لفتيت يحذر المشبوهين بالابتعاد عن الانتخابات وإلا سيتم إبعادهم    كأس العرب لكرة القدم (قطر 2025)..طارق السكتيوي: "سنخوض المنافسة ونحن عازمون على التتويج وتشريف المغرب"    بعد هدف البرازيل .. أشبال الأطلس يودعون كأس العالم تحت 17 سنة    ولد الرشيد: المغرب يعتمد سياسة متكاملة تجعل من الارتقاء بالقدرات الإفريقية مسارا إستراتيجيا    "لجنة تسيير الصحافة" تقاضي المهداوي    توقيف التيكتوكر مولينيكس بمطار مراكش ونقله إلى طنجة للتحقيق    بن هنية: "صوت هند رجب" يتخلّد حين يصل نفس الشعور إلى كافة الناس    وزارة التربية الوطنية تحدد المناطق النائية ... و"اللجنة" تواصل دراسة التقليص    بورصة البيضاء تنهي التداولات بارتفاع    "العدالة والتنمية" يرفع مقترحاته لتحديث مبادرة الحكم الذاتي للصحراء    النفط يواصل التراجع نتيجة ارتفاع الدولار    توظيف مالي مهم من فائض الخزينة    الحسيمة.. فتح تحقيق أمني بعد سماع دوي طلق ناري في بني بوعياش    الداخلة: المركز الدولي للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال يوقع أربع مذكرات تفاهم مع مؤسسات إفريقية لمكافحة تجنيد الأطفال    يونيسف تحصي مقتل طفلين فلسطينيين على الأقل يوميا في غزة منذ وقف إطلاق النار    الاتحاد الأوروبي يصفع دعاة الانفصال ويجدد عدم الاعتراف بالكيان الوهمي        صاحبة الجلالة أم "صاحبة جلال"    مندوبية بنموسى.. معدلات التضخم تواصل منحاها التراجعي    حظر جمع وتسويق الصدفيات بتارغة-الشماعلة وجنان النيش-أمتار الغرب    وفاة رضيع في الطرامواي تولد في العراء الطبي بسلا تهز الرأي العام    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    المنتخب المغربي للسيدات داخل القاعة ينهزم أمام نظيره الأرجنتيني    صحف إسبانية .. المغرب يؤكد مكانته على قمة كرة القدم العالمية    الاتحاد العام للفلاحين يتدارس ملف إعادة تشكيل القطيع الوطني    المطر يُعرّي أخطاء البشر !    من 28 نقطة… النص الحرفي لخطة ترامب لوقف الحرب في أوكرانيا    حكيمي وبن صغير في القوائم النهائية لجوائز "غلوب سوكر"    بعد الهدنة في لبنان.. حصيلة دموية ثقيلة إثر استهدافات الإسرائيلية    لوحة بورتريه لفريدا كاهلو تصبح أغلى عمل فني من إنجاز امرأة    اختتام مهرجان سينما الذاكرة المشتركة بالناظور وتتويج أبرز الأعمال    القوة الجوية المغربية تقتني 10 مروحيات "إتش 225 إم" من إيرباص    "الأول يكشف تفاصيل استنطاق "بوز فلو".. الرابور أمام القضاء بسبب اتهامات مرتبطة بمضامين أغانيه    تتويج سفير المغرب لدى الأرجنتين ضمن "قادة التحول في أمريكا اللاتينية"    مراكش: استئناف هدم مساكن العسكريين وقدماء المحاربين... وتعويضات تشمل بقعاً أرضية ومساعدات للبناء    اعتداء خطير بمستعجلات مستشفى بني ملال يخرج النقابة الوطنية للصحة للاحتجاج والتصعيد    كيوسك الجمعة | المنظومة المؤطرة للانتخابات تهدف إلى تخليق العملية الانتخابية والسياسية    مدرب مارسيليا: أكرد لاعب لا يعوض.. وعلينا التأقلم مع غيابه    خطف 52 تلميذا من مدرسة بنيجيريا    المغرب يرتقي إلى المرتبة السادسة عالميا في مؤشر الأداء المناخي 2026    سيراليون تجدد