على غرار الانتفاضات الشعبية التي شهدتها بلدان عديدة في الشرق العربي وشمال إفريقيا والتي انطلقت أواخر سنة 2010 ومطلع سنة 2011، حظيَ الحَراك الشعبي الذي قادته "حركة 20 فبراير" في المغرب باهتمام العديد من المتتبعين والكتّاب، وأفردوا له كتبا ومقالات. من بين الكتب التي تناولت الحَراك الشعبي في المغرب، والذي عمّ أزيد من خمسين مدينة مغربية، كتاب "حركة 20 فبراير.. محاولة في التوثيق"، وهو كتاب أصدرته مؤسسة الوسيط للديمقراطية وحقوق الإنسان، سنة 2015، بمناسبة الذكرى الرابعة لبروز "حركة 20 فبراير". وهدفَ مؤلفو الكتاب إلى إبراز الجوانب الإيجابية للحراك الشعبي الذي قادته حركة 20 فبراير، خاصة في الشقّ المتعلق باهتمام الشباب المغربي بالسياسة، وإبراز عدم صواب الانطباعات السائدة في المجتمع، والتي تكرِّس فكرة آن الشباب المغربي عازف عن السياسة ديجة المروازي، الكاتبة العامة لمؤسسة الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، اعتبرت، في حفل تقديم الكتاب الذي نُظم بالمكتبة الوطنية بالرباط، بأن شباب حركة 20 فبراير أبان عن وعي كبير وفنّد كل الانطباعات السائدة حوله وبرهن أنه، فعلا، مهتمّ بالشأن السياسي. وإذا كانت المؤلفات التي تناولت حركة 20 فبراير قليلة جدا، فإنها، في المقابل، حظيت بمتابعة واسعة من لدن الكتّاب والباحثين، منذ بروزها. وعلاقة بالنقطة التي أشار إليها كتاب مؤسسة الوسيط، يرى محمد امباركي، الباحث في علم الاجتماع، أن شباب حركة 20 فبراير "تمكنوا من بعث الحياة في واقع سياسي كاد يقتله الروتين والجمود". وكتب في مقال بعنوان "حركة 20 فبراير.. أسئلة من أجل الفهم وقضايا النقاش"، نشره بعد سبعة أشهر من بداية الحَراك الشعبي المغربي الذي انتهى بالإعلان عن تعديل للدستور وبإجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، أنّ الحركة مثّلت قيمة مضافة في المشهد السياسي والاجتماعي والثقافي داخل المغرب "ووضعت موضع مساءلة العديد من الأطروحات وشبه الحقائق التي كانت تعتبر أسسا ثابتة في أغلب مقاربات وتحاليل واقعنا". وفي مقال بعنوان "ماذا بقي من حركة 20 فبراير بالمغرب؟"، اعتبر الباحث المغربي يحيى اليحياوي أن حركة 20 فبراير لم تكن الأولى من نوعها في مضمار الاحتجاج الشعبي بالمغرب، ولم تكن حدثا استثنائيا؛ بل كانت امتدادا لما سبقها من احتجاجات شعبية. ويرى يحيى اليحياوي أن حركة 20 فبراير "كانت لازمة ثابتة واكبت معظم منعرجات وتموجات مغرب ما بعد الاستقلال؛ غير أنها، في نظر الباحث اليحياوي، كانت متميزة عن ما سبقها من أشكال احتجاجية عرفها المغرب. ولفت اليحياوي إلى أن أبرز ميزات الحركة أنها كانت، منذ نشأتها، حركة شبابية، كما أنها رفعت مطالب ذات طبيعة شمولية، معتبرا أن سقف المطالب التي رفعتها الحركة كان "معتدلا وواقعيا"، وقصَد بذلك أنها لم تذهب إلى حد المطالبة بتغيير النظام. وجوابا عن السؤال الذي اختاره عنوانا لمقاله المنشور بعد عامين من بروز حركة 20 فبراير، زَعم اليحياوي أن الحركة "لم يبق منها الشيء الكثير، اللهم إلا شعارات هنا وهناك، بهذه المدينة أو تلك"، معتبرا، بعد أن أكد أنّ ما ذهب إليه "ليس تشفيا أو تحاملا على الحركة"، معطيات عزّز بها خلاصته. وفي هذا الإطار، أشار اليحياوي إلى أن الحركة فقدت وهجها الجماهيري الذي واكب نشأتها، وعرفت تراجعا في مدها، وليونة في شعاراتها، وتواضعا كبيرا في مطالبها. كما أنها لم تعد تستقطب متعاطفين معها من هذا الطرف أو ذاك، ولم تستطع إفراز زعامات تؤسس لها المرجعية وتوضح لها الرؤية وترسم لها الإطار والآفاق المستقبلية.