قيادات "الأحرار" تلتئم بالداخلة.. تنويه بمنجزات الصحراء وحصيلة الحوار الاجتماعي    الأميرة للا أسماء تترأس بواشنطن حفل توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة للا أسماء وجامعة غالوديت    جهة الداخلة-وادي الذهب.. الوزير البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية    تعاف قوي لصادرات المندرين المغربي بعد سنوات الجفاف.. وروسيا في صدارة المستوردين    إسرائيل تهاجم بنيات عسكرية سورية    ولادة طفلة "بلا دماغ" بقطاع غزة ومطالب بالتحقيق في الأسلحة المحرمة التي تستعملها إسرائيل (فيديو)    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    إجهاض محاولة للتهريب الدولي للمخدرات وحجز طنين من الشيرا بمعبر الكركارات    حادثة سير بين بوعرك وأركمان ترسل سائق "تريبورتور" ومرافقه للمستعجلات    حين تصبح الحياة لغزاً والموت خلاصاً… "ياقوت" تكشف أسراراً دفينة فيلم جديد للمخرج المصطفى بنوقاص    رئيس برلمان دول الأنديز : أحب المغرب .. رسالة مؤثرة من قلب مراكش إلى العالم    الدار البيضاء تطلق قطبا تكنولوجيا جديدا بسيدي عثمان    أشغال تجهيز وتهيئة محطة تحلية مياه البحر بالداخلة تبلغ نسبة 60 بالمائة    شركة FRS DFDS تعلن عن موعد توقف استغلالها لخط "طريفة – طنجة المدينة"    بعد مقال "شمالي".. مجلس جماعة طنجة يؤجل التصويت على منح 45 مليون سنتيم لجمعية مقرّبة من نائبة العمدة وهذه أبرز النقاط المصادق عليها    جماهير الوداد الرياضي والجيش الملكي مع موعد تاريخي    هل يتجه حزب العدالة والتنمية إلى الحظر بعد أن تحول إلى جماعة إسلامية حمساوية    سوريا.. السلطات تعتبر القصف الإسرائيلي لمنطقة قريبة من القصر الرئاسي بدمشق "تصعيدا خطيرا"    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    لهذه الأسباب سيغيب الدولي المغربي مزراوي عن فريقه … !    يونس مجاهد: مجالس الصحافة وضعت للجمهور وليست تنظيمات بين-مهنية    الجامعة الملكية المغربية تكرم المنتخب الوطني النسوي المتوج بكأس الأمم الإفريقية للفوتسال    بسبب اختلالات رياضية.. الجامعة الملكية تصدر قرارات التوقيف والغرامة في حق عدد من المسؤولين    رغم القطيعة الدبلوماسية.. وفد برلماني مغربي يحل بالجزائر    مخاريق: لا يأتي من بنكيران سوى الشر.. وسينال "العقاب" في الانتخابات    توقعات أحوال الطقس في العديد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    لبنان يحذر حماس من استخدام أراضيه للقيام بأي أعمال تمس بالأمن القومي    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    حقوقيون يسجلون إخفاق الحوار الاجتماعي وينبهون إلى تآكل الحريات النقابية وتنامي القمع    اللاعب المغربي إلياس أخوماش يشارك في جنازة جدته بتطوان    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    في كلمة حول جبر الأضرار الناجمة عن مآسي العبودية والاتجار في البشر والاستعمار والاستغلال بإفريقيا: آمنة بوعياش تترافع حول «عدالة تعويضية» شاملة ومستدامة    «غزة على الصليب: أخطر حروب الصراع في فلسطين وعليها»    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    عبد الله زريقة.. علامة مضيئة في الشعر المغربي تحتفي به "أنفاس" و"بيت الشعر"    سفينة مساعدات لغزة تتعرض لهجوم بمسيرة في المياه الدولية قرب مالطا    للمرة الخامسة.. مهمة سير فضائية نسائية بالكامل خارج المحطة الدولية    العرائش تسجل أعلى نسبة تملك.. وطنجة تتصدر الكراء بجهة الشمال    رسالة مفتوحة إلى السيد محمد ربيع الخليع رئيس المكتب الوطني للسكك الحديدية    كوريا: الرئيس المؤقت يقدم استقالته لدخول سباق الانتخابات الرئاسية    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة: المغرب يستهل مشواره بفوز مثير على كينيا    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    كرة القدم.. توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القيم الدينية بالمغرب .. من الاعتقاد إلى الاحتجاج
نشر في هسبريس يوم 28 - 09 - 2017

قد يخلق للقارئ بعد قراءة عنوان هذا المحور اشكالا في معرفة علاقة الاعتقاد بالاحتجاج، وعن المغزى من ادراج هذا العنوان ضمن متن هذا البحث. الا اننا اخترنا مسلك دراسة الحقل الديني بالمغرب، كسوق تنافسي وكعلاقات اجتماعية تنافسية بين فاعلين متعددين يمتلكون منتوجات دينية مختلفة ورساميل سواء كانت سياسية أو اجتماعية او رمزية، يسعون من خلاله الى ضمان الوصول الى رهاناتهم المرسومة.
