حذرت أحزاب مغربية معارضة، داخل البرلمان وخارجه، من قرار توسيع نطاق سعر صرف الدرهم الذي دخل حيز التنفيذ الأسبوع الماضي، وقالت إن الأمر ستكون له انعكاسات سلبية على المغاربة. وفي الوقت الذي كثف فيه محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، وعبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، من تحركاتهما لشرح القرار، خرجت أحزاب عدة عن الإجماع وعبّرت عن رفضها لتعويم الدرهم. على رأس هذه الأحزاب يوجد النهج الديمقراطي اليساري، الذي عبّر عن تنديده ب"تعويم الدرهم"، معتبراً أنه جاء "تنفيذاً لإملاءات المؤسسات المالية الدولية وسياساتها النيوليبرالية المتوحشة"، بحسب تعبيره. وأوضح الحزب أن هذا القرار ستكون له انعكاسات "على المستوى المعيشي للمواطن المغربي من ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، إضافة إلى التخلي التدريجي عن دعم الدولة للمواد الأساسية". وقال مصطفى البراهمة، الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي، في تصريح لهسبريس، إن "حزبنا ضد تعويم الدرهم"، وأضاف: "أولاً هو إملاء من صندوق النقد الدولي، إضافة إلى أن تبعاته تتجلى في غلاء المعيشة، خصوصاً أن المغرب لديه اقتصاد ضعيف". ويرى البراهمة أن الاقتصاد المغربي يعتمد بشكل أساسي على الاستيراد بالعملة الصعبة؛ ما يجعل التأثير السلبي قائماً على قيمة الدرهم، وسينتج عنه ارتفاع في المواد الأساسية المستوردة. ووصف البراهمة تعويم الدرهم بتحرير أسعار المواد المستوردة وجعلها خاضعة لمنطق السوق، وشدد على أن قراراً مثل هذا كان يستوجب "مناقشته من قبل البرلمان، وليس إقراره فقط على مستوى الحكومة". وأضاف البراهمة أن تحرير سعر العملة الوطنية من القرارات الكبيرة والهامة، معتبراً أنه يتطلب حواراً وطنياً وشرحاً مبسطاً لعموم المغاربة، واتخاذ قرار بخصوصه بناءً على تقييم التأثيرات السلبية المحتملة. الموقف نفسه عبرّت عنه فدرالية اليسار الديمقراطي؛ إذ اعتبرت أن قرار تحرير سعر صرف الدرهم "ستكون لها انعكاسات اجتماعية خطيرة لن تؤدي إلا إلى مزيد من التفقير والتهميش والإقصاء". أما حزب الأصالة والمعاصرة، الذي يمثل المعارضة داخل البرلمان، فلم يختر التعبير عن معارضة صريحة، لكن عاب على الحكومة طريقة الإعلان عن النظام المرن لصرف سعر الدرهم. وقال محمد أبودرار، برلماني "البام" عضو لجنة المالية بمجلس النواب، إن "الحكومة تواصلت بشكل ساذج، لأن الأمر لا يتعلق بتعويم للدرهم كما روجت له، بل بنظام مرن عوض ثابت". وأوضح أبودرار، في تصريح لهسبريس، أن "الحكومة لم تتواصل بشكل جيد، وجعلت معلومة غير صحيحة تصل إلى المواطنين والمتعاملين الاقتصاديين والمؤسسات البنكية المتأثرة بمثل هذه الأخبار". وأشار أبودرار إلى أن قرار توسيع نطاق سعر صرف الدرهم لم يكن يحتاج إلى هالة تخلق الرعب لدى المواطنين، وأكد أن "هذه الخطوة، التي ستتلوها خطوات مستقبلية، تحتاج إلى إجراءات مواكبة"، وفق تعبيره. وتحدث أبودرار عن ضرورة مواكبة هذا القرار بإجراءات خاصة بالاقتصاد المغربي لإنجاح المشروع، وقال: "هذا ليس مشروع حكومة، بل مشروع بلد، وتحرير العملة لصالح الاقتصاد الوطني"، لكنه أكد على ضرورة أن يكون الاقتصاد الوطني قوياً ويتميز بصادرات مهمة، مع العمل على تخفيض العجز التجاري والتوفر على احتياطي مهم من العملة الصعبة، معتبرا أن "تغطية واردات ستة أشهر الحالية تبقى غير كافية". ولفت أبودرار إلى أن هناك عملا يجب القيام به بخصوص اتفاقيات التبادل الحر؛ إذ اعتبر أن 90 في المائة منها تسبب عجزاً للمغرب، وتستفيد منها الأطراف الأخرى برفع وارداتها إلى المملكة بشكل أكبر. وقال البرلماني إن التحرير الكامل لصرف سعر العملة الوطنية، في حالة إقراره بشكل كلي، ستكون له انعكاسات وخيمة على المغاربة لأنه ليس في صالح الوضعية الاقتصادية الحالية للمملكة. ومنذ الاثنين الماضي، بات سعر صرف الدرهم في نطاق أكثر مرونة؛ إذ يمكن أن تتغير قيمته ب2.5 في المائة صعوداً وهبوطاً مقارنة مع اليورو والدولار، وحسب العرض والطلب. وجاء قرار الحكومة هذا بشكل فجائي، وبررت نجاحه بتوفر احتياطي من العملة الصعبة يغطي أكثر من خمسة أشهر من الواردات، وطمأنت المغاربة من أي سلبيات، وشددت على أنها اتخذت جميع الاحتياطات اللازمة.