مشروع قانون المالية 2026 : المغرب يسرع التحول الاقتصادي بمشاريع كبرى    لوموند: القضاء الفرنسي يصدر مذكرة توقيف دولية بحق دبلوماسي جزائري في قضية اختطاف "أمير ديزاد"    طارق السكتيوي : المنتخب الوطني عازم على تحقيق الفوز أمام كينيا    العودة الكبرى لنجوم مسرح الحي    مواجهات بركان والجيش في الأبطال    أخوماش يعود بعد 10 أشهر من الغياب.. دفعة قوية لفياريال وأسود الأطلس !!    الصخيرات تستعد لاحتضان الدورة الرابعة من مهرجان "تيم آرتي" بحضور 16 فنانا بارزا            مستثمرون من مغاربة العالم: عراقيل إدارية تهدد مشاريعنا بالمغرب    قراءة في قرار المحكمة الدستورية رقم255/25    الرئيس الروسي بوتين يعرض وقف الحرب مقابل السيطرة على شرق أوكرانيا    دول ترفض سيطرة إسرائيل على غزة    مشروع قانون مالية 2026..الحكومة تتعهد بمواصلة سياسة الربط بين الأحواض ودعم مدارس "الريادة"    الملتقى الدولي لمغاربة العالم يحتضن مبادرات مغاربة العالم    الجزائر.. نصف قرن من الحَرث في العدم    قرعة دوري أبطال إفريقيا تضع الجيش ونهضة بركان في مواجهات حاسمة    موسم مولاي عبد الله أمغار... 122 سربة و2065 فرس يرسمون لوحات التبوريدة في أبهى صورها    المغرب ينال ذهبية بالألعاب العالمية    ترويج الكوكايين يوقف ستة أشخاص        80% من المقاولات تعتبر الولوج للتمويل البنكي "عاديا" في الفصل الثاني من 2025    "رابأفريكا" ينطلق بحضور جماهيري لافت    "زومبي" الرعب وموت أخلاق الحرب    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    الدرهم يرتفع مقابل الدولار وتراجع مقابل الأورو خلال الأسبوع الماضي وفق بنك المغرب    توقعات أحوال الطقس لليوم السبت    مداغ: شيخ الطريقة القادرية البودشيشية جمال الدين القادري بودشيش في ذمة الله    حكم ثقيل على إمام مسجد بجماعة المعاشات بسبب اعتداءات جنسية    بورصة الدار البيضاء .. أهم نقاط ملخص الأداء الأسبوعي    برنامج "نخرجو ليها ديريكت" يناقش تفاوت التنمية بين جهات المملكة وتحذيرات من استمرار المغرب بسرعتين    الملك محمد السادس يواصل رعايته السامية لمغاربة العالم عبر برامج تعزز الارتباط بالوطن وتواكب التحول الرقمي    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية سنغافورة بمناسبة العيد الوطني لبلاده    الجامعة الصيفية... جسر هوياتي يربط شباب مغاربة العالم بوطنهم الأم    وفاة محمد المنيع عمدة الفنانين الخليجيين    محامية تتعرض لاعتداء خطير على يد زوجها المهاجر داخل مكتبها    المديرية العامة للأمن توقف ضابط مرور طلب رشوة 100 درهم مقابل عدم تسجيل مخالفة    أنفوغرافيك | سوق الشغل بالمغرب خلال 2025.. انخفاض طفيف للبطالة مقابل ارتفاع الشغل الناقص    أكثر من مليون مهاجر غير شرعي غادروا الولايات المتحدة منذ عودة ترامب    كيوسك السبت | التجارة الإلكترونية بالمغرب تلامس 2200 مليار سنتيم سنويا    زوما يصفع من جوهانسبرغ النظام الجزائري والموالين له بجنوب أفريقيا: نجدد دعمنا لمغربية الصحراء وعلم جنوب إفريقيا رمز للشعب وليس أداة بيد السلطة    تمديد فترة الميركاتو الصيفي بالمغرب إلى غاية 25 غشت    مجلس الأمن الدولي يعقد اجتماعا طارئا الأحد بشأن خطة إسرائيل السيطرة على غزة    المقاتل المغربي الرشيدي يرفع التحدي في بطولة PFL إفريقيا    تيزنيت : شبهات تواطؤ بين مسؤولين ولوبي العقار في قضية الواد المدفون    الولايات المتحدة.. ترامب يعين مستشاره الاقتصادي عضوا في مجلس البنك المركزي    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    وفاة الفنان المصري سيد صادق    النجم الحساني سعيد الشرادي يغرد بمغربية الصحراء في مهرجان "راب افريكا"    العربيّ المسّاري فى ذكرىَ رحيله العاشرة    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    المغرب يواجه ضغوطا لتعقيم الكلاب الضالة بدل قتلها    تسجيل 4 وفيات بداء السعار في المغرب خلال أشهر قليلة    "دراسة": تعرض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب    من هم الأكثر عرضة للنقص في "فيتامين B"؟        الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحكومة الملتحية وصناعة الألم
نشر في هسبريس يوم 05 - 06 - 2016

بدأت تلوح في الأفق الحقيقة المرة للحكومة الملتحية بأنها لم ولن تكون حكومة إنقاذ للمغاربة مع كل الخطوات والسياسات القاتلة التي انتهجتها مند ترأس الحزب الإسلامي لقيادتها والذي يدفع دفعا لصناعة الألم للطبقات الشعبية بالمغرب دون حياء وباسم الأفيون ذاته، الدين.