فالعلاقات الاجتماعية بين الافراد فيما بينهم او بين الجماعات هي علاقات تفاعلية تمتاز بالرغبة في المحاكات .محاكات الآخر و الرغبة فيما يرغب فيه . فكل جماعة ترغب في ما ترغب فيه الجماعة الاخرى.[1] الانتقال من الرغبة المحاكاتية إلى الرغبة التملكية. عبر محاولة احتكار السوق الديني- الذي يشكل احد اهم اسس الهوية المجتمعية -و اخضاعه لتصورات وقيم موجهة من طرف جماعة معينة .ينتج تنافس والذي يصل الى مستوى الاحتجاج، او قد يصل الى ما يسميه بعض الباحثين بالعنف المؤسس والإحتراب بين الجماعات " الطائفية".
كل المجتمعات تتغير ، ببنياتها وانظمتها، فالحقل الديني بالمغرب شهد تحولات عبر مسار تاريخي تميز بالتنافس بين فاعلين متعددين, حول بناء الهوية والقيم الدينية, عبر احتكار مراكز انتاجها توظيفها لكسب رهانات اجتماعية و سياسية .
والتي اسست لنزعة احتجاجية من داخل الحقل الديني تتفاوت حدتها بين التعبير عن مواقف معارضة بشكل سلمي, تتجسد في كتابات او بيانات او مظاهرات ووقفات سلمية, الى الأشد عنفا دعاوى التكفير والتحريض عن العنف ما عبرت عنه الأحداث الدموية للداربيضاء و مراكش في السنوات القليلة الماضية.
لذا ركزنا من خلال هذا المحور على دراسة المحطات الاحتجاجية التي مر منها الحقل الديني منذ المرحلة التأسيسية ، مسلطين الضوء على التحولات التي عرفتها هذه النزعة بعد انعكاسات الثورة الإعلامية في السنوات الماضية. من خلال محطتين بارزتين:
- المحطة الاولى: من المرحلة التأسيسية بعد الاستقلال مرورا بالسبعينات من القرن الماضي مع بداية المد الأصولي. الى الإعلان عن مشروع هيكلة الحقل الديني بعد التفجيرات التي عرفتها الداربيضاء.
- المحطة الثانية: من الإعلان عن المشروع الى الآن, فترة تحرير هذه الدراسة والتي تميزت بتحولات في الحقل الديني بالمغرب وفي النزعة الاحتجاجية داخل هذا الحقل.
الفعل الاحتجاجي المنظم داخل الحقل الديني
على الرغم من اختيارنا لمرحلة ما بعد الاستقلال لتبيان مسار التنافس داخل الحقل الديني بالمغرب، الا ان هذا لا يخفي مرحلة الصراع التي كانت قبل الحماية بين الزاوية كبنية دينية ذات حضور ورأسمال اجتماعي رمزي[2] في النمط التديني في المجتمع ، والسلطة الروحية للسلطان ذات الامتداد الرمزي التاريخي ،والتي عبر عنها الباحث محمد الطوزي بمرحلة التوازن داخل الحقل الديني. هذا التوازن بحسبه انتهى بعد الاستقلال التي اسست الملكية تراتبية اجتماعية دينية تحتكر من خلالها التأويل الديني وتضيق اي هامش على باقي الفاعلين من خلال مؤسسة إمارة المؤمنين .
