ضربة إسرائيل ترفع أسعار النفط    القوات الجوية الإسرائيلية تهاجم إيران    أنباء عن اغتيال القائد العام للحرس الثوري حسين سلامي وعلماء كبار في البرنامج النووي    ميلاد الندوة الدولية -الدورة الأولى- مغاربة العالم وقضايا الوطن    إسرائيل تقصف مواقع حساسة داخل إيران وطهران تتوعد بردّ قوي    عاجل: إسرائيل تٌعلن شن هجوم على إيران    المجلس الأعلى للسلطة القضائية يصادق على لائحة جديدة من التعيينات في مناصب المسؤولية القضائية    ميناء طنجة المتوسط.. توقيف "مقدم" متلبسًا بمحاولة تهريب الشيرا نحو إسبانيا    المجموعات الغنائية بحلة أركسترالية بالبيضاء.. 50 عازفا موسيقيا لأول مرة بالهواء الطلق ضمن "أرواح غيوانية"    عاجل : طوارئ بإسرائيل .. وانفجارات قوبة تهز إيران    أربع حكمات مغربيات في كأس أمم إفريقيا للسيدات    الوداد يكتسح فريقا كنديا بسباعية    مخرجات "اجتماع مكافحة الفساد في القطاع المالي" تقصد قطاع التأمينات    توقيع اتفاقيتين لتمويل مشروعين لتوسعة وإعادة تأهيل المعهدين المتخصصين في فنون الصناعة التقليدية بالرباط وفاس    توقيف مشتبه به في سرقة موثقة بفيديو بالدار البيضاء        قرار أممي يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.. أيدته 149 دولة وعارضته 12 من بينها إسرائيل وأمريكا    رسميًا.. نابولي يعلن التعاقد مع كيفين دي بروين في صفقة انتقال حر    بوريطة يتباحث بالرباط مع رئيس مجموعة الصداقة فرنسا-المغرب بمجلس الشيوخ الفرنسي    شهادات مرضى وأسرهم..    ضجة بعد انتشار فيديو لحمير داخل مركز صحي.. والمندوبية توضح    بعيوي ينفي أي صلة له ب"إسكوبار الصحراء" ويصفه ب"النصاب والمبتز"    260 قتيلا على الأقل وناجٍ وحيد بين الركاب في تحطم الطائرة الهندية        الحكومة تصادق على مرسوم لتحسين وضعية المهندسين بوزارة العدل    عجز الميزانية ناهز 23 مليار درهم خلال 5 أشهر    الصين تعفي المنتجات الإفريقية بالكامل من الرسوم الجمركية وتعزز شراكتها مع القارة نحو مستقبل مشترك    تقرير: الدار البيضاء ضمن قائمة 40 أفضل وجهة للمواهب التكنولوجية العالمية    بايتاس ينفي الاعتراض على إحالة قانون المسطرة الجنائية للقضاء الدستوري    الغلوسي: الاتهامات بالابتزاز "تسطيح للنقاش" وهروب من مواجهة الفساد    "لبؤات الأطلس" يثبتن بتصنيف "الفيفا"    إسبانيا تحبط تهريب شحنة مخدرات    الأهلي القطري يجدد الثقة في فتوحي    كاظم الساهر يغني لجمهور "موازين"    رسائل تودع مؤسس "بيتش بويز" براين ويلسن    الملك محمد السادس يهنئ الرئيس بوتين    مشاكل الكبد .. أعراض حاضرة وعلاجات ممكنة    أمام لجنة ال24 التابعة للأمم المتحدة : المغرب يدين تعنت الجزائر التي ترهن العملية السياسية على حساب الاستقرار الإقليمي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    فيديو "حمارين داخل مركز صحي" يثير الجدل.. ومندوبية الصحة بالخميسات توضح    فاس.. "نوستالجيا عاطفة الأمس" تعيد بباب الماكينة إحياء اللحظات البارزة من تاريخ المغرب    تحطم طائرة في الهند على متنها 242 شخصا    "350 فنانا و54 حفلة في الدورة السادسة والعشرين لمهرجان كناوة الصويرة"    قانون ومخطط وطني لمواجهة ظاهرة الحيوانات الضالة بالمغرب            أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    كأس العالم للأندية.. فيفا: "كاميرا الحكم" لن تعرض الأحداث المثيرة للجدل    أسعار النفط ترتفع إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من شهرين    تفشي الكلاب الضالة في الناظور: مخطط وطني لمواجهة الخطر الصحي المتزايد    المنتخب النسوي يستعد لكأس إفريقيا في تجمع بسلا من 11 إلى 19 يونيو    اجتماع طارئ .. هل بدأ لقجع يشكك في اختيارات الركراكي؟    