هل يستحق المغاربة كل هذا الألم ؟ وكيف السبيل لوقف هذا النزيف القاتل ؟
لاشك أن كل المراقبين يجمعون على أن حكومة بن كيران هي أقسى (من القسوة) حكومة مرت في تاريخ المغرب نظرا للأدوار المسمومة واللاشعبية التي لعبتها في تجفيف ينابيع الحياة لدى المغاربة.
ولنخرج من الحقل التقنوقراطي للسياسية ونلج إلى بعدها السوسيولوجي ونتحرى مظاهر القسوة والعنف المادي والمعنوي الذي عاشه المغاربة طيلة هذه الفترة في ظل هذه الحكومة بكل طقوسها الغريبة .
فجل المهتمين بعلم السياسة يعلمون علم اليقين أن حزب العدالة والتنمية اتخذ طريق " الإصلاح" من باب الخوف على قطع رأسه مبكرا لأنه يعرف أن الاختيار الثوري والجدري و "نزهة الإمامة" لن يكون طريق مفروش بالورود وستكون نزهة مليئة بالأشواك ومن يدري فقد تؤدي إلى قطع الرقاب.
وعلى هذا الأساس ونظرا لإحساسه بالضعف مرحليا فقد مال تكتيكيا إلى " لعبة الإصلاح" وهو على مضض، والسؤال إصلاح ماذا ؟ وماذا تحقق من هذا الاصلاح ؟
ولأن بن كيران وحوارييه في الحزب والحركة المباركة التي تشتغل في الظل يعتبرون أنفسهم أذكياء من النظام والمجتمع المغربي فهم يستعملون "وصفة التدرج " وهنا وجب أن نسأل وبغباء : هل عندما يصاب قطاع من القطاعات الحيوية بسرطان الفساد ويصبح معرضا للموت، فهل ينفع معه سياسة التدرج ؟ وهنا نتحدث فقط عن قطاع واحد فما بالك عندما يصبح أكثر من قطاع مصاب بنفس المرض ودرجة الخطورة في أعلى مستوياتها وهذه حقيقة أ صبح يعلم بها ، ولعل تقارير المجلس الأعلى للحسابات تكشف ذلك بالأسماء والأرقام.
ومن أجل تنزيل هذا "الإصلاح الموعود" على طريقة " الجنة الموعودة " التي تحدث عنها بن كيران وبشر بها أتباعه مؤخرا، ولتحقيق ذلك على أرض الواقع فالأمر يحتاج إلى الوقت والصبر، وهذا هو الطعم في خطة الزعيم الإسلامي من أجل صيده الثمين وبدون أدنى شك غنيمة الانتخابات القادمة.
ولأن المغاربة شعب عاطفي بالفطرة ويؤمنون بالخطاب الديني ويفضلونه على كل الخطابات العقلية الأخرى وقد يستعملونه حتى في التداوي لأبنائهم بدل زيارة الطبيب، فقد أفتى بن كيران على الشعب المغربي بالعض على الصبر في كل القرارات الأليمة التي سوف يتخذها لأن الألم والقسوة هما من يصنعان التغيير .
ولأن الإنسان في الماضي كان حيوانا يفكر والآن أصبح حيوانا يحسب(من الحساب طبعا) كما يقول أحد المفكرين ، فقد بدأ بن كيران مشواره مند البداية بمجموعة من الحسابات، ولكن أغلبها حسابات خاطئة وذلك ابتداء بتنازله التكتيكي عن الملكية البرلمانية لكسب ود وقلب الملكية وإظهار الطاعة والولاء غير المشروط مرورا بتفريغه وتنازله عن موقع رئيس الحكومة في الدستور وقبوله بالتنازل التام عن الولوج أو الاقتراب من المجالات المحفوظة للملك ومبايعة السلطة في كل الانتهاكات الحقوقية وقبوله بلعب دور المساعد للملك وغيرها من التنازلات الدامية... والسؤال أين هو فصل الأدوار لبناء الدولة المغربية انطلاقا من المقولة المشهورة : مالله لله وما لقيصر لقيصر ...
مع مرور الأيام لم يستطع قيصر أن يشهر سيفه وتسلطه إلا على من صوتوا له واستأمنوه واستأجروه وبذلك بدأ في سلسلة من القرارات في ضرب القدرة الشرائية للمواطنين عامة والموظفين خاصة مع سعيه في اتخاذ كل الإجراءات التي تساهم في تفقير وتجويع هذه الفئة وجعلها أكبر متسكعين للإدارة المغربية بدل أن يلعبوا دورهم الحقيقي في بناءها وتسييرها.
