لاعبو المغرب يؤكدون الجاهزية للفوز    مقاييس التساقطات الثلجية خلال ال 24 ساعة الماضية    الدوزي يكشف أسباب الانسحاب من "أغنية الكان" .. ويأمل تتويج أسود الأطلس    تقرير: النيابات العامة تمكنت من تصفية أزيد من 497 ألف شكاية سنة 2024، بما يفوق عدد الشكايات المسجلة خلال نفس السنة    حادثة سير تخلف إصابة سبعيني بممر للراجلين وسط الحسيمة        زخات رعدية محليا قوية وتساقطات ثلجية ورياح قوية وطقس بارد من الخميس إلى الأحد بعدد من مناطق المملكة (نشرة إنذارية)    كأس إفريقيا.. أنغولا وزيمبابوي في مواجهة مصيرية ضمن المجموعة الثانية    ارتفاع تداولات بورصة الدار البيضاء    الأرصاد الجوية تحذر من تكرار فيضانات آسفي و"تساقطات سلا" السبت المقبل    ساعف: السياق السياسي بالمغرب يعرف انحدارا كبيرا    زخات رعدية قوية وتساقطات ثلجية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    عقد اتحاد طنجة لجمعه العام العادي رغم طلب العصبة تأجيله يثير جدلًا    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    الفنان الروسي بيوتر إكولوف يحيي حفلا موسيقيا ببيت الصحافة بطنجة    مدرب مالي يناشد جماهير الرجاء لدعم نسور مالي أمام المغرب    جمعية تكافل للاطفال مرضى الصرع والإعاقة تقدم البرنامج التحسيسي الخاص بمرض الصرع    حين تفتح سانت بطرسبورغ أبوابها ويخرج المغرب من الضوء    نبأ الجميلي تناقش أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة تركيّة    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    "أسود الأطلس" في اختبار قوي أمام "نسور" مالي لحسم التأهل مبكرا إلى ثمن نهائي "الكان"    رحال المكاوي يحصل شهادة الدكتوراه من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط    وزارة العدل وجمعية هيئات المحامين تتدارسان جدل القانون المنظم للمهنة    "الكاف" يعاقب الجيش الملكي بحرمان جماهيره من حضور مباراتين في دوري الأبطال    مطار محمد الخامس يكسر حاجز 11 مليون مسافر بفضل كأس إفريقيا    معهد الجيوفيزياء يوضح تفاصيل هزّتَي مكناس وأسباب عودة النشاط الزلزالي    نتائج الجولة الأولى من دور المجموعات    حوض سبو.. السدود تسجل نسبة ملء تبلغ 42,8 في المائة        14 دولة تندد بإقرار إسرائيل إنشاء مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة    الجزائر تُقرّ قانوناً يجرّم الاستعمار الفرنسي ويطالب باعتذار وتعويضات.. وباريس تندد وتصف الخطوة ب«العدائية»        2025 عام دامٍ للصحافة: غزة تسجل أعلى حصيلة مع 43% من الصحفيين القتلى حول العالم    وزارة العدل الأمريكية تحصل على مليون وثيقة يُحتمل ارتباطها بقضية إبستين    إحراق سيارة تحمل لافتة لمناسبة عيد حانوكا اليهودي في ملبورن الأسترالية    تهنئة مثيرة لترامب تشمل "حثالة اليسار"    قناة "الحوار التونسية" تعتذر للمغاربة    "الجمعية" تحمّل السلطات مسؤولية تدهور صحة معطلين مضربين عن الطعام في تادلة وتطالب بفتح الحوار معهما    السلطات الأمريكية تحقق في صعوبة فتح أبواب سيارات تيسلا        إطلاق خط سككي جديد فائق السرعة يربط مدينتين تاريخيتين في الصين    الصين تكتشف حقلا نفطيا جديدا في بحر بوهاي    بالإجماع.. المستشارين يصادق على مشروع قانون إعادة تنظيم مجلس الصحافة    معارض إفريقية متنوعة للصناعة التقليدية بأكادير ضمن فعاليات كأس إفريقيا للأمم 2025    فيدرالية اليسار الديمقراطي تحذر من حالة الشلّل الذي تعيشه جماعة المحمدية        ندوة علمية بكلية الآداب بن مسيك تناقش فقه السيرة النبوية ورهانات الواقع المعاصر    بالملايين.. لائحة الأفلام المغربية المستفيدة من الدعم الحكومي    كيف يمكنني تسلية طفلي في الإجازة بدون أعباء مالية إضافية؟    ملتقى العيون للصحافة يعالج دور الإعلام في الدفاع عن الصحراء المغربية    ‬ال»كان‮«: ‬السياسة والاستيتيقا والمجتمع‮    رباط النغم بين موسكو والرباط.. أكثر من 5 قارات تعزف على وتر واحد ختام يليق بمدينة تتنفس فنا    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    الولايات المتحدة توافق على أول نسخة أقراص من علاج رائج لإنقاص الوزن    دراسة: ضوء النهار الطبيعي يساعد في ضبط مستويات الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري    دراسة صينية: تناول الجبن والقشدة يقلل من خطر الإصابة بالخرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حفَّار‮ ‬الذاكرة‮ ‬يعيدني‮ ‬إلى‮ ‬المنفى
نشر في هسبريس يوم 03 - 08 - 2011

انتابني شعور غريب يلح على اختبار مفكرتي بإخلاص وصفاء ناذرين، فقررت تجريب حظي مع متعة الوفاء لذاكرتي، والنبش في شقوق مفكرتي، والعودة إلى الينابيع، عساني اخلع عنها صمت الحرائق، وكسل المسافات الممتدة في ذكريات النسيان.
