الأزمة تضرب السوق العقار بالمغرب.. ركود كبير في المبيعات والأسعار ظلت مستقرة    مناقصة.. ا صدار سندات على المدى القصير والمتوسط (مديرية الخزينة والمالية الخارجية)    بعد قمة ألاسكا، ترامب يسارع الخطى الدبلوماسية من أجل "اتفاق سلام" بين أوكرانيا وروسيا    موجة حر مع "الشركي" وزخات رعدية مصحوبة بالبرد وبهبات رياح مرتقبة من الاثنين إلى الأربعاء بعدد من مناطق المملكة (نشرة إنذارية)            بطولة إسبانيا.. ألونسو يعتقد أن ريال يتقدم خطوة بخطوة    بما في ذلك الناظور.. 19 مدينة مغربية تتجاوز 40 درجة وموجة حر استثنائية مستمرة    ضباب كثيف يتسبب في غرق مركب صيد بالحسيمة فجرا    حماس تتسلم مقترحا جديدا لوقف إطلاق نار في غزة    دراسة: حماية الحاجز الدموي الدماغي قد تحد من التدهور الإدراكي لدى المسنين    إسبانيا تعلن عن "ميثاق وطني" لمواجهة الطوارئ المناخية    لفتيت يوجه الولاة والعمال لإعداد جيل جديد من برامج التنمية الترابية    الهزيمة أمام خورفكان تنهي مسيرة الحسين عموتة مع الجزيرة        الواجهات الزجاجية للمكاتب تفاقم معاناة الموظفين في ظل موجات الحرارة    احتياطي المغرب من العملات الصعبة يسجل رقما قياسيا جديدا    ازدواجية المعايير في الدفاع عن الحريات: قضية بوعلام صنصال تكشف التواطؤ مع النظام الجزائري    المغرب ‬الواثق ‬المطمئن ‬الصامد ‬والجزائر ‬المذعورة ‬المصدومة ‬    منظمة العفو الدولية تتهم إسرائيل باتباع سياسة تجويع متعمدة في غزة    حماس تتسلم مقترحا جديدا لوقف إطلاق النار في غزة من الوسطاء في القاهرة وفق مسؤول فلسطيني    بورصة البيضاء تبدأ الأسبوع بانخفاض    أكثر من 40 حريقا نشطا يحاصر إسبانيا والدخان يُرصد من الفضاء    الدولار يستقر مع ترقب المستثمرين لتوضيحات حول السياسة النقدية الأمريكية            نبيل فهمي يقترب من خلافة أبو الغيط في منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية    فتيان الدراجة المغربية يعودون بفضية من ليبيا            هزتان أرضيتان تضربان نواحي اقليم الحسيمة    كومان: لا أطيق الانتظار.. واخترت النصر السعودي لهذا السبب    كالافيوري يقود أرسنال لهزم مانشستر يونايتد في قمة الجولة الأولى من الدوري الإنجليزي    الإفراط في ممارسة ألعاب الفيديو يُعرض المراهقين للتوتر والاكتئاب    "خيرونا" يجهّز عرضًا جديدًا لأوناحي    أمجاد اجتماعية من غشت    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    وفد دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى يزور الصحراء المغربية    إصلاح التقطيع الجماعي..    ابتسام لشكر وإشكالية الحرية...    دراسة: العنف يرفع خطر إصابة المرأة بأمراض القلب والأوعية    فيدرالية اليسار الديمقراطي بتيسة تدق ناقوس الخطر بشأن الأوضاع الاجتماعية وتنتقد المنع والتهميش    كأس آسيا لكرة السلة: المنتخب الأسترالي يتوج باللقب على حساب نظيره الصيني    الصحافة من بوابة الثقافة في ذكرى رحيل غلاب    "سينما الشاطئ" تحل بطنجة وتحتفي بالإبداع المغربي في الهواء الطلق    مؤرخان إسرائيليان ‬يقارنان المحرقة.. ‬والإبادة في‬ غزة!‬    البيجيدي يسائل وزير الداخلية حول مشاركة طوطو في مهرجان القنيطرة وضمانات التزامه بقيم المجتمع    ميرغت.. الزمان والمكان والذاكرة    130 سربة و42 ألف خيمة.. موسم مولاي عبد الله أمغار يسجل مشاركة غير مسبوقة    "لاغتيست" يشعل منصة "رابأفريكا"    هكذا يتجنب عشاق ألعاب الفيديو متاعب العين    دراسة: أطباء يفشلون في تشخيص السرطان بالذكاء الاصطناعي    دموع الأم ووفاء الوطن.. لحظات استثنائية في حفل كزينة بالرباط    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا تبقى من الاشتراكية؟
نشر في هسبريس يوم 07 - 11 - 2017


هل ما زال مشروع تجاوز الرأسمالية قائما؟
عندما أطلق الزعيم غورباتشوف برنامجه الإصلاحي "البرسترويكا أو الكلاسنوست 87-91" كان الاتحاد السوفياتي على وشك الانهيار. ولم يكن حلم "إعادة البناء" ممكنا تاريخيا، لأن منطق التاريخ أقوى من إرادة الأشخاص. لقد كان أمل إنقاذ الاتحاد السوفياتي من السقوط مسألة مستحيلة، على الرغم من الشعارات الإصلاحية الكبرى التي أعلنتها البرسترويكا (تعدد النماذج، نقد النموذج البيروقراطي للدولة، التأكيد على العلاقة بين الديمقراطية والاشتراكية، إطلاق المبادرة الحرة والملكية الخاصة في قطاع الخدمات والتجارة الخارجية والتصنيع، وفتح الاستثمار الأجنبي...). وبعد الانهيار، ظل السؤال مطروحا: هل انهارت الاشتراكية أم انهار نموذج تطبيقي من الاشتراكية؟.
