عصابة المجوهرات تسقط في قبضة أمن البيضاء    البرلمان يؤجل تقديم الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة إلى تاريخ لاحق    تدشين مجازر جهوية ببوقنادل بطاقة استيعابية تقدر ب30 ألف طن سنوياً    كيف تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الهجوم الإيراني على إسرائيل؟    الوزير الأول البلجيكي يغادر المغرب في ختام زيارته للمغرب    مجلس المستشارين.. بنسعيد يبرز دور الثقافة في النهوض بالأوضاع الاجتماعية للشباب    علماء أمريكيون يحذرون من تأثير مادة "الباراسيتامول" على صحة القلب    جلالة الملك يهنىء رئيس جمهورية سلوفاكيا الجديد    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    بينهم قاضي ومحامي .. مستجدات محاكمة "شبكة السطو على أراضي الدولة والخواص" نواحي فاس    3 ملفات تفصل النقابات والحكومة عن حسم اتفاق نهائي قبل فاتح ماي    الحسن أيت بيهي يصدر أولى إبداعاته الأدبية    شركة ميتا تكشف عن سعيها لإحداث ثورة في التعليم    ابن كيران: رفضنا المشاركة في ملتمس الرقابة بسبب إدريس لشكر(فيديو)    نجم برشلونة الإسباني: لا إحساس يضاهي حمل قميص المنتخب المغربي    إسبانيا توفر خدمات لعاملات مغربيات    تأجيل جلسة البرلمان المخصصة لعرض الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة إلى وقت لاحق    دونالد ترامب في مواجهة قضية جنائية غير مسبوقة لرئيس أمريكي سابق    بودريقة ما فهمتش باللي جراو عليه من "امانة" مجلس النواب. دار توضيح كيقول باللي ما حيدونيش وانا ما ترشحتش. راه الحزب اللي كيختار ودابا راك فالتوش    استخدام الرقمنة لتقاسم الأنشطة التربوية بالمؤسسات التعليمية محور لقاء بأكادير    أرباب المقاهي يفاجئون المغاربة برفع أسعار القهوة والمشروبات الغازية    الصندوق المغربي للتقاعد.. نظام التقاعد "التكميلي" يحقق نسبة مردودية صافية بلغت 5.31 في المائة سنة 2023    مساء اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : لمحات من سيرة وشعر الأمير الشاعر المعتمد بن عباد دفين أغمات    مسؤولية كبيرة قدام الطالبي العلمي للي مصر على تطبيق الدستور وابعاد البرلمانيين المتابعين فالفساد من المسؤولية: اليوم عندو اجتماع حاسم مع رؤساء الفرق على مناصب النيابات ورؤساء اللجان وكولشي كيستنا لاليست ديال البام    هذه مستجدات إلغاء ذبح أضحية عيد الأضحى لهذا العام    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    الحصيلة الإجمالية للقتلى ترتفع في غزة    كمية الصيد المتوسطي تتقلص بالمغرب    إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024 من مدينة أولمبيا اليونانية    الإعلان عن مواعيد امتحانات الباكالوريا وهذه التدابير الجديدة    الدكيك: ملي كنقول على شي ماتش صعيب راه ما كنزيدش فيه والدومي فينال مهم حيث مؤهل للمونديال.. وحنا فال الخير على المنتخبات المغربية    سانشيز: سننظم كأس عالم ناجحة لأننا مجتمعات تعشق كرة القدم    تأجيل مباراة العين والهلال بسبب سوء الأحوال الجوية بالإمارات    الأمين بوخبزة في ذمة الله .. خسارة للحركة الإسلامية والعمل التطوعي بالمغرب    دراسة: الشعور بالوحدة قد يؤدي إلى مشاكل صحية مزمنة    بورصة الدار البيضاء : تداولات الافتتاح على وقع التراجع    كيف يمكن أن تساعد القهوة في إنقاص الوزن؟