و ملف التقاعد خير مثال وهو ملف ثقيل ويحتاج إلى دراسة و تأني وحوار وتشارك مع الأحزاب والنقابات والخبراء لأنه ذو بعد مصيري لعديد من الأجيال القادمة، لكننا نفاجأ جميعا، أن هذا الرجل المتسرع وعديم التجربة يضع رأس كل الموظفين على المقصلة لأداء فاتورة من تسببوا في إفلاس الصناديق معتقدا أو كما أوحى له أسياده أنه سيقدم خدمة العمر للبلد ولو على جثة الجميع.
والغريب في الأمر أن بن كيران لايستمع لأحد ولايريد أن يشارك أية جهة سواء سياسية أو مدنية بما فيها الجهة المعنية بأحوال الموظفين وهي الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة رافضا إجراء أي حوار معه في هذا المسعى الخطير.
و لم يقف الأمر عند هذا الحد بل تفنن الزعيم في تنزيل كل العقوبات على الطبقات الوسطى باعتبارها صمام الأمان، وفي كل فرصة تتم مواجهته كما حدث له في وجدة يواجههم بخطاب المظلومية وأنه زعيم مستهدف مرة من الدولة العميقة ومرة من بائعي المخدرات ومرة من البانضية و مرة من المعارضة المخدومة ومرة من الصحافة المأجورة ومرات كثيرة من التماسيح والعفاريت وفي كل مرة يصنع الألم للشعب المغربي، يصنع له صنما باردا يحمله خطيئته وهفواته وسذاجته وجهله الذي لايتوقف في كل صاعقة من الصواعق التي تضرب البلاد والعباد.
والحقيقة لقد رزئنا نحن المغاربة بهذا المصاب غير الجلل من طينة هؤلاء الزعماء الذين يصنعون المصائب ويبكون عليها ، فهاهو بن كيران وهو القائد غير المناسب في المكان غير المناسب لم يتوقف عن الشكوى والبكاء مند صعوده المفاجئ ولم يستطع يوما أن يقدم نفسه أنه مسؤول حكومي ورجل دولة في كل محطة من المحطات المؤلمة وفي كل فرصة يخرج يواجه فيها الشعب المغبون بأنه ليس لديه علم بالذي جرى وأنه سمع الخبر المشؤوم من خلال وسائل الإعلام. سبحان الله .
وبصراحة فالرجل ظاهرة فريدة من نوعها، فلهذا فنحن في حاجة ماسة لدراسات نفسية حول شخصيته المتحولة والهجينة، فهو في الصباح يضرب البندير ويرقص على رقصات أحيدوس وفي المساء يبكي في البرلمان وفي الليل يبيت يحلم بكوابيس العماري كواحد من أشباح الدولة العميقة. والسؤال هل يستطيع هذا الرجل ذو التركيبة المتناقضة والمتصارعة والهلامية أن يقود بلاد كالمغرب وفي هذه الفترة بالذات التي تعيش فيها المملكة صراعات على كل الواجهات سواء منها الإقليمية أوالدولية ؟
لن أجيب عن السؤال لأن شرح الواضحات من المفضحات كما يقول الفقهاء ، لكن أريد أن أؤكد بوضوح أن صورة المغرب أصبحت مثار سخرية واحتقارواسع، للعديد من المحطات التلفزية والمنابر الإعلامية الدولية بسبب المستوى الردئ الذي يظهر به وزرائنا البؤساء والذين يفتقدون إلى أبسط الأبجديات في السياسة والحوارات وهذا بدا واضحا في العديد من المحطات المؤسفة.
ولعل القصص الكثيرة الساخرة التي عاشها العديد من وزرائنا في عش هذه الحكومة يجعلنا جميعا نطالب بتشريح حقيقي والوقوف على هذه الأعطاب والبحث الحقيقي لمعالجتها دون حشمة أو خجل لأنها في الأول والأخير فهي تمس سمعة البلاد.
واختم كالعادة بالقول، إن الدولة ليست مسرحا مفتوحا للمعتوهين والبهلوانيين إنها كيان عظيم وتحتاج فعلا إلى أبنائها العظام من دوي الكفاءات من السياسيين والمفكرين والخبراء والباحتين النزهاء دوي بعد النظر، أما المتسولون والقناصون من السياسيين والتقنوقراط للمناصب فهذا اعتداء خطير على صورة البلاد وشعبها وأمنها واستقرارها وتاريخها الطويل.
بالمناسبة، فقط أريد أن أشارككم ما قاله ذات يوم إسحاق نيوتن في خطابه الشهير لروبرت هوك عندما سُأل كيف وصل إلى هذه القمة من المجد فقال : " إدا استطعتُ أن أرى المسافة أبعدْ فلأنني أقف على أكتاف العمالقة ". انتهى الكلام.
*كاتب صحافي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.