في وقت يلعب المغرب دور "الدركي" الذي يحمي جواره الأوروبي، وخاصة إسبانيا، من تدفّق أفواج المهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، فإنه يخرق قانونا وضعه بقبوله استقبال المهاجرين غير الشرعيين الذين تطردهم إسبانيا من ترابها وترحّلهم إليه. وتنصّ المادة 42 من قانون الهجرة 02-03 الذي وضعه المغرب على أنه يعاقَب بالحبس من شهر إلى 6 أشهر، وبغرامة مالية من 2000 إلى 20000 ألف درهم، كل شخص يقيم في المغرب بطريقة غير قانونية. عبد الواحد اكمير، المختص في التاريخ، قال في يوم دراسي نظمته مؤسسة علي يعتة، السبت، حول موضوع "المغرب على ضوء المؤشرات والتقارير العالمية: أية أولويات مرحلية لتنمية وطنية متجددة؟"، إنّ توقيع المغرب لاتفاقيات ترحيل المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين من إسبانيا إلى أراضيه فيه خرق لقانون الهجرة الذي وضعتْه المملكة. واعتبر اكمير أنّ هذه الاتفاقية تنطوي إلى إشكاليْن، قانوني وسياسي. في ما يتعلق بالإشكال القانوني، يضيف المتحدث، فإنَّ المهاجرَ المغربيَّ غير الشرعي تتمّ إعادته إلى بلده، وهذا لا يطرح إشكالا، ولكن المهاجرَ الإفريقي، العابر للتراب المغربي، حين تتمّ إعادته إلى المغرب يكون في وضعية غير قانونية، وهذا يتعارض مع قانون الهجرة المغربي. من جهة ثانية قال اكمير إنَّ المغربَ لن يربحَ شيئا من عملية تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين غير النظاميين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، معتبرا أنَّه "ليس مستعدّا لاستقبل المهاجرين الأفارقة، كما أنّه ليس في حاجة إلى هذا النوع من الهجرة". واستدلَّ اكمير بألمانيا، التي أصدرت قوانين للحدّ من الهجرة الاقتصادية؛ وذلك بترحيل المهاجرين القادمين من بلدان آمنة إلى بلدانهم الأصلية، ولم تعُد تقبل سوى اللاجئين، القادمين من مناطق الحرب، مضيفا: "على المستوى الاقتصادي المغرب لا يحتاج إلى الهجرة الإفريقية، ولكن من الناحية السياسية هناك حسابات أخرى". وفي وقت خفّف المغرب إجراءات تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين غير النظاميين المقيمين على ترابه، اعتبر اكمير أنَّ تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين غير النظاميين ستشجّع آخرين على القدوم إلى المملكة، ضاربا المثل بإسبانيا، التي سوّت وضعية 800 ألف مهاجر سنة 2005، لتجد نفسها بعد سنة فقط أمام مليون مهاجر غير نظامي، مشيرا إلى أنّ الاتحاد الأوروبي منع، منذ ذلك الحين، التسوية الجماعية للوضعية القانونية للمهاجرين غير النظاميين. واعتبر المتحدث ذاته أنَّ ثمة إشكالات اجتماعية ستنجم عن تسوية المغرب لوضعية المهاجرين غير النظاميين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، سواء على المستوى الاجتماعي أو التربوي، وهو ما يهيئ أرضية لبروز احتكاكات بين المغاربة والمهاجرين، ومن ثمّ تنامي العنصرية إزاءهم.