: نصائح لشرب القهوة المُساعدة على إنقاص الوزن    عبد الإله رشيد يدخل على خط إدانة "مومو" بالحبس النافذ    هجوم شرس على فنان ظهر بالملابس الداخلية    مؤسسة منتدى أصيلة تنظم "ربيعيات أصيلة " من 15 إلى 30 أبريل الجاري    وفاة الأمين بوخبزة الداعية و البرلماني السابق في تطوان    العالم يشهد "ابيضاض المرجان" بسبب ارتفاع درجات الحرارة    الجزائر تغالط العالم بصورة قفطان مغربي .. والرباط تدخل على خط اللصوصية    دراسة تحذر من خطورة أعراض صباحية عند المرأة الحبلى    أشرف حكيمي: "يتعين علينا تقديم كل شيء لتحقيق الانتصار في برشلونة والعودة بالفوز إلى باريس"    المدرسة العليا للأساتذة بمراكش تحتفي بالناقد والباحث الأكاديمي الدكتور محمد الداهي    مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان يدعو إلى انهاء الحرب في السودان    بعد إيقافه بأزمور.. وقفات تضامنية مع الناشط الحقوقي مصطفى دكار    العنصرية ضد المسلمين بألمانيا تتزايد.. 1464 جريمة خلال عام وجهاز الأمن تحت المجهر    سليم أملاح في مهمة صعبة لاستعادة مكانته قبل تصفيات كأس العالم 2026    المغرب وبلجيكا يدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة    المغرب التطواني يصدر بلاغا ناريا بشأن اللاعب الجزائري بنشريفة    هذه طرق بسيطة للاستيقاظ مبكرا وبدء اليوم بنشاط    الأمثال العامية بتطوان... (572)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    هل قبل الله عملنا في رمضان؟ موضوع خطبة الجمعة للاستاذ إلياس علي التسولي بالناظور    مدونة الأسرة.. الإرث بين دعوات "الحفاظ على شرع الله" و"إعادة النظر في تفاصيل التعصيب"    "الأسرة ومراعاة حقوق الطفل الروحية عند الزواج"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمازيغية بين خيار الأسلمة وخيار العلمانية الأصيلة؟
نشر في هسبريس يوم 13 - 02 - 2012

لا احد يجادل شرعية الدين الاسلامي ومكانته العظيمة في مجتمعنا المغربي منذ الفتح الاسلامي كما يسمى لدى البعض ذوي النزعة المشرقية حيث ان اجدادنا الامازيغيين اعتنقوا الاسلام عن الايمان العميق و عن الاجتهاد المتنور لان الاسلام حسب اعتقادي المتواضع عليه ان يساير العصر و عليه ان يساير هويات الشعوب المؤمنة به من الناحية الثقافية و من الناحية الحضارية حيث لا يمكن فرض تفسيرا واحدا للاسلام على عموم مسلمي العالم بالنظر الى اختلاف العادات و اعراف الشعوب المسلمة و الساعية بعد الربيع الديمقراطي الى ضمان المزيد من الحريات و الحقوق في ظل الدولة المدنية تقر بالتعدد الديني و الثقافي.
لا احد يجادل في اركان الاسلام فكلنا مسلمون منذ قرون كثيرة حيث نشهد الشهادتان و نصلي الصلوات الخمس و نزكي و نصوم رمضان و نحج الى بيت الله الحرام مرة في العمر و نخاف على اعراضنا الخ من الامور الضرورية داخل مجتمعنا المسلم .
غير اننا نجادل بالتي هي احسن مع الاخوان السلفيين في بعض الامور المتعلقة بالامازيغية كهوية اصيلة لمنطقة شمال افريقيا منذ عهود غابرة و هذا لا ينكره العقلاء بفضل جهود الحركة الامازيغية الشاقة من اجل الوصول الى هذا المستوى الرفيع من الادراك و الشعور بوجود هذه الهوية.
