق ضبط وتقارير داخلية لخدمة جهود الدفاع أمام القضاء، ومسك أرشيف إجراءات ومراسلات إدارية، ما تسبب في هدر حقوق إدارات وتحميلها مبالغ تعويضات ضخمة عن أحكام صادرة ضدها. وحسب مصادر هسبريس، استوقفت أحكامٌ صادمة صادرة عن القضاء الإداري ضد مؤسسات ومقاولات عمومية ومرافق للدولة مسيرة بصورة مستقلة قضاةَ مجلس الحسابات، تحديدا الحكم الصادر ضد إدارة المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء، حيث ما زال المدير ممتنعا عن تنفيذ حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به في دعوى جبر ضرر رفعها نقابي يعمل تقنيا سابقا، استحق بموجبها تعويضا قدره 650 مليون سنتيم، مؤكدة أن الأمر يتعلق بملف عزل تعسفي تعرض له المعني بالأمر سنة 2003، لجأت فيه الإدارة إلى الامتناع عن التنفيذ، رغم صدور حكم نهائي عن المحكمة الاجتماعية يقضي بإرجاعه إلى عمله وتمكينه من مستحقاته. من جهته، أكد أحدث تقرير سنوي للوكالة القضائية للمملكة توصُّلَ المؤسسة بما مجموعه 18395 قضية واردة من المحاكم ومصالح رئاسة الحكومة وشركاء من الإدارات والمؤسسات العمومية، فيما تصدرت القضايا المعروضة على القضاء الإداري قائمة النزاعات ب10384 قضية، تلتها القضايا المعروضة على القضاء العادي ب7144 قضية، فيما لم تتجاوز ملفات المساطر الحبية 4 في المائة من الإجمالي، مبرزا تسجيل جهة الرباط-سلا-القنيطرة أعلى نسبة من المنازعات ب30,65 في المائة، متبوعة بجهتي الدارالبيضاء-سطات ومراكش-آسفي، ما يمثل أكثر من 70 في المائة من القضايا المسجلة وطنيا. وانعطفت مهام التدقيق الجارية من قبل قضاة الحسابات، وفق مصادر هسبريس، نحو التثبت من سقوط متقاضين، غالبيتهم مقاولون سبق لهم إنجاز مشاريع لفائدة مؤسسات ومقاولات عمومية، ضحايا لابتزاز مسؤولين وموظفين عموميين، فرضوا عليهم الحصول على عمولات ورشاوى لغاية تمكينهم من تنفيذ أحكام قضائية لصالحهم وتحصيل قيمة تعويضات مرتبطة بها، موضحة أن أحكاما نهائية ظلت تراوح مكانها بسبب صعوبات التنفيذ، وفرض مسؤولين "قيودا" لتسريع تنفيذها، بالنظر إلى عدد الأحكام ضد إدارات عمومية.