رد مكتب حقوق المؤلف على مغالطات نشرتها بعض المواقع الإلكترونية    عناصر الدرك بمراكش تطيح بمتورطين في سرقة سائحتين وتخريب سيارات بتسلطانت    مطاردة هوليودية تنتهي بحجز سيارة محمّلة بنصف طن من المخدرات بسيدي علال التازي    المخرجة آن ماري جاسر: فيلم "فلسطين 36" يقدم أرشيفًا حيًا لمرحلة مفصلية في التاريخ    هرو برو: العناية البالغة للحكومة أنعشت جهة درعة تافيلالت ب17 مليار درهم من المشاريع    بكين وموسكو تجريان مناورات عسكرية مشتركة مضادة للصواريخ على الأراضي الروسية    حادث سير مميت بالفنيدق جراء اصطدام شاحنة ببنايتين    الأسود يدخلون المونديال بخيبة 1998 وفخر 2022 وطموح 2026    14 قتيلا في انقلاب حافلة بالجزائر    عودة مهرجان مواهب الدار البيضاء في دورته الثانية... فضاء يفتح الأبواب أمام الطاقات الشابة    توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    الدكالي: مفهوم الحكم الذاتي قابل للتأويل.. والمغرب انتقل إلى "الجهاد الأكبر"    عشرات القتلى في هجوم للدعم السريع    حملة لتحرير الملك العمومي داخل ''مارشي للازهرة'' تقودها الملحقة الإدارية الخامسة    تجديد مكتب هيئة المهندسين التجمعيين بالجديدة وانتخاب قيادة جديدة للمرحلة المقبلة    المنتخب المصري يتعادل مع الإمارات    "حقوق المؤلف" يوضح "تغريم مقهى"    ارتفاع حصيلة ضحايا "حادثة الفنيدق"    مئات التونسيين يتظاهرون ضد السلطة تحت شعار "المعارضة ليست جريمة"    بوصوف يناقش تنزيل الحكم الذاتي    النجمة الذهبية تزين "سماء بلا أرض" في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش    ميسي يقود إنتر ميامي لحصد الدوري الأمريكي    أخنوش من الرشيدية: "الأحرار حزب الإنصات والقرب... ومهمتنا خدمة كل جهة بالوتيرة نفسها"    سبتة المحتلة .. متابعة إسبانية في قضية اعتداء جنسي على قاصرين مغاربة        المنتخب العراقي يعبر إلى دور الربع    11 قتيلا في هجوم مسلح داخل فندق بجنوب إفريقيا    بايتاس يهاجم صنّاع الفرجة السياسية ويستعرض حصيلة الحكومة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    جمال السلامي: الأهم هو أننا تفادينا مواجهة المغرب في كأس العالم    فتاح تؤكد البعد الاستراتيجي للشراكة الاقتصادية المغربية-الإسبانية    الوالي التازي يضع طنجة على درب المدن الذكية استعداداً لمونديال 2030    توقيع ثلاث اتفاقيات لتطوير البنيات التحتية اللوجستية والتجارية بجهة الداخلة–وادي الذهب    لقجع يستقبل دياغنا نداي بالمعمورة    جمعيات حماية المستهلك تثمن تحرك مجلس المنافسة ضد التلاعب بالأعلاف        ستون صورة ومغرب واحد نابض بالعاطفة.. افتتاح استثنائي يكرّس المغرب في ذاكرة الصورة    لجنة تحكيم ثلاثية دولية لاختيار أفضل عرض سيرك لسنة 2025 بالدورة 7 للمهرجان الدولي لفنون السيرك بخريبكة    الجزائر تستعمل لغة غير لائقة في مراسلاتها الدولية وتكشف تدهور خطابها السياسي    الركراكي: حكيمي يبذل جهداً كبيراً للحاق بالمباراة الأولى في "كان 2025"    أخنوش من الرشيدية: من يروج أننا لا ننصت للناس لا يبحث إلا عن السلطة    المكتب الشريف للفوسفاط يستثمر 13 مليار دولار في برنامجه الطاقي الأخضر ويفتتح مزرعته الشمسية بخريبكة    ملاحقات في إيران إثر مشاركة نساء بلا حجاب في ماراثون    سطات .. انطلاق فعاليات الدورة 18 للملتقى الوطني للفنون التشكيلية نوافذ    تزنيت : دار إيليغ تستعد لاحتضان ندوة علمية حول موضوع " إسمكان إيليغ بين الامتداد الإفريقي وتشكل الهوية المحلية "    سوس ماسة تطلق برنامجاً ب10 ملايين درهم لدعم الإيواء القروي بمنح تصل إلى 400 ألف درهم لكل منشأة    تحذير من "أجهزة للسكري" بالمغرب    الكلاب الضالة تهدد المواطنين .. أكثر من 100 ألف إصابة و33 وفاة بالسعار        قبل انطلاق كان 2025 .. الصحة تعتمد آلية وطنية لتعزيز التغطية الصحية    الاجتماع رفيع المستوى المغرب–إسبانيا.. تجسيد جديد لمتانة الشراكة الثنائية (منتدى)    "أمريكا أولا"… ترامب يعلن استراتيجية تركز على تعزيز الهيمنة في أمريكا اللاتينية وتحول عن التركيز عن آسيا    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    دراسة: الرياضة تخفف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يلبس الانتقال الديمقراطي في تونس عباءة "الشعبوية" ويترنح ؟
نشر في هسبريس يوم 29 - 11 - 2014

ما فتأت تونس وهي تخرج من ربقة السلطوية والتسلط ومن مهالك ودهاليز حكم فترة "بنعلي"،وهي ترسم بخطوات ثابتة النموذج -الاستثناء لما بعد ربيع الشعوب، بخصوص إمكانية التأسيس لنموذج ديمقراطي راشد تقتدي به باقي دول الربيع،بعدما قدمت دروسا خاصة في الفعل الثوري الذي امتدت شرارته إلى العديد من الدول ،إلا وتبدت ملامح مسارات وسياقات من شأنها أن ترهن صرح البناء الديمقراطي التونسي وتعود بعجلته إلى نقطة الصفر ،خصوصا وأن هناك إعضالات مرضية أضحت تسم مضمرات ومستظهرات الخطاب السياسي الذي يؤطر المرحلة الانتقالية.
