على امتداد أيام معرض الفرس المقام بمدينة الجديدة، كانت مسابقات الفروسية التقليدية "التبوريدة" من المسابقات التي حظيت باهتمام كبير من طرف زوار المعرض، الذي يُعدّ أكبر مناسبة تلتقي فيها فرق التبوريدة على المستوى الوطني. في المكان المخصص لإقامة الفرسان، نصبت خيام كثيرة يأوون إليها حين انتهائهم من أداء عروضهم التي تبدأ من الساعة الثالثة وتستمر إلى غاية الساعة السادسة، وإلى جانبهم تربض خيولهم التي تحظى بعناية خاصة من طرف الفرسان. "أحسن فن هو فن التبوريدة. هواية مْخيرة. كل واحد وبليّتو، وهادي هي بليتنا حْنا، وهي أحسن بلية"، يقول بلحسن عزيز، قائد فرقة جمعية أمل المحافيظ للفرس، بجهة مراكش-أسفي، التي تشارك في معرض الفرس بالجديدة منذ سنة 2013. يعتبر بالحسن أن أفضل عروض التبوريدة في المغرب هي تلك التي تقام في معرض الفرس بمدينة الجديدة، الذي بلغ هذه السنة دورته العاشرة، لكونه يعرف مشاركة جميع فرق التبوريدة من جهات الملكة الاثنتي عشرة، ما يُمكّن هواة الفروسية التقليدية من الالتقاء ببعضهم البعض. ويؤكد الشرقاوي أحمد، وهو فارس من جهة مراكش- أسفي، ما قاله بلحسن، بقوله: "معرض الفرس بالجديدة يعتبر من أكبر المعارض في المغرب، وأي فرقة للتبوريدة تتمنى المجيء للمشاركة في هذا المعرض، لأنه يمر في أجواء راقية جدا، ويوفر للمشاركين جميع ظروف الراحة، من أكل وغيره وحتى أعلاف الخيول". علاقة بذلك، تكلف تربية الخيول مصاريف باهظة، خاصة بالنسبة للذين ينتمون إلى جهات معروفة بالجفاف؛ إذ تتراوح تغذية الفرس ما بين 70 و100 درهم يوميا، حسب نوع الأعلاف، لكن الفرسان يبذلون الغالي والنفيس من أجل "سواد عيون" خيولهم، نظرا للعلاقة التي تربطهم بهم. يقول الشرقاوي: "الفارس خاصو يوكل العود ديالو قبل ما يوكل الأولاد ديالو"، ويشاطره بلحسن الرأي بقوله: "لا جينا نحسبو ما نكسبوش العود. كيكلف مصاريف كثيرة، وداكشي غادي بلا حساب"، مضيفا: "لا العود ما تعشاش مزيان ومحسّن وزين ما عندك نشاط". وتشارك في معرض الفرس بالجديدة 14 فرقة للتبوريدة تنتمي إلى مختلف جهات المغرب، فضلا عن فرقة للشباب أقل من 18 سنة، تشجيعا لهم على حمل مشعل رواد هذه الهواية، التي يرى بلحسن أن لا خوف على مستقبلها نظرا لاهتمام الجيل الجديد بها. "الجيل الحالي متفوق على الجيل القديم، سواء في الركوب أو النظام أو اللباس أو الأدب. وهو منضبط أكثر من الجيل السابق"، يوضح بلحسن، وفي الإطار ذاته يقول الشرقاوي: "الشباب أصبح لديه اهتمام كبير بهذه الهواية، وهناك شبان يتدربون ليكونوا فرسان المستقبل". يوم أمس جرى تسليم الجائزة الكبرى للملك محمد السادس للفرق الفروسية التقليدية المتوجة، التي حظي الفائزون بها بإقامة أفضل من الإقامة المخصصة لباقي الفرق المشاركة في معرض الفرس بالجديدة. وإذا كانت مصاريف تغذية الخيول مرتفعة، فإن أسعارها قد تصل إلى عشرات الملايين؛ إذ تبدأ من ثلاثة ملايين وتصل إلى حوالي ستّين مليون سنتيم، بحسب إفادة محمد دليل، عضو اللجنة المنظمة لمسابقات التبوريدة بمعرض الفرس بالجديدة، التي يشارك فيها فارس يبلغ ثمن الفرس الذي يمتطي صهوته 54 مليون سنتيم، عُرضت عليه لبيعه لكنه رفض العرض مفضلا الاحتفاظ بفرسه.