مباشرة بعد هدوء احتجاجات المواطنين ضد ممارسات رجال السلطة على خلفية مقتل بائع السمك محسن فكري، طفت على السطح حادثة جديدة كانت هسبريس سباقة إلى نشرها بتعرض سيدتين مسنتين للتعنيف على أيدي رجال الدرك نواحي مدينة سطات نجمت عنه كسور خطيرة على مستوى الساق اليسرى إحداهما، وفق شكاية موضوعة لدى وكيل الملك باستئنافية المدينة ذاتها. إحدى السيدتين المعنيتين أكدت، في تصريح لهسبريس، أن قائد مركز الدرك الملكي بسيدي حجاج مرفوقا بعناصر من القوات المساعدة اقتحموا عدة مساكن آمنة وأقدموا على ضرب نساء وأطفال بحثا عن مطلوبين في قضية نزاع على أرض فلاحية بين الفلاحين أبناء الدوار وبين تعاونية. وفي تعليقه على الحادثة، قال الناشط الحقوقي المعطي منجب إن "هذه الحادثة تشكل استمرارا لبقايا عقلية المخزن الذي دائما ما يعتبر المواطنين في خدمته، ويعتبر أن التعنيف والإهانة وسيلة للتعامل معهم"، مشددا على أن مثل عقليات رجال السلطة الذين أقدموا على تعنيف السيدتين بالرغم من كبر سنهما دليل على استمرار هذه الطريقة في التفكير والتعامل. واستدل منجب، في تصريح لهسبريس، بعبارة اقتطفها من أحد خطابات الملك الراحل الحسن الثاني التي جاء فيها "جوع كلبك يتبعك"، يقول منجب، موضحا أن المواطنين دائما سيظلون محتاجين إلى الأمن. ومن ثم، فإن هذه الطرق في التعامل التي تتسم بالعنف والإهانة ستبقى مستمرة، وفق تعبير الناشط الحقوقي ذاته. وبخصوص تفاعل الجسم الحقوقي مع الحادثة، أوضح الناشط الحقوقي أنه أولا على النيابة العامة أن تتحرك للبحث في الموضوع بناء على ما ورد في الصحافة وشهادة السيدتين اللتين ناشدتا الجهات المسؤولة من أجل الوقوف معهما، مؤكدا أن الجمعيات تخشى في مثل هذه القضايا من تراجع المشتكين وتنازلهم عن حقوقهم بعد تخويفهم من لدن المخزن كما حدث في عدة تجارب، يقول منجب. من جانبها، اعتبرت خديجة الرياضي، القيادية في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ما أقدم عليه رجال الدرك من تعنيف في حق السيدتين المسنتين "نوعا من الممارسات التسلطية الخارجة عن القانون من طرف المكلفين بتنفيذه"، مضيفة أن هذا النوع من الممارسات ليس بجديد على الدولة التي تستمر في نهجه من سنوات. وقالت الرياضي، في تصريح لهسبريس، إن "الحادثة تعكس المشكل البنيوي العميق داخل جهاز الدولة فيما يخص التعامل مع المواطنين"، موضحة أن الأمر يتجاوز استغلال النفوذ والشطط في استغلال السلطة إلى ممارسات ممنهجة للدولة ضد المواطنين، قبل أن تزيد بالقول: "ما يشجع هذا الأمر هو الإفلات من العقاب، لأن المسؤولية تصبح ملقاة على الدولة وليس على المكلفين بتطبيق القانون.. وهنا يكمن المشكل". وحول تأثير الاحتجاجات حول مقتل محسن فكري على تراجع مثل هذه الممارسات، أكدت الناشطة الحقوقية أن الأمر يتعلق بموجة من الحراك الشعبي سبقتها موجات أخرى "ستساهم بدون شك في حدوث تراكم لدى الشعب الذي سيصبح قادرا على الدفاع عن حقوقه والوقوف ضد "الحگرة"، على حد تعبيرها.