دعمها للوحدة الترابية للمغرب وتعبر عن ارتياح بالغ باعتماد القرار التاريخي 2797    المغربي إدريس علواني يحصد الميدالية البرونزية في بطولة إفريقيا للدراجات    مهرجان الدوحة السينمائي 2025 يفتتح فعالياته معززاً مكانة قطر في المشهد السينمائي العالمي    أجهزة قياس السكري المستمر بين الحياة والألم    زلزال بقوة 5,5 درجات يضرب بنغلادش    المكسيكية فاطمة بوش تتوَّج ملكة جمال الكون بعد جدل واسع    اليوم.. فتيان الأطلس يواجهون البرازيل بأمل المرور إلى نصف نهائي المونديال    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    أجهزة قياس السكر المستمر بين الحياة والألم: نداء أسر الأطفال السكريين لإدماجها في التغطية الصحية    جمعية "السرطان... كلنا معنيون" بتطوان تشارك في مؤتمر عالمي للتحالف الدولي للرعاية الشخصية للسرطان PCCA    الفنان المغربي إِلياه والنجم المصري محمد رمضان يجتمعان في أغنية جديدة    في الحاجة إلى فلسفة "لا"    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالتان من اسكتلندا
نشر في هسبريس يوم 21 - 09 - 2014

في زحمة العواصف الدموية المحيطة بنا، كأمة وكأقليم، وفي زحمة الانكشاف المريع والمتصاعد لدور حكومات الغرب، وفي المقدمة منها حكومة بريطانيا، في تسعير الفتن واشعال الحروب في هذه المنطقة، وفي حضور ذاكرة قومية لا تنسى للحظة دور "سايكس بيكو" في تقسيم بلادنا، ودور وعد بلفور (وسايكس وبلفور كانا وزيري خارجية بريطانيا في اوائل القرن الماضي) في زرع الحاجز الاستيطاني العنصري الارهابي بين المشرق العربي وبين مصر ومعها كل دول المغرب العربي، لا يمكن لعربي بسهولة أن يبدي ارتياحه لنتائج الاستفتاء التي أظهرت أن قوة الاتحاد في اسكتلندا أقوى من نزعة الانفصال المسماة استقلالاً.
ولكن مع ذلك، من أراد لبلاده الوحدة لا يمكن أن يريد لغيرها القسمة والتشرذم، حتى ولو كانت حكومات هذا الغير هي الأكثر تآمراً عليه، والأكثر تفنناً في ابتداع وسائل الاحتراب والتناحر داخل مجتمعاته .
فالوحدة، كقيمة أخلاقية وإنسانية، قبلها أن تكون قيمة سياسية واقتصادية واستراتيجية، لا تتجزأ، والوحدوي العربي يحذر كل مشاريع الانفصال والتفتيت القائمة أو المخطط لها في العالم، لأنه يعتبر أنه مهما كان واقع الكيانات القائمة حالياً سيئاً فإن تقسيمها وانفصال أجزاء عنها يبقى أسوأ على كل صعيد.
بالتأكيد لنصف الاسكتلنديبن تقريباً، وحسبما أظهرت نتائج الاستفتاء بالامس، من الأسباب ما يدفعهم الى السعي من أجل الانفصال او الاستقلال، سواء ارتبطت تلك الأسباب بواقع التهميش الذي عانوا منه على يد الانكليز على مدى ثلاثة قرون (عمر المملكة المتحدة)، أو بواقع إساءة توزيع الموارد والثروة والسلطة بين مكونات المملكة، خصوصاً إذا تذكرنا أن كل النفط البريطاني يتم استخراجه من بحر الشمال، أي من شواطئ اسكتلندا، وأن أكثر من 35 مليار جنيه استرليني من الصادرات البريطانية هي بسبب الويسكي الاسكتلندي. ولكن بالتأكيد أيضا للمتمسكين بالوحدة وفي مقدمهم النائب البريطاني، المتمرد دائما على سياسات حكومته، جورج غالاواي، وجهة نظرهم التي تدفعهم بالتصويت نعم لبقاء اسكتلندا في اطار المملكة المتحدة.
