بعد خيباته المتراكمة .. النظام الجزائري يفتح جبهة جديدة ضد الإمارات    في خطوة رمزية خاصة .. الRNI يطلق مسار الإنجازات من الداخلة    وداعاً لكلمة المرور.. مايكروسوفت تغيّر القواعد    برشلونة يهزم بلد الوليد    منتخب "U20" يستعد لهزم نيجيريا    العثور على ستيني جثة هامدة داخل خزان مائي بإقليم شفشاون    إسرائيل تستدعي آلاف جنود الاحتياط استعدادا لتوسيع هجومها في قطاع غزة    من الداخلة.. أوجار: وحدة التراب الوطني أولوية لا تقبل المساومة والمغرب يقترب من الحسم النهائي لقضية الصحراء    الوداد يظفر بالكلاسيكو أمام الجيش    جلالة الملك يواسي أسرة المرحوم الفنان محمد الشوبي    الناظور.. توقيف شخص متورط في الاتجار في المخدرات وارتكاب حادثة سير مميتة وتسهيل فرار مبحوث عنه من سيارة إسعاف    حقيقة "اختفاء" تلميذين بالبيضاء    مقتضيات قانونية تحظر القتل غير المبرر للحيوانات الضالة في المغرب    البكاري: تطور الحقوق والحريات بالمغرب دائما مهدد لأن بنية النظام السياسية "قمعية"    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    أمسية احتفائية بالشاعر عبد الله زريقة    نزهة الوافي غاضبة من ابن كيران: لا يليق برئيس حكومة سابق التهكم على الرئيس الفرنسي    52 ألفا و495 شهيدا في قطاع غزة حصيلة الإبادة الإسرائيلية منذ بدء الحرب    تقرير: المغرب يحتل المرتبة 63 عالميا في جاهزية البنيات المعرفية وسط تحديات تشريعية وصناعية    قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها    تفاصيل زيارة الأميرة للا أسماء لجامعة غالوديت وترؤسها لحفل توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة للا أسماء وغالوديت    المغرب يبدأ تصنيع وتجميع هياكل طائراته F-16 في الدار البيضاء    ابنة الناظور حنان الخضر تعود بعد سنوات من الغياب.. وتمسح ماضيها من إنستغرام    حادث مروع في ألمانيا.. ثمانية جرحى بعد دهس جماعي وسط المدينة    العد التنازلي بدأ .. سعد لمجرد في مواجهة مصيره مجددا أمام القضاء الفرنسي    توقيف شخص وحجز 4 أطنان و328 كلغ من مخدر الشيرا بأكادير    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    مجموعة أكديطال تعلن عن نجاح أول جراحة عن بُعد (تيليجراحة) في المغرب بين اثنين من مؤسساتها في الدار البيضاء والعيون    الملك: الراحل الشوبي ممثل مقتدر    وصول 17 مهاجراً إلى إسبانيا على متن "فانتوم" انطلق من سواحل الحسيمة    كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة تحتضن أول مؤتمر دولي حول الطاقات المتجددة والبيئة    الإمارات وعبث النظام الجزائري: من يصنع القرار ومن يختبئ خلف الشعارات؟    العصبة تفرج عن برنامج الجولة ما قبل الأخيرة من البطولة الاحترافبة وسط صراع محتدم على البقاء    إسرائيل تعيد رسم خطوط الاشتباك في سوريا .. ومخاوف من تصعيد مقصود    تونس: محكمة الإرهاب تصدر حكما بالسجن 34 سنة بحق رئيس الحكومة الأسبق علي العريض    الملك محمد السادس يبارك عيد بولندا    كازاخستان تستأنف تصدير القمح إلى المغرب لأول مرة منذ عام 2008    بيزيد يسائل كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري حول وضعية مهني قوارب الصيد التقليدي بالجديدة    الإقبال على ماراثون "لندن 2026" يعد بمنافسة مليونية    منحة مالية للاعبي الجيش الملكي مقابل الفوز على الوداد    الداخلة-وادي الذهب: البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية    أصيلة تسعى إلى الانضمام لشبكة المدن المبدعة لليونسكو    اللحوم المستوردة في المغرب : هل تنجح المنافسة الأجنبية في خفض الأسعار؟    الكوكب يسعى لوقف نزيف النقاط أمام "الكاك"    غوارديولا: سآخذ قسطًا من الراحة بعد نهاية عقدي مع مانشستر سيتي    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المطلوب والممكن من أجل التجديد..
