الإجهاد المائي موضوع ندوة علمية بالحسيمة        مظاهرات في 58 مدينة مغربية تضامنا مع غزة ورفضا لاجتياح رفح (فيديو وصور)    مباراة انتقامية بين حسنية أكادير والرجاء الرياضي وصدام متكافئ بين "الماص" والمغرب التطواني    أمير الكويت يقرر حل مجلس الأمة ووقف بعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن 4 سنوات    هلال: المبادرة الأطلسية مقاربة متبصرة    أمير الكويت يعلن حل مجلس الأمة وتعليق العمل ببعض مواد الدستور ويقول:"لن أسمح بأن تستغل الديمقراطية لتحطيم الدولة"    اضطرابات في حركة سير القطارات ما بين 12 و26 ماي نتيجة أشغال تأهيل منشآت التشوير بين الدار البيضاء والقنيطرة    أمريكا تمنح 2.5 مليون دولار لثلاث منظمات أممية بالمغرب لدعم جهود مكافحة الاتجار بالبشر    بنسعيد: المغرب منخرط في خلق صناعات ثقافية وإبداعية قوية وتنافسية    فرقة كانديلا ارت الفنيدق- تطوان تترافع عن التراث الوطني في المهرجان الوطني لهواة المسرح بمراكش    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    الفيضانات أفغانستان تودي بأكثر من 200 شخص    حماس تقول إن هجوم رفح "لن يكون نزهة"، ونتنياهو يتعهد ب"الصمود" إذا أوقفت واشنطن إرسال الأسلحة    المغرب يُؤيد منح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة    مدرب عالمي يهاجم بقوة المغربي حكيمي    الخطايا العشر لحكومة أخنوش!    طقس حار وضباب اليوم السبت بهذه المناطق    فيديو لمعلمة تصفع طفلاً من ذوي الإعاقة يثير موجة استياء في الأردن    اسبانيا تدرس طلبا تقدمت به المغرب لتسليمه مجرم خطير    تزايد أعطاب أسطول النقل الحضري يسائل البكوري    معلومات استخباراتية مغربية تطيح بمهرب مخدرات مشهور بإسبانيا    القنصل العام للسنغال بالداخلة ينفي وجود مهاجرين سنغاليين عالقين بالصحراء المغربية    المغرب يشيد بطلب حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة    الإمارات تستنكر تصريحات نتنياهو حول دعوتها للمشاركة في إدارة غزة    طقس السبت.. أجواء حارة ونزول قطرات مطرية بهذه المناطق    الصين: 39,2 مليار دولار فائض الحساب الجاري في الربع الأول    سحب 317 "رخصة ثقة" من "سيارات الأجرة في مدينة واحدة بسبب ممارسات مخالفة للقوانين    أطروحة نورالدين أحميان تكشف كيف استخدم فرانكو رحلات الحج لاستقطاب سكان الريف    هل تدق بريطانيا اخر المسامير في نعش "البوليساريو"؟    بأگادير : وبحضور الاستاذ عزيز الرباح انتخاب السيدة سميرة وكريم رئيسة فرع جهة سوس ماسة لجمعية المبادرة "الوطن أولا ودائما"    "الطاس" ترفض الطلب الاستعجالي للاتحاد الجزائري لكرة القدم    منتخب "لبؤات الأطلس" يكتسح الجزائريات    خبراء يناقشون حكامة منظومات التربية    مزور تستقطب شركة عالمية رائدة للمغرب    القطاع السياحي يسجل رقما قياسيا بالمغرب    هكذا ساهمت دبلوماسية روسيا والصين في مقاومة "طالبان" للضغوط الغربية    اللعبي: القضية الفلسطينية وراء تشكل وعيي الإنساني.. ولم أكن يوما ضحية    لحجمري ينصب 3 أعضاء جدد في الأكاديمية    تصفيات كأس العالم لكرة القدم النسوية لأقل من 17 سنة .. المنتخب المغربي يفوز على نظيره الجزائري    المغرب يسجل 26 إصابة جديدة ب"كورونا"    تفاصيل قاعدة عسكرية مغربية جديدة لإيواء الدرونات والصواريخ    مدرب الجيش مطلوب في جنوب إفريقيا    جديد موسم الحج.. تاكسيات طائرة لنقل