إمارة المؤمنين لا يمكن تفويضها أبدا: إعفاء واليي مراكش وفاس بسبب خروقات دستورية    متحور ‬كورونا ‬الجديد ‬"NB.1.8.‬شديد ‬العدوى ‬والصحة ‬العالمية ‬تحذر    السعودية تحظر العمل تحت الشمس لمدة 3 أشهر    السعودية تحظر العمل تحت أشعة الشمس لمدة ثلاثة أشهر في جميع منشآت القطاع الخاص    كأنك تراه    انسيابية في رمي الجمرات واستعدادات مكثفة لاستقبال المتعجلين في المدينة المنورة    









محاصرة حزب أم محاصرة خيار شعبي؟
نشر في هسبريس يوم 22 - 09 - 2011

عرف أحمد عصيد بنقده للإسلاميين وهو حق مكفول بشرطه من خلال ثلاثة مستويات:
المستوى الأول ، بنقده لمرجعيتهم المتمثلة في القرآن والسنة، حين زعم أن النص القرآني خضع للتحريف والتبديل، شأنه في ذلك شأن باقي الكتب التي تزعم أنها سماوية، ثم زعم أن أسلوبه غير معجز لأن في الشعر الجاهلي ما يفوقه بلاغة وبيانا وسحرا، وأن الناسخ والمنسوخ والصحيح والضعيف قواعد استحدثت من أجل رفع التناقض داخل النص الديني!!وقد بينا تهافت هذه الادعاءات في حينها.
المستوى الثاني، بنقده للتأويل الإسلاموي للنص الديني وقراءته بما لا يستجيب للتطور الحداثي الذي تعرفه المجتمعات الإنسانية، حيث بقيت هذه التأويلات حبيسة الاجتهادات التراثية التي عبر عنها الفقهاء القدامى، والتي لا تتجاوز في أحسن الأحوال السقف المعرفي لعصورهم، بينما معطيات العصر الحديث والثورة المعرفية الهائلة التي واكبت النهضة الأوروبية منذ قرنين على الأقل تتطلب جرأة في صياغة اجتهادات معاصرة تقطع مع الماضي ومخلفاته الفكرية وصراعاته السياسية، وكثيرا ما يحيل هنا على الخلاف السياسي بين الصحابة.
المستوى الثالث، باتهامه للإسلاميين باستغلال شعبيتهم المبنية على خطاب شعبوي يمتح من مرجعية تقليدانية في مجتمعات لم تخرج بعد من التقليد إلى الحداثة، للاستفادة من معطيات الديمقراطية الإجرائية دون الوفاء لقيمها الإنسانية ومرجعيتها الكونية، حيث حصروها في لعبة الأغلبية لأنها تسعفهم في الانقضاض على الحكم!!
وقد ناقشنا السيد عصيد بهدوء في مجمل أفكاره الغير وجيهة، إذ هي لا تتجاوز الاتهامات الجاهزة التي يدندن حولها العلمانيون في بلادنا منذ خروج الاستعمار الأوروبي من البلاد العربية، وتركه لفراخه في مراكز القرار يعلنون الحرب على قيمه وثقافته ولغته ورموزه ومرجعيته، ويزجون بعلمائه ورواده في الإصلاح في السجون والمعتقلات، ويفرضون عليه قيم الحداثة الغربية بفلسفتها المادية وتعبيراتها الفنية والثقافية عبر الإعلام والبرامج التعليمية.
فلما فشلوا في مساعيهم بعد خمسة عقود من خروج المستعمر لجأوا في بعض البلاد كتونس وتركيا إلى المقاربة الاستئصالية التي تقطع مع الدين كأهم رافد لثقافة التنوع والتعايش التي تزخر بها المنطقة، لكن المفاجأة المدوية أن الدول التي سلكت هذا الطريق هي التي تقدم اليوم نموذج الانهيار السريع للعلمانيات المتطرفة.
فالربيع الديمقراطي للثورات العربأمازيغية استهل مساره بإسقاط أعتى الديكتاتوريات الحداثوية في تونس، حيث بلغ الإجحاف بالدولة البوليسية على عهد بنعلي المخلوع أن تحاسب الناس على ولوجهم المساجد، ولباس المرأة للخمار، وإيقاد الضوء في البيوت بعد أذان الفجر!!