المتغيرات التي طرأت على الحقل الديني بعد حصول المغرب على الاستقلال بخاصة في مرحلة المأسسة ،من خلال احداث مؤسسات تابعة لإمارة المؤمنين تشرف على الحقل الديني سواء من الناحية التأطيرية او التوجيهية. هذا المعطى لم يخفي حدة التنافس الذي عرفتها شبكة الفاعلين عبر افول وظهور فاعلين جدد . اذ تم الاستثمار في السياسي[3] لإعادة بناء منظومة قيمية تحدث قطيعة مع مخلفات المثاقفة التي تركتها سلطات الحماية. اذ سارعت الايدولوجية الاستقلالية الى بناء هوية المجتمع المغربي من خلال هويتها السلفية ومحاصرة الطرقية المتمثلة في الزوايا عبر استراتيجيتين:
- الربط بين الزوايا و المستعمر. فقد مكن علال الفاسي منصبه الوزاري منذ تقلده وزيرا للأوقاف و الشؤون الإسلامية ما بين 1961-1963 من اعادة تأهيل التعليم وخاصة التعليم الديني, على رأسه جامعة القروين لتمرير القيم السلفية, ومحاربة الطرقية والتشهير بمواقفها المتعاون مع سلطات الحماية.[4].
-إضافة الى الربط بين الطرقية و الاستعمار استعمل حزب الاستقلال ربط الطرقية بالتخلف و الشعوذة[5]. وكان مبررها في ذلك ان النخبة ترى في الطرق عناصر مشوهة للمعتقدات الحقيقية للإسلام وخارجة عن الدين.
لم يكن الحقل الديني بالمغرب بمنأى عن المد الأصولي الذي اجتاح الدول العربية و الاسلامية خلال السبعينات، اذ برزت قوى منافسة للدولة في تأطير الحياة الدينية للمغاربة حظيت بقبول اجتماعي والتي استفادت من الازمات الاجتماعية والاقتصادية و انسداد الآفاق. كون النظام القائم ظل يعتمد نفس الاساليب اللاأخلاقية، مثل المحسوبية والزبونية، فكانت المطالبة بالتغيير والتجديد في جميع الميادين باسم الدين. والذي ساعد هذه القوى في تجسيد روح الثورة . فلم تكن الظاهرة الإسلامية الا انبثاق للمقدس في الحياة الدينية اليومية للمغاربة, بأشكال جديدة.
اعتمدت هذه قوى على الاستثمار في المقدس الديني لإصلاح السياسي، تمثل بروز اولى اشكال التمرد في الرسالة التي تم ارسالها من عبد السلام ياسين الى الملك الراحل الحسن الثاني. ارادت اعادة الاعتبار الى السلطة الدينية للعلماء في توجيه وإصلاح السياسي، اذ جاء في متنها عبارات توحي بسلطة العالم على الحاكم، اذ يقول في تحد للملك " تعلن توبتك بكل وضوح وتعلن نيتك ان تجدد للإسلام عهدا وتعلن برنامجك لذلك، وتستغفر الله من مسرحيتك التي سميتها بعثا إسلامي[6]ا".
لم يكن هذا الخطاب الموجه لأعلى سلطة سياسية في المغرب، الا بداية لمرحلة من التصادم والصراع حول المقدس وبالمقدس. اذ ارتدى الفعل الاحتجاجي بالمغرب لباسا إسلاميا الذي كانت تهيمن عليه في العادة النقابات اليسارية بشعاراتها الثورية. فكانت اولى ارهاصات الحركة الاحتجاجية الإسلامية سنة 1984 في محيط محكمة الاستئناف بالعاصمة الرباط [7]التي كانت بمناسبة محاكمة عبد السلام ياسين المرشد العام لجماعة العدل والإحسان. فقد رفعت الشعارات الإسلامية وتجمهر المئات من الشباب الملتحي امام مبنى المحكمة, اذ اعتبر هذا التاريخ اعلانا عن ظهور الجماعة بشكلها التنظيمي كأكبر جماعة دينية تمزج في تركيبتها النضال السياسي بالديني.