ففيما اعتبر البعض بأن الاتحاد السوفياتي انهار بسبب بيروقراطية الدولة وديكتاتورية الحزب الواحد، وسوء الإدارة الاقتصادية، ذهب البعض الآخر إلى القول بأن السقوط كان حتميا أمام الاختراق الثقافي الغربي للنموذج السوفياتي. أما قراءات أخرى فعلقت سقوط الاتحاد السوفياتي على عدم قدرته على مجابهة اقتصاد السوق، وزحف الرأسمالية العالمية، ورجعت كتابات عديدة إلى الظروف التاريخية التي رافقت قيام ثورة أكتوبر للتساؤل النظري المستلهم من الماركسية نفسها.. كيف يمكن للاشتراكية أن تنجح في بلد لا يمتلك القاعدة المادية لبناء الاشتراكية (ضعف تطور الرأسمالية وآليات توزيع الرأسمال)، وهو الشرط الموضوعي الذي طرحه ماركس؟.
وإذا كانت ضحكات غورباتشوف لم تكن كافية لإنقاذ الاتحاد السوفياتي من الانهيار، فهل عبارات "تخوينه" ستكون كافية لفهم ما جرى؟.
لنتساءل اليوم: كيف السبيل إلى فكر يدعي انتسابه إلى العلوم - ولطالما تغنى بتفوقه النظري في فهم الواقع الملموس، وفي تفسير الظواهر لاستخلاص القوانين الناظمة لها- أن يساهم في فهم ما يجري لتخليص الاشتراكية من العديد من الأوهام اللاتاريخية التي ظلت ملتصقة بها، ولتحريرها من التبريرات النظرية التي لم تسعفها، إلى حدود الساعة، للانتصار على عدوها التاريخي: الرأسمالية.
وهذا سؤال اشتراكي متجدد: هل ما زال مشروع تجاوز الرأسمالية قائما؟ وماذا يعني التجاوز، أو على الأصح ما هي حدوده ومساحاته المتاحة في ظل عولمة الرأسمال؟ وإذا كانت الاشتراكية (كتطبيقات) تبشر بتخليص الإنسان من عبودية الإنتاج، ومن الاستيلاب الاقتصادي، ومن القهر الطبقي، وإذا كان الفكر الماركسي (كنظرية) قد اجتهد في تحليل الميكانيزمات الداخلية التي تحرك عملية الإنتاج، والتراكم الرأسمالي، وعلاقات الإنتاج القائمة، فما زال السؤال يفرضه نفسه، ليس فقط بالنسبة إلى الدول الرأسمالية المتقدمة، بل، بشكل أكثر استعجالية وإلحاحية، بالنسبة إلى البلدان المتخلفة لفهم نمط أو أنماط الإنتاج السائدة (نمط الإنتاج الكولونيالي؟ نمط الإنتاج المختلط؟، الرأسمالية التابعة؟ رأسمالية دول المحيط؟ التطور اللارأسمالي..؟) في سياق تاريخي يؤكد بأن الرأسمالية تتجاوز أزماتها الذاتية بنجاح، وهي المتفوقة اليوم، وهي التي تسعى إلى تسييد نماذجها عبر القارات.