وبينما قبل خطاب اجدير بسنوات عديدة ظل النقاش حول هويتنا الام خارج مؤسسات الدولة و اعلامها الرسمي لان موضوع الامازيغية كان طابو سياسي شديد الخطورة و الحساسية و هذا راجع الى مجموعة من الاسباب الجوهرية مثل التاويل المغلوط لظهير 16 ماي 1930 و تضخيمه من طرف الحركة الوطنية حتى اصبح ظهيرا بربريا يهدف الى تنصير الامازيغ حيث ان هذه الاكذوبة صدقها اغلب المغاربة و خاصة النخبة العالمة من الفقهاء و العلماء حتى اصبحت هذه الهوية بعد الاستقلال تتعلق مباشرة و بدون مقدمات بالتنصير و بالعمالة للخارج بالرغم من كل التضحيات التي قدمها امازيغي المغرب في سبيل الدفاع عن الوطن و عن الدين من خلال الملاحم و البطولات منذ ما قبل توقيع عقد الحماية بفاس سنة 1912 بينما نام اهلها حتى سنة 1930 ليخرجوا في المظاهرات ضد ترسيم العرف الامازيغي من طرف محمد الخامس بصفته امير المؤمنين و الذي وقع على ظهير تنظيم المحاكم العرفية الخ من هذه الحقائق التي ظلت في طي النسيان كانها غير موجودة اصلا .
سبحان الله على هذه الاكذوبة التي وضعت الامازيغية في خانة معاداة الاسلام طيلة هذه العقود المتميزة بالظلام على كل المستويات حيث كان أي تحرك للحركة الامازيغية نحو مطالبة الدولة باقرار حقوق الامازيغيين الثقافية و اللغوية ينظر اليه باعتباره احياءا للظهير البربري و للسياسة الفرنسية البربرية المزعومة كأن اللغة الفرنسية و ثقافتها أصبحتا غير موجودتان بعد الاستقلال بالمرة في التعليم و في الاعلام حيث توجد اذاعة ناطقة بهذه اللغة الاجنبية تبث من السادسة صباحا الى منتصف الليل بينما الاذاعة الامازيغية كانت تبث 12 ساعة يوميا مع ضعف البث في مجموع التراب الوطني و بلغت نسبته حاليا حسب قول الاستاذ عصيد الى 30 في المائة وطنيا بمعنى ان الفرنسية هي اكثر انتشارا من هوية المغرب الاصيلة .
سبحان الله على هذه الاكذوبة التي وضعت الامازيغية في خانة معاداة الاسلام كدين اغلب امازيغي المغرب و الذين اجتهدوا فيه كثيرا منذ قرون خلت و حاولوا بعد الاستقلال في اطار الحركة الامازيغية المعاصرة ترجمة معاني القران الكريم الى لغتنا الام حيث كان من المنتظر خروج هذه الترجمة منذ عقد الثمانينات على يد المرحوم امحمد العثماني والد وزير الخارجية و التعاون سعد الدين العثماني غير ان ذلك الوقت لم يكن يسمح بظهور الامازيغية كلغة وطنية و بالاحرى كشرعية دينية و كبعد ديني ظل هو الاخر في الظلام و التغييب المقصود حيث ان المسلم الامازيغي لا يجد انذاك خطابا دينيا بلغته في التلفزيون المغربي بل كان يجد خطابا دينيا بلغة اهل الجزيرة العربية و باللغة الفرنسية في منتصف التسعينات و هذا اتذكره جيدا.
اذن الفرنسية كلغة الاستعمار كما يقول اصحاب اللطيف كانت حاضرة بالقوى في مختلف مناحي حياتنا الثقافية و الاعلامية حتى صارت لغة الخطاب الديني انذاك بينما كانت اية محاولة او حركة لرد الاعتبار للامازيغية تعتبر احياءا ما يسمى بالظهير البربري و المؤامرة الاستعمارية منذ ذلك الوقت الى الان .
وللتوضيح فقط انني لا اعادي الفرنسية او الفرنسيين ابدا في حياتي لكنني اكره الذين يرفعون شعار التعريب طيلة هذه العقود و هم انفسهم يشجعون الفرنسية لغة و ثقافة في التعليم و الاعلام..
ان موضوع الامازيغية بين خيار الاسلمة أي الخضوع لاوامر تيارات الاسلام السياسي و خيار العلمانية الاصيلة أي الرجوع الى اسلامنا المغربي كما مارسه اجدادنا الكرام منذ قرون خلت من خلال انظمتهم العرفية و القانونية في ظل الاحترام التام لمقاصد الشريعة الاسلامية الكبرى كما هو معلوم لدى علماء الامة قديما و حديثا.