نشر في هسبريس يوم 20 - 08 - 2018


رفيقاتي رفاقي..السيدات والسادة، تحية صادقة وبعد:
لقد شاء الله أن أعيش كل هذه السنوات التي مرت في لمح البصر بكل نشاط وحيوية، ولا شك أني اليوم أكمل المشوار بعد أن وقفت عند مدخل العديد من الطرق ومفترقها، وبعد أن جربت العواطف والمشاعر والأفكار والأخيلة، وكل ما يلقاه الإنسان من يوم ولادته.
وليس من العجب أن أحتفي اليوم بكل هذه السنوات التي مرت من عمري، والتي جربت فيها الحياة ورسمت فيها حياتي المستقبلة من خيالي ومن الواقع، بالصعاب والعقبات التي صادفتني، وبمن أخلفوا ظني، وبتنازلي أحيانا عن بعض المبادئ التي كانت ولازالت جزءا مني.
وبعد هذه الرحلة من عمري، تغير اليوم مجرى حياتي وممارستي، وأرشدتني المحن إلى درب الحياة بعيدا عن الخوف والموت والإذلال والاعتداء على الكرامة، لأجد نفسي من جديد أمام مرحلة تاريخية جديدة، مفصلية، تفرض علي حساسية أخرى، وعقلا مغايرا في النظر إلى الذات والواقع، انطلاقا من المطلوب والممكن..
رفيقاتي رفاقي..السيدات والسادة..
كل هذه السنوات التي مرت من عمري لم تزدني إلا فخرا وسرورا واعتزازا بوطني، وإيمانا بجميع التجارب والثقافات المتداخلة، كما مكنتني من التخلص من الوعي الشقي، المنغلق على ذاته والإطلاقي في صيغه، والمتهرب من النقد والنقد الذاتي في واقعه.
وربما تكون هذه المناسبة فرصة لاستحضار العلامات البارزة والدالة على التحولات العميقة التي عرفتها طوال مساري الاجتماعي والسياسي والثقافي والأكاديمي، والوتيرة التي أخذتها العديد من الممارسات السياسية التي أخذت من وقتي الكثير من دون أن أسقط في الجمود والتخشب والثبات.
فمنذ أن فتحت عيني وأنا أعيش على إيقاع الحركات والتنظيمات وما تضمه بين صفوفها وداخل قياداتها من عناصر ذات اتجاهات سياسية متباينة، بل متناقضة. ولا أعتقد اليوم أن الحركة الوطنية بكل فصائلها، والحركة الماركسية بكل فروعها، والجماعات الإسلامية بمرشديها ودوائرها، قد استطاعت امتلاك الحقيقة، ونشر الوعي الديمقراطي على مستويات وجودها. بل ساهمت في ميلاد أحزاب سياسية تعيش اليوم وضعية مزرية، تخترقها الهشاشة والسلبية، وعاجزة عن تحقيق مهماتها التي جاءت من أجلها.
كما بينت التجارب ألا أحد يملك حق احتكار الحقيقة، وإنه لمن المؤسف أن تعتقد تنظيمات سياسية أنها تمتلك هذا الحق. إن التاريخ لم يتوقف عند أحد كما أن التفكير لم يتوقف عند قراءة أي توجه أو بيان أو كتاب..
