بحضور مسؤولين قضائيين وأمنيين.. لقاء بطنجة يناقش الجريمة المنظمة العابرة للقارات    اجتياح إسرائيل لرفح قد يكون "خدعة" أو مقدمة لحرب مدمرة    المغرب يتوصل ب500 "هامر" أمريكية لنشرها بالصحراء    أولمبيك آسفي يتعادل مع ضيفه اتحاد طنجة (1-1)    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    لص ينهي حياة تلميذة ويصيب أخريين بحروج بليغة بصفرو    وزان ..تحديد أفق إطلاق مشروع دار الاقتصاد الأخضر    صحيفة "النهار" الجزائرية: إتحاد العاصمة الجزائري يتجه إلى الإنسحاب من مواجهة نهضة بركان    بعد تلويحه بالاستقالة.. مئات الآلاف يتظاهرون بإسبانيا مساندة لسانشيز    صديقي: 2.5 مليار متر مكعب من المياه توفرها تقنيات السقي بالتنقيط    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    انطلاقة مهرجان سينما المتوسط بتطوان    توقيف شينويين كانوا كيبيراطيو المكالمات الهاتفية    ساعات من الانتظار قبيل عقد المجلس الوطني ل"الاستقلال" لانتخاب الأمين العام واللجنة التنفيذية    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    تحديد هوية جثة لفظتها امواج البحر نواحي الحسيمة    اعتقال بوق النظام الجزائري بن سديرة من قبل الشرطة الفرنسية    الرئيس الفلسطيني وزعماء دوليون يعقدون محادثات بشأن غزة في الرياض    بفضل فوائده وجودته.. منتوج العسل المغربي يطرق أبواب السوق الأوروبية    بعد مشادات مع كلوب.. صلاح: حديثي سيشعل الأمر    الأمثال العامية بتطوان... (584)    زلزال قوي يضرب سواحل جاوا بإندونيسيا    البرلمان العربي يهتم بالذكاء الاصطناعي    توافد غير مسبوق للزوار على المعرض الدولي للفلاحة بمكناس    الرشيدي يعلن اختتام أشغال مؤتمر الاستقلال بالمصادقة على البيان العام وأعضاء المجلس الوطني    اتحاد العاصمة باغيين يلعبو وخايفين من الكابرانات: هددو ما يلعبوش ويرجعو فالطيارة اليوم للجزائر وفاللخر مشاو يترينيو    إندونيسيا.. زلزال بقوة 5ر6 درجات قبالة جزيرة جاوا    بعد تلويحه بالاستقالة.. مظاهرات حاشدة بإسبانيا دعما لرئيس الوزراء    صافرة كونغولية لمباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    "حماس" تعلن ارتفاع عدد القتلى في غزة    وزير الصحة يدشن مستوصفات جديدة    الملك: علاقات المغرب والطوغو متميزة    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    نادية فتاح: المغرب يتيح الولوج إلى سوق تضم حوالي مليار مستهلك بإفريقيا    تتويج شعري في ملتقى الشعر والفلسفة    فضيحة مدوية تهز مؤسسة تعليمية.. هذا ما تقرر بعد تحرش مدير بتلميذة    العلماء يعثرون على قبر أفلاطون بفضل الذكاء الاصطناعي "صورة"    جاري القروض الصغرى المستحقة يصل إلى 8,4 مليار درهم في متم 2022    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    رحلة الجاز بطنجة .. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة    بلغت تذاكره 1500 درهم.. حفل مراون خوري بالبيضاء يتحول إلى فوضى عارمة    مجلس الأمن .. حركة عدم الانحياز تشيد بجهود جلالة الملك لفائدة القضية الفلسطينية    ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالمغرب    تفاصيل وكواليس عمل فني بين لمجرد وعمور    مؤتمر الاستقلال يمرر تعديلات النظام الأساسي ويتجنب "تصدع" انتخاب القيادة    السعيدية.. افتتاح النسخة الثامنة من تظاهرة "أوريونتا منتجعات السعيدية – حكايات فنية"    سيناريوهات الكاف الثلاث لتنظيم كأس إفريقيا 2025 بالمغرب!    