رغمِ أنّ المملكة لا تعيشُ أجواء الانتخابات، إلا أنّ ردهات الأحزاب شهدت نهاية الأسبوع الماضي أحداث عنفٍ خطيرة، تزامناً مع اقترابِ موعد خروج النّسخة الجديدة من الحكومة، حيث اندلعتْ مواجهات عنيفة بين أقطابٍ متخاصمة، معيدةً نقاشَ "العنف الحزبي" إلى واجهة النّقاش في الساحة السياسية بالمغرب. وعاش حزب الحركة الشّعبية، نهاية الأسبوع الماضي، على إيقاع أحداثٍ عنفٍ بعدما تحوّل نشاط شبيبيٌّ إلى ساحة مواجهة بين قطبين داخل القطاع الشّبيبي للحزب، بسبب دعم ترشيحات وزارية دون أخرى، مرتبطة أساسا بصراع قادم حول الدواوين والإدارات العمومية، مع قرب ولادة الحكومة الجديدة. وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي شريطا يظهر دخول أنصار "تيار التغيير"، الذي يتزعمه كل من محمد فضيلي ولحسن آيت يشو، في ملاسنات عنيفة واشتباكات، بلغت حد التراشق بالكراسي وإتلاف معدات ومطاردة أعضاء الحزب، حتى تدخّلت السّلطات الأمنية لتهدئة الوضع. كما عاش حزب التقدم والاشتراكية على وقع التّصادم بين أعضائه، خاصة بين تيار يدعمُ الخروج من الحكومة، يتزعمه الأمين العام للحزب، نبيل بنعبد الله، وتيار آخر يترأسه وزير الصّحة، أنس الدكالي، يرفض الانسحاب من الائتلاف الحكومي. وأظهرت الصّور المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي دخول بنعبد الله في حالة "هستيريا" وهو يواجه معارضيه قبل أن يتبادل معهم العراك بالأيدي. ويتوقّف المحلل السّياسي كريم عايش عند انتقال الخطاب السّياسي للشباب من الملاسنة والمعارضة البناءة إلى التعبير بالقوة باستعمال العنف، وهو النهج الذي عرفه حزب من اليسار وسبق أن عرفه حزب من الكتلة، وسمي "معركة الصحون". ويشير عايش إلى أنّ "الأحزاب فشلت فشلا ذريعا في أن تكون وسيطا بين الإدارة والشعب، وأخفقت في أن تحترم أرضيتها وبرنامجها وشعاراتها، وعليها عقد جموع عامة استثنائية لمناقشة الوضع بكل شفافية والدخول في مرحلة انتقالية قصد تكريس الجهوية الحزبية وتعزيز الديمقراطية التشاورية". وأبرز الأستاذ الباحث في العلوم السياسية أنّ "التّقدم في مستويات التنمية لا يمكن أن يتحقق إلا بقواعد سليمة وتوجيهات سديدة، وهو ما عبر عنه خطاب العرش حول كون الكفاءات وذوي الاختصاص عناصر حيوية لإقرار نموذج تنموي جديد يحقق المساواة والعدالة الاجتماعية". ويشدّد الباحث على أنّ "توالي انتقادات الملك وحنق المواطن من سلوك الأحزاب يدفعها إلى مراجعة نفسها؛ فلا هي قادرة على أن تكون صوت المواطن المقهور والمظلوم ولا هي متمكنة من جمع الشباب وتأطيرهم وتقديم الآليات التدبيرية والتشاركية الكفيلة بإدماجهم في تسيير وتتبع الشأن العام".