وعبر مسيرة الرجات الثورية والانتفاضات الشعبية وكل أشكال النضال السياسي والمدني، لم تستطع القوى السياسية التأكيد على ما هو مشترك وعام، لتوفير أفضل الشروط للتغير والتفاعل الإيجابي مع كل المبادرات الهادفة إلى إخراجها من العزلة والعداء والسلبية، بل صارت اليوم موضع تشكيك بسبب أن الأحزاب السياسية أرادت الاستئثار بالحركة الوطنية أو بالتفكير الماركسي أو بالدين.
رفيقاتي رفاقي..السيدات والسادة،
لا شك أن المهمة اليوم ليست هينة، ذلك أنه على خلاف ما يتم تداوله، يبدو أن الحوار بين كل مكونات المجتمع معطل، وأن عدم الاعتراف به يقود المجتمع إلى العنف بكل مظاهره وصوره، وعلى مستوى تدبير كل القضايا وبين جميع القوى والعناصر.
وأي اختيار اليوم يجب أن يمتلك الجرأة، ويقوم بعملية نقد ومراجعة للزمن السياسي الذي عشناه في التجارب السابقة، كما يفرض الاعتراف الواضح بفشل الكثير من الأفكار والشعارات التي سيطرت على حقل التصورات السياسية، وفي الرؤى التنظيمية والأدبيات الحزبية.
لقد كانت البلاد حبلى بالثوار، وكان المد الثوري العارم يهز الدولة، كما اجتاحت الشوارع المظاهرات الشعبية، وامتدت الإضرابات إلى كل المؤسسات، وبرز المضمون الاجتماعي للحركة التحررية، وتمردت بعض عناصر الجيش، وتأجج الغضب الشعبي من أجل مغرب الاستقلال بكل معانيه وتفاصيله. وأدركت الدولة مسؤوليتها، وصارت مهيأة لأن تلعب دورا أساسيا في الحياة السياسية، وقامت بعدة إجراءات قمعية وإصلاحية، انعكست سلبا على الحركة الثورية التي برزت في صفوفها انقسامات حادة أدت إلى عزلتها نتيجة تعدد الآراء والبرامج ووجهات النظر والأرضيات، ما بين يسارية انعزالية ويمينية ليبرالية، ما حال دون بناء حزب ثوري موحد، قادر على تنظيم الجماهير الشعبية وتحقيق مطالبها وتطلعاتها وحقها في العيش الكريم والحرية. وكان من الطبيعي أن ينعكس هذا الوضع المحتدم داخل المجتمع، وداخل صفوف الأحزاب والنقابات والجمعيات.
رفيقاتي رفاقي..السيدات والسادة،
إن الديمقراطية ليست شعارا، وإنما شكل من أشكال الحكم، وتؤسس وتكسب كما يقال في القانون "قوة الشيء المقضى به"، إذا ما استطعنا إدراك القدرة على خلقها وتأسيسها وتكريسها؛ وهو ما يفرض على الجميع اليوم ترتيب أولويات العمل لبنائها.
وهكذا فإن الخوف اليوم من قول الحقيقة حول أسباب تعثر الديمقراطية ببلادنا يزيد من تعقيد الوضع، في غياب المحاسبة وتحديد المسؤوليات. كما أن محاولة إقناع الناس بالديمقراطية بات طريقه شاقا ومكلفا للجميع، لأن النضال من أجل الديمقراطية يتطلب جيلا جديدا من المناضلات والمناضلين وتضحيات جديدة، وتواصلا يوميا مع الشعب على كافة المستويات.
وهنا يجب ألا نسقط في العدمية من جديد، وعلينا أن نتجاوز أمراض العصبية والقبلية والهيمنة والعنصرية، لكي لا يهرب الناس من النضال من أجل الديمقراطية، التي تحولت (في نظرهم) إلى حق السلطة في أن تفعل بالناس ما تشاء، وحق السياسيين أن يصادروا الآراء التي تختلف معهم متى شاؤوا.