في حين أن الحركة الإسلامية في تونس ممثلة في حركة النهضة لعبت دورا كبيرا في تأصيل القيم الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة من داخل المرجعية الإسلامية، مما عرض مؤسسها الشيخ راشد الغنوشي والمدرسة الوسطية التي ينتمي إليها لانتقادات هائلة من المتشددين الإسلاميين.
أما في تركيا الكمالية التي أعلنت الحرب على الإسلام منذ أن دفن أتاتورك الخلافة الإسلامية، فقد عاد الشباب التركي المتعلم ذكورا وإناثا للتشبث بقيمه المتجذرة في وعيه الجمعي، والنهل من ثقافته الإسلامية، فأنشأ المدارس والقنوات الدينية وشارك في التدافع السياسي السلمي، وترجم العديد من مؤلفات رواد المدرسة الإصلاحية المعاصرة إلى التركية، وعلى رأسها كتب ومقالات الشيخ راشد الغنوشي التونسي، وكانت النتيجة تفاعل القاعدة الشعبية التركية مع طلائع النخبة الإسلامية المتنورة التي استفادت من معطيات الديمقراطية الحديثة دون أن تتنكر لقيمها وفلسفتها الإسلامية، لتبهر العالم بمعدلات التنمية الاقتصادية المرتفعة التي نقلت مجتمعا كان على حافة الانهيار إلى مصاف الدول المتقدمة في ظرف وجيز.
يمثل العلمانيون اليوم الطابور الخامس لإعلان الحروب الفكرية الممهدة لشن حملات استئصالية على الحركات الإسلامية بشتى توجهاتها، خصوصا منها المعتدلة ذات النفس الطويل في إدارة الصراع، ويستعدون الغرب باعتباره الحليف المفترض لتوجهاتهم اللادينية.
ويبدو أن هناك لعبة خبيثة تدار في الكواليس، تقوم على إحداث الصدام العنيف بين الصحوتين الإسلامية والأمازيغية في الغرب الإسلامي، وهي لعبة خطيرة تستغل الأجواء المشحونة بفائض من التعصب الإثني المعادي لكل ما هو عربي باعتباره مزاحم لثقافة الشعوب الأصلية، وتستغل بعض الأخطاء التي يقع فيها قادة إسلاميون لا يدركون مدى تشبث هذه الشعوب بلغتها الأصلية وثقافتها التي لم يعمل الإسلام في يوم من الأيام على اجتثاثها، بل اعترف بها وصهرها في بوثقته، رافضا فقط تعبيراتها الوثنية والإلحادية التي حاربها في موطنه الأصلي الجزيرة العربية، قبل أن ينطلق فاتحا باسم الله بقية البلدان من حوله.
إن دق طبول الحرب بدأت بإعلان بعض الوجوه القيادية الأمازيغية المتطرفة عزمها رفع دعوى من أجل حل حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، تلتها إصدار بيان تبنّته ما يقارب مائتي جمعية أمازيغية تدعو المغاربة لعدم التصويت على حزب الإسلاميين في الانتخابات التشريعية المقبلة.
إننا نعتقد أن مقال الأستاذ عصيد الأخير تحت عنوان " حزب في وضعية صعبة" يأتي في هذا السياق، لذا جاء مليئا بالمغالطات والتناقضات، ليس آخرها أن الحزب يعرف عزلة بسبب اصطفافه إلى جانب السلطة ضدا على تطلعات الشعب المغربي، بينما يعرف السيد عصيد وغيره من المراقبين أن السلطة تقدم رجلا وتؤخر أخرى في ما يتعلق بالقوانين الانتخابية بسبب وجود هذا الحزب المشوش على اللعبة كما تحبكها الداخلية منذ عقود، فهو حزب عصي على التعليمات بسبب صرامته في احترام الآليات الديمقراطية الداخلية، وما راكمه بهذا الصدد يجعله متفوقا على باقي الأحزاب التي تعرف صراعات وتصدعات داخلية بسبب التزكيات كلما اقترب موعد الانتخابات، وكثير منها لو أعطيته إشارة من الدولة للاقتراب من حزب الإسلاميين لفعل دون تردد.
إن حزب العدالة والتنمية المغربي سيبقى في وضعيته الصعبة التي اختارها دفاعا عن حق الشعب المغربي في الكرامة والحرية والديمقراطية مهما كلفه ذلك من ثمن، وسيبقى وفيا لمبدأ الإصلاح في سياق الاستقرار وإن بدت هذه المعادلة صعبة، سيشتغل في الإطار السلمي مدافعا عن مرجعيته الإسلامية ومعتزا بانتمائه الأمازيغي ومتشبثا بالملكية ومتطلعا للديمقراطية.
*عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.