الحجاج من المطارات إلى الفنادق    صدمة جمهور الرجاء قبل مواجهة حسنية أكادير    الشركات الفرنسية تضع يدها على كهرباء المغرب    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    شفشاون على موعد مع النسخة الثانية من المهرجان الدولي لفن الطبخ المتوسطي    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الجمعة على وقع الارتفاع    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    خبير في النظم الصحية يحسم الجدل حول لقاح أسترازينيكا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    سابقة بالمغرب .. حكم قضائي يلزم الدولة بتعويض متضررة من لقاح كورونا    ندوة دولية حول السيرة النبوية برحاب كلية الآداب ببنمسيك    أصالة نصري تنفي الشائعات    سبع دول من ضمنها المغرب تنخرط في مبادرة "طريق مكة" خدمة لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الكتلة التاريخية إلى القطب الهوياتي
نشر في هسبريس يوم 17 - 01 - 2012

حلم كثير من السياسيين والمفكرين أن يكون الربيع العربي ونتائجه مناسبة لتحقيق نبوءة المرحوم الجابري المسماة "الكتلة التاريخية". وفي حلمهم بعض من التأويل السياسي الذي أثبت أن المفهوم في حد ذاته يحمل عناصر تفكيكه وعجزه عن مسايرة تغيرات الحركية المجتمعية خاصة بعد الحراك العربي وتداعياته وبروز قطب مغاير لما حلم به صاحب "نحن والتراث". فهل هذا يعني نهاية الحلم بالوحدة بين أطياف التغيير المتصورة في فكر عميد الفلسفة العربية؟ وما الخيط الناظم بين السياسي والمعرفي في حلم الجابري؟ وهل فقدت الفكرة بريقها بعد فشل نخب التحريض في فرض أجندتها؟
اقتداء بالمفكر اليساري الإيطالي غرامشي الذي بحث سبل الإصلاح المجتمعي عن طريق توحيد قواه الحية والنافذة، طرح الجابري مفهوم الكتلة التاريخية في حوار له مع مجلة المستقبل العربي (نوفمبر 1982)، حيث نادى بكتلة تجمع فئات عريضة من المجتمع حول أهداف واضحة تتعلق أولا بالتحرر من هيمنة الاستعمار والإمبريالية، السياسية والاقتصادية والفكرية، والتوزيع العادل للثروة في إطار مجهود متواصل للإنتاج دون تغييب لمسار القومية العربية. وإذا كان الهم الذي دفع الجابري، قبل نحو ثلاثين سنة، إلى التأكيد على المفهوم في أكثر من مناسبة هو بروز الصحوة الإسلامية التي خلقت واقعا جديدا عجزت التيارات الماركسية والقومية التي كانت تعيش أوجها العربي عن التعامل معها خاصة بعد الثورة الإيرانية، فإن الغاية الثاوية هي إنتاج بنية مجتمعية تحافظ على تعدديتها دون منطق الإقصاء والإلغاء الذي عشش في مكونات النخبة السياسية والفكرية العربية وأفرز هامشا يتسع يوما بعد يوم ومركزا يسيطر دون القدرة على التفعيل. وفي كل صعود لتيار معين ينتج عنه تغييب للتيار المخالف. لذا آمن الجابري بالكتلة التاريخية المؤسسة على المصلحة الموضوعية الواحدة التي تلم شتات جميع التيارات كيفما كانت الإيديولوجية المعتنقة، إسلامية أو يسارية أو قومية، بغية استرجاع السيادة الوطنية المستلبة. وبالطبع تحافظ الكتلة على نخبويتها. لكن الواقع العربي الحالي أثبت عجز النخبة عن مسايرة حركية الواقع حين غدت النخبة إنتاجا مفروضا أكثر منه إنتاج مجتمعي. فالقضية ليست العمالة بقدر ما هي الارتباط بمراكز القرار الخارجي الذي يرهن واقع الأمة لأقطاب التحكم الكوني بمفاهيم الديمقراطية والحقوق الثقافية والجنسية. مما يفرض علينا إعادة النظر في المفهوم.