وأنا أجاهد في تخطي ترددي العابر للأيام والأمسيات، نادتني صورة عارية الصوت، تمتحن أسراري ووفائي. تضغط على غصتي. إنها الصورة التي اختطفها رجال المخابرات من منزلي، يوم اقتحموا بيتي ذات مساء، بحي سيدي بوجيدة في مدينة فاس، من دون إذن ولا إعلان مسبق.. فاعتقلوني ومن‮ ‬معي. ‬صورة‮ ‬مكبرة‮ ‬مع‮ ‬المرحومة‮ ‬أمي‮ ‬وهي‮ ‬تعانقني،‮ ‬وشعر‮ ‬رأسها‮ ‬مفسوخ،‮ ‬ناعم‮ ‬وذو‮ ‬ملمس‮ ‬حريري،‮ ‬تحسسني‮ ‬في‮ ‬نظرتها‮ ‬الحنونة‮ ‬بتعاطفها‮ ‬الكامل.
فتحت‮ ‬نوافذ‮ ‬البدايات‮ ‬على‮ ‬مصاريعها.. ‬كلمتني‮ ‬بهجتي‮ ‬وانشرحت‮ ‬فرحتي،‮ ‬خوفا‮ ‬من‮ ‬شيخوخة‮ ‬الذاكرة،‮ ‬وصدأ‮ ‬التردد. ‬نادتني‮ ‬أطوار‮ ‬تجربتي‮ ‬وانتشلتني‮ ‬من‮ ‬قلب‮ ‬زخم‮ ‬الأحداث. ‬
من‮ ‬مخلفات‮ ‬جلدي‮ ‬القديم..
من‮ ‬دفاتر‮ ‬الدروس‮ ‬الأولى..
من‮ ‬أيام‮ ‬مراهقتي‮ ‬وحبال‮ ‬جسوري..
من‮ ‬معالم‮ ‬قريتي‮ ‬وطفولتي‮ ‬الزائغة..
من‮ ‬زهرة‮ ‬وصفاء‮ ‬أحلامي‮ ‬السعيدة.. ‬
من‮ ‬أيام‮ ‬العشق‮ ‬والحنان،‮ ‬وسط‮ ‬انحناءات‮ ‬سنابل‮ ‬القمح‮ ‬وسيقان‮ ‬أشجار‮ ‬التين‮ ‬ب‮"‬عين‮ ‬غدانة‮"‬،‮ ‬وأفخاد‮ ‬شجر‮ ‬الزيتون‮ ‬ب‮"‬واد‮ ‬الرْحي".. ‬
من‮ ‬ذكريات‮ ‬الهجرة‮ ‬هروبا‮ ‬من‮ ‬الحضانة‮ ‬العائلية،‮ ‬إلى‮ ‬مدينة‮ ‬البخور‮ ‬والعطور‮ ‬والشغب‮ ‬المحروس‮ ‬والعشق‮ ‬المرشوش‮ ‬بماء‮ ‬الورد‮ ‬في: "سويقت‮ ‬بنصافي‮" ‬و"‬ساحة‮ ‬النجارين"..
من‮ ‬ذكريات‮ ‬سجني،‮ ‬وسذاجة‮ ‬حراسي،‮ ‬وعمر‮ ‬ليالي‮ ‬المظلمة،‮ ‬وضجيج‮ ‬رفاقي‮ ‬عند‮ ‬صياغة‮ ‬البيانات‮ ‬السياسية‮ ‬والاحتجاجية،‮ ‬وحتى‮ ‬التضامنية‮ ‬منها.. ‬في‮ ‬كل‮ ‬المناسبات‮ ‬والتجمعات.
ذكريات‮ ‬لم‮ ‬تبرح‮ ‬الذاكرة..
توقظ‮ ‬مسافات‮ ‬الحلم‮ ‬المليء‮ ‬بالآلام‮ ‬والأحلام.. ‬وأسرار‮ ‬الطفولة‮ ‬القابعة‮ ‬في‮ ‬جذري..