صحيح إن الخطاب السياسي في تونس شكل بدوره منارة لبث روح التوافق السياسي بين مختلف الفاعلين السياسيين(علماني، إسلامي،يساري،ليبرالي ...) ووضع مصلحة تونس فوق كل اعتبار وتجنيبها مهالك الدوامة التي يعيشها كل من النموذجين المصري واليمني والنموذج السوري الذي ظل في منتصف الطريق بفعل ارتهانه بأجندة جيو -سياسية وجيو-استراتيجية دولية، وتجاذبات مصالح القوى الإقليمية والدولية ،إلا أن مسارات الانزلاقات تبدت في الأفق وفي تجلي عدوى "الشعبوية" ،التي يمكن أن تصيب السياسة في مقتل ،بعدما انفكت من أغلال "نظام بنعلي" وهي الطامة التي ألمت بالجسد السياسي في مختلف الدول المغاربية.
فمن يتتبع مشهدية الخطاب السياسي وملفوظاته أثناء الانتخابات التشريعية وأيضا على مستوى السباق نحو الرئاسة يلحظ هذا النزوع المفرط في الشعبوية ،ويبقى المثال الساطع والأبرز مرشح نداء تونس "الباجي القائد السبسي" الذي خلق الكثير من الجدالات والنقاشات حوله بفعل اللغة السياسية التي يعتمدها وإفراطه في تبني الخطاب الشعبوي وبنوع من الايغال.
فأن يكون الخطاب الشعبوي في مستوى الحدث ويوظف بشكل ايجابي في خدمة الجماهير ويرعى مصالحهم ويجسر الفجوة بينهم وبين الحكام والمسؤولين مسألة مقبولة ومرحب بها،لكن أن يتم تسخيره واستثماره كأداة للتضليل والإيهام والتلاعب بعقول الجماهير التي تنشد الانتقال الديمقراطي الحقيقي فهي مسالة مرفوضة، ولن تؤول إلا إلى تكريس المزيد من الصعاب والمنزلقات والمنعرجات السياسية الخطيرة،فالمرحلة جد صعبة ودقيقة بحاجة إلى إعقال الخطاب السياسي وتطويعه وتوظيبه وفق متطلبات العقلانية والتبصر بعيدا عن أتون التلاعب بالكلمات وصناعة الفرجة السياسية(الهزل والضحك) غير المجدية في شيء.
فالشعبوية هاهنا تحمل مكيدة الإيقاع وليس الإقناع وترجو التمويه ،وتكريس حالة "اللامعنى" في السياسة التونسية وتغلب منطق العبث السياسي، وتعيد في غائيتها ترسيم إحداثيات القائد الملهم والوحيد، أي صناعة القائد الديكتاتور مادام الخطاب الشعبوي ينحو إلى تركيز دعائم الكلام السياسي الفارغ الذي يعب وينهل من حالات الخواء الفكري والإيديولوجي وينزع نحو التزاوج والتساوق مع السوقية المقيتة.
فلا يمكن الرهان على الشعبوية التي ترتفع عن واقع حقائق الأمور السياسية والاقتصادي والاجتماعية والثقافية وتركب التسطيح والرقص على نغمات المشاعر والعواطف والوجدان وتقوم على مطية تحوير النقاشات الحقيقية والتصورات والاستراتيجيات التي من شأنها أن تقدم حلول وبدائل حكيمة ورشيدة لمختلف الإشكالات المجتمعية ،وتضرب دولة القانون والمؤسسات في معقلها،فكما تقول الكاتبة "منى خويص" في كتابها "رجال الشرفات"، "حين يهزم العقل في مجتمع من المجتمعات ترفع الشعبوية راية النصر، فهي مرتبطة ارتباطا وثيقا باللاعقلانية ،ورحابها تلك الأمكنة التي لم تتعرف بعد على الحداثة والتي تقفل الباب على إعمال العقل وتطارد أصحابه بالنفي بالطرد بالاعتقال وأحيانا أخرى بالاغتيال".
ولا يمكن الرهان على الخطاب الشعبوي الذي يسقط من حساباته منطقي العقلانية والرشد في التفكير وحسن التصرف ويعتمد على لغة سياسية توظف الملفوظات السوقية والسب والشتم وتحقير الخصم السياسي ،لأنه بفعل هذه الأقوال والأفعال قد يفقد التوافق جذوته وينزلق إلى حالة العنف.
فلا يمكن الرهان على إنجاح الانتقال الديمقراطي في ظل تسيد الخطاب الشعبوي المعيب ،فتونس بحاجة إلى خطاب سياسي يحترم العقل السياسي التونسي ويؤسس لمرحلة جديدة قوامها تنازع الايديولوجيات والأفكار والتصورات وليس تناطح الأشخاص والمقول السياسي الرث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.