الإطاحة بشبكة موالية لتنظيم داعش تنشط بالمملكة    بنموسى يعلن توسيع شبكة "مؤسسات الريادة" بالمغرب    بنطلحة يكتب: خطاب تبون والحرب على الوعي    تفاصيل مثول لطيفة رأفت أمام استئنافية الدار البيضاء    أسعار النفط تواصل الارتفاع وسط توقعات شح الإمدادات    هل تكون إسبانيا القاطرة الجديدة للاقتصاد الأوروبي ؟    توظيف مالي لمبلغ 3,8 مليار درهم من فائض الخزينة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    الصين تدعو لعلاقات سليمة ومستقرة مع كوريا    بدء أعمال مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية تمهيدا للقمة العربية بالمنامة    المخرج الإيراني محمد رسولوف يفر من بلاده "سرا" بعد الحكم عليه بالجلد والسجن    سلطات سبتة تدعو وزارة الخارجية الإسبانية لمساعدة قطاع غزة    وهبي: نعد قانونا لتأطير استخدام الذكاء الاصطناعي في المغرب    10 لاعبين يحرجون ريال مدريد قبل انطلاق الميركاتو    الجمعية الرياضية السلاوية للدراجات تتوج بسباقي القصر الكبير وأصيلا    اختتام البطولة الوطنية المدرسية لكرة اليد كرة الطائرة والسلة 5*5 والجولف والرماية بالنبال    "الكوديم" يحسم "ديربي سايس" ويقترب من دوري الأضواء والاتفاق يعقد مهمة جمعية سلا في النجاة من جحيم الهواة    الفيفا تنصف الرجاء البيضاوي في قضية المليار ومائة مليون    الملك يوجه الأمر اليومي للقوات المسلحة الملكية بمناسبة الذكرى ال 68 لتأسيسها    المغرب يفكك خلية إرهابية موالية ل"داعش" ينشط أعضاؤها بتزنيت وسيدي سليمان    تفاصيل مثول لطيفة رأفت أمام قاضي التحقيق بالدار البيضاء    بودرقة: جماعة أكادير أدت 40 مليار سنتيم من الديون وضخّت 60 مليار سنتيم في برنامج التنمية الحضرية    السجن المحلي بتطوان يرد على مزاعم تعرض سجين للضرب من طرف أحد الموظفين    المغرب يستعيد من الشيلي 117 قطعة أحفورية يعود تاريخها إلى 400 مليون سنة    هذا الثلاثاء في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: جلسة فكرية مع الناقدة والباحثة الأدبية الدكتورة حورية الخمليشي    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    دراسة: الهواء البحري يقوي الجهاز المناعي    دراسة: البكتيريا الموجودة في الهواء البحري تقوي المناعة وتعزز القدرة على مقاومة الأمراض    جامعة شعيب الدكالي تنظم الدورة 13 للقاءات المغربية حول كيمياء الحالة الصلبة    نقيب المحامين بالرباط يتحدث عن المهنة وعن المشاركة في المعرض الدولي للكتاب    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    الدورة الثالثة للمشاورات السياسية المغربية البرازيلية: تطابق تام في وجهات النظر بين البلدين    موعد لقاء الرجاء الرياضي والنهضة البركانية    الشيلي والمغرب يوقعان اتفاقية للتعاون في مجال التراث الوثائقي    بطولة فرنسا: مبابي يتوج بجائزة أفضل لاعب للمرة الخامسة على التوالي    اعتقالات و"اقتحام" وإضراب عام تعيشه تونس قبيل الاستحقاق الانتخابي    العثور على باندا عملاقة نادرة في شمال غرب الصين    إسطنبول.. اعتقال أمين متحف أمريكي بتهمة تهريب عينات مهمة من العقارب والعناكب    عجز الميزانية المغربية يفوق 1,18 مليار درهم عند متم أبريل    قناة أرضية تعلن نقلها مباراة الإياب بين بركان والزمالك    إسبانيا ترد على التهديد الجزائري بتحذير آخر    كيف بدأت حملة "مقاطعة المشاهير" التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي؟    بنموسى يكشف العقوبات ضد الأساتذة الموقوفين    بنموسى يعلن قرب إطلاق منصة رقمية لتعلم الأمازيغية عن بعد    لماذا يجب تجنب شرب الماء من زجاجة بلاستيكية خصوصا في الصيف؟    مخرج مصري يتسبب في فوضى بالمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة    الأمثال العامية بتطوان... (597)    الجمعية المهنية تكشف عدد مبيعات الإسمنت خلال أبريل    المركز الثقافي بتطوان يستضيف عرض مسرحية "أنا مرا"    الطلب والدولار يخفضان أسعار النفط    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    الأساطير التي نحيا بها    فيلم الحساب يتوج بالجائزة الكبرى في برنامج Ciné Café    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    الأمثال العامية بتطوان... (596)    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جغرافية الثورة وتاريخ الشعوب
نشر في هسبريس يوم 12 - 06 - 2011

من خلال استقراءنا لتاريخ الثورات عبر العالم يتبدى لنا و بالملموس أنه ليست للثورة جغرافية محددة، وليست لها بالطبع نهاية مرسومة، فالثورة الحقيقية كما قال ليون تروتسكي هي الثورة الدائمة والمتواصلة و التي لا تكاد تنتهي إلا لتبدأ من جديد، فهي أشبه بالنهر الهادر الذي يتدفق باستمرار، ولهذا فإنه عندما ينقطع هذا النهر على الجريان تموت الحياة، وتنقرض جميع المخلوقات من على وجه البسيطة ولأن الجنس البشري هو أرقى هذه المخلوقات فإن استمراريته وتواجده مرتهن بالارتواء الدائم من هذا النهر المتدفق، والتبرك بمائه العذب الزلال كما هم الصابئة في طقوسهم الروحية وشعائرهم التعبدية متوحدون والماء في عشق صوفي أزلي، ولعل حديثنا على الثورة الدائمة كما تكلم عنها ليون تروتسكي وربطها بالحديث عن الماء هو واقع معظم أنظمتنا الرجعية التي حولت أوطانها إلى مستنقعات في مياهها الراكدة تعشش جميع الأمراض القاتلة من جهل وتخلف وتجويع وتهميش، ولم تكتفي بهذا بل وتحالفت هذه الأنظمة على ترسيخ ثقافة المستنقع عبر منظورين:
أولهما: إشاعتها لمغالطة مفادها أن الاستقرار والثبات هما دليل على ما تتمتع به كأنظمة ساهرة على أمن واستقرار الوطن و المواطنين من شرعية تستوجب من المجتمع أن يدين بالطاعة والولاء وألا يفكر إلا في التطبيل و التزمير لأولياء نعمته، رغم أن هذا الاستقرار المزعوم يخفي في أحشائه فوارق طبقية صارخة وتوزيعا لا متكافئا للخيرات والامتيازات التي تذهب إلى أيادي أقلية محظوظة ومنعم عليها بينما أغلبية الشعب العربي يتخبط في الفقر والتهميش.