والواقع إذا كانت جميع الأوصاف السلبية تلصق بالفاعلين السياسيين، فلأننا نعيش مرحلة ما قبل الديمقراطية، والطريق الوحدوي عاجز عن الوصول إلى أي هدف من أهدافه. وبالتالي فإن النضال من أجل الديمقراطية نضال شاق ومستمر ويفترض أن نكسر الحلقة الانقسامية المنتجة للفقر الاجتماعي وهشاشة الفكر السياسي.
إن أحد معايير الواقعية، وبالتالي المصداقية التي يستدعيها الواقع اليوم، هو انتزاع الديمقراطية بالتدريج وتعزيزها بشكل يومي لمحاصرة سلطة الريع والعبث وجوع القادة السياسيين. إنه نضال التراكم والإبداع وتهيئ المناخ وتوليد المناعة..
رفيقاتي رفاقي..السيدات والسادة،
إن حركة قادمون وقادرون – مغرب المستقبل لا تملك أجوبة عن الأسئلة والظواهر التي تؤرق الفضاء العمومي المغربي (كما حدده يورغن هابرماس) كمكان متاح مبدئيا لجميع المواطنين حيث بإمكانهم الاجتماع لتكوين رأي عام، بل لها مشروعات أجوبة؛ لكنها تملك القدرة على إطلاق الحوار، وباستطاعتها إنضاج الشروط التي تساعد على بلورته مع كل الفرقاء..
وإذا كان السؤال الموجه إلى الحركة يحوم حول وجودها وأهدافها، فإنه لازال سؤالا محتشما أحيانا ومتخلفا في العديد من الأحيان؛ لأنها بكل بساطة اختارت منذ انطلاقتها أن تؤمن بحرية المبادرة، واختارت خدمة الشعب من منطلق المطالبة باقتسام الثروة الوطنية والعدالة المجالية والبنيات الأساسية، واعتبار المساواة والتكافؤ حقا من حقوق الإنسان، وليس ترفا فكريا أو حقوقيا أو جدلا عقيما.
كما أن الحركة ليست تكرارا لتجارب سابقة، إنها حركة اجتماعية، مدنية، ديمقراطية، تسعى إلى وضع أسس جديدة للنضال الديمقراطي السلمي، وهدفها إطلاق الحوار الفكري والسياسي والاجتماعي والثقافي بدون طابوهات، وفضح المعارك السياسية المجانية والتنابز غير المبرر، سواء بين الفرقاء السياسيين أو بينهم وبين المؤسسات التي يعتبرون جزءا منها.
إن التحديات التي تجابه حركة قادمون وقادرون- مغرب المستقبل تكمن في تنزيل اقتراحات عملية تخص موضوع الحوار ومواضيعه، ولغته، من منطلقات الاعتراف بالآخر واحترامه، ورد الاعتبار للحق في الاختلاف والخلاف، وعدم الخلط بين الذاتي والموضوعي، وبين الثانوي والأساسي.
واليوم لا يجادل أحد في أن مشكلتنا هي مشكلة حوار حول الثوابت في حياتنا، وحول المبادئ التأسيسية للعيش المشترك والاعتراف بالآخر.
رفيقاتي رفاقي..السيدات والسادة،
لقد قبلت الحركة منذ نشأتها الاعتماد على النفس وعلى الأطر والكفاءات القادمة من كل الحساسيات، من أجل تفعيل قيم التعايش والتضامن والتعاون، ومن أجل خدمة الوطن والنضال والمساهمة في إصلاح مؤسساته، ونبذ التعصب والتطرف والانغلاق والعنف، وعدم تغليب الآني على الإستراتيجي.
