جواب شباب 20 فبراير عن الخطاب الملكي ل9 مارس جاء أمس محمولا على أكتاف مسيرات 20 مارس التي طافت بمدن عديدة وهي تقول للملك: «إن ما وعدت به من تعديلات على دستور الحسن الثاني شيء مهم لكنه غير كاف، فهل من مزيد؟». إننا نشهد، ولأول مرة، منذ اعتلاء الملك محمد السادس عرش المغرب، حوارا مباشرا وصريحا بين الملك وشباب شعبه، وإذا تطور هذا الحوار ونجح في تجاوز المتاريس الكثيرة الموضوعة حول أسوار القصور والإقامات الملكية، فإننا سنشهد ميلاد تجربة ديمقراطية حقيقية في البلاد، ولن يحتاج الملك إلى شهور وسنوات وعقود لكي يخرج ويقول للشعب: افهمتكم. مسيرات 20 مارس أقامت جسرا للتواصل مع الملك دون المرور عبر فؤاد عالي الهمة ولا منير الماجدي ولا ياسين المنصوري ولا زليخة نصري ولا محمد معتصم، ولا قنوات العرايشي التلفزية التي تلعب أكبر مؤامرة تعتيم على القصر، إذ تحجب الحقائق وتحرف الوقائع، وتستمر في عزف أناشيد مغرب النماء وقصائد مصطفى العلوي التي تتغنى بالبيعة والأمجاد والأوراش وأعراس التنمية التي لا تنتهي... شباب 20 فبراير اليوم يخاطب الملك في الشارع العام بالشعارات والأناشيد واللافتات والرموز والبيانات وبكل وسيلة تعبير ممكنة، حتى تصل الحقائق عارية بلا رتوش إلى قمة الدولة، بلا وسائط خادعة، ولا مراكز نفوذ تتعارض مصالحها مع مصالح الوطن. أمس، خرجت مسيرات حاشدة في الدارالبيضاء (أكثر من 60 ألفا) والرباط ومراكش وأكادير والناظور والحسيمة وطنجة وصفرو وفاس... وفي أكثر من 50 عمالة وإقليم، حسب معطيات وزارة الداخلة، المتهمة دائما بقلب الحقائق والتلاعب بالأرقام. لم يبق إقليم واحد لم يشهد بصمات هذه الحركة الديمقراطية التي تسري في عروق الرأي العام اليوم، وكلها تطالب (نقرأ من الشعارات المرفوعة بلا تدخل ولا حذف ولا تعديل ولا تنميق): «الهمة dégage، الماجدي dégage، الفاسي dégage، ساجد dégage، أمانديس وليديك dégage. نطالب بملكية برلمانية. نعم لمجلس دستوري منتخب. الشعب يريد إسقاط الاستبداد. باركا من المقدسات بغينا الحريات. الشعب يريد إسقاط الفساد. خبز حرية كرامة إنسانية. لا للجمع بين الثروة والسلطة. ماتقمعش حريتي. لا للمقدسات المخزنية. القضاء فاسد. قمع الصحافة قمع للحرية. اليوم 20 يسقط الفصل 19. الحكم المطلق يساوي الفساد المطلق. لا رعايا لا قداسة، شعبنا يختار الساسة. over Game. نحن هنا لأن الحكرة هنا. الشعب كيقاسي مع حكومة الفاسي. المقدس هو الله والمعصوم هو رسول الله. عندنا الديمهراوية ماشي الديمقراطية. من أجل إعلام عمومي ديمقراطي. الملك يسود ولا يحكم...». بأمانة هذه هي الشعارات التي رفعت في مسيرات أمس، وهي تقول كل شي، وترسم برنامجا للإصلاحات الحقيقية. إذا كانت الرسالة واضحة، فهل الرسل (أي المتظاهرين) يمثلون المغاربة؟ هذا هو السؤال الصعب والسهل في الوقت نفسه. كيف ذلك؟ مضى على حركة 20 فبراير ومسيراتها الأولى شهر كامل لم يهدأ فيه الشارع، مما يدل على أن هذه الحركة تعرف ما تفعل، وتعرف ما تطلب، وأنها ليست موضة عابرة. ثانيا: كرة الثلج تكبر يوما بعد آخر، وعدد المتظاهرين يزداد، ونضجهم يزداد، وتنظيمهم يزداد. ثالثا: جربت الدولة معهم كل الأساليب لردعهم عن الخروج إلى الشارع، وجربت تشويههم إعلاميا عبر قنوات التلفزة الرسمية وعبر الجرائد الموضوعة رهن تصرف الداخلية، وفشلت. جربت قمعهم والتنكيل بهم، فإذا بأعدادهم تزداد. جربت الحكم عليهم بسنوات طويلة من السجن، ولم تنجح في ثنيهم عما يريدون. جربت شق صفوفهم وخلق أكثر من موعد للتظاهر لتفريق أعدادهم، وفشلت. جربت إلصاق طابع العدل الإحسان فوق جبينهم، وفشلت في دفع الناس إلى الانفضاض من حولهم. جربت تشكيل حركات أخرى مناهضة وتصوير الشباب على أنهم ضد الملك وضد الاستقرار، فلم تنجح... رابعا: هؤلاء الذين يخرجون كل أسبوع للمطالبة بمغرب جديد لا يمثلون كل الشعب، نعم، لكن الذين لا يتكلمون لا نعرف ماذا يريدون، فإما أنهم راضون عن الوضع القائم، وفي هذه الحالة لا بد أن يجيبوا لماذا لا يشاركون في الانتخابات، مثلا (80 في المائة من المغاربة البالغين قاطعوا انتخابات 2007 التشريعية)، وإما أن الصامتين يطالبون بإصلاحات أكبر مما يطالب به شباب 20 فبراير، وفي كلتا الحالتين لا بد من الإنصات عميقا إلى هذا النبض الحي الذي يقول: الشعب يريد... * صحفي مدير نشر "أخبار اليوم" المغربية