شباب‮ ‬في‮ ‬نهضة‮ ‬عارمة،‮ ‬على‮ ‬قارعة‮ ‬المراهقة،‮ ‬وتبادل‮ ‬بطائق‮ ‬التهاني‮ ‬ودفاتر‮ ‬الذكريات‮ ‬بين‮ ‬تلميذات‮ ‬وتلاميذ‮ ‬الإمام‮ ‬الشطيبي..
أبجديات‮ ‬الحروف‮ ‬الملونة‮ ‬بقصص‮ ‬العشق‮ ‬الأولى..
قصص‮ "‬جرجي‮ ‬زيدان‮" ‬و‮"‬المنفلوطي‮" ‬و‮"‬طه‮ ‬حسين‮" ‬و‮"‬نجيب‮ ‬محفوظ‮"...
أغاني‮ ‬أسمهان،‮ ‬ونجاة‮ ‬علي،‮ ‬وليلى‮ ‬مراد،‮ ‬وأم‮ ‬كلثوم،‮ ‬ومحمد‮ ‬عبد‮ ‬الوهاب،‮ ‬وفريد‮ ‬الأطرش..
أغاني‮ ‬عبد‮ ‬الحليم‮ ‬حافظ،‮ ‬وفيروز،‮ ‬ووردة‮ ‬الجزائرية...
ناس‮ ‬الغيوان،‮ ‬والمشاهب،‮ ‬وجيل‮ ‬جيلالة...
محمد‮ ‬لعروسي،‮ ‬ورويشة،‮ ‬ومغني،‮ ‬ونجاة‮ ‬اعتابو...
أناشيد‮ ‬إعدادية،‮ ‬وأنشطة‮ ‬موازية،‮ ‬ثقافية‮ ‬ورياضية.. ‬في‮ ‬رحاب‮ ‬ساحات‮ ‬الإمام‮ ‬الشطيبي/ ‬بغفساي،‮ ‬وابن‮ ‬خلدون/ ‬في‮ ‬قرية‮ ‬أبا‮ ‬محمد،‮ ‬ومولاي‮ ‬سليمان‮ / بفاس.
صخب‮ ‬الحي‮ ‬الجامعي،‮ ‬أمسيات،‮ ‬وحلقيات‮ ‬النقاش‮ ‬وشعارات‮ ‬المظاهرات،‮ ‬ومخابئ‮ ‬الحب‮ ‬والحنان‮ ‬بالساحة‮ ‬الجامعية‮ ‬وضواحيها.
الاختطاف‮ ‬ثم‮ ‬الاختفاء‮ ‬القسري،‮ ‬بمخفر‮ ‬درب‮ ‬مولاي‮ ‬الشريف‮ ‬الرهيب،‮ ‬المعسعس‮ ‬بنتانة‮ ‬الأغلال‮ ‬ونزيف‮ ‬أبرياء‮ ‬الوطن‮ ‬الحبيب.
نقوش‮ ‬باتت‮ ‬موشومة‮ ‬في‮ ‬الذاكرة،‮ ‬تذكرني‮ ‬بأيام‮ "الباندا‮" (‬العصابة‮) ‬التي‮ ‬كنت‮ ‬أرى‮ ‬من‮ ‬تحتها‮ ‬جلاد‮ ‬درب‮ ‬مولاي‮ ‬الشريف،‮ ‬اليوسفي‮ ‬قدور،‮ ‬ومن‮ ‬كان‮ ‬يساعده‮ ‬من‮ "الحجاج‮" ‬في‮ ‬إنجاز‮ ‬مهامه‮ ‬اليومية.
فرح الحرية والاحتفاء بها علنا في غفساي، يوم 23 فبراير من سنة 1993، رغم حصار الحاقدين وكيد الناقمين وحزن الحاسدين، وانقطاع التيار الكهربائي لحرمان أزيد من 200 مشارك في حفل الاستقبال الذي حضره قاعديون من كل ربوع الوطن، ومعتقلون سياسيون سابقون (عبد الإله بنعبد‮ ‬السلام،‮ ‬عمر‮ ‬الزايدي،‮ ‬علي‮ ‬القيطوني...)‬،‮ ‬وبعض‮ ‬عائلات‮ ‬المعتقلين‮ ‬السياسيين‮ (‬عائلة‮ ‬الطبل،‮ ‬وبلكحل،‮ ‬وعبو‮ ‬وقرطيط‮...)‬،‮ ‬والعديد‮ ‬من‮ ‬أفراد‮ ‬العائلة‮ ‬وأبناء‮ ‬المنطقة.
نشوة‮ ‬القُبل‮ ‬الأولى،‮ ‬وفرحة‮ ‬العائلة‮ ‬بعودة‮ "الخطاطيف" ‬إلى‮ ‬بيت‮ ‬الوالدة‮ ‬بعد‮ ‬هجرة‮ ‬طويلة.
