قال محمد الوزاني، أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الأول بوجدة، إن التحالفات التي أعقبت الإعلان عن نتائج الانتخابات الجهوية والجماعية بالجهة الشرقية أبرزت غيابا ملحوظا للانضباط الحزبي، الذي يعد عاملا أساسيا في عقلنة العمل السياسي. وأضاف الوزاني أنه في بعض الحالات عرفت التحالفات بالجهة الشرقية تطبيق مبدأ الانضباط الحزبي القائم على المنطق السياسي، غير أنه في حالات أخرى خضع التحالف لمنطق الخصوصية المحلية حيث لم يمتثل بعض الأعضاء للتحالفات السياسية وفق قرار القيادة العليا للحزب. ويرى الأستاذ الجامعي أن عدم الانضباط الحزبي في نسج التحالفات يعد من الناحية السياسية المنطقية "إخلالا بالعمل السياسي ومسا بأخلاقيات العمل الحزبي، وشخصنة في اتخاذ القرار، خاصة إذا كان الهدف هو تحقيق مصالح شخصية ضدا عن إرادة الناخبين والقيادة الحزبية عبر استعمال مفاوضات ومساومات خفية". غير أنه استدرك قائلا: "بالنظر لبعض الظروف والشروط المحلية، قد يكون عدم الالتزام منطقيا، وذلك احتراما لإرادة المواطنين التي عبروا عنها أثناء الانتخابات"، مضيفا أن عدم الانضباط الحزبي قد يفسر كذلك ب"مغازلة سياسية مقصودة من طرف القيادة الحزبية من أجل مصالح سياسية وتموقعات مستقبلية". وبعد أن سجل أن عدم التزام المنتخبين بمقررات أحزابهم في ما يتصل بالتحالفات يطرح التساؤل حول صدقية الانتماءات الحزبية ومدى تحمل القيادة الحزبية مسؤوليتها في منح تزكيات الترشيح، اعتبر الوزاني أن غياب الانضباط الحزبي يتعارض مع "منطق تقوية وتخليق المؤسسات الحزبية ويصب في تمييع العمل السياسي، حيث يصبح الهم الأول والأخير لانتماء المنتخبين للحزب هو تحقيق المصالح الشخصية وليس خدمة الصالح العام". وكان عبد النبي بعيوي، من حزب الأصالة والمعاصرة، قد انتخب رئيسا لمجلس جهة الشرق بعد حصوله على 32 صوتا من أصل 51.. 16 من الأصالة والمعاصرة وستة من حزب الاستقلال وأربعة من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وصوتان من كل من الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري والعهد الديمقراطي.. أما منافسه عبد القادر سلامة، من حزب التجمع الوطني للأحرار، فحصل على 18 صوتا، موزعة على حزب العدالة والتنمية (9) والتجمع الوطني للأحرار (4) وحزب الاستقلال (3) والحركة الشعبية (صوتان)، فيما امتنع عضو واحد عن التصويت . ويلاحظ أن حزبين انقسمت أصوات ممثليهما بمجلس الجهة بين المتنافسين على رئاسة المجلس، ما يطرح السؤال حول مدى احترام المنتخبين للقرارات المركزية لأحزابهم في الاستحقاقات الانتخابية خاصة في الجهة الشرقية بمناسبة تشكيل مجلس الجهة. وتعليقا على ذلك، قال الأستاذ الجامعي إن غياب الانضباط الحزبي قد يؤثر على انسجام وتماسك الأغلبية داخل المجالس المنتخبة بالجهة الشرقية، ما قد يعرقل عمل هذه المجالس لتحقيق الأهداف التنموية للساكنة.. كما أن هذه الممارسات "السلبية" القائمة على عدم الانضباط وعدم الالتزام الحزبي، يضيف الوزاني، من شأنها أن تحول دون عقلنة العمل الحزبي والسياسي عموما، ما سيعطل الاتجاه نحو القطبية الحزبية المنشودة. *و.م.ع