ما كاله صلاح الدين مزوار رئيس التجمع الوطني للأحرار، وبشكل مباغث، لحزب العدالة والتنمية ولرئيس الحكومة من اتهامات، يجعلنا أمام حقيقة مؤكدة: ما تبقى من أشهر الولاية الحكومية سيكون من دون انسجام حكومي، أو لنقل على وجه التدقيق، إنه جاء ليفضح واقع أن ليس هناك أي انسجام وأن تعايشا على مضض يجري بين ابن كيران ومزوار الذي دخل الحكومة كقطعة غيار تعوض انسحاب الاستقلاليين. لقد عودنا حزب العدالة والتنمية على أن ينتج خطابا حكوميا ومعارضا في الآن نفسه، وهاهو مزوار يرتدي عباءة أكبر المعارضين لأداء حكومة ابن كيران، حتى أنه لم يترك للأصالة والمعاصرة أو الإتحاد الاشتراكي أو الاستقلال ما يقذفون به ابن كيران في تجمعاتهم الخطابية وحملتهم الإنتخابية المقبلة. هكذا وبكل الوضوح الممكن قالها مزوار، وهو يناصر احتجاجات الشارع ضدا على تطمينات حزب العدالة والتنمية واحتفاء قادته بنجاحات الحكومة، الحكومة لم تستثمر « أحسن استثمار الظرفية المناخية المناسبة قبل هذه السنة، وظرفية الأسواق الدولية التي نزلت فيه أسعار المحروقات إلى مستويات غير مسبوقة، السنة الفلاحية الاستثنائية العام الماضي، إضافة إلى هبات الدول الصديقة ». و « منطق العام زين، يجب أن ينتهي لأن، البطالة في صفوف الشباب دون سن ال 35 تقارب ال 40 في المائة، وتراجعت الاستثمارات الخاصة، فيما القطاعات الاجتماعية لم تعرف تقدما، في التعليم، في الصحة، في السكن، ولازال العالم القروي مرتبطا بشكل شبه كلي بالفلاحة، وبالتساقطات المطرية مع تدني فرص التشغيل في السنوات العجاف، إذ يمكن اعتبار تنمية العالم القروي من النقائص الكبرى في عملنا الحكومي » وبالنسبة لمزوار فإن أن حراك الشارع ضد الحكومة وسياستها، في مجمله مبرر ومشروع، « فمن حق المغاربة أن يعبروا عن غضبهم حين لا يصادف عمل الحكومة طموحاتهم وانتظاراتهم، ومن واجبنا كسياسيين وكمسؤولين الإنصات إليهم وأخذ كل التعبيرات الاجتماعية بعين الاعتبار » يقول مزوار. وماذا بعد هذا الوضوح؟ مصارحة ومكاشفة أخرى لا تقل قسوة، مزوار يقول لابن كيران إنني لست حليفا لك، وما يجمعنا «هو مجرد ائتلاف وليس تحالفا يجمع أحزابا على مستوى الرؤى السياسية والاختيارات الأيديولوجية». ومن نفس قاموس ابن كيران وصقور حزبه ينهل مزوار انتقاداته وهو يقول أن محطة الانتخابات الجماعية عكست« نزوعا نحو الهيمنة وإرادة التحكم في قرارنا الحزبي المستقل»، و خطاب العدالة والتنمية «خطاب دخيل على تقاليدنا السياسية، خطاب عنيف، خطاب لا أخلاقي، خطاب بلغ درجة التعرض للحياة الخاصة للأفراد، ونحن جميعا نعرف مدى تقديس المغاربة لحرمة الحياة الخاصة ». في الواقع نحن أمام حادثة سير مروعة في الطريق السيار المؤدي إلى نهاية الولاية الحكومية، لنتذكر حجم القوانين والمؤسسات الدستورية التي ينتظر أن تضع الحكومة قوانينيها قبل نهاية الولاية البرلمانية، ولنتذكر أيضا ما قاله الملك اللسياسيين في خطاب افتتاح الدورة الخريفية من ضرورة تجنب المعارك الهامشية وعدم إضاعة الوقت في المزايدات السياسية. ولنستعد أيضا أن الحكومة تواجه احتجاجات غير مسبوقة في الشارع، واعتراضات قوية على قوانينها الأكثر إثارة للجدل مثل قوانين التقاعد العالقة الآن في مجلس المستشارين. حين يتخاصم الحزبان الأكبر في «الإئتلاف الحكومي» بلغة مزوار بكل هذا العنف اللفظي، وحين تلوح بوادر الجفاء في الأفق السياسي المؤدي للانتخابات التشريعية، ما علينا إلا أن ننتظر أشهرا أخرى من المزايدة والبوليميك، وإذا لم يتم تدارك هذا الإنحدار غير المسبوق نحو التراشق بالإتهامات ، سنكون إزاء سنة بيضاء شبيهة بتلك التي قضتها الحكومة لما غادرها الوزراء الإستقلاليون حين حزب الاستقلال مقعده في تحالف الأغلبية. يمكن أن نلوم مزوار على الكثير من مواقفه، وأكثر من ذلك في التزاماته تجاه حلفائه، لكن ابن كيران يتحمل أيضا نصيبه من المسؤولية في هذا العداء الذي تفجر عشية عيد الحب، لقد جعل حزبه وحده الحامل لمشروع الإصلاح والآخرين الذين يعارضونه أو حتى يشاركونه التدبير الحكومي مجرد أدوات في مشروع التحكم الذي يتهم «البام» بقيادته، وإن شاء كبير إسلاميي البرلمان إنقاذ أغلبيته الهشة من الإنهيار، فما عليه إلا أن يستمع لنصيحة حميد شباط في الحوار الذي أجرته معه الزميلة «المساء» في نفس اليوم الذي كان فيه مزوار يجلد ظهره، لقد قال شباط وهو في حالة تعقل لا علاقة لها بما كان يردده قبل انتخابات الرابع من شتنبر «أظن أن على السيد عبد الإله ابن كيران أن يرتقي قليلا بخطابه، ليصبح رئيس حكومة ورجل دولة يمثل المغرب، (...) المرحلة تقتضي من ابن كيران الكثير من التبصر والحكمة وليس إثارة الدعوات على كل المستويات كما يفعل كل مرة» انتهى كلام شباط آلسي ابن يكران واش فهميتيني ولا لا؟ يونس دافقير