مقاومتي‮ ‬للإقامة‮ ‬الجبرية‮ ‬التي‮ ‬منعتني،‮ ‬بأمر‮ ‬من‮ ‬الدرك‮ ‬الملكي،‮ ‬من‮ ‬مغادرة‮ ‬قريتي‮ ‬إلى‮ ‬إشعار‮ ‬آخر.. ‬وأنا‮ ‬مازلت‮ ‬في‮ ‬الأسبوع‮ ‬الأول‮ ‬من‮ ‬حريتي،‮ ‬انتشي‮ ‬نسيم‮ ‬الحرية‮ ‬وأغرق‮ ‬في‮ ‬دفء‮ ‬الحنان.
الرحيل‮ ‬إلى‮ ‬فضاءات‮ ‬البوغاز‮/ ‬طنجة‮ ‬بحثا‮ ‬عن‮ ‬لقمة‮ ‬العيش،‮ ‬وأسرار‮ ‬بوابة‮ ‬المغرب‮ ‬الأولى.
ذكريات‮ ‬بني‮ ‬مكادة‮ ‬وحي‮ ‬الدريسية‮ ‬وحي‮ ‬المصلة.. ‬وتعليم‮ ‬المبادئ‮ ‬الأولى‮ ‬للتصريحات‮ ‬الجمركية‮ ‬والنموكلاتورا.
ذكرياتي‮ ‬مع‮ ‬خدمات‮ ‬الصادرات،‮ ‬والواردات،‮ ‬والمعشرين،‮ ‬وأصحاب‮ ‬شاحنات،‮ ‬وعربات‮ ‬السلع،‮ ‬ورجال‮ ‬الجمارك،‮ ‬والأمن‮ ‬السري..
إحياء صداقات قديمة، والتعرف على وجوه جديدة، مشاركة المعطلين همومهم، وعزف الموسيقى في أمسياتهم.. جنون الرفاق وصعاليك المد والجزر.. من حركة تجميع اليسار إلى الحركة من أجل الديمقراطية، مرورا بالديمقراطيين المستقلين.
حنين ملتهب لقبيلة بني زروال، شمال المغرب، بأفخادها الخمسة: بني إبراهيم وبني مكة، وبني ملول، وبوبعان وأولاد قاسم؛ أسماء عيونها التاريخية (عين تزغدرة، عين باردة، عين تاسياست بأولاد قاسم، عنصر العباد بجبل ودكة وعين شجرة بغفساي..)، برتقالها الشهير بحلاوته، تينها‮ ‬وزيتونها‮ ‬وعنبها...
ثم‮ ‬الاغتراب‮ ‬خلف‮ ‬البحار،‮ ‬بحثا‮ ‬عن‮ ‬فضاءات‮ ‬شاسعة‮ ‬ورحبة،‮ ‬لتفادي‮ ‬انسداد‮ ‬الآفاق،‮ ‬وزحمة‮ ‬الرفاق. ‬بعيدا‮ ‬عن‮ ‬الأهل‮ ‬والأحباب.. ‬بعيدا‮ ‬عن‮ ‬أمي‮ ‬الحنونة‮ ‬التي‮ ‬تركتها‮ ‬تتألم‮ ‬فوق‮ ‬فراش‮ ‬الموت..
بعيدا‮ ‬عن‮ ‬خديجة‮ ‬زوجتي‮ ‬التي‮ ‬تركتها‮ ‬ورائي،‮ ‬تدير‮ ‬مشروع‮ "‬وراقة‮ ‬منال‮" ‬المتواضع‮ ‬إلى‮ ‬أقصى‮ ‬الحدود،‮ ‬تصارع‮ ‬الحياة‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬البقاء،‮ ‬وكسب‮ ‬كسرة‮ ‬خبز‮ ‬بعرق‮ ‬الجبين..