ثانيهما: إشاعتها بأن المجتمع العربي قاصر ولا يدرك المخاطر والمنزلقات التي قد تترتب على إطلاق الحريات العامة والسماح للناس بحرية الاختيار الحقيقي والنزيه، ولهذا فإنها لا تفتئ تردد بضرورة الأخذ بمبدأ التدرج في الانتقال نحو الديمقراطية، رغم ما يخفيه هذا التدرج المزعوم من مزيد من السرقة والنهب للإرادة الشعبية ولكل مقدراتها المادية والمعنوية، وحتى إن سمحت هذه الأنظمة المستأسدة لتحسن صورتها أمام الرأي العالمي الدولي لهامش للديمقراطية فهو هامش مطبوخ ومفبرك تطبعه البلطجة السياسية و تستحكم فيه التوافقات السياسية التي تخدم النظام الرسمي وتلبي رغباته ونكتيكاته اللاديمقراطية واللاشعبية للامعان في مزيد من الالتفاف على مكتسبات الجماهير الشعبية، وإذا كانت معظم الأنظمة قد عاشت ولعقود طويلة وضعا مستقرا ومريحا فيما يسمى بمرحلة ما بعد الاستقلال حيث مارست كل أشكال الاستنزاف والاستغلال اللامشروع لإمكانيات لأوطانها بدون حسيب أو رقيب، فإن الشعوب العربية التي انتظرت طويلا أن تغير الأنظمة سلوكاتها الشوفينية والاستحواذية إزاء واقع الحال العربي المهين، ها هي الجماهير العربية تثور لتعيد كتابة تاريخها من جديد بالدماء الزكية، ثارت تونس لتعبد الطريق للثورات المتلاحقة ولتقول أن أبناء ابن خلدون ومحمد الطاهر بن عاشور ليسوا عبيدا في أيادي نظام أسرة بن علي وحرمه ليلى الطرابلسي الذين أوصلوا تونس الخضراء إلى حافة الفقر، وثارت مصر لتقول أن أحفاد محمد علي باشا ومصطفى كامل باشا ليسوا متسولين على موائد نظام أسرة محمد حسني مبارك وحرمه سوزان مبارك وأبنائه من مصاصي الدماء الذين تحكموا في كل دواليب مصر فجففوا الضرع واهلكوا الزرع، وثار ورثة مملكة سبأ العظيمة أبناء اليمن السعيد ضد نظام الرئيس علي صالح الذي أقسم على عدم التنحي على كرسي الرئاسة ولو ميتا، وثار أحفاد الشهيد عمر المختار ضد النظام الجماهيري الذي استحكم فيه نظام العقيد معمر القذافي وبطانته وأبنائه فأمعنوا في استنزاف موارده الثمينة من النفط وإذلال هذا الشعب العظيم الذي أثبت أنه شعب ثائر ضد الظلم والاستبداد، وأنه يستحق الحياة بعيدا عن خزعبلات الكتاب الأخضر وضد جنون عظمة للزعيم أو ملك ملوك إفريقيا، وهاهي الثورة تصل سوريا حزب البعث، أو سوريا الممانعة التي أثبتت من خلال تعاملها القمعي البشع مع شعبها أنها أقسى و أسوأ من إسرائيل في إهانة شعبها وهدر كرامته..وماذا تبقى إذا من الزمن العربي الرسمي و قد هبت الجماهير الشعبية بكل أطيافها لتحفر أخاديد وتشق قنوات حول هذه المستنقعات العطنة التي أوقفت تدفق مياه التغيير وبالتالي أوقفت بهجة الحياة كسيرورة متجددة وكتاريخ مجيد يكتب تاريخ الشعوب العربية المهضومة الحقوق التي ترنو إلى الحرية والكرامة والمساواة مثلها مثل باقي الشعوب على وجه البسيطة التي تمتلك الإرادة الحية والعزيمة المتوثبة على تغيير نفسها بنفسها وبالطرق الأكثر عقلانية وسلاسة بخلاف واقعنا السياسي العربي الذي لا يتغير دوما إلا بشلالات الدماء وبقوافل الشهداء فمتى نستوعب دروس التغيير السلمي....
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.