يأبى مسؤولون جزائريون إلا أن يعمقوا الصدام الجاري بين المغرب وبلدهم، بعد أن باتت اللقاءات الدولية التي تحتضنها الجارة الشرقية فرصة للهجوم على المغرب؛ إذ قال عبد القادر مساهل، وزير الخارجية الجزائرية، في لقاء خاص بتدارس الأزمة الليبية، إن "مفاوضات الصخيرات هي السبب المباشر في تفاقم الأزمة بين أطراف النزاع الليبي". اللقاء الذي حضره وزراء خارجية تونس ومصر وليبيا، بالإضافة إلى الجزائر، حاول نزع بساط الوساطة من تحت الأقدام المغربية ب"دعوة مساهل الأطراف الليبية إلى الانسحاب من مفاوضات الصخيرات، لأن تعدد المتدخلين يعطل عملية التسوية ويزيد من حدة الخلاف الداخلي"، في إشارة إلى الوساطة المغربية. ويرى العديد من المتتبعين أن الجزائر تحاول من خلال هذه التحركات عزل المغرب عن القرارات الاستراتيجية بالمنطقة؛ إذ استعرض وزراء البلدان المشاركة مقترحات لتجاوز مشكل الأطراف الليبية، متناسين معطيات جلسات الصخيرات، التي انعقدت آخر دوراتها في 24 أبريل الماضي، بحضور مختلف المعنيين بالنزاع الليبي. وكان مجلس الأمن قد أكد في اجتماع سابق له بخصوص الأزمة الليبية، أن "اتفاق الصخيرات، الموقع في 17 دجنبر 2017، يبقى الإطار الوحيد القابل للاستمرار لإنهاء الأزمة السياسية في ليبيا"، مطالبا ب"تنظيم انتخابات تنهي حالة الانتقال السياسي التي يتخبط فيها البلد". وفي هذا السياق، قال الأستاذ الباحث في جامعة محمد الخامس، كريم عايش، إن "هناك سباقا إقليميا على استغلال مخرجات الصراع الليبي وتحويرها لمصالح ضيقة"، مسجلا أن التنسيق رفيع المستوى بين المغرب والأممالمتحدة وأطراف النزاع، "اصطدم برغبة إقليمية ضيقة لحصر الصراع بين ضفاف حدود الدول المجاورة". وأضاف عايش، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه "بالرغم من الدور المهم الذي لعبه المغرب في احتضان مفاوضات اتفاق الصخيرات تحت رعاية الأممالمتحدة وما رافق ذلك من جهد دبلوماسي وأمني ولوجستيكي، أمنته الدولة المغربية عبر خارطة طريق اعتبرها مجلس الأمن الإطار الأمثل لحل الأزمة الليبية، إلا أن المعطيات الجيوستراتيجية لهذا الاتفاق لم يُكْتَبْ لها النجاح نظرا لعدم اعتراف الأطراف بمن يمثلهم، فتارة يُتَّهَمُ البعض بالركوب على المفاوضات لأخذ تمثيلية ليست له، وتارة أخرى يرفض طرف آخر الإطار برمته". وأشار عضو مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية إلى أن "اجتماع الجزائر كان الجولة الرابعة من سلسلة الاجتماعات التي سبق أن عُقِدَتْ بالجزائروتونس والقاهرة سنة 2017، والتي لم تَحِدْ عن الخطوط العريضة لاتفاق الصخيرات، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول المغزى من إفراغ هذا الاتفاق من محتواه وإخراجه من سيرورته الزمنية ومحاولة إعادة صياغته وتغيير محاوريه الأساسيين". وزاد عايش أن وراء كل هذه الاجتماعات المارطونية التي تشرك كلا من مصر وتونسوالجزائر، "محاولة لإقحام الثلاثي في الجهود الأممية، واستشراف علاقات أعمق مع مختلف الأطراف تُمَكِّنُ من فتح آفاق ومصالح اقتصادية وعسكرية جديدة خلال الأزمة وبعد حلها خدمة لمصالحها، واستعدادا لتقاسم السوق الليبي بينها، وإقصاء المغرب الذي عُرِفَ بنجاعة مقاربته الاقتصادية والاجتماعية بإفريقيا"، وفق تعبيره.