بعيدا -كذلك- عن ابني خليل الذي تركته صبيا، وهو في سنته الأولى، بعد أن ودعت قريتي وأوقفت جريدتي/ "الزيتونة"، ذلك المولود الإعلامي الذي استمر أزيد من ثلاث سنوات، يطوف المغرب وبعض العواصم الأوروبية، للتعريف بغفساي وطرح هموم أهلها والاحتفاء بأمجادها؛ وبعد أن استقلت من "ألدوص"/ الجمعية المحلية للتنمية والأعمال الاجتماعية التي كنت أترأسها، إلى جانب النفيسي، والدرقاوي، والطايق، وعبد الغني، والمنصوري، وگيو، والمخلخل وآخرين.. لأحط الرحال بمدريد، عند الصديق حميد البجوقي، ومناضلي جمعية العمال المهاجرين المغاربة بإسبانيا، ثم الانتقال إلى مدينة ليون، ضيفا عند ابن البلد حسن الزغاري، وأخيرا إلى باريس التي استقبلني فيها الصديقان المباركي والمحجوبي، قبل أن التقي ابن عمي خليل المريزق والصديقين عبد الإله الخديري، وعبد السلام "دياونا" ب"سان‮ ‬دوني‮"‬،‮ ‬وعلي‮ ‬الباز‮ ‬ب‮"‬جينڤيليي‮" ‬وآخرين. ‬
تذكرت الأيام الأولى بباريس، حين اتصل بي أحد المقربين من "جون بيير شوفينمون"/ وزير الداخلية الفرنسي السابق، ليخبرني بالموافقة على تقديم طلب الحصول على حق اللجوء الدستوري، الذي لم يكن يعرفه إلا القليل.. وبعدها القيام بالإجراءات الضرورية لدى "المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين" (أوفبرا)، للحصول عل حق اللجوء السياسي/ الدستوري... وعلى سكن متواضع ب"بيكون ليبرويير"، وعلى عمل (كحارس ليلي) بإحدى فنادق باريس ب"بلاص كليشي"...
لتبدأ رحلتي الجديدة مع العديد من الصديقات والأصدقاء (من أوروبا) الذين تعرفت عليهم، من بينهم من كان ناشطا في هيئة حقوقية أو سياسية، أيام الحملة الدولية التي نظمتها منظمة العفو الدولية، للتضامن مع معتقلي الرأي في المغرب، وذلك سنة 1991. ورفاق أخرين مسؤولين في "جمعية العمال المغاربة بفرنسا/ أ.ط.م.ف"، و"جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان في المغرب /أصدوم"، و"جمعية هجرة وتنمية"، وجمعيات مغاربية وفرنسية أخرى، ومناضلين ومغتربين ولاجئين سياسيين وقدماء الطلبة التقدميين، والماركسيين، والماويين، والاتحاديين بكل اختياراتهم وتياراتهم... وعائلة بعض المختطفين، والشهداء، ومعتقلين سياسيين سابقين... ومثقفين وفنانين وإعلاميين وشخصيات‮ ‬متعددة‮ ‬المشارب‮ ‬والاهتمامات. ‬
كنت قد تعرفت على هؤلاء، في لقاءات وملتقيات وأمسيات وتظاهرات ومسيرات، في شوارع باريس الواسعة، وفي مقرات ومكاتب الجمعيات، وفي الأحياء العتيقة المشهورة بالأندية والمقاهي وضجيج الحانات ومحلات النبيذ المعتق، وقرب الكنائس المسيحية القديمة وهي تقرع نواقيسها في "مونمارت‮" ‬و‮"‬نورتردام‮ ‬دو‮ ‬باري‮" ‬وفي‮ ‬بعض‮ ‬مدن‮ ‬الضاحية‮ ‬الباريسية‮ "‬بوا‮ ‬كلومب‮" ‬و"‬انيير‮" ‬و‮"‬بيكون‮ ‬ليبرويير‮" ‬و‮"‬جينڤيليي‮"..
يلفظ مستودع من الأسرار مناجاتي، هذا الصباح إلى مجاهل، ومجرات لا يعرفها حتى القليلون من أحبائي الطيبين. حنين المسافات النابضة لمن سبقوني للمغامرة، للشموخ والتقدير، لرائحة المقاومة، ولشجرة الياسمين التي كانت تتوسط منزلنا بغفساي أيام المرحوم والدي.. وجها‮ ‬لوجه‮ ‬مع‮ ‬كل‮ ‬هذه‮ ‬الأحداث‮ ‬والمسارات،‮ ‬بمخاوفها‮ ‬وآهاتها،‮ ‬بشرودها‮ ‬واستسلامها‮ ‬ووكل‮ ‬الأمل‮ ‬المنشود‮ ‬في‮ ‬قصائد‮ ‬رحلتها.
سافرت بعيدا ذلك الصباح، رغم طول المسافات وتعقد المسارات، فعزمت على إطلاق العنان لمذكرتي لكي أعثر على المنفذ الأول لرواية التفاصيل، واستعادة صوتي الجريح، وتضميد جراح الأرقام، ورفوف الغيم، وقساوة الاعتقال، وبرودة الزنازن، وأحزان المنافي، ونداءات الأحبة، ورسائل العشق، وجنون المحبة، وسنوات الإقصاء، والجمر والحرمان، وشهامة الضحايا وصمود العائلات وصمت الخائفين المرهوبين، والمستلبين والتابعين، وأشباه المثقفين، والانتهازيين والمتملقين، والتافهين والخانعين، والغامضين والمتنطعين...
هكذا،‮ ‬تلاشيت‮ ‬بين‮ ‬أثار‮ ‬الصبا‮ ‬وسنوات‮ ‬الزهو‮ ‬والاندفاع‮ ‬وحنين‮ ‬حضن‮ ‬الأم،‮ ‬لشوقها‮ ‬ولطفها،‮ ‬لعذوبتها‮ ‬ورقتها.
