أثارت تصريحاتٌ أدلى بها مؤخرا كل من وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، مصطفى الرميد، ووزير العدل، محمد أوجار، حول الأقليات الدينية في المغرب، حفيظة المغاربة المسيحيين، معتبرين إياها "تردّيا" عما ينص عليه دستور المملكة، والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب. تنسيقية المغاربة المسيحيين اعتبرت أنّ تصريح وزير العدل، محمد أوجار، في برنامج تلفزيوني بُثّ على القناة الأولى، أنكر فيه وجود أقلية مغربية مسيحية، واعترف فقط بحرية العقدية للأجانب من الأفارقة والأوروبيين، وكذا الأقلية اليهودية، مجانب للصواب. وقالت التنسيقية إنَّ "أعداد المغاربة المسيحيين هي بالآلاف، وتتعدّى أعداد اليهود المغاربة"، معتبرة أنّ ما صدَر عن وزير العدل "أمر خطير، ويعتبر مخالفا للمادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب". وردّت تنسيقية المغاربة المسيحيين على تصريحات وزير العدل، التي حصَر فيها الاعتراف بحرية العقيدة في الأجانب، سواء المقيمين أو الوافدين، والأقلية اليهودية بالمغرب، بالقول: "المواطنون المغاربة لهم الحق في تغيير المعتقد وفي ممارسته وليس الأجانب فقط". انتقادات تنسيقية المغاربة المسيحيين طالت، أيضا، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، بعد الحوار الذي أجراه مع إحدى الجرائد اليومية، والذي اعتبر فيه أنّ حرية المعتقد وإن كانت لا تشكل تهديدا للدولة في المدى القريب، ولكنها من المؤكد ستشكل خطرا على المدى البعيد. وقالت تنسيقية المغاربة المسيحيين ردّا على تصريحات الرميد: "نحن كمغاربة مسيحيين نستنكر أن وزيرا من المفروض أنه يرعى حقوق الإنسان يَعتبر حقا أساسيا من حقوق الإنسان يشكل تهديدا للوطن"، متسائلة: "كيف تصير الحقوق تهديدا للوطن؟". محمد السوسي، منسق تنسيقية المغاربة المسيحيين، قالَ في تصريح لهسبريس، جوابا على سؤال حول ما إن كان السماح للمسيحيين المغاربة بممارسة حريتهم في المعتقد سيخلخل تماسك الأمن الروحي للمغاربة: "نحن لا نطالب أحدا بتغيير عقيدته، ولا نزعزع عقيدة أحد". واستطرد السوسي، حين حديثه عن مسألة "زعزعة عقيدة" مسلم، التي تتخذها الدولة المغربية مبررا لعدم السماح بممارسة حرية المعتقد للمغاربة المسيحيين، والتي يعاقب عليها القانون الجنائي: "إذا كانت عقيدة المسلم قابلة لأن تتزعزع، فإنّ المشكل فيه هو، وليس فينا نحن". وكانت تنسيقية المغاربة المسيحيين كثّفت مساعيها في الآونة الأخيرة من أجل السماح للمغاربة المسيحيين بممارسة شعائرهم وطقوسهم علانية، إذ التقى أعضاء منها الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وقدموا له مذكرة تتضمن لائحة مطالبهم، كما قدموا مذكرة مماثلة لرئيس الحكومة. ويبدو من خلال التصريحات الأخيرة لكل من وزير العدل، ووزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، أنّ الحكومة غيرُ مستعدة للتفاعل مع مطالب المغاربة المسيحيين، وهو الموقف نفسه الذي يبدو سائدا لدى الدولة، بعد إقدامها على منع ندوة دولية كان يعتزم تنظيمها نور الدين عيوش، وكان من المفترض أن تتناول موضوع الحريات، ومن ضمنها حرية العقيدة. محمد السوسي اعتبر أنّ التصريحات التي أدلى بها كل من محمد أوجار والمصطفى الرميد "تتناقض حتى مع جاء به دستور 2011، والمسار الذي انخرط فيه المغرب في مجال حقوق الإنسان، كما تتناقض مع تصريحات سابقة لملك البلاد، قال فيها إنّه أمير لجميع المؤمنين وليس للمسلمين فقط".