لقد أثبتت أحداث الربيع العربي أن واقع الأمة مكتنز بجوهرية التغيير المؤسسة للانتماء الموحد بالرغم من الاختلاف الفكري والعقدي. وفي صعود الأحزاب الإسلامية والقومية والتيارات الهوياتية ما يفرض الحديث عن "قطب هوياتي" مؤشراته البادية لحد الآن هي:
1) العمق المجتمعي: حيث أثبتت التيارات الفائزة انتماءها الحقيقي للمجتمع وهمومه وانشغالاته. وعندما منح الشعب هامشا للاختيار لم يتردد في التصويت على قطب هوياتي يحافظ على وجوده الحضاري قبل المادي. ولأن النخبوية قد كلست ثقافة النخبة المرتبطة بأجندات فئوية أو دولية، فستجدها تتهم هذا القطب تارة بالشعبوية وأخرى بالتخلف والرجعية وتارة أخرى بمعاداته للديمقراطية والحرية، وفي كل الأحوال تدلل بزفراتها على فقدانها لبوصلة الانتماء ونهاية زمنها التحكمي.
2) الانتماء القومي: لا تختلف التيارات الفائزة في الإصرار على انتمائها للأمة العربية الإسلامية وما يستتبعه ذلك من مقومات حاضرة في رسالتها لغويا وعقديا وحضاريا. وهذا ما يتكرر في كل المناسبات والخطابات المدبجة. ولنا في أحاديث الرئيس التونسي الدكتور المرزوقي خير الأمثلة.
3) الرسالية المبدئية: اعتادت النخبة الحزبية ودراريها أن تؤسس خطاباتها على المخالفة بين القول والسلوك الواقعي، فتماهت في الصورة المعارضة باليمين، واليسار باللامنتمين. لكن صعود القطب الهوياتي اعتبر رسالة تعتمد قدرا من النقاء المسلكي والطهارة الخلقية التي تعني في المشترك الجمعي نقاء تدبيريا بدأت معالمه تظهر في ممارسات وزراء الحكومة المغربية.
قد تفيد هذه العناصر الملمحية في التأكيد على أن القطب الهوياتي ليس صياغة حزبية أو كانتونية بل هو فكرة ومشروع مجتمعي يتجاوز محاولات الانسلاخ التي راهنت على توجيه المجتمع العربي نحو أجندات إثنية أو فئوية أو اجترار للحالة الاستعمارية بكل عناصرها البنائية. لذا سيستلهم القطب من تجربة المقاومة والتحرير ركائز مشروعه ومن أدبيات لجان التحرير ومكاتبه صوى مساره، لكن الأهم في مشروع القطب هو بناء سيرورة الانتماء للوطن والأمة وإعادة الثقة بين السياسة والمواطن وتقديم حل جذري لأسباب فشل تجربة الإصلاح والتنمية منذ الاستقلال القطري. فإذا كان الاقتناع سائدا بضرورة جمع كل الأصوات الوطنية وتجنب فكرة الإقصاء وأن التغيير المنشود لا يمكن أن تقوم به جهة دون أخرى أو حزب دون آخر فإن وجود قطب يجمع كل أطياف النخبة الوطنية يفترض أن يكون مؤسسا على إيمان عميق بمبادئ الديمقراطية ومنظومة القيم المجتمعية. فبالأولى تتحقق المصالح المشروعة للشعب، وبالثانية تحافظ على هويته الوجودية والحضارية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.