‮ ‬للوطن‮ ‬أرسلت‮ ‬قبلاتي،‮ ‬وتنهيداتي،‮ ‬وهمومي‮ ‬العارية‮ ‬أسرارها،‮ ‬على‮ ‬الهواء‮ ‬وعبر‮ ‬الأثير،‮ ‬ثم‮ ‬وضعت‮ ‬الصحف‮ ‬في‮ ‬الزاوية‮ ‬اليمنى‮ ‬قرب‮ ‬المدفأة. ‬كنت‮ ‬وحيدا‮ ‬لا‮ ‬منشرحا‮ ‬ولا‮ ‬حزينا.
لم‮ ‬أشارك‮ ‬أحدا‮ ‬في‮ ‬تحديد‮ ‬الموعد..
كانت‮ ‬ذاكرة‮ ‬العشق‮ ‬تحثني‮ ‬بكل‮ ‬صلابة،‮ ‬للإفصاح‮ ‬عما‮ ‬يخالجني‮ ‬من‮ ‬غضب‮ ‬وهموم. ‬كان‮ ‬بإمكاني‮ ‬أن‮ ‬اختلق‮ ‬أجوبة‮ ‬لكل‮ ‬سؤال‮ ‬يدور‮ ‬حول‮ ‬التجربة. ‬
وكان بإمكاني أن أحكي، كذلك بالتفصيل، عما عشته منذ مغادرتي السجن واسترجاع حريتي، عن تفاصيل رحلتي، منذ أن ودعت سجن عين قادوس، وما عشته من مسارات، منذ ذلك الحين إلى العيش في باريس، والنضال في صفوف جمعيات الهجرة، قبل الانتماء السياسي للحزب الاشتراكي الفرنسي، ومساندة "سيكولين رويال"، في حملتها الانتخابية ضد "نيكولا ساركوزي"، ثم العودة إلى الوطن، بتشجيع وإلحاح من المرحوم إدريس ينزكري الذي زارني بباريس، ورتب كل شيء من أجل ضمان عودتي.. وتنظيم حفل استقبالي بمطار سلا، بحضوره الشخصي إلى جانب العديد من الأصدقاء ورفاق‮ ‬التجربة‮ ‬من‮ ‬بينهم: ‬إلياس‮ ‬العمري،‮ ‬وأرحموش،‮ ‬وعبو‮ ‬سعيد‮ ‬وزوجته،‮ ‬والجوني‮ ‬إدريس،‮ ‬وتوفيق،‮ ‬وبعض‮ ‬أفراد‮ ‬عائلتي...
ترددت‮ ‬قليلا‮ ‬قبل‮ ‬أن‮ ‬تبدأ‮ ‬المجابهة‮ ‬ويبدأ‮ ‬الصدام.. ‬ويعم‮ ‬الشعور‮ ‬بالتذمر‮ ‬من‮ ‬المراوغة،‮ ‬كسبا‮ ‬للوقت.
وقد عاهدت مرارا محبوبتي بعدم الموت المبكر قبل العثور على سجل المعلومات، وألبوم الصور والشهادات ومفاتيح الغد والأمل، تلك الذكريات التي سرقوها مني، من بيتي بسيدي بوجيدة بفاس، ذات مساء ومن غير حق، التزمت لها في إحدى ليالي الشبق والحنان بصيانة حروف البداية ونسيان‮ ‬التآكل.. ‬مهما‮ ‬يكن‮!‬
اختليت بنفسي طامعا في فضح أسراري، كي أتخلص من غموضي المبهم. توقفت عند النصف الأول من العرض.. أردت فتح باب الحوار الموجع، من دون أن اسأل: لماذا شردتنا الأحلام، وكيف؟ لماذا سرقوا منا الياسمين وحفروا جنون اغترابنا؟ لماذا لم يتركوننا وحدنا في المسبح دون رقيب؟ لماذا‮ ‬أتلفوا‮ ‬معاطفنا‮ ‬وظلال‮ ‬كواكبنا؟‮ ‬لماذا‮ ‬سرقوا‮ ‬منا‮ ‬أحلامنا؟‮ ‬لماذا؟؟؟
تدريجيا، انسحبت سحائب دخاني، تذكرت اليوم الذي قالت لي إحدى الصديقات بساحة "السوربون"، بالحي اللاتيني للعاصمة الفرنسية: «لا شيء كان يؤهلنا يا مصطفى لنصبح جزءاً من ذكريات الماضي، وطرفا في القضية، إننا نشبه "سعيد" الذي تكلم عنه عبد الحي المودن في روايته "خطبة‮ ‬الوداع‮"‬،‮ ‬والذي‮ ‬اختفى‮ ‬منذ‮ ‬فترة‮ ‬الاستنطاق،‮ ‬ولم‮ ‬يظهر‮ ‬له‮ ‬أثر‮ ‬بعدها‮ (...)‬،‮ ‬لكنه‮ ‬ظل‮ ‬يكاتب‮ ‬صديقه‮ ‬حوالي‮ ‬عشرين‮ ‬سنة،‮ ‬حيث‮ ‬كانت‮ ‬رسائله‮ ‬تأتي‮ ‬من‮ ‬دول‮ ‬مختلفة‮ ‬ولا‮ ‬تحمل‮ ‬عنوانا‮».‬
كل ما قرأته في الصحف ذلك الصباح، كان يخيفني ويرسم أمامي شكلا أسودا، وبئيسا للوطن. لاشيء يفرح القلب، حسب هذه الصحف. رجعت إلى الوراء، فكرت قليلا، ومن دون قلق من سجلي المتواضع. ومن دون انتظار، أطلقت العنان لأشياء كثيرة باتت تنثر الورود في كل أرجائي، وتطرد هالة‮ ‬الجبروت‮ ‬والخوف‮ ‬من‮ ‬كلماتي‮ ‬المنقوشة‮ ‬على‮ ‬صدر‮ ‬صفحات‮ ‬مسار‮ ‬تجربتي.
