قال جمال الدين مشبال، ديبلوماسي مغربي سابقا، إن الولاياتالمتحدةالأمريكية "تقدر استقرار المغرب بمنطقة معقدة، وانفتاحه، واعتداله الديني، وتعتبر أن النموذج المغربي في المستقبل، مع بعض الدعم، يمكن أن يكون قابلا للتطبيق بالنسبة لدول عربية وإسلامية أخرى، في الوقت الذي يمكن أن يصبح فيه منصة للاستثمار والأعمال في أفريقيا". ووصف مشبال، في ورقة نشرت بمركز "CPLATAM" لتحليل السياسات بأمريكا اللاتينية، العلاقات بين الولاياتالمتحدة والمغرب ب"الجيدة والمتميزة"، وقال إن هذه العلاقات "سياسات دولة" لا تتغير بتغيير الحكومات، مستشهدا في هذا السياق باحتفاظ الولاياتالمتحدة بموقفها من قضية الصحراء المتمثل في "دعم جهود الأممالمتحدة حتى يصل الطرفان إلى حل عادل ودائم من خلال المفاوضات". قضية الصحراء التي يعتبرها المغرب مقياس علاقات الصداقة الحقيقية، ستتأثر، حسب الديبلوماسي المغربي، ب"دعم ومساعدة إيران لجبهة البوليساريو"، وهو ما أدى إلى تنديد بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي بعلاقة النظام الإيراني بجبهة البوليساريو. علاقات عريقة فسّر جمال الدين مشبال في ورقته اعتبار الولاياتالمتحدةالأمريكية المغرب "حليفا جيو-استراتيجيا" بموقف المملكة المتميز في الدفاع عن أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، بالإضافة إلى كونه أول دولة اعترفت بالولاياتالمتحدة في عام 1777. وذكّر مشبال بالتصديق على معاهدة السلام في سنة 1787، والصداقة التي تم توقيعها في 1786 بين البلدين من طرف مجلس الشيوخ الأمريكي، وهي المعاهدة التي أعيد التفاوض بشأنها في سنة 1836 وما تزال سارية المفعول، وتعتبر أول معاهدة وقعتها الولاياتالمتحدة مع دولة أجنبية. ومن بين العناصر التي تفسر العلاقة التاريخية بين المغرب والولاياتالمتحدة "عملية الشعلة"(Operación Torch)، التي شملت هبوطا أمريكيا في الدارالبيضاء في صباح اليوم الثامن من نونبر في سنة 1942، وهو ما عجَّل بنهاية حكومة فيشي الفرنسية بشمال أفريقيا، ومكّن الحلفاء من السيطرة على السواحل المغاربية. وذكرت الورقة أيضا الهبوط الناجح للحلفاء الذي التقى فيه كل من فرانكلين دي روزفلت، الرئيس الأمريكي، وونستون تشرشل، رئيس الوزراء البريطاني، وكل من شارل دوغول وهنري جيرو، الجنرالين الفرنسيين، بالدارالبيضاء في الأيام الممتدة بين 14 و24 يناير من سنة 1943؛ حيث تبنوا الاستراتيجية العسكرية للحلفاء، وكان هذا المؤتمر، حسب الخبراء، "لحظة حاسمة في الحرب العالمية الثانية"؛ إذ تم فيه اتخاذ القرارات الرئيسية التي أثّرت في نتائج الصراع. وكانت "عملية الشعلة" ومؤتمر الدارالبيضاء أولى الخطوات التي مكنت من القيام بعملية غزو نورماندي في السادس من شهر يونيو 1944، المعروف اليوم باسم (Día D). ومن بين العوامل المساهمة في العلاقة المغربية-الأمريكية، ذكَّر الديبلوماسي المغربي السابق بالخيال الأميركي الذي بني مع فيلم "الدارالبيضاء" (Casablanca)، إلى جانب دعوة الملك محمد الخامس المغاربة إلى القتال إلى جانب الحلفاء، فضلا عن "القرار الشجاع الذي اتخذه الملك عندما رفض محاولة نظام فيشي فرضَ قوانين التمييز العنصري ضد اليهودية بالمغرب، وتأكيده أنه في المملكة المغربية "لا يمكن فرض التمييز بين مواطني الملك بناء على العقيدة". علاقات مستمرة بعد إعلان استقلال المغرب في مارس 1956، وعودته من المنفى في مدغشقر، نُقِلَ الملك محمد الخامس في نوفمبر من سنة 1959 إلى واشنطن، وكان في استقباله هناك دوايت أيزنهاور، الرئيس الأمريكي، وريتشارد نيكسون، نائب الرئيس، وجون فوستر دالاس، وزير الشؤون الخارجية. وفي فبراير من سنة 1961، عندما أعلن الحسن الثاني، ملك المغرب، وفاة والده، زار الولاياتالمتحدة في مارس 1963 واستقبله جون كنيدي، الرئيس الأمريكي. ثم استقبله مجددا جيمي كارتر، الرئيس الأمريكي، في نونبر من سنة 1978 بالبيت الأبيض، كما قام الملك الحسن الثاني بزيارات حكومية أخرى خلال فترة رئاسة رونالد ريغان، في ماي 1982، وجورج بوش الأب، وحضر جنازته بيل كلينتون، الرئيس الأمريكي، في يوليوز من سنة 1999. واستقبل جورج دبليو بوش (الإبن) الملك محمد السادس بالبيت الأبيض في مارس من سنة 2004، واستقبله باراك أوباما، الرئيس الأمريكي السابق، في نونبر من سنة 2013. وأكدت زيارة الملك محمد السادس إلى الولاياتالمتحدة في نونبر 2013، حسب مشبال، قوة العلاقات الثنائية بين البلدين وأن تعاونهما في تصاعد مستمر. وذكّر الديبلوماسي السابق في هذا السياق باختيار المغرب في سنة 2004 ك"أفضل حليف خارج الناتو"، وتوقيع اتفاقية التجارة الحرة في سنة 2006 مع المملكة، وإحياء الذكرى الخمسين في السنة نفسها لبرنامج "من الناس إلى الناس"، الذي يهدف إلى تعزيز التفاهم والسلام بين الشعوب، والذي أعطيت انطلاقته بمناسبة الزيارة الأمريكية إلى المملكة المغربية عام 1956. كما ورد في ورقة جمال الدين مشبال حديث عن زيارة وفد من الكونغرس الأمريكي إلى الرباط يوم الاثنين 10 شتنبر من السنة الجارية (2018) في إطار الزيارات المؤسساتية، نوقشت خلالها مع سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، "الجوانب الاقتصادية والعلاقات الثنائية، والشراكة المغربية مع إفريقيا، ومكافحة الإرهاب والصراع في الصحراء". كما استحضرت الورقة لقاء ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، يوم الإثنين 17 شتنبر 2018 بواشنطن، مع نظيره الأمريكي مايك بومبيو، الذي نوقش فيه، حسب بيان رسمي، تعزيز التعاون الاقتصادي والأمني السليم بين البلدين، وعمل مشترك من أجل "إنهاء الدعم الإيراني للإرهاب ومواجهة تأثيراته الكارثية بالمنطقة"، والاتفاق على عقد حوار استراتيجي بين البلدين في العاصمة الأمريكيةواشنطن خلال السنة المقبلة.