زفاف العائلات الكبيرة.. زواج ابنة أخنوش من نجل الملياردير الصفريوي    تطوير مبادرة "المثمر" ل6 نماذج تجريبية يَضمن مَكننة مستدامة لأنشطة فلاحين    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    الرابطة الرياضية البيضاوية يؤكد ان الوحدة الترابية قضيتنا الاولى    جمارك الجزائر تجهل قانون الجمارك    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوازلُ فقهية في تكريم المرأة المغربية
نشر في هسبريس يوم 10 - 03 - 2019

تحظى المرأة في مفهوم الإسلام بمكانة عظيمة ومرتبة سامقة، فهي الأم الحاضنة المربية، دعا الإسلام إلى الإحسان بها والبر بها ،وهي الزوجة المدللة الوقورة التي تعامل بطيب عشرة وحسن معروف،وهي البنت المحاطة بالعناية والرعاية في كنف الأسرة ؛حيث دعا الإسلام إلى رعايتها من مختلف الجوانب تربية وفكرا وصحة وعاطفة ، وعموما فالمرأة نظيرة للرجل في كل شيء ومشابهة له في كل ما يقوم به، ولا أدل على ذلك من قول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "إنَّما النساءُ شقائقُ الرجال".(1)
الاختلاف بين المرأة والرجل حاصل في الطباع وثابت في وظائف الجسم وتركيبتاه،وأما في الحقوق والأحكام فالأمر سيان وعلى حد سواء، وقد ورد في القرآن الكريم التنصيص صراحة على الاشتراك الحاصل بين الجنسين في كل شيئين وأساس هذا الاشتراك الإنسانية،قال - تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ الحجرات: 13
وعلى وجه الخصوص فالمتأمل لما احتوته مصادرنا الفقهية النوازلية من إدماج المرأة ومعالجة قضاياها بشكل مسترسل ، يلمس فعلا ما حظيت به المرأة من تكريم وتشريف، فالذي يعوزنا هو الممارسة والفعل والتنزيل، وليست النصوص المتضمنة لتكريم المرأة فهي غنية بالدلالات، فالحاجة صارت أعمق بكثير وأشد إلى التطبيق؛ بل المطلوب هو ترسيخ القناعة بالعمل وأن يصير ذلك طباعا في النفس تألف العمل به دون حاجة إلى المزيد من التأصيل والتنظير.
فالناظر في مصادر الفقه المالكي ومؤلفاته الزاخرة بعطاءات فقهية واجتهادات نوازالية لا ينضب لها معين، دالة على ما تبوأته المرأة على وجه الخصوص في دائرة الفقه المالكي من اعتبارات لخصوصيتها ومراعاة لشؤونها.
إن مما تجدر الإشارة إليه، هو ما تركه لنا علماؤنا الأفذاذ من إجابات فقهية مقنعة وكافية؛ حيث صارت محط أنظار المتأخرين الذين استلهموا منها الدرر النفيسة واستفاضوا في شرحها وأنجزت بحوثا ودراسات فيما يتعلق بشأن المرأة، خاصة حقها في نتاج العمل؛ وذلك لما كانت تقوم به المرأة في القديم ولا زالت في زمننا الحاضر، من مكابدة وعناء في إسعاد زوجها ومساعدته على أعباء الحياة.
ففي غمارة بشمال المغرب صدرت فتوى من ابن عرضون الكبير حول منح المرأة النصف في العمل تسوية بالرجل. وقد وردت إشارات إليها بصفة عامة في بعض كتب الفقه والنوازل. فقد صرح بدالك أبو زيد عبد الرحمان الفاسي في نظمه لعمل فاس. كما وردت في نوازل العلمي.