كنت‮ ‬جائعا‮ ‬وكان‮ ‬حلقي‮ ‬جافا،‮ ‬لكن‮ ‬عشقي‮ ‬كان‮ ‬صامدا‮ ‬بدون‮ ‬جدال‮ ‬ولا‮ ‬تشكيك. ‬لم‮ ‬أصدق‮ ‬وأنا‮ ‬أقبض‮ ‬على‮ ‬اللحظة‮ ‬الهاربة‮ ‬مني،‮ ‬من‮ ‬دون‮ ‬موعد،‮ ‬بعد‮ ‬فراق‮ ‬كاد‮ ‬أن‮ ‬يتحول‮ ‬إلى‮ ‬وداع.
كان الشيخ إمام يغنى ساعتها، بصوته المبحوح لآلاف الجماهير "سايغون للثوار فوق الدم وتحت النار" و"عبدالودود" و"قيدوا شمعة" و"صباح الخير" و"أنا توب عن حبك أنا" و"أبوك السقمات" و"يا حبايبنا" وأغاني أخرى. وكأنه يؤكد جملة الشاعر الكبير "أراغون": يجب أن تتحول القصيدة‮ ‬إلى‮ ‬أغنية‮ ‬ترددها‮ ‬ألاف‮ ‬الحناجر.
كنت مهووسا بالشيخ إمام، ومازلت، إلى حد محاولة تقليد نحنحته وسعاله الخفيف. أحفظ أغانيه عن ظهر قلب، وأعزف ألحانه عزف الهواة؛ بل كنا نعتبر مغنينا المحبوب "إمام"، أكثر من مغنّ تحريضي. كانت أغانيه تتضمن فنية رفيعة وفريدة، تتعدى هموم المثقفين الضيقة، وتحكي عن الواقع‮ ‬كما‮ ‬هو،‮ ‬من‮ ‬دون‮ ‬تزويق‮ ‬أو‮ ‬تنميق.
تذكرت يوم جاءنا إلى سجن عين قادوس "العَوْد"، رئيس المعقل الغني عن التعريف، لدى كل المعتقلين السياسيين وعائلاتهم، ولدى الرأي العام في الداخل والخارج عموما، قدم متعبا من "سجن اغبيلة"... من رفاق أكنوش، والبراهمة، والخمليشي، والشباري، وبلكحل، ومصدق، والطبل، والصعيب،‮ ‬ونصر‮ ‬الدين،‮ ‬والهايج،‮ ‬والبوكيلي،‮ ‬والشفشاوني،‮ ‬ونزهة‮ ‬البرنوصي،‮ ‬وقابل‮ ‬السعدية،‮ ‬والدردابي،‮ ‬وآيت‮ ‬بلعيد،‮ ‬وحسبي،‮ ‬والحرايري،‮ ‬والخصاصي.. ‬وآخرين..
تذكرت "العود" ينحني أمام مطلب الحق في الموسيقى والعزف على آلة العود داخل سجن عين قادوس، لنحيي أمسية في جناح "البيبي" (حي الأحداث سابقا)، تذوقها خلسة بعض السجانين الظرفاء، وباحتشام شديد من خلف القضبان. تلك الأمسية الرائعة التي أهديناها جميعا إلى "الشيخ إمام‮"/ ‬الذي‮ ‬أحببته‮ ‬ومازلت‮ ‬أحبه‮ ‬إلى‮ ‬آخر‮ ‬رمق.