الإشارة التي اطلقتها الحركة الإسلامية للعيان في اولى ظهورها، اعتبرت عند بعض الباحثين[8] انها بداية تشكل وعي إسلامي احتجاجي، شكلت القضايا الكبرى المجتمعية ذات طبيعة دينية او سياسية اجتماعية ضمن اهتماماته. سواء كانت قضايا وطنية [9]. او ذات بعد اقليمي دولي[10].
اختراق المجال الفكري والاجتماعي بوسائط تأطيرية جديدة خلفتها الثورة الإعلامية، وظهور نوع جديد من التأطير الديني؛ الذي افرز تحولات على مستوى التنشئة الدينية. ووقوع تحولات في الخريطة السياسية والاجتماعية للشاغلين داخل الحقل الديني ادى الى تسرب هذه التحولات على طبيعة الاحتجاج الديني بالمغرب,
نحو نزعة فردية في الاحتجاج الديني
على إثر الشلل المؤسساتي التي عرفتها المبادرات الاولى لتدخل الدولة لضبط الحقل الديني. وهو ما ترك المجال حسب بعض الباحثين الى الجماعات الدينية الجديدة في تأطير الحياة الدينية للمغاربة وانتاج قيم دينية تتنافى مع الخطاب الديني الرسمي. مما افرز انماط دينية متصارعة في المجتمع وصلت الى حد العنف مع الضربات الإرهابية في سنة 2003 .
إذ قامت الملكية بمجموعة من التدابير الرامية الى احتواء المجال الديني يلمس معها نوع من القطيعة على مستوى الطريقة مع العهد السابق . تجلت في العديد من البرامج, مست الجانب العقدي السلوكي في تكريس الوحدة المذهبية المتمثلة في العقيدة الأشعرية و المذهب المالكي و التصوف الجنيد, عبر اعادة هيكلة التعليم والإعلام الديني. و كذلك احدثت تغيرات في المؤسسات الدينية واعادت ضبط العلاقة بينها و بين القوى الدينية الأخرى[11].
رغم التدابير الدولتية التي اطلقتها الدولة لإعادة تأهيل الحياة الدينية للمغاربة وفق المتركز المذهبي الرسمي، الا ان التحولات الاجتماعية التي عرفها المغرب وتداخل مصادر المعرفة الدينية وتعددها ، افضت حسب العديد من الدراسات[12] ان التدين بالمغرب يعرف تغيرات مهمة، اهمها ، ارتفاع معدل التدين خصوصا عند الشباب ، ودخول وسائل جديدة للتأطير الديني يصعب التحكم فيها، كما ان هذه الدراسة افضت الى نزوع نحو التدين الفردي او ماسماه بعض الباحثين بعلمنة التدين[13].
تعدد مصادر المعرفة الدينية وانفتاح المستهلك الديني على وسائل الاتصال والمعرفة الحديثة. كالقنوات الفضائية والمواقع الدعوية على شبكة الأنترنيت، ومتابعة العلماء والدعاة الأجانب الحاملين لمشاريع ومنتوجات دينية منافسة للمنتوج المحلي ،هذه التركيبة المعقدة من المصادر حولت التدين من رؤية مطلقة متعالية أراد كل فاعل احتوائها وضبطها لصالحه، الى مجرد عقيدة فردية او رأي ديني بين آراء مختلفة تتنازع المشروعية في فضاءات مختلفة.
هذا المعطى جعل من الحقل الديني كسوق تنافسية بين الفاعلين يعرف نزوح نحو نزعة احتجاجية غير مؤطرة ، لم تعد الدولة قادرة على مواجهتها كما في السابق وكذا بعد تراجع القوى الدينية في عملية التأطير والتعبئة[14] . هذا التراجع النسبي في مقابل فوضى دينية خلفتها الوسائط الحديثة الغير مهيمن عليها، انهت بدلك التراتبية المعرفية في المجال الديني.
واسست بذلك لعملية التقييم والاحتجاج على الخطاب الديني الرسمي، سواء عبر الافتراضي في مواقع التواصل الاجتماعية التي تعرف نقاش وتفاعل يصل الى حد السخرية من بعض المواضيع التي تكون في متن خطب الجمعة، او في الواقع وقد ظهرت تجلياته في العديد من الأحداث التي عرفتها المساجد واماكن العبادة في الآونة الاخيرة بالمغرب.