أما نص الفتوى كما أوردها صاحب العمل الفاسي في نظمه فهي
وخدمة النساء في البوادي ** للزوج بالدراس والحصاد
قال ابن عرضون لهن قسمة ** على التساوي بحساب الخدمة
لكن أهل فاس فيها خالفوا ** قالوا في ذالك عرف يعرف (2)
وقد ذكر المهدي الوزاني أن ابن عرضون أفتى في خدمة نساء البادية للزرع بالحصاد والدراس والنقل والتذرية والتنقية بان لها قسمة فيه على التساوي بينهن بحسب الخدمة فيه فكل واحدة منهن تاخد منه بقدر عملها فمعنى القسمة على التساوي أخد كل واحدة منه بقدر خدمتها.
أما في البلاد السوسية فإن مسالة السعاية تكتسي عند فقهائها وقضاتها أهمية خاصة، باعتبارها إحدى المعضلات الفقهية التي شغلت باب النوازليين مند نشوب فقه النوازل، وحتى يوم الناس هذا لازالت قضايا كثيرة في المحاكم تسجلها الزوجات المطلقات أو المتوفى عنهن أزواجهن يطلبن حظهن في السعاية.
ومن المعلوم أن طبيعة البلاد السوسية خاصة القبائل الجبلية تجعل المرأة تقوم بأعمال الحرث والحصاد، وجني الثمار، والاحتطاب وجمع الحشائش، وتربية البهائم وسياستها بالعلف و السقي، ورعاية النتاج ،وتربية الدواجن.
بالإضافة إلى القيام بصناعة أنواع النسيج والغزل كالزرابي والأكسية وغيرها الشيء الذي جعل الفقهاء النوازليين يعطون الأهمية لعمل المرأة ،وكما يعبرون عنه السعاية أحيانا يعبرون عنه بالكد، أي التعب والعمل.
ومن كلام الفقيه سيدي داوود التملي صاحب"مختصرات أمهات الوثائق"إنما يعتبر الكد في الأملاك يوم الحكم لا يوم الضرب .ولذا لا يلزم إلا ماظهر فيه يوم الافتداء .لا ما فات منها قبل.
وإذا كانت السعاية بهده الأهمية فإن النوازليين السوسيين اعتنوا بها في مجموعاتهم الفقهية ووضعوا لها فصولا خاصة بها.
لقد صارت الحاجة ملحة إلى العكوف على دراسة فتاوى النوازل الفقهية المتعلقة بقضايا المرأة وشؤونها ، والتنزيل السليم لما خلفه لنا فقهاؤنا من تراث نوازلي رصين، والتنقيب عن ذلك ومطابقته لما جاء في مصادر التشريع الإسلامي ؛ حتى يتسنى العمل بذلك وفق منهج أصيل وعلى دراية بالصحيح، حتى يدحض كل ما قيل عن إهانة المرأة أومحاولة للتبخيس من شأنها، فالمرأة نالت حصتها كاملة من التشريف وأخذت حظها الوافر من التكريم وأنصفت بشكل يليق بمكانتها دون هضم أو نقصان؛ لكن ما ينقصنا هو الإقناع بذلك والعمل بما جاء في مصادر التشريع الإسلامي،والتنزيل لما ورد في أمهات كتب الفقه وأن تصير هذا الحقوق سجية في الناس تأخذ المرأة حقها دون انتزاعه بالقوة أوالمرافعات أو تخصيص ندوات علمية للحديث عن ذلك والقيام باحتفالات لتكريمها، كل ذلك لا يجدي شيئا ما لم يتم التنزيل الصحيح لحقوقها على الواقع.
الهوامش:
-1/ قال الخطابي في معالم السنن: "أي نظائرهم وأمثالهم في الخلق والطباع ، فكأنهن شققن من الرجال"؛ ا. ه 1/79، والحديث رواه أحمد في مسنده رقم 26195، وأبو داود في سننه رقم 236، والترمذي في جامعه رقم 113.
-2/ النوازل الجديدة الكبرى،للمهدي الوزاني ج:7ص: 461


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.