لقد ظلت حركات التحرير والقوى الاشتراكية في العالم الثالث سجينة النماذج الاشتراكية والنظم المفاهيمية الجاهزة القادمة من "المعسكرات" الغربية دونما اجتهاد في تبييء الفكر الاشتراكي، وإخضاعه للشروط التاريخية التي تنتجه، ودونما الاهتمام الكافي بالعديد من الاجتهادات النظرية المتقدمة، حيث ظلت بعض المقولات النظرية تؤثر سلبا على مسارات الفكر الاشتراكي بالبلدان النامية لدرجة تحولت معها المفاهيم إلى مقولات مقدسة (ديكتاتورية البروليتاريا وتحقير طبقات أخرى، الطليعة الثورية، الحقد الطبقي، البرجوازية الرثة)، ودون عناء "التحليل الملموس للواقع الملموس"، ودون الكشف العلمي عن طبيعة التناقضات القائمة في علاقات الإنتاج، والعلاقات والتشكيلات الاجتماعية، والتناقضات الأساسية والثانوية، وطبيعة التفاعلات مع المحيط الإقليمي والجهوي، ودون تحليل معمق للتعبيرات الثقافية، وللطقوس الدينية، والمعتقدات، والعادات، ونظم القيم.. حيث تم التعامل الصارم مع العديد من المقولات كمسلمات إيديولوجية، ومن ضمنها التعامل مع مفهوم الطبقة كمفهوم إيديولوجي، والنظر إليها كوظائف مطلقة في التاريخ، وتهميش التعبيرات الثقافية، وإخضاعها لتصنيفات قبلية، مما نتج عنه التعسف النظري في مقاربة وفهم مستويات الوعي، والإدراكات، والتمثلات، وأنماط الاستهلاك لفئات مختلفة من المجتمع، وحصر التقسيمات الاجتماعية في ثنائية البرجوازية مقابل العمال، دون الكشف عن طبيعة القوى الاجتماعية والاقتصادية الجديدة التي أصبحت جزءا من تقسيم العمل، والاستهلاك، والإنتاج.
وإذا كان الفكر الاشتراكي يستند في تفسيره للتطور التاريخي على تحليل التناقض بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج، أي بين قوة العمل ورأس المال، ففي المجتمعات النامية يأخذ هذا التناقض أشكالا مختلفة ترتبط بمستوى تطور هذه المجتمعات، وضعف وتيرة النمو. كما أن مستويات الوعي الاجتماعي تحمل معها آثار الأنماط الثقافية التي تجعل "البنية الفوقية" أحد عوامل التأثير المباشر في هذه التناقضات، حيث تتداخل عضويا مجموعة من العناصر، منها المعتقدات، والتقاليد، والروابط العصبوية، والقيم العشائرية.. وسيكون من باب السذاجة إهمال هذه العناصر، في مقابل التسليم النظري الجاهز بأن "الوعي الطبقي" وصفة خالصة تعكس التناقض القائم بين القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج.
إن التحولات الكونية التي يشهدها العالم اليوم في سياق العولمة، ورهانات النيوليبرالية، تفترض تجديد التفكير السياسي بما يسمح بتأهيل مقولاته لمجابهة قضايا الديمقراطية، والتنمية، والعدالة الاجتماعية، ودولة الرفاه، وحقوق الإنسان، واقتصاد السوق.. والتفكير في الآليات الكفيلة بضمان مقومات الدولة الاجتماعية. ولعل التراكمات التي حصلت في الفلسفة السياسية العالمية تفضي اليوم إلى تلاقح معرفي وسياسي يزاوج موضوعيا بين مستلزمات مجابهة دكتاتورية السوق ومتطلبات بناء نماذج مختلفة للديمقراطية الاجتماعية على قواعد التعددية السياسية والثقافية، والحريات العامة، والحقوق الكونية للإنسان، والمساواة، والتوزيع العادل للثروة، ودعم السلم العالمي، ومحاربة العنصرية، والتطرف بمختلف أشكاله، والتجاوب مع المتطلبات الجديدة للحقوق البيئية.
إن محاولة التحكم في بنية الاقتصاد العالمي، من خلال تحرير الأسواق، وتدويل الإنتاج، وتدخل الصناديق الدولية للقروض يشكل عناصر لإعادة صياغة التقسيم الكوني للعمل، ويؤشر على تحولات في دور الدولة الوطنية، وسيادتها، وحدود تدخلاتها، ووظائفها، باعتبار النتائج المترتبة عن هذا الوضع، عبر الإملاءات التحكمية في الدول، بدءا بما يسمى بسياسات الانفتاح الاقتصادي، والتوازنات الماكرو اقتصادية، والتدخل في تحديد الأسعار، والسياسات المالية للدول.
واليوم، يشهد العالم تفاوتات متزايدة في توزيع الثروة، ليس فقط بين دول الشمال ودول الجنوب، بل أيضا بين الفئات الاجتماعية المنتمية إلى البلد نفسه، كما أن التناقضات الحادة بين رؤوس الأموال والعمل تفضي إلى تكريس العطالة، وموجات التسريح الجماعي، واتساع دوائر الفقر والهشاشة، مما ينذر بوقوع كوارث اجتماعية كونية ستزيد من تعميق الهوة بين الأغنياء والفقراء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.