علمنا،‮ ‬وهو‮ ‬الذي‮ ‬تربطه‮ ‬وشائج‮ ‬روحية‮ ‬وفنية‮ ‬عميقة‮ ‬بالشيخ‮ ‬سيد‮ ‬درويش،‮ ‬عشق‮ ‬الوطن‮ ‬وأهدانا‮ ‬أزهى‮ ‬فترات‮ ‬عمره،‮ ‬ثم‮ ‬ساعدنا‮ ‬على‮ ‬تطهير‮ ‬النفس‮ ‬وخلاص‮ ‬الضمير.
تذكرت تلك الذكريات مع من اقتسمت معهم الحلو والمر في درب مولاي الشريف، وفي عين قادوس، طوال أزيد من خمس سنوات من عمري العليل. رفاق مجموعتي: الجوني إدريس، وأزرياح الحبيب، والمرحوم بلقايديدي علي، وبن مزيان علي، ورفاق التحقوا بالكوكبة فيما بعد، كالشهيد محمد بنعيسى آيت الجيد، وعبد الإله جريد، وعبو سعيد، وأمغار فريد، والدركال النبيه محمد علي، وقرطيط حسن، والمحمدين، ولمسربس عبد المجيد، والعزيزي الحسين، والمرحوم عبد الحميد المحجوبي، وسلام عوينتي، وجرير نورالدين، ورفاق سبقونا بقليل إلى السجن.. كالبوهدوني حميد وأبيناغ‮ ‬عبد‮ ‬الله،‮ ‬وأقبوش‮ ‬النوري... ‬وآخرين‮ "‬زارونا‮".. ‬ومروا‮ ‬من‮ ‬هناك‮ ‬أياما‮ ‬قليلة،‮ ‬شهورا،‮ ‬سنة‮ ‬أو‮ ‬سنتين‮ ‬أو‮ ‬أكثر،‮ ‬وهم‮ ‬بالعشرات،‮ ‬على‮ ‬شكل‮ ‬مجموعات،‮ ‬لا‮ ‬يعدون‮ ‬ولا‮ ‬يحصون،‮ ‬لكن‮ ‬لن‮ ‬ننساهم.
توقفت قليلا لأسترجع أنفاسي، ثم تابعت الحفر في أغوار ذاكرتي، وفي صبري الذي لا يمل من فصول مساري. وأنا أعيش أطوار تجربة أخرى مفعمة بالنضال المشترك، في ساحة جامعة سان دوني، باريس 8، مع الطلبة العرب وعلى رأسهم مناضلات ومناضلين تونسيين، وجزائريين وفلسطينيين ولبنانيين. مظاهرات حاشدة، تعبيراً عن الغضب، والاحتجاج العارم على العدوان الوحشي والهمجي الإسرائيلي والأمريكي على فلسطين والعراق، وأمسيات خالدة في "سان ميشيل"، و"مونبرناص"، و"الباستيل"، و"سان جرمان"، و"باربيص"، و"كليشي"، و"جينڤيليي"..
هكذا كان الحفر في الذاكرة ينتشلني من مسار إلى آخر، إلى أن استسلمت أمام دموع أمي وهي تلقي علي نظراتها الأخيرة، أياما قليلة قبل رحلة المنفى والاغتراب، ليصلني خبر وفاتها بعد وصولي بأيام إلى باريس.
تذكرت محبوبتي وهي تسألني كعادتها، حين ترميني الساعات المتأخرة من الليل إلى غرفة النوم، عن الأهل والبلد وعن المنجزات الأخيرة.. وعن قسوة الطبيعة وطبائع البشر والعائلة والأحبة. والهجرات التي أفرغتني من أحاسيس القوة والانتصار.
‮ ‬فقلت‮ ‬لمحبوبتي‮ ‬وأنا‮ ‬أداعب‮ ‬شعرها‮ ‬الفاحم: «‬مهما‮ ‬أعطى‮ ‬الواحد‮ ‬منا.. ‬سوف‮ ‬يجد‮ ‬أمامه‮ ‬من‮ ‬الغاضبين‮ ‬واليائسين‮ ‬ما‮ ‬يكفي‮».‬
في الصباح الباكر، خلعت السماء قميص الليل، أحسست بالزهو وأنا أقص قصتي على مسامع محبوبتي. ولما أفرغت عليها أحلامي وأوجاعي، قالت بحنان: «لقد أوفيت بوعدك.. لن تموت إذا!.. إنها حروف بداية مذكراتك، أليس كذلك؟(...) قم إذا وتوكل على الله».
لم‮ ‬أتردد‮ ‬لحظة،‮ ‬قمت‮ ‬مسرعا‮ ‬لمكتبي‮ ‬لأكتب‮ ‬عن‮ ‬مسار‮ ‬تجربتي.. ‬
المريزق مع بعض المعتقلين بسجن فاس
المريزق مع الشهيد آيت الجيد في سجن فاس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.