فاسلمة الامازيغية كمشروع جاء بعد احداث مهمة عرفها المغرب الجديد مثل خطاب اجدير و انشاء المعهد الملكي للثقافة الامازيغية ومعركة الحرف الخ بمعنى ان هذا المشروع لم ياتي لوجه الله و لم ياتي قبل خطاب اجدير ابدا بل جاء هذا المشروع مسايرة فقط لقرارات الملك لصالح القضية الامازيغية لان عموم الحركات الاسلامية كانت تعتبر في عز التسعينات ان موضوع الامازيغية بمثابة مخطط خارجي يرمي الى الغايات المعروفة لدى الجميع في حين كانت الحركة الامازيغية انذاك مشغولة في ترجمة السيرة النبوية الى الامازيغية حيث خرج هذا العمل سنة 1995 على يد الاستاذ الحسين جهادي و التحضير لترجمة معاني كتاب الله تعالى الى لغة اصحاب الحضارة الاسلامية المغربية الحقيقيين ..
غير اننا نتجاهل وجود مشكل كبير يتعاظم يوم بعد يوم الا و هو النخبة الدينية التي مازالت الى حدود الساعة تعيش كانها في فجر الاستقلال حيث انها تدافع عن العروبة و تضع الامازيغية كهويتنا الاصيلة و كثقافة خدمت الاسلام في خانة الالحاد كما قلت في احدى مقالاتي المنشورة في رمضان الماضي ان اسباب تخلف نخبنا الدينية الفظيع تتعلق اساسا بتراكمات ايديولوجية استطاعت البقاء و الرسوخ لازيد من نصف قرن من الزمان في عقول نخبنا الدينية حتى اصبحت غير مؤهلة نهائيا لاستيعاب و فهم سياقنا الحالي.
و لا يمكن لنا ان نكذب على انفسنا و نقول ان نخبتنا الدينية مستعدة لقبول الامازيغية كلغة اولا و كثقافة ثانيا و كقيم اصيلة ثالثا لان اغلب فقهاءنا و علماءنا مازالوا يعيشون ما قبل خطاب اجدير بكل الصراحة ..
و انطلق في طرحي هذا من منطلق متابعتي المتواضعة لخطاب هؤلاء العلماء المحترمين عبر وسائل الاعلام كالاذاعات و القنوات التلفزيونية طيلة عشر سنوات الاخيرة حيث لاحظت ان معظمهم لا يعترفون بالامازيغية كهوية اصيلة للمغرب ساهمت مساهمات كبرى في نشر الرسالة المحمدية في شمال افريقيا و الاندلس الخ بل يعترفون بها كلهجات في احسن الاحوال و اما في اسواء الاحوال فيعتبرونها تساوي الجاهلية او الالحاد ..
غير ان اليوم يظهر صدق كلامي الذي قلته في رمضان الماضي من خلال تصريح في غاية الخطورة صرح به الشيخ النهاري حيث قال ان الظهير البربري يتجدد اليوم و معناه الخفي بكل سهولة هو ان هذا الشيخ يعادي ترسيم الامازيغية في الدستور جملة و تفصيلا كانه ليس مغربيا شاهد ملكه و هو يخاطب شعبه الوفي يوم 17 يونيو الماضي معلنا عن خطوط الدستور العريضة.
ان هذا التصريح الخطير يجعلنا نستيقظ من اوهامنا المتمثلة في قدرة نخبتنا الدينية استيعاب المرحلة و تغيير افكارها المتجاوزة اصلا نحو الثقافة و الحضارة الامازيغيتان..
واقول لو انتظرت الامازيغية نهوض هذه النخبة بها فاننا لن نرى شيئا من مكاسبنا الحالية بل سننام نوما عميقا في فراش الرجعية و التخلف حتى نصبح مجتمع بدون هويته الحقيقية و بدونن تاريخه الحافل بانجازات عظمى على كافة الاصعدة و المستويات.
ولو توقف امر النهوض بالامازيغية على هؤلاء الفقهاء المحترمين فاننا سنبقى سجناء في سجن العروبة و الاسلام السياسي حيث سيكون من الحرام شرعا ان نخرج من بيت الطاعة و الولاء الى الدفاع عن هويتنا الام باعتبارها نعرة جاهلية و باعتبار العربية لغة اهل الجنة كما يقول هؤلاء الفقهاء المحترمين بالنسبة لي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.