فغالاواي اليساري الفكر والنشأة والالتزام، يرى مثلاً أن تقسيم بريطانيا يقود إلى تقسيم الطبقة العاملة، وبالتالي إلى إضعاف دورها في اسكتلندا، كما في بقية المملكة، وبالتالي فعمال بريطانيا كلهم، بما فيهم عمال اسكتلندا سيدفعون ثمن الانفصال تماماً كما دفعوا ثمن سياسات طوني بلير (رئيس حزب العمال السابق/ رئيس الحكومة الأسبق) الداخلية والخارجية، لا سيمّا من خلال تشويه مسيرة حزب العمال والانقلاب على برامجه الاجتماعية والاقتصادية، وتراجع هذا الحزب في الانتخابات النيابية لا لصالح حزب المحافظين فقط، بل لصالح حزب الليبراليين الأحرار ايضا.
وفي هذا الإطار، ونتيجة معرفته بحجم التذمر الاسكتلندي من السياسات الحكومية البريطانية والتحاقها بالسياسة الأمريكية، وحتى الصهيونية، فإن غالاواي يعتقد أن بقاء اسكتلندا في إطار الاتحاد من شأنه أن يقوي احتمالات الاستقلال البريطاني عن الرضوخ للإملاءات الأمريكية والصهيونية، ويعطي مثلاً على ذلك هو التصويت قبل عام على اشتراك بريطانيا في الحرب على سوريا، حيث كان لنواب اسكتلندا في مجلس العموم الدور الحاسم في رفض مشاركة بلادهم في تلك الحرب، وهو رفض أدى مع أسباب أخرى إلى تراجع واشنطن عن تهديداتها.
في القضية الفلسطينية، يدرك كل متابع للسياسات في بريطانيا أن التعاطف مع الحق الفلسطيني في اسكتلندا يفوق بكثير تعاطف المكونات الأخرى في المجتمع البريطاني، وبالتالي فإن بقاء المكوّن الاسكتلندي في الاتحاد البريطاني من شأنه أن يُسهم مع تحولات أخرى متسارعة في الرأي العام الانجليزي، في تغيير الموقف البريطاني ذاته في زمن ليس ببعيد، لا سيما أن حجم المغانم التي كانت تجنيها بريطانيا في زمن المستعمرات قد تراجع الى حد كبير. ناهيك عن استيلاء واشنطن على أغلبية ما تبقى من الغنائم الاستعمارية.
من هنا فقد أرسل الاسكتلنديون عبر هذا الاستفتاء إلى حكومة كاميرون، كما إلى العالم بأسره، رسالتين في آن، الأولى هي أنه مهما كانت المظالم وسياسات التهميش كبيرة فإن الانفصال ليس حلاً، وهذا وعي كبير بحركة التاريخ وقوانينها، وبالمصالح البعيدة المدى للمجتمعات ودولها.
أما الرسالة الثانية فهي أن الفارق الضئيل بين المؤيدين للوحدة والمعارضين لها مرشح لأن يتغيّر في أي استفتاء قادم إذا لم تتغير سياسات حكومة لندن تجاه اسكتلندا سواء من جهة التهميش، أو احتكار السلطة والثروة.
والرسالتان أيضا تستحقان أن يقرأهما بتعمق وتجرد كل دعاة الانفصال والتقسيم في بلادنا، وكل القيمين على مقدرات هذه البلاد من حكام متنفذين، فنرفض جميعاً نزعات الانفصال والتقسيم أياً كانت ذرائعها، ونرفض أيضا سياسات التهميش والاحتكار والاحتراب والإقصاء أياً كانت مبرراتها.
فلا شيء يوحد كالوحدة التي تحترم كل الخصوصيات الثقافية والاجتماعية والقومية والإثنية، ولا شيء يشرذم كالتشرذم طائفياً كان أم مذهبياً أم عرقياً أم جهوياً أم فئوياً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.