على سبيل المثال لا الحصر:
مقاطعة صلاة الجمعة بمسجد يوسف بن تاشفين بمدينة فاس ، معترضين على قرار ايقاف الخطيب محمد ابياط بسبب خلطه السياسة بالدين حسب الوزارة. وقد تم منع الخطيب الجديد من اعتلاء المنبر، وردد المتظاهرين شعارات دينية وسياسية ضد قرار الوزارة من بين ابرزها " الخطبة للتحرير ماشي للتخدير" " لا اله الله محمد رسول الله عليها نحيا ، عليها نموت وفي سبيلها نجاهد وفي سبيلها نقلى الله " في اشارة الى انزياح دور المسجد وتحويله الى مجرد قناة ايدولوجية للدولة.[15] وايضا اعلان عن مواجهة دينية بين الخطاب الرسمي وخطاب المستهلك الديني.
نفس المعطى عرفته منطقة الحسيمة، حيث عمد العشرات من ساكنة مدينة الحسيمة، الجمعة المنصرم الى الاعتراض بشدة على ما سموه اتهامات مدرجة ضمن خطبة وزارة الاوقاف، والتي استفزت احد متزعمي حراك الريف ناصر الزفزافي الذي اختار ان يوقف الخطبة ويقوم بمهمة الخطابة ردا على دعوات درء الفتنة، بتوجيه اتهامات مماثلة، ورفع شعارات دينية داخل المسجد[16] .
كما تمت مقاطعة صلاة العيد بمدينة بوجدور، إثر لا قاله بعض الحاضرين للمواقع الصحفية ان الإمام الذي يشتغل ايضا كرئيس المجلس العلمي المحلي بالمدينة، قام بعدة اخطاء فادحة في اداة صلاة العيد، سبق ان ارتكبها قبل ثلاث سنوات[17].
لم تكن هذه الاحداث الا اشارة الى كون القيم الدينية اصبحت متعددة واكثر تعقيدا، كآراء متعددة وقيم متعارضة في غالبيتها ، ليس فقط بين الاتجاه الرسمي والمجتمعي ، بل تصل الى حد التنازع القيمي داخل فضاء اجتماعي واحد، الذي ينقل مسألة الاعتقاد داخل الفضاء الاجتماعي الى الاحتجاج بهذه القيم من داخل نفس الفضاء.
هوامش:
1- قمنا بقراءة الحقل الديني من خلال الاعتماد على نظرية روني جيرار في دراسته للعنف والمقدس ، الذي خلص ان.
الإنسان راغب بطبعه، والذي وضع مسارا في كتابه يصل بين العنف و المقدس والذي يبتدأ بطبعة الرغبة في المحاكاة والتملك التي تصل الى مستوى العنف المؤسس. للمزيد يرجى الاطلاع على الكتاب
Rèné Girard , La violence et le sacré , Bernard Grassert Paris 1972
2- يذهب عبد اللطيف اڭنوش ان الزاوية لعبت فيما مضى الأداة الوحيدة القادرة على تنظيم الجماهير قصد ضبط الأمن [
الداخلي والتصدي للهجمات الخارجية خصوصا عندما تضعف السلطة المركزية، وقد يقوى نفودها السياسي الى درجة التطلع الى ممارسة السلطة العليا في البلاد كما وقع مع الزاوية الدلائية مثلا . عبد اللطيف اكنوش، تاريخ المؤسسات والوقائع الاجتماعية بالمغرب؛ افريقا الشرق ، الداربيضاء 1987 ص 107
3- واستثمر علال الفاسي التاريخي الرمزي للإرث السلطاني اذ يقول " لم تقم الثورة الوهابية حتى كان لها صدى.
استحسان وقبول في القصر الملكي ، حيث رحب بها السلطان مولاي سليمان ... وقد اصدر جلالته رسالة في الرد على التجانيين كما أمر بإقفال زاوية الكتانيين بعد ان اكتشف مؤامرة رئيسها على الدولة والبلاد".