إن بلادنا أمام انحطاط جديد ميزته العطالة، والتسلط، والاستبداد، والفساد، وسياسة فرق تسود؛ وهو انحطاط مركب يستدعي وعيا يقظا متعدد المنطلقات والأبعاد بهدف صياغة مكونات التجديد، تنهض على قاعدة تقاليد جديدة للتعبير عن الفكر والمواقف، والتخلص من التربية القبلية الصنمية والعنصرية المعششة في أحشاء الفاعلين السياسيين، والتغلب على "الحكرة" التي تسكن أحشاء الدولة، ومطاردة القناعات البدائية المتخلفة، وتجاوز العلاقات العشائرية، والإيمان القوي بالمؤسسات.
غير أن غاية الحركة هاته كحلم وطموح لا يمكن أن تنمو وتتطور إلا ببلورة العديد من الآراء الإيجابية بخصوص مواضيع الحوار المجتمعي، والتي تتمثل في معالجة مشكلات أساسية مثل:
* المدرسة.
* المساواة بين المرأة والرجل في كل الحقوق والواجبات.
* فصل الدين عن السياسة.
رفيقاتي رفاقي..السيدات والسادة،
إن حركة قادمون وقادرون – مغرب المستقبل، لم تأت ضد أي أحد، ولا تصدر أحكام قيمة على أحد، لكنها تعترف بأن واقع اليوم أسوأ من الفترات العصيبة السابقة. فانهيار القيم، وتنامي العنف، وانتشار الفساد، وتزايد الريع، يدل على أن القوى السياسية شاخت، والمؤسسات أفلست.
وإذا كانت الحركة لا يمكن لها الوقوف عند كل القضايا الأساسية فإنها تسجل في الوقت نفسه أن الأحزاب يجب أن تقدم حلولا ملموسة لتجاوز وضع الأزمة ببلادنا؛ وبدلا من التنابز السياسي، عليها أن تتجاوز مرحلة التقاليد القبلية، والسلطوية، والدغمائية، كما عليها أن تقدم نقدا ذاتيا قبل الحديث عن وضع البرامج والخطط أو تحديد المطالب والشعارات.
كما جاءت الحركة للتخفيف من الإحباط والاستسلام والعزلة، واسترجاع الثقة في الوطن ومؤسساته، وصياغة وطرح القضايا الأساسية بكل جرأة ومن دون تردد، من خلال:
* إعادة بناء المؤسسات على قاعدة الكفاءة والإنتاجية والمردودية.
* التخلص من تبعية الأحزاب السياسية للسلطة والقطع مع تحكم الأعيان في السياسة.
* تقييم موضوعي لمسيرة المغرب منذ 1999 على ضوء النظام العالمي الجديد.
* تقييم الوضع المغربي في ظل الاهتمام العالمي بحقوق الإنسان والحريات عامة.
لذا يتوجب توجيه كل الطاقات البشرية في اتجاه المرونة والحوار لخلق شروط العمل المشترك والتوصل إلى تحالف عريض، مهما كانت الاختلافات في المنطلقات النظرية، وقطع الطريق على العناصر التخريبية داخل كل قوة سياسية، لوقف كل أشكال إهانة المعرفة وتسييد العبث.
لقد قامت الحركة بإنشاء العديد من التنظيمات القاعدية في كل ربوع المملكة المغربية، كما حاولت إنشاء لجان تهتم بحركية وديناميات المجتمعات المحلية من أجل التمكن من القيام بتجارب دفاعية ونضالية جديدة حول الأسئلة الحقيقية التي تخترقها، مثل سؤال المواطنة، وسؤال القانون العادل والمنصف، وسؤال الإرادة الشعبية.
إن الواقع لم يعد يقبل الهياج الاجتماعي والغضب الشعبي ورجات بدون قيادات. ومن هذا المنطلق تعتبر حركة قادمون وقادرون – مغرب المستقبل أن غياب الحوار والوساطة بين الفاعلين يقود إلى التعبئة والتعبئة المضادة والتحريض بدل القيادة، كما يقود في غالب الأحيان إلى التمرد والعصيان والتحدي.