4- ارتكازا حسب علال الفاسي على ما قامت به من خيانة لحركة محمد بن عبد الكريم الخطابي، وقد استحضر اسماء
شيوخ الزوايا مثل عبد الله الدرقاوي وحميدو الوزاني وما قاما به من إضعاف النفوس باسم الدين
6- عبد السلام ياسين الإسلام و الطوفا
7- 183 محمد الطوزي الملكية و الإسلام السياسي في المغرب م سابق ص
8- مرجع سابق ص 183
9- على سبيل المثال لا الحصر : مشاركة الحركة الإسلامية في صلب النقاش المجتمعي في المغرب حول مشروع خطة ادماج المرأة في التنمية الذي سهرت على انجازه كتابة الدولة المكلفة بالرعاية الاجتماعية و الأسرة والطفولة، وبتعاون مع صندوق النقد الدولي ، وقد لقي هذا المشروع معارضة من القوى الإسلامية ومن بينها الحركة الإسلامية التي شاركت في مسيرة الداربيضاء في 12 مارس2000 .
كما دعت جماعة العدل والإحسان كأحد اهم القوى الدينية والسياسية في المغرب، الى وقفات احتجاجية معارضة لسياسات الدولة الاقتصادية والاجتماعية تجلت ابرز صورها في مشاركتها في احد ابز مكونات حركة 20 فبراير سنة 2011 التي طالبت السلطات المغربية بإصلاحات دستورية، انتهت بانسحاب الجماعة بعد وصول العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية الى الحكومة
10- التعبيرات الاحتجاجية للحركة الإسلامية لإحياء هوية جمعية إسلامية توحد المسلمين حول قضايا مشتركة كالقضية.
الفلسطينية و قضايا اضطهاد المسلمين، كان آخرها الدعوة للمشاركة لنصرة اقليات الروهنڭا التي دعت اليها حركة الإصلاح والتوحيد التي لم تستطع التعبئة لأسباب سنحللها في المحور الموالي
11- إضافة الى سلسلة من الاعتقالات التي طالت قيادات ومنتمي الحركة السلفية الجهادية في المغرب، فقد كان ايض
حزب العدالة والتنمية من اكبر ضحايا احداث 16 ماي وتداعياتها ، اذ تم تحميله المسؤولية المعنوية والأخلاقية عن هاته الاحداث من قبل جهات نافذة في النظام، بعد ان كان قد احتل الرتبة الثالثة في انتخابات 27 شتنبر 2002 بحصوله على 42 مقعد ؛ وتجلت هذه الضغوط في تقليص مشاركته في الانتخابات الجماعية ل 12 شتنبر 2003 و تدخل وزارة الداخلية عبر الضغط في مس العديد من عناصر القوة داخل التجربة السياسية للحزب وذلك باستقالة كل من احمد الريسوني من منصب رئاسة حركة التوحيد و الإصلاح ومصطفى الرميد رئيس الفريق البرلماني للحزب من موقعه مقتطف من رسالة لنيل شهادة الماستر بعنوان تدبير الحقل الديني بالمغرب مرجع سابق ص 82
12- Mohamed Elayadi , Hassan rachik , Mohamed Tozy Ibid Page 140 .
13- Céline Couchouron- Gurung Marcel Gauchet , Un monde Désenchanté ; Extrait au lien Suivant : https://assr.revues.org/3947?lang=en le 20\9\2017 vers 15h
14- تجلى هذا التراجع وان كانت الحركة الاسلامية من مكونات 20 فبراير، الا انها لم تستطع ان تقوم بالتعبئة كما في السابق في العديد من المناسبات سواء القضايا الوطنية او في القضايا ذات بعد دولي : اذ شكل النقاش الذي عرفته وسائل التواصل الاجتماعية حول لقطات لم يألفها الجمهور المغربي نقلت على المباشر اثناء مهرجان موازين حفل احيته المغنية العالمية جينيفر لوبيز في سنة 2015، وقد دعت جماعة العدل والاحسان لوقفة امام مقر القناة الثانية بمدينة اكادير الا انها كانت وقفة ضعيفة . نفس المعطى حول القضايا الدولية خصوصا قضية القدس التي لم تعد الحركات الإسلامية تعبئ بالشكل المعتاد لهذه المظاهرات
15- مقطع الفيديو على موقع اليوتوبhttp://bit.ly/2wPF1EF
16- مقطع الفيديو على موقع اليوتوب http://bit.ly/2yms3PI
17- مقطع الفيديو على موقع اليوتوب http://bit.ly/2xojGGw


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.