هناك أسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية لم تستطع الأحزاب السياسية تعريتها ومعالجتها، في غياب قيادات تقدمية قادرة على القيادة وتقديم البرامج لكي تفرض نفسها كبديل؛ لذا يتوجب فتح نقاش عمومي حول هذا الموضوع، واعتبار كل القوى المجتمعية معنية به من دون استثناء، بما فيها الحركة الدينية التي أصبحت موجودة في غياب القوى الوطنية التقدمية العاجزة عن قيادة الجماهير، والمتجاوزة من طرف الشعب، خاصة أن حلفاءها على الصعيد الدولي باتوا منشغلين اليوم ببناء اقتصادياتهم اليومية وبإعادة النظر في أولوياتهم ومصير مستقبل شعوبهم.
اليوم يجب التعامل مع حزب العدالة والتنمية المغربي كحركة سياسية، وإن كان استعماله للدين سلاحا للدفاع عن النفس وللكسب السياسي. كما أن قوة هذا الحزب دليل ساطع على تراجع الحركات التقدمية، ما يستدعي التعامل معه على ضوء قوته الراهنة والظاهرة.
رفيقاتي رفاقي..السيدات والسادة،
إن حركة قادمون وقادرون – مغرب المستقبل تراهن اليوم على رد الاعتبار للعلاقة بين السياسي والفكري لسد الطريق في وجه "الطراطير"، خوفا من اغتيال دستور 2011 الذي تعتبره الحركة ثمرة مقاومة تاريخية ونضال بدون هوادة من أجل دولة القانون العادل والمنصف.
فمن المغالاة والنفاق السياسي أن نزرع الوهم لسنوات طويلة من دون حياء ولا حشمة، وأن نجعل عشرات بل مئات المناضلات والمناضلين معتقلين في أحزاب سياسية لا مواقع ولا امتداد لها، ولا تنبت الأرض ولا تنتج إلا العبث، ولا رؤية لها للتداول والتجديد، وفق معايير تراعي القدرة، والكفاءة والتمرس، وكذا الخصال المنطبعة بروح النضال والعمل التطوعي الجماعي، والتبصر والصبر والاتزان.
إن حركة قادمون وقادرون – مغرب المستقبل تدعوكم إلى فتح قنوات الحوار مع الجميع ومع كل الأطراف من دون أي استثناء، رغم وجود الفروق والخلافات في النظرة أو التحليل أو الدفاع، ومن دون أي قراءة مسبقة أو حكم قيمة، ومن دون أي قراءة خاطئة للتاريخ والواقع.
فالأهم أن الحوار لا يجب أن يحجب التمييز النظري، ونقاط الخلاف، ولا يمنع النقد أيضا. ولا يجب على السياسي أن يخضع الفكري والثقافي لخدمة أجنداته السياسية والانتخابية؛ كما لا يجب التعامل مع الديمقراطية بانتقائية داخل المؤسسات الحزبية، وحرمان الرأي الآخر والمختلف من القدرة على التعبير والوصول، وقمعه وتشويهه وتجريم مبادراته النضالية وممارسته السياسية اليومية.
رفيقاتي رفاقي..السيدات والسادة،
مما لا شك فيه أن "الذهنية الحزبية المغربية" أغلبها لا تهتم بالنظرية، ولا بالفكر أو بالثقافة، وتقف موقفا سلبيا من المشتغلين بالفكر والثقافة، وتعتبر نشاطهم، إذا لم يصب في مصلحتهم، تخريبا وتشويشا على القيادة! وهو ما قاد مهنة الإبداع الفكري والكتاب والأساتذة إلى المصادرة والشقة والتباعد والعداء والافتراق.
هكذا يمكن تلخيص المراحل التي اجتزتها، وهكذا أفكر اليوم في جملة من القضايا الاجتماعية والسياسية المركبة لمواجهة الوضع القائم بالدعوة إلى تطويره من الداخل، دون إغفال الحلقة المركزية والراهنة في المسألة، ألا وهي السلطة وقضية الحريات الديمقراطية.
إن شعار التجديد من أهم مقومات حركة قادمون وقادرون – مغرب المستقبل، من أجل بناء ثقة جديدة، وتجاوز الأخطاء الكثيرة التي وقعت فيها الأحزاب السياسية، وهو ثقافة مبنية على الصدق، وتدعو إلى عدم القفز على الواقع، واستعارة أفكار الآخرين أو مواقفهم. وشعار التجديد هو - كذلك- فلسفة لتنمية الانتقال لدى عموم الناشطات والنشطاء من مجرد مستهلكين لها إلى منتجين.
وينبغي من أجل التمكن من القيام بكل هذه التجارب تحميس كل القواعد المناضلة والمؤمنة بالحركة، وتحويلها إلى مناضلين في كل المجالات، وفي مقدمتها الوحدة الوطنية والتنمية المستدامة والتحرر.
ولعل من بين التحديات الكبرى التي ينبغي أن تستأثر بكامل الاهتمام التصدي للإرهاب الفكري باعتباره الأكثر خطورة من بين سائر مظاهر الإرهاب الأخرى، دون إغفال مواجهة العدو الثلاثي القرون: الفقر، الفساد والريع.
إن حركة قادمون وقادرون – مغرب المستقبل مشروع جديد، يوجد اليوم في حالة تفاعل من داخل معترك الحياة الفعلية، انطلاقا من محاولة استيعاب الظواهر الجديدة وتجاوز الحالة السلبية الراكدة، من أجل ممارسة السياسة بحرية، انطلاقا من القضايا الاجتماعية وبرنامج عمل مشترك رغم اختلاف المنطلقات والدوافع والعلاقات.
رفيقاتي رفاقي..السيدات والسادة،
لقد اخترت هذه المناسبة لأعبر لكم بفخر واعتزاز عن انتمائي إلى بلدي الذي يخلد فيه المغاربة قاطبة الذكرى الخامسة والستين لثورة الملك والشعب، بما يرمز إليه هذا اليوم من مسار التحرر ونيل الحرية والاستقلال، والذي يتزامن مع الذكرى الخامسة والخمسين لميلاد ملك المغرب محمد السادس؛ ولأجدد معكن ومعكم العهد في ذكرى ميلادي، لنضال من أجل الكرامة بكل حزم ومرونة، والمضي قدما نحو نموذج مرجعي للتجديد السياسي القائم على اجتذاب الأطر والكفاءات، والاهتمام بالشباب ورجال الفكر والعلم، بعيدا عن أي انتماء خارجي قد يمنعني من التموقف والتعبير بكل حرية وجرأة عن كل الشوائب والممارسات الناتجة عن السلطة والسلط والتسلط، أو يلجم مواقفي المنبثقة من مأزق السياسي الملتزم بقضايا الجماهير، بعيدا عن النقاشات العقيمة حول العلاقات الجانبية.
كما اخترت هذه المناسبة السعيدة لأودع سنوات مضت من عمري بما تستحقه من اهتمام وقراءة واسعة ونقد ذاتي، ونقد للهيمنة على الحياة السياسية ولكل أنواع الحصار والاستبعاد السياسي؛ ولأجدد رفضي لكل أشكال العنف والقمع وتزييف إرادة الشعب، وفضح كل مؤسسات الدولة التي تحولت إلى ديكور خارجي جميل دون فعالية حقيقية.
ولا أملك مع أمنيتي الحارة لكم جميعا إلا أن أضع بين يديكم هذه الرسالة التي تحمل همومي وتطلعاتي المستقبلية، المفعمة بالأمل والصفاء الروحي والشجن الصافي، لنستلهم منها جميعا أملا، ونستمد من روحها قوة وعافية، ونواصل بها الطريق معا بهدوء، ولأقدم لكن ولكم جزءا من حقائق حياتي، بعيدا عن الانحسار والهزيمة والخوف.
مكناس، في 20 غشت 2018


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.